ولادة مؤسس الثقافة الإسلامية الأصيلة الامام الصادق (عليه السلام)
بقلم|مجاهد منعثر منشد
قال أبو العلاءِ المعرّيّ :لـقد عجِبُوا لآل البيتِ لمّا أتـاهم علمُهم في جلْدِ جَفْرِ
ومرآةُ المُنجِّمِ وهْي صُغرى تُـريهم كـلَّ عامرةٍ وقَفْرِ!
قال الامام الباقر ( عليه السلام ) مشيرا الى الامام الصادق ( عليه السلام ) :ـ هذا خير البريّة (1) .
وقال عم الامام الصادق ( عليه السلام ) زيد بن علي :ـ في كل زمان رجل منّا أهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر لايضلّ من تبعه ولا يهتدي من خالفه (2) .
في الذكرى الثمانين تحتفل الأمة الإسلامية بمولد الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ... وفي مظاهر السرور والبهجة ولد الامام ابو عبد الله جعفرالصادق (عليه السلام) بالمدينة المنورة يوم17 من شهر ربيع الأول عام 80 هـ (3) ، وهو السادس من أئمة أهل البيت ( عليه السلام )، ودامت فترة إمامته ثلاث وأربعون سنة ، وقد نسب إليه الشيعة الاثنى عشرية، فيقال لهم ايضا ( الجعفرية ).
وكانَتْ ولادَتُه ( عليه السلام ) في زمن الأموي عبد الملك بن مَرْوان ، وتربَّى في أحضان أبيه الإمام الباقر وجَدِّه الإمام السجَّاد ( عليهما السلام ) ، وعنهما أخذَ ( عليه السلام ) علوم الشريعةِ ومعارِفَ الإسلام .
أمّه السيدة المهذبة الزكية أم فروة بنت الفقيه قاسم بن عمر بن أبي بكر ، والقاسم ابوها هو من ثقاة الامام زين العابدين واحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وجدها محمد بن ابي بكر كان بمثابة ولد من اولاد الامام امير المؤمنين ( عليه السلام ) (4) .
كان يُكنَّى بأبي عبد اللّه، وأبي إِسماعيل ، وأبي موسى ، وأوّلها أشهرها، ويُلقَّب بالصادق (5) ، والفاضل (6) ، والقائم (7) ، والكافل (8) ، والمنجي (9) ، الصابر (10) ، الطاهر (11) ، و لقَّبه بالصادق أبوه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلم ) ، كما في كفاية الأثر لعلي بن محمّد بن علي الخزاز عند ترجمة الصادق عليه السلام مسنداً عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله في حديث طويل ، ومنه أنه قال ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ) : ويخرج اللّه من صُلبه ـ أي صُلب محمّد الباقر ـ كلمة الحق، ولسان الصدق، فقال له ابن مسعود : فما اسمه يا نبيّ اللّه ؟ قال : يقال له جعفر ، صادق في قوله وفعله، الطاعن عليه كالطاعن عليّ، والرادّ عليه كالرادّ عليَّ، (12) .
وأبلغت القابلة جده الامام زين العابدين له عينين زرقاوين جميلتين فتبسم الإمام ( عليه السلام ) وقال: إنه يشبه عيني والدتي (13) ، فعيناه تشبهان عيني جدنه السيدة شهربانو بنت يزدجرد الثالث آخر ملوك الامبراطورية الساسانية، وهي والدة الإمام زين العابدين ، عينان زرقاوان ، وها هو جعفر الصادق يرث حسب قانون مندل (14) ، لون عينيه من جدّته .
وهناك رواية تقول أن كيهان بانو ، وهي شقيقة شهر بانو بنت يزدجرد ، وقعت في الأسر في فتح عاصمة الأكاسرة ( المدائن )، حيث أتوا بها مع بقية الأسرى إلى المدينةن وكانت لها بدورها عينان زرقاوان ، فإن صحت هذه الرواية، فالإمام الصادق قد ورث عينيه من أميرتين فارسيتين ، لأن كيهان بانو بنت يزدجرد كانت جدة الإمام الصادق من ناحية الأم أيضاً.
وكان الإمام علي ( عليه السلام ) قد عطف على الأسرى من الأسرة المالكة، وزوج شهر بانو بنت يزدجرد لابنه الحسين ( عليه السلام )، وكذلك زوج كيهان بانو لمحمد ابن أبي بكر (الخليفة الأول)، والذي كان يحبه ويرعاه كأحد أبنائه، وقد ولاّه في ما بعد مصر ، ولكنه قُتل في أثناء ولايته بتواطوء من معاوية بن أبي سفيان.
وقد ولد لمحمد بن أبي بكر وكيهان بانو ولد سمي ( القاسم )، وولدت للقاسم بنت سميت ( أم فروة ) تزوجها الغام محمد الباقر ( عليه السلام )، فأنجبت له جعفراً الصادق ( عليه السلام )، وبهذا ارتبط جعفر الصادق (عليه السلام) من ناحيتي الأب والأم بأميرتين فارسيتين كما ارتبط بالخليفة أبي بكر من ناحيتين أيضاً.
وأن والد الصادق وجده ( عليهما السلام ) اهتما برعايته وتعليمه وتربيته من السنة الثانية، ويعترف علماء التربية في هذا العصر بأن أفضل سني تعليم الطفل هي ما بين الثانية والخامسة ، لأن قوة الذاكرة لدى الطفل تكون في هذه الفترة أقوى منها في غيرها .
كان الإمام الباقر ( عليه السلام ) والد الصادق ( عليه السلام ) باعتراف الجميع، أعظم العلماء في عصره ، وكان جدُّه زين العابدين ( عليه السلام ) أيضاً من أكابر العلماء والزّهاد (15) .
حيث كانت حياة الامام ما بين عام 83 و148 هـ فقد قارنت شطراً من حياة الامام السجاد وأيام امامته، حيث كانت امامته ما بين عام 61 و95 هـ ، فقد عاش معه أثنى عشر سنة ، ثم عايش إمامة أبيه الباقر عليه السلام التي شرعت عام 95 هـ وامتدت إلى عام 114هـ .
تعليق