بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ ... ﴿٤٠﴾
الذي عنده جزء من علم الكتاب في هذه الآية هو آصف بن برخيا (ع) , لم يكن نبيا بل كان عبدا من عباد الله الصالحين ووصي النبي سليمان (ع) وابن خالته وقد استطاع ان يجلب عرش بلقيس من اليمن بأسرع من طرفة عين وذلك لأنه يمتلك جزءا من علم الكتاب , فما بالكم بمن يمتلك علم الكتاب كله , اليس ذلك بقادر على ان يفعل أمورا أكبر مما فعله آصف بن برخيا (ع) ؟
قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾
وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿٧٥﴾
اي ان الله عز وجل جعل العلوم كلها في هذا الكتاب المبين , ومنها اسم الله الأعظم , ولكن لمن اعطى الله كل هذه العلوم ؟
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ ... ﴿٣٢﴾
أي ان الله عز وجل جعل علم الكتاب كله في من اصطفاهم من عباده , ولكن من هم الذين اصطفاهم الله تعالى ؟
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٣﴾
آل ابراهيم (ع) هم ذريته , كما تبينها الآية التي تليها : ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾
والجميع يعلم ان النبي المصفى محمد (ص) وآل بيته (ع) - علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة من صلب الحسين - من ذرية ابراهيم الخليل (ع)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ۖ ... ﴿٢٦﴾
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ ﴿٧٧﴾ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴿٧٨﴾
في هذه الآية خطاب صريح وواضح الى ابناء ابراهيم (ع) الذين اجتباهم الله واصطفاهم , وهم الأئمة المعصومين الاثناعشر ابناء رسول الله (ص) وابناء ابراهيم الخليل (ع) , وكما هو معروف ان ليس كل المؤمنين من أبناء ابراهيم وليس كل المؤمنين قد اصطفاهم الله لنشر الدعوة !
اذا فهم الأئمة الإثناعشر قد اجتباهم الله واصطفاهم - كما اصطفى طالوت واختاره ملكا على بني اسرائيل - وجعل النبي (ص) شهيد عليهم يزقهم بالعلم زقا , وهو قول الامام علي (ع) : (علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم , في كل باب يفتح لي ألف باب) .
وهم - أي الأئمة الاثناعشر - شهداء علينا يعلموننا مما علمهم رسول الله (ص) , ومعنى هذا انهم ليسوا انبياء بل اوصياء الأنبياء لأن الرسول لا يكون شهيدا الا على وصيه , واحاديثهم خير دليل على روعة العلم الرباني الذي ورثوه من رسول الله (ص).
ولنعم ما قال الشاعر :
ووال أناساً قولهم وحديثهم *** روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري
فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴿٥٤﴾
دققوا في الآية فالله يقول انه آتى آل ابراهيم الكتاب : أي أورثهم علم الكتاب سواء كانوا انبياء مثل سليمان بن داود (ع) ومحمد بن عبدالله (ص) او عباد صالحين واوصياء مثل آصف بن برخيا (ع) وعلي بن أبي طالب (ع) , ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ ... ﴿٣٢﴾
وآتاهم الحكمة : أي الفهم والعلم والفطنة والقضاء والقدرة على حل المعضلات وغيرها .
ثم آتاهم مُلْكًا عَظِيمًا .
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴿٥٤﴾ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ ۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ﴿٥٥﴾
ما المقصود في الملك العظيم هنا ؟ الملك الذي من يؤمن به ينجوا ومن يصد عنه جزاءه جهنم ! هل هو ملك الدنيا الفاني ؟ ان الله تعالى لا يصف ملك الدنيا الفاني بالعظيم فهذا محال , فالدنيا بأسرها عند الله لا تساوي جناح بعوضة فكيف يصف ملكها بالعظيم , هنا ينبغي ان تسأل عقلك ماذا قصد الله بالملك هنا ؟ هل هو ملك فرعون والنمرود ويزيد والرشيد وجالوت وغيرهم من الطغاة ؟ اذا كان هذا ملكا عظيما فلم هو ملك فاني ؟ ان الله لا يصف ما هو فاني بالعظيم !
الملك العظيم هي الامامة حيث يقول عز وجل فيما جاء من خبر ابراهيم (ع) :
قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ ... ﴿١٢٤﴾
أي أنه اصبح اماما بعد ان كان نبيا ثم خليلا , أي ان الإمامة أعلى مرتبة من النبوة .
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴿١٢﴾
أي ان علم كل شيء وضعه الله في هذا الامام , ولكن من هو هذا الامام ؟ من هو امام الأمة الإسلامية الذي احصى الله فيه كل شيء ؟ أليس رسول الله (ص) هو أعلم الخلق , فمن أعلم الخلق بعده ؟
يقول المصطفى (ص) : (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت من بابها) .
وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٨٩﴾
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ ... ﴿٥٨﴾
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴿٦١﴾
روى العلامة البحراني ، قال : من صحيح مسلم ، من الجزء الرابع في ثالث كراس من أوله ، في باب فضائل علي بن أبي طالب (بإسناده المذكور) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟
قال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة فهن أحب إليّ من حمر النعم. سمعت رسول الله يقول - حين خلفه في بعض مغازيه ، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسو الله (صلّى الله عليه وآله): (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
وسمعته يقول يوم خيبر: (لأعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). (قال): فتطاولنا لها، فقال (صلى الله عليه وآله): (ادعوا لي علياً) فأتي به أرمد العين، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله على يده.
ولمّا نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ) دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، وقال (صلى الله عليه وآله) : (اللهم هؤلاء أهل بيتي).
ولهذا السبب نحن نتبع علي بن ابي طالب (ع) كوصي شرعي للرسول (ص) لأن النبي نص عليه في غدير خم , لأنه من آل محمد (ص) وآل ابراهيم (ع) , لأنه نفس رسول الله (ص) بنص القرآن الكريم , لأنه أعلم الخلق بعد رسول الله , لأنه لم كن يحتاج لأحد والجميع كان يحتاج اليه , لأنه الوحيد الذي قال : (سلوني قبل ان تفقدوني) وغيره قال : (وليتكم ولست بخيركم) , لأنه لم يسجد لصنم قط وغيره سجد للصنم حتى مل من الصنم وملت الصنم منه ومحال ان نتبع من اشرك بالله حتى لو آمن بعد شركه .
وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾
الظلم هنا الشرك والله يقول بأن عهده - وهي الإمامة - لا يناله ظالم - أي مشرك - .
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴿١٣﴾
العجيب ان معظم المسلمين يأخذون تعاليم الدين مِمَّن كان من قبل مِنَ المشركين ولا يأخذونه من آل الرسول الطاهرين .
وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴿٦٩﴾
ان الله عز وجل يتحدث هنا عن نبيه محمد (ص) ويصفه بأنه ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ .
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٤٣﴾
الذكر هو محمد (ص) واهل الذكر هم أهل محمد (ص) , فسألوا أهل محمد (ص) يا مسلمين !
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴿٣٣﴾
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿٧٣﴾
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴿٢٤﴾
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةًوَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿٥﴾
ان الله هو من يختار خلفائه في ارضه كما هو موضح في الآيات السابقة والآية التالية .
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٤٧﴾
أرأيتم كيف ان الله هو من يختار خلفائه في أرضه ويصطفيهم كما حدث مع طالوت رغم انه كان فقيرا ميسور الحال الا انه كان اعلمهم واقواهم وقد اصطفاه الله واختاره لعلمه وتقواه وقدرته على الجهاد وقد رفضه قومه في باديء الأمر لأنه لم يكن صاحب جاه وسلطة ومال ولم يحترموا كلمة نبيهم , وكأن التاريخ يعيد نفسه لأن قوم رسول الله (ص) لم يعجبهم اختيار نبيهم لعلي بن ابي طالب (ع) كخليفة شرعي له ولم يحترموا كلمته رغم ان الله هو من امر نبيه بتنصيبه , واتبعوا آخرين هم اختاروهم رغم ان عليا (ع) كان أعلمهم وأقضاهم وأكثرهم جهادا في سبيل الله , ولا يحق للبشر ان يختاروا من يشائون , ونسوا كلام الله حيث يقول عز وجل : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴿٣٦﴾
نحن نتبع علي بن ابي طالب (ع) لأن الله اختاره كخليفة شرعي لنبيه وامر نبيه بتبليغ ذلك في غدير خم .
قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾
مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ هنا هو علي بن ابي طالب (ع) وقد قرنه الله تعالى بنفسه وبرسوله كما قرنه معهما كذلك في سورة المائدة .
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿٥٥﴾ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴿٥٦﴾
والجميع يعلم ان علي بن ابي طالب (ع) هو من تصدق بخاتمه وهو راكع , فإذا كان الله ولي المؤمنين وهم معصوم طبعا , والمصطفى ولي المؤمنين وهو معصوم كذلك , فعلي بن ابي طالب هو ايضا ولي للمؤمنين بنص القرآن الكريم بشهادة من رب العزة , وهو ايضا معصوم . وقد قال رسول الله (ص) في صحيح مسلم وغيره ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ) . وقال كذلك : ( من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم والي من والاه وعادي من عاداه ) وقال أيضا : ( علي مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ) . وقد كان هارون (ع) وزير موسى (ع) .
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ﴿٣٥﴾
وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴿١٤٢﴾
اذا فعلي بن ابي طالب (ع) هو ايضا وزير رسول الله (ص) وخليفته الشرعي .
الطامة الكبرى ان معظم المسلمين يرفضون اتباع امام الهدى من آل المصطفى (ص) وآل الخليل (ع) الذين لم يشركوا بالله طرفة عين والذين يملكون علم الكتاب , ويتبعون من كان معظم حياته مشركا وما ذلك الا مصداقا للآية الكريمة :
لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴿٧٨﴾
وقد قال رسول الله (ص) : (علي مع الحق والحق مع علي) .
فسيأتيهم ذلك اليوم حيث يدعونا الله بإمامنا علي بن ابي طالب (ع) الذي طاعته فرض علينا من الله , ويدعوهم الله بأئمتهم الذين لم ينزل الله بأسمائهم من سلطان .
يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٧١﴾ وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴿٧٢﴾
أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿٣٥﴾
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿٣﴾
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴿٢٤﴾
كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿١٤﴾
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴿٢٢٧﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ ... ﴿٤٠﴾
الذي عنده جزء من علم الكتاب في هذه الآية هو آصف بن برخيا (ع) , لم يكن نبيا بل كان عبدا من عباد الله الصالحين ووصي النبي سليمان (ع) وابن خالته وقد استطاع ان يجلب عرش بلقيس من اليمن بأسرع من طرفة عين وذلك لأنه يمتلك جزءا من علم الكتاب , فما بالكم بمن يمتلك علم الكتاب كله , اليس ذلك بقادر على ان يفعل أمورا أكبر مما فعله آصف بن برخيا (ع) ؟
قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾
وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿٧٥﴾
اي ان الله عز وجل جعل العلوم كلها في هذا الكتاب المبين , ومنها اسم الله الأعظم , ولكن لمن اعطى الله كل هذه العلوم ؟
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ ... ﴿٣٢﴾
أي ان الله عز وجل جعل علم الكتاب كله في من اصطفاهم من عباده , ولكن من هم الذين اصطفاهم الله تعالى ؟
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٣﴾
آل ابراهيم (ع) هم ذريته , كما تبينها الآية التي تليها : ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿٣٤﴾
والجميع يعلم ان النبي المصفى محمد (ص) وآل بيته (ع) - علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة التسعة من صلب الحسين - من ذرية ابراهيم الخليل (ع)
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ۖ ... ﴿٢٦﴾
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ ﴿٧٧﴾ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴿٧٨﴾
في هذه الآية خطاب صريح وواضح الى ابناء ابراهيم (ع) الذين اجتباهم الله واصطفاهم , وهم الأئمة المعصومين الاثناعشر ابناء رسول الله (ص) وابناء ابراهيم الخليل (ع) , وكما هو معروف ان ليس كل المؤمنين من أبناء ابراهيم وليس كل المؤمنين قد اصطفاهم الله لنشر الدعوة !
اذا فهم الأئمة الإثناعشر قد اجتباهم الله واصطفاهم - كما اصطفى طالوت واختاره ملكا على بني اسرائيل - وجعل النبي (ص) شهيد عليهم يزقهم بالعلم زقا , وهو قول الامام علي (ع) : (علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم , في كل باب يفتح لي ألف باب) .
وهم - أي الأئمة الاثناعشر - شهداء علينا يعلموننا مما علمهم رسول الله (ص) , ومعنى هذا انهم ليسوا انبياء بل اوصياء الأنبياء لأن الرسول لا يكون شهيدا الا على وصيه , واحاديثهم خير دليل على روعة العلم الرباني الذي ورثوه من رسول الله (ص).
ولنعم ما قال الشاعر :
ووال أناساً قولهم وحديثهم *** روى جدّنا عن جبرئيل عن الباري
فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴿٥٤﴾
دققوا في الآية فالله يقول انه آتى آل ابراهيم الكتاب : أي أورثهم علم الكتاب سواء كانوا انبياء مثل سليمان بن داود (ع) ومحمد بن عبدالله (ص) او عباد صالحين واوصياء مثل آصف بن برخيا (ع) وعلي بن أبي طالب (ع) , ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ ... ﴿٣٢﴾
وآتاهم الحكمة : أي الفهم والعلم والفطنة والقضاء والقدرة على حل المعضلات وغيرها .
ثم آتاهم مُلْكًا عَظِيمًا .
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴿٥٤﴾ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ ۚ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ﴿٥٥﴾
ما المقصود في الملك العظيم هنا ؟ الملك الذي من يؤمن به ينجوا ومن يصد عنه جزاءه جهنم ! هل هو ملك الدنيا الفاني ؟ ان الله تعالى لا يصف ملك الدنيا الفاني بالعظيم فهذا محال , فالدنيا بأسرها عند الله لا تساوي جناح بعوضة فكيف يصف ملكها بالعظيم , هنا ينبغي ان تسأل عقلك ماذا قصد الله بالملك هنا ؟ هل هو ملك فرعون والنمرود ويزيد والرشيد وجالوت وغيرهم من الطغاة ؟ اذا كان هذا ملكا عظيما فلم هو ملك فاني ؟ ان الله لا يصف ما هو فاني بالعظيم !
الملك العظيم هي الامامة حيث يقول عز وجل فيما جاء من خبر ابراهيم (ع) :
قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ ... ﴿١٢٤﴾
أي أنه اصبح اماما بعد ان كان نبيا ثم خليلا , أي ان الإمامة أعلى مرتبة من النبوة .
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ﴿١٢﴾
أي ان علم كل شيء وضعه الله في هذا الامام , ولكن من هو هذا الامام ؟ من هو امام الأمة الإسلامية الذي احصى الله فيه كل شيء ؟ أليس رسول الله (ص) هو أعلم الخلق , فمن أعلم الخلق بعده ؟
يقول المصطفى (ص) : (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت من بابها) .
وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿١٨٩﴾
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ ... ﴿٥٨﴾
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴿٦١﴾
روى العلامة البحراني ، قال : من صحيح مسلم ، من الجزء الرابع في ثالث كراس من أوله ، في باب فضائل علي بن أبي طالب (بإسناده المذكور) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟
قال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة فهن أحب إليّ من حمر النعم. سمعت رسول الله يقول - حين خلفه في بعض مغازيه ، فقال له علي: يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسو الله (صلّى الله عليه وآله): (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
وسمعته يقول يوم خيبر: (لأعطينّ الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). (قال): فتطاولنا لها، فقال (صلى الله عليه وآله): (ادعوا لي علياً) فأتي به أرمد العين، فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله على يده.
ولمّا نزلت هذه الآية (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ) دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً ، وقال (صلى الله عليه وآله) : (اللهم هؤلاء أهل بيتي).
ولهذا السبب نحن نتبع علي بن ابي طالب (ع) كوصي شرعي للرسول (ص) لأن النبي نص عليه في غدير خم , لأنه من آل محمد (ص) وآل ابراهيم (ع) , لأنه نفس رسول الله (ص) بنص القرآن الكريم , لأنه أعلم الخلق بعد رسول الله , لأنه لم كن يحتاج لأحد والجميع كان يحتاج اليه , لأنه الوحيد الذي قال : (سلوني قبل ان تفقدوني) وغيره قال : (وليتكم ولست بخيركم) , لأنه لم يسجد لصنم قط وغيره سجد للصنم حتى مل من الصنم وملت الصنم منه ومحال ان نتبع من اشرك بالله حتى لو آمن بعد شركه .
وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴿١٢٤﴾
الظلم هنا الشرك والله يقول بأن عهده - وهي الإمامة - لا يناله ظالم - أي مشرك - .
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴿١٣﴾
العجيب ان معظم المسلمين يأخذون تعاليم الدين مِمَّن كان من قبل مِنَ المشركين ولا يأخذونه من آل الرسول الطاهرين .
وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ﴿٦٩﴾
ان الله عز وجل يتحدث هنا عن نبيه محمد (ص) ويصفه بأنه ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ .
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٤٣﴾
الذكر هو محمد (ص) واهل الذكر هم أهل محمد (ص) , فسألوا أهل محمد (ص) يا مسلمين !
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴿٣٣﴾
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿٧٣﴾
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴿٢٤﴾
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةًوَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿٥﴾
ان الله هو من يختار خلفائه في ارضه كما هو موضح في الآيات السابقة والآية التالية .
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٤٧﴾
أرأيتم كيف ان الله هو من يختار خلفائه في أرضه ويصطفيهم كما حدث مع طالوت رغم انه كان فقيرا ميسور الحال الا انه كان اعلمهم واقواهم وقد اصطفاه الله واختاره لعلمه وتقواه وقدرته على الجهاد وقد رفضه قومه في باديء الأمر لأنه لم يكن صاحب جاه وسلطة ومال ولم يحترموا كلمة نبيهم , وكأن التاريخ يعيد نفسه لأن قوم رسول الله (ص) لم يعجبهم اختيار نبيهم لعلي بن ابي طالب (ع) كخليفة شرعي له ولم يحترموا كلمته رغم ان الله هو من امر نبيه بتنصيبه , واتبعوا آخرين هم اختاروهم رغم ان عليا (ع) كان أعلمهم وأقضاهم وأكثرهم جهادا في سبيل الله , ولا يحق للبشر ان يختاروا من يشائون , ونسوا كلام الله حيث يقول عز وجل : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴿٣٦﴾
نحن نتبع علي بن ابي طالب (ع) لأن الله اختاره كخليفة شرعي لنبيه وامر نبيه بتبليغ ذلك في غدير خم .
قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾
مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ هنا هو علي بن ابي طالب (ع) وقد قرنه الله تعالى بنفسه وبرسوله كما قرنه معهما كذلك في سورة المائدة .
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿٥٥﴾ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴿٥٦﴾
والجميع يعلم ان علي بن ابي طالب (ع) هو من تصدق بخاتمه وهو راكع , فإذا كان الله ولي المؤمنين وهم معصوم طبعا , والمصطفى ولي المؤمنين وهو معصوم كذلك , فعلي بن ابي طالب هو ايضا ولي للمؤمنين بنص القرآن الكريم بشهادة من رب العزة , وهو ايضا معصوم . وقد قال رسول الله (ص) في صحيح مسلم وغيره ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ) . وقال كذلك : ( من كنت مولاه فعلي مولاه , اللهم والي من والاه وعادي من عاداه ) وقال أيضا : ( علي مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ) . وقد كان هارون (ع) وزير موسى (ع) .
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ﴿٣٥﴾
وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴿١٤٢﴾
اذا فعلي بن ابي طالب (ع) هو ايضا وزير رسول الله (ص) وخليفته الشرعي .
الطامة الكبرى ان معظم المسلمين يرفضون اتباع امام الهدى من آل المصطفى (ص) وآل الخليل (ع) الذين لم يشركوا بالله طرفة عين والذين يملكون علم الكتاب , ويتبعون من كان معظم حياته مشركا وما ذلك الا مصداقا للآية الكريمة :
لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ﴿٧٨﴾
وقد قال رسول الله (ص) : (علي مع الحق والحق مع علي) .
فسيأتيهم ذلك اليوم حيث يدعونا الله بإمامنا علي بن ابي طالب (ع) الذي طاعته فرض علينا من الله , ويدعوهم الله بأئمتهم الذين لم ينزل الله بأسمائهم من سلطان .
يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿٧١﴾ وَمَنْ كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴿٧٢﴾
أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿٣٥﴾
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿٣﴾
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴿٢٤﴾
كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿١٤﴾
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴿٢٢٧﴾
تعليق