إن الوقع الصادق الذي من الممكن أن أتحدث به هو كيفية تأقلم المؤمن مع الوضع الصحيح الذي يراه لنفسه ، ومن المهم جداً عليه أن يروض نفسه على هذه المكارم وأن يعمل بها ولا يتوقع نتاجها بشقيه الحسن أو السئ - فالغاية أكبر وأسمى ممن أن تراه العين في مضمونها الحالي أخوتي أخواتي فهي حتى نشأ للتكوين الأسري الذي في مضاميره الواقع في تبادل الإحترام بين الزوج والزوجة والأبناء وبين قاطبة أفراد الخلائق - فلا ننسى أن الأمم أمثالنا كثيراً ودويها دليلٌ على حقيقة وجودها والمفهوم الإبداعي للخالق عزوجل فيها كبيراً - فعز الخالق ووجل والحمد لله على كل حال - قد يكون الأمر عليه ونحن على اعتاب الأشهر الحرم وما فيها من مصاب ترتكن النفس فيها خطوة بخطوة إلى الإبتعاد عن كل ما قد يكون أمراً دنيوياً بحتاً لا كبراً في مفهومه ولا بغضاً بل يتجسد الأمره فيه حتى لقلة للتقدير الكافي والوصف الوافي الذي نعزو لتدارك مسألة الخوف على فقدان العزيز أو الحبيب أو الصديق - ولكن الأمر في مضمونه وسره يتجاوز هذا المبدأ - فهي ثوابت قيمة وأسس طويلة الأجل لا تمت بصلة لتراجع أو تخاذل أو حتى تكبر للخروج عن المألوف ولكن تحسين وتدعيم أسس تلك الثوابت في النفس - كالحزم ولين والمغفرة وضوابطهما على حقيق صورها الصحيحة.
فالبواطن علمها عند الله والثوابت ليس بشعارات ولا كلمات تطرح ولكل وقع ينبه الإنسان منه فيعمل على إدارة دفة السفينة وبيان وضعية الأمر في أوله وأخره كدلاله على أسبابه ومياقينه ، اللهم صلي على محمد وال محمد ربنا آتنا في الدنيا حسنه وفي الأخرة حسنه وقنا عذاب النار ، رب أغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم -
أنها أشبه بالمعدنية في التصنيع وأستذكر حتى ما فيها أسمى مرحلة قد يصل إليها الإنسان في وضعية الترويض :
لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب - وهذا قول الإمام عليه السلام أمين الله في أرضه أي أنه حتى لا يتجاوز حدود الله في حق من يحب ، وهذه كرامة لنفس الإنسان قد لا يعيها ولا يدركها قاطبة العموم.
كان من المفروض صوماً مقبولاً وإفطاراً شهياً ليوم دحور الأرض إلا أن الملمة في الصحة آلت على عكس المبتغى ، وعليكم بزيارة الإمام الرضا عليه السلام.
وهذه مقتطفات طيبة أعيد طرحها لكم لتعودوا عليها في كل حين ففيها الدواء وأكيد الشفاء .
من كتاب المجالس أيضا، عن البرقي ، ويرفعه إلى أحدهم عليهم السلام ، قال : « مر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه بمجلس من مجالس قريش ، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم ، صافية ألوانهم، كثير ضحكهم ، يشيرون إلى من مر بهم بأصابعهم . ثم مرّ بمسجد الأوس والخزرج ، فإذا أقوام قد بليت منهم الأبدان ، ورقّت منهم الرقاب ، واصفرّت منهم الألوان ، وقد تواضعوا بالكلام . فتعجب أمير المؤمنين عليه السلام منهم ، ثم دخل على رسول اللهّ صلى الله عليه واله فقال : بأبي أنت واُمي ، اني مررت بمجلس فلان ، ثم وصفهم ، ومررت بمجلس للأوس والخزرج ، فوصفهم ، ثم قال : وجميع مؤمنون ! فأخبرني - يا رسول الله - بصفة المؤمن ؟
فنكس رسول الله صلى الله عليه آله رأسه ، ثم رفعه فقال : عشرون خصلة في المؤمن ، فإن لم يكن فيه لم يكمل إيمانه ، إن من اخلاق المؤمنين - يا علي - الحاضرون الصلاة، والمسارعون إلى الزكاة ، والحاجون لبيت الله الحرام ، والصائمون في شهررمضان] والمطعمون المسكين ، والماسحون رأس اليتيم ، المطهرون أظفارهم ، المتّزرون على أوساطهم ، الذين إن حدّثوا لم يكذبوا ، وإن وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوا لم يخونوا ، وإن تكلموا صدقوا ، رهبان الليل ، واُسود النهار ، وصائمون النهار ، وقائمون الليل ، لايؤذون جاراً، ولا يتأذّى بهم جار، الذين مشيهم على الأرض هوناً ، وخطاهم إلى بيوت الأرامل ، وعلى أثر الجنائز، جعلنا الله وإياكم من المتقين ».
ومن كتاب الفرائد والعوائد: عن أبي جعفرعليه السلام قال : «من اداب المؤمن حفظ الأمانة ، والمناصحة ، والتفكر، والتقية ، والبر، وحسن الخلق ، وحسن الظن، والصبر، والحجاء، والسخاء، والعفة، والرحمة، والمغفرة، والرضا ، وصلة الرحم ،والصمت ، والستر، والعفة ، والرحمة ، والمغفرة ، والمواسا ة ، والتكريم ، والتسليم ، وطلب العلم ، والقناعة ، والصدق ، والوفاء ، وترك الاعتلام ، وترك الاحتشمام ، والرحم ، والنصفة ، والتواضع ، والمشاورة ، والاستقالة، والشكر، والحياء ، والوقار.
ثم ذكرعليه السلام الخصال التي يجب على المؤمن تجنّبها، فقال : «البغي ،والبخل ، والدناءة ، والخيانة ، والغش ، والحقد ، والظلم ، والشره ، والخرق ، والعجب ،والكبر، والحسد ، والغدر الفاشي، والكذب، والغيبة ، والنميمة، والمكايدة، وسوء الظن ،ويمين البوار، والنفاق ، والمنّه ، وجحود الإحسان ، والعجز، والحرص ، واللعب ، والإصرار،والقطيعه ، والمزاح ، والسفه ، والفحش ، والغفلة عن الواجب ، وإذاعة السر» .
وعن ابن مسكان ، عن الصادق عليه السلام قال : «إن الله خص رسله بمكارم الأخلاق ، وطبعهم عليها ، فامتحنوا أنفسكم ، فإن كانت فيكم ، فاحمدوا الله عز وجل ،واعلموا أن ذلك من خير، وإن لم تكن فيكم ، فاسألوا الله تعالى التوفيق لها، واجتهدوا» .
وقال عليه السلام : «مكارم الأخلاق عشرة: اليقين ، والقناعة، والصبر،والشكر، والحلم ، وحسن الخلق ، والسخاء والمروءة، والغيرة ، والشجاعة».
ثم قال عليه السلام : «هذه العشرة خصال من صفات المؤمنين ، فمن كانتفيه، فليعلم ذلك من خير أراده الله تعالى به ».
وزاد عليها فقال : «والبر، والصدق ، واداء الأمانة، والحياء» .
وفي سيد الكتب ومنبع العلوم نهج البلاغة وكان الإمام علي عليه السلام يدعوا بهذا الدعاء كثيراً
الحمد لله الذي لم يصبح بي ميتاً ولا سقيما ، ولا مضروباً على عروفي بسوء ، ومأخوذاً بأسوإ عملي - ولا مقطوعاً دابري - ولا مرتداً عن ديني - ولا منكراً لربي - ولا مستوحشاً من إيماني - ولا ملتبساً عقلي - ولا معذباً بعذاب الأمم من قبلي. أصبحت عبداً مملوكاً ظالماً لنفسي - لك الحجة علي ولا حجة لي - لا أستطيع أن أخذ إلا ما أعطيتني - ولا أتقي إلا ما وقيتني - اللهم أني أعوذ بك أن أفتقر في غناك - وأضل في هداك وأضام في سلطانك - أو أضطهد والأمر لك - اللهم أجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي ، وأول وديعة ترتجعها من ودائع نعمتك عندي - اللهم إنا نعوذ بك أن نذهب عن قولك - أو نفتتن عن دينك أو تتابع بنا أهواؤنا - دون الهدى الذي جاء من عندك.
روى ان صاحبا لاميرالمومنين عليه السلام يقال له همام كان رجلا عابدا، فقال: يا امير المؤمنين صف لى المتقين حتى كانى انظر اليهم. فتثاقل عليه السلام عن جوابه ثم قال: يا همام: اتق الله و احسن ف«ان الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون»، فلم يقنع همام بهذا القول حتى عزم عليه، فحمدالله و اثنى عليه وصلى على النبى صلى الله عليه و آله ثم قال
اما بعد، فان الله سبحانه و تعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لانه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من اطاعه. فقسم بينهم معايشهم، و وضعهم من الدنيا مواضعهم. فالمتقون فيها هم اهل الفضائل. منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع. غضوا ابصارهم عما حرم الله عليهم، و وقفوا اسماعهم على العلم النافع لهم. نزلت انفسهم منهم فى البلاء كالتى نزلت فى الرخاء. ولولا الاجل الذى كتب لهم لم تستقر ارواحهم فى اجسادهم طرفة عين شوقا الى الثواب، و خوفا من العقاب. عظم الخالق فى انفسهم فصغر مادونه فى اعينهم، فهم و الجنة كمن قدرآها فهم فيها منعمون، و هم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة. و اجسادهم نحيفة، و حاجاتهم خفيفة، و انفسهم عفيفة. صبروا اياما قصيرة اعقبتهم راحة طويلة. تجارة مربحة يسرها لهم ربهم. ارادتهم الدنيا فلم يريدوها. واسرتهم ففدوا انفسهم منها. اما الليل فصافون اقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا. يحزنون به انفسهم و يستثيرون به دواء دائهم. فاذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعا، و تطلعت نفوسهم اليها شوقا، وظنوا انها نصب اعينهم. و اذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا اليها مسامع قلوبهم و ظنوا ان زفير جهنم و شهيقها فى اصول آذانهم، فهم حانون على اوساطهم، مفترشون لجباههم و اكفهم و ركبهم و اطراف اقدامهم، يطلبون الى الله تعالى فى فكاك رقابهم. و اما النهار فحلماء علماء، ابرار اتقياء؛ قد براهم الخوف برى القداح، ينظر اليهم الناظر فيحسبهم مرضى و ما بالقوم من مرض و يقول : قد خولطوا.
ولقد خالطهم امر عظيم. لايرضون من اعمالهم القليل. ولا يستكثرون الكثير. فهم لانفسهم متهمون. و من اعمالهم مشفقون اذا زكى احدهم خاف مما يقال له فيقول: انا اعلم بنفسى من غير، و ربى اعلم بى من نفسى. اللهم لاتؤاخذنى بما يقولون، و اجعلنى افضل مما يظنون، و اغفرلى ما لا يعلمون.
فمن علامة احدهم انك ترى له قوة فى دين، و حزما فى لين، و ايمانا فى يقين. و حرصا فى علم، و علما فى حلم. و قصدا فى غنى. و خشوعا فى عبادة. و تجملا فى فاقة. و صبرا فى شدة . و طلبا فى حلال و نشاطا فى هدى. و تحرجا عن طمع. يعمل العمال الصالحة و هو على وجل . يمسى و همه الشكر، و يصبح و همه الذكر. يبيت حذرا و يصبح فرحا. حذرا لما حذر من الغفلة . و فرحا بما اصاب من الفضل و الرحمة. ان استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سولها فيما تحب. قرة عينه فيما لا يزول. و زهادته فيما لايبقى. يمزج الحلم بالعلم. والقول بالعمل. تراه قريبا امله. قليلا زلله. خاشعا قلبه. قانعة نفسه. منزورا اكله. سهلا امره . حريزا دينه، ميتة شهوته. مكظوما غيظه الخير منه مأمول، و الشر منه مأمون. ان كان فى الغافلين كتب فى الذاكرين. و ان كان فى الذاكرين لم يكتب من الغافلين. يعفو عمن ظلمه، و يعطى من حرمه، و يصل من قطعه. بعيدا فحشه. لينا قوله. غائبا منكره. حاضرا معروفه. مقبلا خيره. مدبرا شره. فى الزلازل وقور، و فى المكاره صبور. و فى الرخاء شكور.
لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب
يعترف بالحق قبل ان يشهد عليه. لا يضيع ما استحفظ. ولا ينسى ما ذكر. ولا ينابز بالالقاب. ولايضار بالجار. ولا يشمت بالمصائب. ولا يدخل فى الباطل. ولا يخرج من الحق. ان صمت لم يغمه صمته، و ان ضحك لم يعل صوته. و ان بغى عليه صبر حتى يكون الله هو الذى ينتقم له. نفسه منه فى عناء. و الناس منه فى راحة. اتعب نفسه لآخرته، واراح الناس من نفسه. بعده عمن تباعد عنه زهد و نزاهة. و دنوه ممن دنا منه لين و رحمة. ليس تباعده بكبر و عظمة ولا دنوه بمكر و خديعة.
قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها. فقال اميرالمومنين عليه السلام اما والله لقد كنت اخافها عليه. ثم قال اهكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها؟فقال له قائل: فما بالك يا اميرالمؤمنين؟ فقال و يحك ان لكل اجل وقتا لا يعدوه و سببا لا يتجاوزه. فمهلا لا تعد لمثلها فانما نفث الشيطان على لسانك.
نهج البلاغة
فالبواطن علمها عند الله والثوابت ليس بشعارات ولا كلمات تطرح ولكل وقع ينبه الإنسان منه فيعمل على إدارة دفة السفينة وبيان وضعية الأمر في أوله وأخره كدلاله على أسبابه ومياقينه ، اللهم صلي على محمد وال محمد ربنا آتنا في الدنيا حسنه وفي الأخرة حسنه وقنا عذاب النار ، رب أغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم -
أنها أشبه بالمعدنية في التصنيع وأستذكر حتى ما فيها أسمى مرحلة قد يصل إليها الإنسان في وضعية الترويض :
لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب - وهذا قول الإمام عليه السلام أمين الله في أرضه أي أنه حتى لا يتجاوز حدود الله في حق من يحب ، وهذه كرامة لنفس الإنسان قد لا يعيها ولا يدركها قاطبة العموم.
كان من المفروض صوماً مقبولاً وإفطاراً شهياً ليوم دحور الأرض إلا أن الملمة في الصحة آلت على عكس المبتغى ، وعليكم بزيارة الإمام الرضا عليه السلام.
وهذه مقتطفات طيبة أعيد طرحها لكم لتعودوا عليها في كل حين ففيها الدواء وأكيد الشفاء .
من كتاب المجالس أيضا، عن البرقي ، ويرفعه إلى أحدهم عليهم السلام ، قال : « مر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه بمجلس من مجالس قريش ، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم ، صافية ألوانهم، كثير ضحكهم ، يشيرون إلى من مر بهم بأصابعهم . ثم مرّ بمسجد الأوس والخزرج ، فإذا أقوام قد بليت منهم الأبدان ، ورقّت منهم الرقاب ، واصفرّت منهم الألوان ، وقد تواضعوا بالكلام . فتعجب أمير المؤمنين عليه السلام منهم ، ثم دخل على رسول اللهّ صلى الله عليه واله فقال : بأبي أنت واُمي ، اني مررت بمجلس فلان ، ثم وصفهم ، ومررت بمجلس للأوس والخزرج ، فوصفهم ، ثم قال : وجميع مؤمنون ! فأخبرني - يا رسول الله - بصفة المؤمن ؟
فنكس رسول الله صلى الله عليه آله رأسه ، ثم رفعه فقال : عشرون خصلة في المؤمن ، فإن لم يكن فيه لم يكمل إيمانه ، إن من اخلاق المؤمنين - يا علي - الحاضرون الصلاة، والمسارعون إلى الزكاة ، والحاجون لبيت الله الحرام ، والصائمون في شهررمضان] والمطعمون المسكين ، والماسحون رأس اليتيم ، المطهرون أظفارهم ، المتّزرون على أوساطهم ، الذين إن حدّثوا لم يكذبوا ، وإن وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوا لم يخونوا ، وإن تكلموا صدقوا ، رهبان الليل ، واُسود النهار ، وصائمون النهار ، وقائمون الليل ، لايؤذون جاراً، ولا يتأذّى بهم جار، الذين مشيهم على الأرض هوناً ، وخطاهم إلى بيوت الأرامل ، وعلى أثر الجنائز، جعلنا الله وإياكم من المتقين ».
ومن كتاب الفرائد والعوائد: عن أبي جعفرعليه السلام قال : «من اداب المؤمن حفظ الأمانة ، والمناصحة ، والتفكر، والتقية ، والبر، وحسن الخلق ، وحسن الظن، والصبر، والحجاء، والسخاء، والعفة، والرحمة، والمغفرة، والرضا ، وصلة الرحم ،والصمت ، والستر، والعفة ، والرحمة ، والمغفرة ، والمواسا ة ، والتكريم ، والتسليم ، وطلب العلم ، والقناعة ، والصدق ، والوفاء ، وترك الاعتلام ، وترك الاحتشمام ، والرحم ، والنصفة ، والتواضع ، والمشاورة ، والاستقالة، والشكر، والحياء ، والوقار.
ثم ذكرعليه السلام الخصال التي يجب على المؤمن تجنّبها، فقال : «البغي ،والبخل ، والدناءة ، والخيانة ، والغش ، والحقد ، والظلم ، والشره ، والخرق ، والعجب ،والكبر، والحسد ، والغدر الفاشي، والكذب، والغيبة ، والنميمة، والمكايدة، وسوء الظن ،ويمين البوار، والنفاق ، والمنّه ، وجحود الإحسان ، والعجز، والحرص ، واللعب ، والإصرار،والقطيعه ، والمزاح ، والسفه ، والفحش ، والغفلة عن الواجب ، وإذاعة السر» .
وعن ابن مسكان ، عن الصادق عليه السلام قال : «إن الله خص رسله بمكارم الأخلاق ، وطبعهم عليها ، فامتحنوا أنفسكم ، فإن كانت فيكم ، فاحمدوا الله عز وجل ،واعلموا أن ذلك من خير، وإن لم تكن فيكم ، فاسألوا الله تعالى التوفيق لها، واجتهدوا» .
وقال عليه السلام : «مكارم الأخلاق عشرة: اليقين ، والقناعة، والصبر،والشكر، والحلم ، وحسن الخلق ، والسخاء والمروءة، والغيرة ، والشجاعة».
ثم قال عليه السلام : «هذه العشرة خصال من صفات المؤمنين ، فمن كانتفيه، فليعلم ذلك من خير أراده الله تعالى به ».
وزاد عليها فقال : «والبر، والصدق ، واداء الأمانة، والحياء» .
وفي سيد الكتب ومنبع العلوم نهج البلاغة وكان الإمام علي عليه السلام يدعوا بهذا الدعاء كثيراً
الحمد لله الذي لم يصبح بي ميتاً ولا سقيما ، ولا مضروباً على عروفي بسوء ، ومأخوذاً بأسوإ عملي - ولا مقطوعاً دابري - ولا مرتداً عن ديني - ولا منكراً لربي - ولا مستوحشاً من إيماني - ولا ملتبساً عقلي - ولا معذباً بعذاب الأمم من قبلي. أصبحت عبداً مملوكاً ظالماً لنفسي - لك الحجة علي ولا حجة لي - لا أستطيع أن أخذ إلا ما أعطيتني - ولا أتقي إلا ما وقيتني - اللهم أني أعوذ بك أن أفتقر في غناك - وأضل في هداك وأضام في سلطانك - أو أضطهد والأمر لك - اللهم أجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي ، وأول وديعة ترتجعها من ودائع نعمتك عندي - اللهم إنا نعوذ بك أن نذهب عن قولك - أو نفتتن عن دينك أو تتابع بنا أهواؤنا - دون الهدى الذي جاء من عندك.
روى ان صاحبا لاميرالمومنين عليه السلام يقال له همام كان رجلا عابدا، فقال: يا امير المؤمنين صف لى المتقين حتى كانى انظر اليهم. فتثاقل عليه السلام عن جوابه ثم قال: يا همام: اتق الله و احسن ف«ان الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون»، فلم يقنع همام بهذا القول حتى عزم عليه، فحمدالله و اثنى عليه وصلى على النبى صلى الله عليه و آله ثم قال

اما بعد، فان الله سبحانه و تعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم، آمنا من معصيتهم، لانه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من اطاعه. فقسم بينهم معايشهم، و وضعهم من الدنيا مواضعهم. فالمتقون فيها هم اهل الفضائل. منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع. غضوا ابصارهم عما حرم الله عليهم، و وقفوا اسماعهم على العلم النافع لهم. نزلت انفسهم منهم فى البلاء كالتى نزلت فى الرخاء. ولولا الاجل الذى كتب لهم لم تستقر ارواحهم فى اجسادهم طرفة عين شوقا الى الثواب، و خوفا من العقاب. عظم الخالق فى انفسهم فصغر مادونه فى اعينهم، فهم و الجنة كمن قدرآها فهم فيها منعمون، و هم و النار كمن قد رآها فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة. و اجسادهم نحيفة، و حاجاتهم خفيفة، و انفسهم عفيفة. صبروا اياما قصيرة اعقبتهم راحة طويلة. تجارة مربحة يسرها لهم ربهم. ارادتهم الدنيا فلم يريدوها. واسرتهم ففدوا انفسهم منها. اما الليل فصافون اقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا. يحزنون به انفسهم و يستثيرون به دواء دائهم. فاذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعا، و تطلعت نفوسهم اليها شوقا، وظنوا انها نصب اعينهم. و اذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا اليها مسامع قلوبهم و ظنوا ان زفير جهنم و شهيقها فى اصول آذانهم، فهم حانون على اوساطهم، مفترشون لجباههم و اكفهم و ركبهم و اطراف اقدامهم، يطلبون الى الله تعالى فى فكاك رقابهم. و اما النهار فحلماء علماء، ابرار اتقياء؛ قد براهم الخوف برى القداح، ينظر اليهم الناظر فيحسبهم مرضى و ما بالقوم من مرض و يقول : قد خولطوا.
ولقد خالطهم امر عظيم. لايرضون من اعمالهم القليل. ولا يستكثرون الكثير. فهم لانفسهم متهمون. و من اعمالهم مشفقون اذا زكى احدهم خاف مما يقال له فيقول: انا اعلم بنفسى من غير، و ربى اعلم بى من نفسى. اللهم لاتؤاخذنى بما يقولون، و اجعلنى افضل مما يظنون، و اغفرلى ما لا يعلمون.
فمن علامة احدهم انك ترى له قوة فى دين، و حزما فى لين، و ايمانا فى يقين. و حرصا فى علم، و علما فى حلم. و قصدا فى غنى. و خشوعا فى عبادة. و تجملا فى فاقة. و صبرا فى شدة . و طلبا فى حلال و نشاطا فى هدى. و تحرجا عن طمع. يعمل العمال الصالحة و هو على وجل . يمسى و همه الشكر، و يصبح و همه الذكر. يبيت حذرا و يصبح فرحا. حذرا لما حذر من الغفلة . و فرحا بما اصاب من الفضل و الرحمة. ان استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سولها فيما تحب. قرة عينه فيما لا يزول. و زهادته فيما لايبقى. يمزج الحلم بالعلم. والقول بالعمل. تراه قريبا امله. قليلا زلله. خاشعا قلبه. قانعة نفسه. منزورا اكله. سهلا امره . حريزا دينه، ميتة شهوته. مكظوما غيظه الخير منه مأمول، و الشر منه مأمون. ان كان فى الغافلين كتب فى الذاكرين. و ان كان فى الذاكرين لم يكتب من الغافلين. يعفو عمن ظلمه، و يعطى من حرمه، و يصل من قطعه. بعيدا فحشه. لينا قوله. غائبا منكره. حاضرا معروفه. مقبلا خيره. مدبرا شره. فى الزلازل وقور، و فى المكاره صبور. و فى الرخاء شكور.
لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب
يعترف بالحق قبل ان يشهد عليه. لا يضيع ما استحفظ. ولا ينسى ما ذكر. ولا ينابز بالالقاب. ولايضار بالجار. ولا يشمت بالمصائب. ولا يدخل فى الباطل. ولا يخرج من الحق. ان صمت لم يغمه صمته، و ان ضحك لم يعل صوته. و ان بغى عليه صبر حتى يكون الله هو الذى ينتقم له. نفسه منه فى عناء. و الناس منه فى راحة. اتعب نفسه لآخرته، واراح الناس من نفسه. بعده عمن تباعد عنه زهد و نزاهة. و دنوه ممن دنا منه لين و رحمة. ليس تباعده بكبر و عظمة ولا دنوه بمكر و خديعة.
قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها. فقال اميرالمومنين عليه السلام اما والله لقد كنت اخافها عليه. ثم قال اهكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها؟فقال له قائل: فما بالك يا اميرالمؤمنين؟ فقال و يحك ان لكل اجل وقتا لا يعدوه و سببا لا يتجاوزه. فمهلا لا تعد لمثلها فانما نفث الشيطان على لسانك.
نهج البلاغة