إن الدين والعلم وجهان لعملة ٍ واحدة ، ومنزلة الدين من العلم كمنزلة الروح من الجسد ، فمخطئ من يظن انه يستطيع فصلهما تحت أي مسمى وأي شعار ، فهل يمكنكم أن تفصلوا النور عن الشمس ؟َ! أم هل تستطيعون أن تفصلوا العطر عن الورد ؟ ! فالدين لا ينفك عن العلم أطلاقا، كيف ينفك عنه وهو محتويه في أعماق وجوده ، فما أن استنشق أول أنفاسه في الحياة ،حتى نطق بكلمة (( اقرأ )) .
إذ لا يمكن النظر إلى الدين والعلم كأمرين متمايزين منفصلين ، بل أهمية كل واحدة منها تكمن في ارتباطهما ، فالعلم من غير دين ، والدين من غير علم ، كمثل إنسان يمتلك فانوسا في ليلة مظلمة ولكنه لا يقدر على المشي ، وآخر قادر على المشي ولكنه لا يملك فانوسا يضيء له الطريق ، فكلاهما عاجز عن تلمس طريقه في الحياة . قد يقول البعض ان الدول المتقدمة لم تشهد التقدم ،والتطور، إلا بفص العلم عن الدين ، ونحن نقول : أي دين كان لهولاء ! هل هو الدين الحقيقي أم المحرّف ؟ فالكل يعرف إن أوربا كانت تحكمها الكنسية التي بدورها ،كانت تسير على منهاج الإنجيل والتوراة المحرّفين، فمن الطبيعي أن تكون تلك الفترة ـ قبل الفصل ـ فترات مظلمة يشوبها التخلف والجهل. ثانيا : ألان ورغم تقدمهم فهم لا يستطيعون أن يضعوا حدا للانحلال الأخلاقي وكثرة الجرائم ، والأمراض النفسية التي تقود أصحابها إلى الانتحار ، فهذا حال العلم من غير رفيقه الدين . في حين نحن العرب ، اي فترة شهد تاريخنا التقدم العلمي وازدهار العلوم وتنوع الثقافات ؟ ألم يحدث هذا عندما اطل علينا نبي الأمة بالدين ، الدين الحقيقي حتى أصبحت البلدان الإسلامية قبلة للعلم ومزارا للعلماء ـ وهذا خير نموذج لعطاء الدين عندما يقترن بالعلم ـ ولم تنحسر عنا هذه الهبة والمعرفة الا عندما تركنا ديننا الحق حتى أصبحنا نُلقب بدول العالم الثالث ، وأصبحنا زائرين لهم بعدما كنا مزورين ، والطامة الكبرى ـ ليست في من هو الزائر والمزور ـ بل ما يرافق تلك الزيارة من التأثر بالافكار وتغيير المفاهيم ، وهذا ما نجده واضحا وجليا ، عندما يذهب طلبة العلم لإكمال دراستهم في الخارج حتى يعودوا لبلدانهم ، مقلدين للغرب ومتأثرين بهم ، رافعين شعار ( نعم لفصل العلم عن الدين )
من غير أن يدركوا أن هناك فرقا فاصلا بين الجانب المدني (وهو جانب الصناعة ووسائل العيش واستخدام الطبيعة لصالح الإنسان ) وبين الحضارة التي تعني (مجموعة من مفاهيم الإنسان عن الكون والحياة التي تبنى عليها العقيدة والسلوك والثقافة وطريقة التفكير ونظام المجتمع) فعلينا أن نميز بين الاستفادة من العلم ووسائل الحياة المادية ،وبين الحضارة التي تعني قيادة المدنية واستخدامها وفق منهاج ونظام وقانون أخلاقي ملتزم ،
فالعلم يجعلك تتطور ولكن هل ينمّي في روحك قيم الأخلاق والإخلاص والتفاني في العلم والعمل ؟!
هل العلم وحده قادرا على صناعة مجتمع متكامل قائم على التمدن ، والفضيلة ؟!
سؤال بحاجة الى من يجيب عنه .
تعليق