قوله تعالى: «فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس» الارتقاب الانتظار و هذا وعيد بالعذاب و هو إتيان السماء بدخان مبين يغشى الناس.
و اختلف في المراد بهذا العذاب المذكور في الآية.
فقيل: المراد به المجاعة التي ابتلي بها أهل مكة فإنهم لما أصروا على كفرهم و أذاهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و المؤمنين به دعا عليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: اللهم سنين كسني يوسف فأجدبت الأرض و أصابت قريشا مجاعة شديدة، و كان الرجل لما به من الجوع يرى بينه و بين السماء كالدخان و أكلوا الميتة و العظام ثم جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قالوا: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم و قومك قد هلكوا، و وعدوه إن كشف الله عنهم الجدب أن يؤمنوا، فدعا و سأل الله لهم بالخصب و السعة فكشف عنهم ثم عادوا إلى كفرهم و نقضوا عهدهم.
و قيل: إن الدخان المذكور في الآية من أشراط الساعة و هو لم يأت بعد و هو يأتي قبل قيام الساعة فيدخل أسماع الناس حتى أن رءوسهم تكون كالرأس الحنيذ
و يصيب المؤمن منه مثل الزكمة و تكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص و يمكث ذلك أربعين يوما.
و ربما قيل: إن المراد بيوم الدخان يوم فتح مكة حين دخل جيش المسلمين مكة فارتفع الغبار كالدخان المظلم، و ربما قيل: المراد به يوم القيامة، و القولان كما ترى.
و قوله: «يغشى الناس» أي يشملهم و يحيط بهم، و المراد بالناس أهل مكة على القول الأول، و عامة الناس على القول الثاني.
قوله تعالى: «هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون» حكاية قول الناس عند نزول عذاب الدخان أي يقول الناس يوم تأتي السماء بدخان مبين: هذا عذاب أليم و يسألون الله كشفه بالاعتراف بربوبيته و إظهار الإيمان بالدعوة الحقة فيقولون: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون
روى الخطيب باسناده عن ابن عباس، قال: «قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن اربعة، قال: فقام عمه العباس فقال له فداك أبي وامي، أنت ومن؟ قال: امّا أنا فعلى دابة اللَّه البراق، واما أخي صالح فعلى ناقة اللَّه التي عقرت، وعمّي حمزة أسد اللَّه وأسد رسوله على ناقتي العضباء، وأخي وابن عمي وصهري علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدبّجة الظهر، رحلها من زمرد أخضر مضبب بالذهب الاحمر، رأسها من الكافور الابيض، وذنبها من العنبر الأشهب، وقوائمها من المسك الاذفر وعنقها من لؤلؤ، وعليها قبة من نور اللَّه، باطنها عفو اللَّه، وظاهرها رحمة اللَّه، بيده لواء الحمد، فلا يمر بملأ من الملائكة الّا قالوا: هذا ملك مقرب او نبي مرسل، او حامل عرش رب العالمين، فينادي مناد من لدنان العرش، أو قال من بطنان العرش ليس هذا ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلًا، ولا حامل عرش رب العالمين، هذا علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجّلين إلى جنان رب العالمين، افلح من صدقه، وخاب من كذبه، ولو أن عابداً عبد اللَّه بين الركن والمقام ألف عام وألف عام حتى يكون كالشن البالي، ولقى اللَّه مبغضاً لآل محمّد أكبه اللَّه على منخره في نار جهنم» (( 1) تاريخ بغداد ج 13 ص 123 رقم 7106.).
روى الخوارزمي باسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «قال رسول اللَّه أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم لخلّته، ثم انا لصفوتي، ثم علي بن أبي طالب يزفّ بيني وبين إبراهيم زفّاً إلى الجنة» (( 2) المناقب الفصل التاسع عشر ص 219.)
تعليق