
يتواصل الناس فيما بينهم، فيتبادلون أفكارًا، أو يُسيّرون أمورهم –سواء عظيمة أو هينة- من خلال اللغة المشتركة بينهم، فاللغة وسيلة تواصل هامة للإنسان. وتدخل اللغة باستمرار مصطلحات جديدة تبعًا للحاجة لها. وربما دخلت مصطلحات بمعان غير محددة تمامًا، أو ربما دخلت مصطلحات وتغير معناها مع الوقت؛ لذا فمن المهم مراجعة ما يرد من جديد المصطلحات، أو تحديد ما مُوّه معناه مع الزمن؛ ليمكننا التواصل بفهم واضح فيما بيننا، ولندرك ما لتلك المصطلحات من تأثير في وعينا الجمعي مع مرور الزمن.
مصطلح «الشرق الأوسط»
لقد استمعنا خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى العديد من المصطلحات التي تعبّر عن مزيد من الحيرة والقلق والاضطراب الفكري والمعرفي الذي يعاني منه أبناء المنطقة المسمّاة «الشرق الأوسط»، وهي المنطقة التي كانت تُعدّ قلب «دار الإسلام» أو «دار الإجابة» أو ديار «أمّة الإجابة» أو «العالم العربيّ»، والتي لم يعد شيء من ذلك كله يُطلق عليها منذ بدايات الاستعمار والاستحمار لها ولأقطارها. فهذه المنطقة العزيزة من العالم الإسلاميّ -التي تمثل منطقة عربيَّة تشمل الجزيرة العربيَّة والأقطار المحيطة بها- أُفقدت هُويَّتها عن عمد وسبق إصرار، وزُيّف اسمها حتى نسي الناس أصلَه الحقيقي، فصارت تُعرف بـ«ـالشرق الأوسط»، أو جزء من دول البحر الأبيض المتوسط، أو منطقة النظام الإقليميّ العربيّ. وصارت تُسمى منذ الحرب العالميَّة الثانية -في سائر الدراسات الغربيَّة ووسائل الإعلام والعلوم الاجتماعيَّة- «منطقة الشرق الأوسط»، يُضيف عليه بيريز لقب «الكبير» ويقوله الآخرون مجرّدًا: «الشرق الأوسط» فقط، ولم يُسائل أحد نفسه: شرق بالنسبة لـمَنْ ولماذا، وأوسط بالنسبة لـمَنْ ولماذا؟ وأين أسماؤه الأخرى التي كانت تُطلق على هذه المنطقة؟
تعليق