السلام عليكم
معجزة للامام علي بن ابي طالب عليه السلام على لسان هارون العباسي
عن ثاقب المناقب ، عن محمد بن عمر الواقدي قال : (كان هارون الرشيد يقعد للعلماء في يوم عرفة ، فقعد ذات يوم وحضره الشافعي ، وكان هاشميا يقعد إلى جنبه ، وحضر محمد بن الحسن وأبو يوسف ، فقعدا بين يديه وغص المجلس بأهله ، فيهم سبعون رجلا من أهل العلم كل منهم يصلح أن يكون إمام صقع من الأصقاع ، قال الواقدي : فدخلت في آخر الناس فقال الرشيد : لم تأخرت ؟ فقلت : ما كان لإضاعة حق ولكن شغلت بشغل عاقني عما أحببت ، قال : فقربني حتى أقعدني بين يديه ، وقد خاض الناس في كل فن من العلم ، فقال الرشيد للشافعي : يا ابن عم كم تروي في فضائل علي بن أبي طالب ؟ فقال : أربعمائة حديث وأكثر ، فقال له : قل ولا تخف ، قال : يبلغ خمسمائة أو يزيد ، ثم قال لمحمد بن الحسن : كم تروي يا كوفي من فضائله ؟ قال : ألف حديث أو أكثر ، فأقبل على أبي يوسف فقال : كم تروي أنت يا كوفي من فضائله ؟ أخبرني ولا تخش ؟ قال : يا أمير المؤمنين لولا الخوف لكانت روايتنا في فضائله أكثر من أن تحصى , قال : ممن تخاف ؟ قال : منك ومن عمالك وأصحابك ,قال : أنت آمن فتكلم وأخبرني كم فضيلة تروي فيه , قال : خمس عشر ألف خبر مسند , وخمس عشر ألف حديث مرسل , قال الواقدي : فأقبل علي فقال : ما تعرف في ذلك ؟ فقلت : مثل مقالة أبي يوسف , قال الرشيد : لكني أعرف له فضيلة رأيتها بعيني وسمعتها بأذني أجل من كل فضيلة تروونها أنتم وإني , لتائب إلى الله تعالى مما كان مني من أمر الطالبية ونسلهم فقلنا بأجمعنا : وفق الله أمير المؤمنين وأصلحه , إن رأيت أن تخبرنا بما عندك , قال : نعم , وليت عاملي يوسف بن الحجاج دمشق وأمرته بالعدل في الرعية والإنصاف في القضية , فاستعمل ما أمرته فرفع إليه الخطيب الذي يخطب بدمشق يشتم عليا عليه السلام في كل يوم وينقصه , قال : فأحضره وسأله عن ذلك فأقر له بذلك , فقال له : وما حملك على ما أنت عليه ؟ قال : لأنه قتل آبائي وسبى الذراري , فلذلك الحقد له في قلبي , ولست أفارق ما أنا عليه فقيده وغله وحبسه وكتب إلي بخبره , فأمرته أن يحمله إلي على حالته من القيود , فلما مثل بين يدي زبرته وصحت به وقلت : أنت الشاتم لعلي بن أبي طالب ؟ فقال : نعم قلت : ويلك قتل من قتل وسبى من سبى بأمر الله تعالى وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم , قال : ما أفارق ما أنا عليه ولا تطيب نفسي إلا به , فدعوت بالسياط والعقابين , فأقمته بحضرتي هاهنا وظهره إلي , فأمرت الجلاد فجلده مائة سوط , فأكثر الصياح والغياث , فبال في مكانه , فأمرت به فنحي عن العقابين , وأدخل ذلك البيت وأومأ بيده إلى بيت في الإيوان , وأمرت أن يغلق الباب عليه ففعل ذلك , ومضى النهار وأقبل الليل ولم أبرح من موضعي هذا حتى صليت العتمة , ثم بقيت ساهرا أفكر في قتله وفي عذابه وبأي شيء أعذبه مرة أقول : أعذبه على علاوته , ومرة أقول : أقطع أمعاءه , ومرة أفكر في تغريقه أو قتله بالسياط , واستمر الفكر في أمره حتى غلبتني عيني في آخر الليل , فإذا أنا بباب السماء قد انفتح , وإذا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد هبط وعليه خمس حلل , ثم هبط علي عليه السلام وعليه أربعة حلل , ثم هبط الحسن عليه السلام وعليه ثلاث حلل , ثم هبط الحسين عليه السلام وعليه حلتان , ثم هبط جبرئيل وعليه حلة واحدة , وإذا هو من أحسن الخلق في نهاية الوصف ومعه كأس فيه ماء كأصفى ما يكون من الماء وأحسنه , فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اعطني الكأس , فأعطاه فنادى بأعلى صوته : يا شيعة محمد وآله , فأجابوه من حاشيتي وغلماني وأهل الدار أربعون نفسا أعرفهم كلهم , وكان في داري أكثر من خمسة آلاف إنسان , فسقاهم من الماء وصرفهم , ثم قال : أين الدمشقي ؟ فكان الباب قد انفتح , وخرج إليه فلما رآه علي عليه السلام أخذه وقال : يا رسول الله هذا يظلمني ويشتمني من غير سبب أوجب ذلك فقال : خله يا أبا الحسن , ثم قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم على زنده بيده وقال : أنت الشاتم علي بن أبي طالب ؟ فقال : نعم ، فقال : اللهم امسخه وامحقه وانتقم منه ، قال : فتحول وأنا أراه كلبا ورد إلى البيت كما كان ، وصعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجبرئيل وعلي والحسن والحسين عليهما السلام ومن كان معهم ، فانتبهت فزعا مذعورا ، فدعوت الغلام فأمرت بإخراجه إلي ، فأخرج وهو كلب فقلت له : كيف رأيت عقوبة ربك ؟ فأومأ برأسه كالمعتذر ، وأمرت برده وهاهو ذا في البيت ، وأمر بإخراجه عنا ، فأخرج وقد أخذ الغلام بأذنه ، فإذا بأذنه كأذن الإنسان وهو في صورة الكلب ، فوقف بين أيدينا يلوك بلسانه ويحرك شفتيه ، قال الشافعي للرشيد : هذا مسخ ولست آمن من أن يحل العذاب به ، فأمر بإخراجه ، فأمر به فرد إلى البيت ، فما كان بأسرع من أن سمعنا وجبته وصيحته ، فإذا صاعقة قد سقطت على سطح البيت فأحرقته وأحرقت البيت فصار رمادا ، وعجل الله بروحه إلى نار جهنم قال الواقدي : فقلت للرشيد : يا أمير المؤمنين هذه معجزة وعظة وعظت بها ، فاتق الله في ذرية هذا الرجل ، قال الرشيد : أنا تائب إلى الله تعالى مما كان مني وأحسنت توبتي ).
منقول من كتاب غاية المرام
تعليق