بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
قال ابن عباس:
دخلتُ على عُمَر في أوّل خلافته، وقد اُلقِيَ له صاعٌ من تمر على خصفة، فدعاني إلى الاكل، فأكلت تمرة واحدة، وأقبل يأكل حتّى أتى عليه، ثم شرب من جَرٍّكان عنده، واستلقى على مِرْفقةٍ له، وطفق يَحْمَدُ الله، يكرر ذلك، ثم قال: من أين جئت يا عبدالله ؟ قلت: من المسجد.
قال: كيف خلّفت ابن عمك ؟ فظننته يعني عبدالله بن جعفر.
قلت: خلّفتُه يلعبُ مع أترابه.
قال: لم أعنِ ذلك، إنّما عنيتُ عظيمكم أهل البيت.
قلت: خلّفُته يمتح بالغرْبعلى نخيلات من فلان، وهو يقرأ القرآن.
قال: عبدَالله، عليك دماء البُدن إن كتمتنيها ؟ هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة ؟ قلت: نعم.
قال: أيزعم أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ نص عليه ؟ قلت: نعم وأزيدك، سألت أبي عَمّا يدّعيه، فقال: صدَق.
فقال عمر: لقد كان من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في أمره ذَرْوٌمن قول لا يثبتُ حُجّةً، ولا يقطع عذرا، ولقد كان يربَع في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمهفمنعت من ذلكإشفاقا وحيْطة على الاسلام ! لا ورّب هذه البنيّة لا تجتمع عليه قريش أبدا ؟ ولو وليها لا نتقضتْ عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّي علمت ما في نفسه، فأمسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم .
مما يفيد ذكره في هذه المناسبة جواب السيد الصدر (قدس سره) للتيجاني
يقول الدكتور التيجاني في كتابه ثم اهتديت ص 98 ـ 99: وإني لا زلت أذكر إجابة السيد محمد باقر الصدر، عندما سألته: كيف فهم سيدنا عمر من بين الصحابة ما يريد الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كتابته وهو استخلاف علي ـ عليه السلام ـ على حد زعمكم، فهذا ذكاء منه ؟! قال السيد الصدر: لم يكن عمر وحده فهم مقصد الرسول، ولكن أكثر الحاضرين فهموا ما فهمه عمر، لانه سبق لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أن قال مثل هذا إذ قال لهم: إنيّ مخلّف فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، وفي مرضه قال لهم: هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً، ففهم الحاضرون ومن بينهم عمر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يريد أن يؤكد ما ذكره في غدير خم كتابيّاً، وهو التمسك بكتاب الله وعترته، وسيد العترة هو علي ـ عليه السلام ـ، فكأنه ـ صلى الله عليه وآله ـ أراد أن يقول: عليكم بالقرآن وعلي، وقد قال مثل ذلك في مناسبات أخرى كما ذكر المحدّثون.
تعليق