بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرفالأنبياء والمرسلين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ممن الآن إلى قيام يوم الدين
ان مدرسة الامام الصادق بما لها من الثقلعلى الساحة الاجتماعية والاخلاقية والتربوية فخصص الامام عليه السلام جل عمره على نشرالوعي بين ابناء الامة في فترة لا يحسد عليها سلام الله عليه مما كان يحدث من حولهمن الضروف السياسية والاجتماعية المتدهور والمنقلبة من حال كان لبني امية السلطة والسيطرةعلى مجاريها الى ماتحولت إليه من بني العباس والجور الذي عاشته الامة في هذه الحقبةالصعبة فكان الامام قد اخذ على عاتقه العمل على نشر الوعي والنصح وتصحيح العقائد والافكارفمن تلك النصح والافكار نذكر بعضها لنستلهم من نصحه وبركته كل الخير لننال رضاهم آهلالبيت عليهم السلام
حق الأم على لسان الإمام الصادقعليه السلام
وعن شخص يسمّى إبراهيم بن مهزَّم، يقول:خرجت من عند أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام ) ليلة ممسية، فأتيت منزلي فيالمدينة وكانت أمي معي، فوقع بيني وبينها كلام، فأغلظت لها، فلما أن كان من الغد، صلّيتالصباح وأتيت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام )، فقال لي: "يا أبا مهزَّم، مالك وللوالدة، أغلظت في كلامها البارحة، أما علمت أن بطنها منزل قد سكنته، وأن حجرهامهد قد غمزته، وثديها وعاء قد شربته"، قلت: بلى، فقال(عليه السلام ): "فلاتغلظ لها". وقد أشار القرآن الكريم إلى عدم الإساءة إلى الوالدين حتى بأصغر كلمة،بقوله تعالى: {إما يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهماوقل لهما قولاً كريماً* واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربيانيصغيراً}، وهذا الذل لا يُسقط الإنسان بل يرفعه لأنه ذل الرحمة .(1).
الإمام الصادق وملك الموت
قال صفوان بن يحيى : قال لي العبدي : قالتأهلي لي قد طال عهدنا بالصادق ( عليه السلام ) ، فلو حججنا وجدّدنا به العهد ، فقلتلها : والله ما عندي شيء أحج به ، فقالت : عندنا كسوة وحلي فبع ذلك ، وتجهّز به ، ففعلت، فلمّا صرنا بقرب المدينة مرضت مرضاً شديداً حتّى أشرفت على الموت ، فلمّا دخلنا المدينةخرجت من عندها ، وأنا آيس منها ، فأتيت الصادق ( عليه السلام ) ، وعليه ثوبان ممصران، فسلّمت عليه ، فأجابني وسألني عنها ، فعرّفته خبرها ، وقلت : إنّي خرجت وقد أيستمنها ، فأطرق ملياً ، ثمّ قال : ( يا عبدي أنت حزين بسببها ؟ ) ، قلت: نعم قال : (لا بأس عليها ، فقد دعوت الله لها بالعافية ، فارجع إليها ، فإنّك تجدها قد فاقت ،وهي قاعدة ، والخادمة تلقمها الطبرزد ) ، قال : فرجعت إليها مبادراً ، فوجدتها قد أفاقت، وهي قاعدة ، والخادمة تلقمها الطبرزد ، فقلت : ما حالك ؟ قالت : قد صبّ الله عليّالعافية صبّاً ، وقد اشتهيت هذا السكّر ، فقلت : خرجت من عندك آيساً ، فسألني الصادق( عليه السلام ) عنك ، فأخبرته بحالك ، فقال : ( لا بأس عليها ، ارجع إليها ، فهي تأكلالسكّر) قالت : خرجت من عندي وأنا أجود بنفسي ، فدخل عليّ رجل عليه ثوبان ممصران ،قال : ما لك ؟ قلت : أنا ميّتة ، وهذا ملك الموت قد جاء لقبض روحي ، فقال : ( يا ملكالموت ) ، قال : لبيك أيها الإمام ، قال : ( ألست أمرت بالسمع والطاعة لنا ؟ ) قال: بلى ، قال : ( فإنّي آمرك أن تؤخّر أمرها عشرين سنة ) ، قال : السمع والطاعة ، قالت: فخرج هو وملك الموت من عندي ، فأفقت من ساعتي ) (2)
التوبة رسالة الإمام الصادق إلىالمخطئ
قال أبو بصير : كان لي جار يتبع السلطان، فأصاب مالا فاتخذ قيانا ، وكان يجمع الجموع ويشرب المسكر ويؤذيني ، فشكوته إلى نفسهغير مرة ، فلم ينته ، فلما ألححت عليه قال : يا هذا أنا رجل مبتلى ، وأنت رجل معافى، فلو عرفتني لصاحبك رجوت أن يستنقذني الله بك ، فوقع ذلك في قلبي ، فلما صرت إلى أبيعبد الله ذكرت له حاله ، فقال لي : إذا رجعت إلى الكوفة ، فإنه سيأتيك فقل له : يقوللك جعفر بن محمد : دع ما أنت عليه ، وأضمن لك على الله الجنة ، قال : فلما رجعت إلىالكوفة ، أتاني فيمن أتى فاحتبسته حتى خلا منزلي ، فقلت : يا هذا إني ذكرتك لأبي عبدالله فقال : أقرئه السلام وقل له : يترك ما هو عليه ، وأضمن له على الله الجنة ، فبكىثم قال : الله قال لك جعفر عليه السلام هذا ؟ قال : فحلفت له أنه قال لي ما قلت لك، فقال لي : حسبك ومضى فلما كان بعد أيام بعث إلي ودعاني ، فإذا هو خلف باب داره عريان، فقال : يا أبا بصير ما بقي في منزلي شئ إلا وخرجت عنه ، وأنا كما ترى ، فمشيت إلىإخواني فجمعت له ما كسوته به ، ثم لم يأت عليه إلا أيام يسيرة ، حتى بعث إلي أني عليلفائتني ، فجعلت أختلف إليه وأعالجه حتى نزل به الموت . فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه، ثم غشي عليه غشيه ثم أفاق فقال : يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا ، ثم مات ، فحججتفأتيت أبا عبد الله فاستأذنت عليه ، فلما دخلت قال مبتدئا من داخل البيت وإحدى رجليفي الصحن والأخرى في دهليز داره : يا با بصير قد وفينا لصاحبك . (3)
الإمام الصادق والورع عن المحرمات
عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عنأحمد بن النظر، عن عمرو بن نعمان الجعفي قال: كان لأبي عبد الله عليه السلام صديق لايكاديفارقه إذا ذهب ما كان، فبينما هو يمشي معه في الحذائين ومعه غلام له سندي يمشي خلفهماإذا التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره فلما نظر في الرابعة قال: يا ابن الفاعلةأين كنت؟ قال: فرفع أبو عبد الله عليه السلام يده فصك بها جبهة نفسه، ثم قال: سبحانالله تقذف أمه قد كنت أرى أن لك ورعا فإذا ليس لك ورع، فقال: جعلت فداك إن امه سنديةمشركة، فقال: أما علمت أن لكل امة نكاحا، تنح عني، قال: فما رأيته يمشي معه حتى فرقالموت بينهما. (4)
الإمام الصادق والوفاء بالوعد
وعن هشام بن الحكم قال : كان رجل من ملوكأهل الجبل يأتي الصادق(عليه السلام ) في حجه كل سنة, فينزله أبو عبد الله (عليه السلام) في دار من دوره في المدينة؛ وطال حجه ونزوله, فأعطى أبا عبد الله عشرة آلاف درهمليشتري له دارا, وخرج إلى الحج ، فلما انصرف قال : جعلت فداك اشتريت لي الدار ؟ قال: نعم ، وأتى بصك فيه : بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى جعفر بن محمد لفلان بنفلان الجبلي له دار في الفردوس حدها الأول رسول الله‘ والحد الثاني أمير المؤمنين(عليهالسلام )والحد الثالث الحسن ابن علي’ والحد الرابع الحسين ابن علي ’، فلما قرأ الرجلذلك قال : قد رضيت جعلني الله فداك . قال فقال أبو عبد الله(عليه السلام ) إني أخذتذلك المال ففرقته في ولد الحسن والحسين’ وأرجو أن يتقبل الله ذلك ويثيبك به الجنة. قال : فانصرف الرجل إلى منزله وكان الصك معه, ثم اعتل علة الموت, فلما حضرته الوفاةجمع أهله وحلفهم أن يجعلوا الصك معه, ففعلوا ذلك ، فلما أصبح القوم غدوا إلى قبره فوجدواالصك على ظهر القبر مكتوب عليه : وفىَّ ولي الله جعفر بن محمد. (5)
الإمام الصادق وصلة الأرحام
عن الإمام الصادق (عليه السلام ) : إن صلةالرحم والبر ليهوِّنان الحساب ويعصمان من الذنوب ، فصِلوا أرحامكم ، وبروا بإخوانكم، ولو بحسن السلام ورد الجواب . (6)
وعن الصادق(عليه السلام ) : إذا كان يوم القيامةنادى مناد : أيها الخلائق أنصتوا فان محمدا يكلمكم . فتنصت الخلائق ، فيقوم النبي‘ فيقول : يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى أكافئه .فيقولون : بآبائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي معروف لنا ، بل اليد والمنة والمعروفلله ولرسوله على جميع الخلائق . فيقول‘ : بلى، من آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أوكساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافئه . فيقوم أناس قد فعلوا ذلك ، فيأتي النداءمن عند الله : يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك, فأسكنهم من الجنة حيث شئت. قال : فيسكنهم في الوسيلة, حتى لا يحجبون عن محمد‘ وأهل بيته عليهم السلام. (7)
عن سالمة مولاة أبي عبد الله (عليه السلام ) قالت:كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام ) حين حضرته الوفاة وأغمي عليه، فلماأفاق قال: «أعطوا فلاناً سبعين ديناراً وأعطوا فلاناً كذا وفلاناً كذا».
فقلت: أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟!
قال: «تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل

الوصف الحقيقي للشيعة عند الإمامالصادق
روي عن مأمون الرقي قال: كنت عند سيدي الصادق(عليه السلام ) إذ دخل سهل ابن حسن الخراساني فسلّم عليه ثم جلس فقال له: يا ابن رسولالله، لكم الرأفة والرحمة وأنتم أهل بيت الإمامة، ما الذي يمنعك أن يكون لك حق تقعدعنه وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون بين يديك بالسيف؟
فقال له (عليه السلام ) : «اجلس يا خراسانيرعى الله حقك».
ثم قال: «يا حنفية، أسجري التنور»، فسجرته حتى صاركالجمرة وابيضّ علوّه، ثم قال (عليه السلام ) : «يا خراساني، قم فاجلس في التنور».
فقال الخراساني: يا سيدي يا ابن رسول الله، لا تعذبنيبالنار، أقلني أقالك الله.
قال: «قد أقلتك».
فبينما نحن كذلك، إذ أقبل هارون المكي ونعله في سبابته،فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله.
فقال له الصادق (عليه السلام ) : «ألق النعل من يدكواجلس في التنور».
قال: فألقى النعل من سبابته ثم جلس في التنور.
وأقبل الإمام (عليه السلام ) يحدث الخراساني حديثخراسان حتى كأنه شاهد لها، ثم قال: «قم يا خراساني وانظر ما في التنور».
قال: فقمت إليه فرأيته متربعاً، فخرج إلينا وسلمعلينا.
فقال له الإمام (عليه السلام ) : «كم تجد بخراسانمثل هذا؟».
فقلت: والله ولا واحداً.
فقال (عليه السلام ) : «لا والله ولا واحداً، أماإنا لا نخرج في زمان لا نجد فيه خمسة معاضدين لنا، نحن أعلم بالوقت».(10)
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) دلائل الإمامة :254-255ح16,الثاقب في المناقب:410ح8
(2)النهاية في غريب الحديث 4:336
(3) كشف الغمة: ج2 ص194 ذكر الإمام السادس جعفر الصادق(عليه السلام)
(4)الكافي2:324ح5
(5) المناقب: ج4 ص233 فصل في استجابة دعواته (عليهالسلام ( .
(6) الوافي ج 3 ص 94 عن الكافي.
(7) الفقيه 2 : 36 | 154.
(8) سورة الرعد: 21.
(9) الغيبة للطوسي: ص197 الفصل1.
(10) المناقب: ج4 ص237 فصل في خرق العادات له (عليهالسلام )
لا تنسوني ووالدي من الدعاء