بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الكريم محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الميامين وعلى أولياء الله الصالحينوبعد:
فاننا إذ نعيش هذه الايام فرحة المولد المبارك لنبينا الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم) نبارك لأبناء أمتنا الإسلامية هذه المناسبة العطرة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يمن عليهم بالخير واليمن والبركة والأمن والسلامة والتوادد والتحابب، وأود أن أستغل هذه المناسبة لاوجّه رسالة الى ابناء أمتنا الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها:
ايها المسلمون... إن ميلاد الإسلام بهذه القوة الهائلة في ذلك الظرف أزعج اليهود والكفار والإمبراطوريات، وكرّسوا كل ما عندهم لوأده وإفناءه، ولكن بصمود أبناءه ويقضتهم فشلت كل مخططاتهم آنذاك، ولكنهم بقوا مرابطين يتربصون الفرص، وما إن إنتهت الخلافة الراشدة القوية إجتاحوا عقر دار المسلمين وقسموهم شيعاً وأحزاباً بحجج وذرائع تهيج فيهم العصبية والإنفعالات، واستمرت محاولاتهم للنيل من الاسلام وتهديم أركانه، ودسوا فيه ما يريدون، وكلما أفشل المسلمون مخططاً زرعوا آخر وهكذا .
أيها المسلمون...واليوم وبعد ان فشلت محاولاتهم لزعزعة أركان الإسلام، جاؤا بخطة خبيثة، وهي تشكيل فرقة من داخل الإسلام تخلق الفتن القاهرة والفتاكة بين فئات المسلمين، ليبدأ بذلك المشروع الإسرائيلي الكبير، وفعلا نجحت في ذلك نتيجة لتفرق المسلمين، وهي فرقة تكفيرية مدمرة فهيؤا لها الأرضية الملائمة وهي عنوان الطائفية، فلما قويت هذه الفرقة جاءتها الأوامر اليهودية الإسرائيلية بالمباشرة بالعمل على وفق برنامج متين، فقتلت ابناء الإسلام وهتكت اعراضهم ، وأماتت المشتركات بينهم وقوّت المختلفات، وقامت بزرع الفتن فكانت تأتي الى الشيعة وتقول لهم بلسان حال السنة وبصورتهم ان الشيعة كفار وان الحسين خارجي وأن المهدي اسطورة وأن زيارة المراقد كفر ونفاق ومن هذه الأقاويل الإستفزازية، وتأخذ من الشيعة بعد أن تستفز بعضهم وبسطائهم وتنقل الى السنة بأن الشيعة يسبون الصحابة ويرمون زوجات النبي بالفاحشة ويكفرون السنة وهلم جرّا، وبدأت الحرب الكلامية بين الطائفتين نتيجة لإستجابة الجهلاء لهذه الإستفزازات، وإسرائيل تجني النتائج بكل هدوء
ايها المسلمون...إننا لا ننكر ان هذا حصل وللأسف الشديد وهناك من يقول به من جهلاء الفريقين وتتناقله وسائل الإعلام ولكن هذا كله في ضمن ذلك المخطط القذر.
ايها المسلمون... لابد ان تنتبهوا الى هذا المخطط وان تعملوا على تفويت الفرصة عليهم، وتهدموا مخططاتهم وهذا لا يكون الا بهذه النقاط التالية:
أولا: على الطرفين السنة والشيعة الاّ يتعدوا على حدود كل منهما، بل عليهم أن يحترموا عقائد وافكار وانتماءات بعضهم البعض، وان يجابهوا الفكر بالفكر لا بالسب والشتم.
ثانياً: عليهما تنمية المشتركات بينهما وتشييدها وتقويتها على أحسن ما يكون، لأن بها عز الإسلام، وهي كثيرة جداً.
ثالثاً: عليهما إماتة المختلفات بينهما وإفناءها لأن بها ذل الإسلام وهي قليلة جداً.
رابعاً: عليهما ان يعرفا تمام مسؤليتهما تجاه الدين الإسلامي الحنيف، وانهم أمناء الرسالة على هذه الأمة.
خامساً: الا يسمحوا للجهلاء بالتصدي للجواب عن الأمور العلمية والعقائدية ولصعود المنابر العلمية، لأن الجواب والمنابر هو من داب العلماء الأتقياء.
أيها المسلمون...إن الأعداء ايقنوا تماماً أن هذا الدين هو الذي يترأس العالم يوما ما، ولن يهدأ لهم بال حتى يمزقوه ويشحنوه بالبغضاء والكراهية، فعملوا على تأجيج الطائفية بين المسلمين ليصوّروا الإسلام على ما يريدون ويصدّروه الى العالم بهيئة بائسة، ليقوى مشروعهم الاستعماري الكبير، نعم: أقولها ويجب ان نتقبلها كحقيقة إنها الطائفية المقيتة، فان العالم اليوم يتجه نحو الطائفية، وكل طائفة مستعدة أن تتعامل مع الشيطان من أجل إنهاء الطائفة الأخرى، ولكنهم غفلوا تماماً أن الطائفتين لن يموتا ولن يفنيا أبدا، بل الذي سيحصل هو الهوان والذل للإسلام يوم تعلو القبعة اليهودية رؤوس المسلمين، ولكن يأبى ذلك الله ورسوله والمؤمنون.
ايها الشيعة...فوّتوا الفرصة على أعداء الإسلام، إرجموا هذا المخطط الاسرائيلي بنبذ العنف والعصبية، إجعلوا عدوكم أمامكم وهو الفئة الضالة التي تحاول إيقاع الفتن بكم، واعلموا أن الذي يسفّه عقائدكم ويرميكم بالضلالة والكفر ليس هم السنة، بل هم تلك الشرذمة المأجورة لذلك المخطط التي تعرفونها جيداً.
وأنتم ايها السنة... مهما كنتم أولي قوة وكثرة فلن تستطيعوا مجابهة الأعداء الا بالإستعانة بالفكر الشيعي ورجاله (ولولا علي لهلك عمر) إنتبهوا الى من يريد زرع الفتن بين المسلمين، لا تحسبوا الشيعة أعدائكم بل عدوكم واضح وهو أمامكم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وأسأل الله العلي القدير ان يحمي فناءات المسلمين من دنس الأعداء الكافرين، وأن يستر عليهم وعلى عوائلهم وان يجبنهم المكاره والمساوئ إنه حميد مجيد، والحمد لله رب العالمين
(فاضل البديري 12 ربيع الأول 1433هـ)