المسألة بسيطة و معتمدة على السؤال التالي : هل التوسل عبادة يرجى منها التقرب إلى الله أم أنها أمر دنيوي لا ينتظر صاحبه ثوابا ؟؟
فإن كانت عبادة ... فلابد لأصحابها إثبات مشروعيتها ، إذ الأصل في العبادات التوقف ...
و إ ن كانت دنيا ... فلا يرجو من الله أن يثيبهم فما يقومون به عبارة عن أمر دنيوي ...
.
.
. () .. قلم حبر .. ()
القضية ليست قضية حِلّ أو حُرمة..أو جواز أو منع...لقد سئمنا من هذا الخطاب..ولابد من إيجاد طرق بديلة يشغل الناس بها أفكارهم بعيداً عن التصادم أو الشُبهات..
أكثر الأزمات التي يُقابلها السياسيون هي اهتزاز صورتهم أمام الشعوب، وعليه كان من أبجديات العمل السياسي أن يتعلم الدارسون كيف يتحكّمون بعواطفهم بعيداً عن الإنفعال أو الخروج عن المعتاد، هناك بالتأكيد صورة تنطبع في أذهان الناس يملؤها الهيبة والوقار عن العاملين في السلك الدبلوماسي عامة، هذه الصورة تظل موافقة للإسم المُراد حتى أقرب الأجلين سواءاً ترك الوظيفة أو الوفاه، حتى أنها تظل بعد الوفاه لا تفارق هذه الصورة أذهان الناس، وكثيرا ما أصبحت هذه الصورة محلّ أعمال المبدعين في إخراج أعمال كوميدية لتصوير هذه الأسماء بخلاف ما اعتاد عليه الناس، النتيجة هي صورة جديدة كاسرة للعادة تجلب البهجة والضحك في القلوب.
كذلك لابد للسياسي أن يتجنب كل ما يُثير كراهية الناس واحتقارهم، فخطابه التوحدي هو أسلم طريق للخروج من مُعضلة السياسي المُهدد بفشل مشروعه أو إقصاء جهته–أياً كانت-لذلك كان العمل السياسي التوافقي هو أنجح صنوف العمل السياسي تأثيراً وانتشاراً، قد يحدث تقصيراً فيما يخص عدم مواجهة الإشاعات ونبض الشارع كما ينبغي..لذلك كان السياسي الأقرب إلى الشارع ونبض الناس هو الأعلم بكافة خيوط اللعبة السياسية وأنجحها، كذلك على السياسي أن لايكتفي بالعمل حسب ظروف مجتمعه الثقافية والسياسية والدينية، بل عليه أن يُراقب مُحيطه الجُغرافي من كافة زواياه العِرقية والدينية والثقافية، ذلك لأن الإعلام هو سيد العصر بلا منازع، هذه السلطة الإعلامية تقريبا نجحت في إزالة الكثير من الفوارق بين الشعوب وهدمت أغلب ما تعارفت عليه المجتمعات حصريا بنقلها لشعوب دول الجوار.
طبيعي وفي ظل هذا الوضع أن تُخلق بيئة شعوبية لا تترك صغيرا إلا وحاز على اهتمامها وكيفية دراستها..ومن هذه القضايا هي رؤية سلوك السياسي البناءة التي تهتم بالعمل والإنتاج أكثر من اهتمامها بالوعود، تهتم بمواجهة ظواهر الرجعية والانحطاط أكثر من اهتمامها بكيفية تطبيق أيدلوجياتها..وكل ذلك هو مقدمة لنجاح مشروعه السياسي فيما لو أحسن الرصد ثم المواجهة....أما قضية البناء فهي لا تُعطي فقط سُمعة للسياسي بل أيضا تبني له حائط صد أمام أي غزو سياسي أو فكري يتعرض له، أما ثقافة الهدم وكما تحدثنا عنها في السابق فلها جانبا سياسياً لا يقل أهمية ، حيث وتِبعاً للانشقاق المُجتمعي واستنكار ما تعارف عليه الناس فهي تهدم صورة السياسي هدماً مُعرّضاً للتعاظم إذا لم يواجه ما حدث بوضوح..وأن لا يظهر بصورة المُتلوِّن أو التافه الضعيف الذي يخرّ أمام أولى الضغوط عليه..حينها سيشيع بين الناس ضعفه وتُهدم صورته بلا رجعة.
القضية ليست قضية حِلّ أو حُرمة..أو جواز أو منع...لقد سئمنا من هذا الخطاب..ولابد من إيجاد طرق بديلة يشغل الناس بها أفكارهم بعيداً عن التصادم أو الشُبهات..
شكراً لكم أخي قلم حبر
و لكن التوسل موضوع ديني و ليس موضوع رياضي أو اقتصادي أو سياسي لكي نجد طرق بديلة لعلاجها ... !
و حيث أنها مسألة دينية ، فالمسائل الدينية تعالج من منظور الحلّ و الحرمة و الجواز و المنع و الوجوب و الحرمة ..
و لكن التوسل موضوع ديني و ليس موضوع رياضي أو اقتصادي أو سياسي لكي نجد طرق بديلة لعلاجها ... !
و حيث أنها مسألة دينية ، فالمسائل الدينية تعالج من منظور الحلّ و الحرمة و الجواز و المنع و الوجوب و الحرمة ..
.
.
. () .. قلم حبر .. ()
التوسل ليس موضوعا دينياً..بل فِكرة مُستنبطة من النصوص الدينية والاستنباط عليه خلاف..ولو كان موضوعا دينيا خالصا لرأينا التوافق عليه بين كافة أفراد الأمة..سواءاً مع او ضد..
إذا كان البناء له أوجه ضارّة فلا يمكن تعيين الإصلاح بإطلاقية في البناء، فقد يبني الإنسان بناءاً في ذهنه غير صحيح فيبني عليه مقدمات ونتائج غير صحيحة، وقد يبني بناءاً في الواقع الخارجي يقتل به المخلوقات أو يخرق به قوانين الطبيعة فيُفسد التوازن البيئي، كذلك الهدم فقد يهدم الإنسان في ذهنه فكرة خاطئة أو خُرافة فتخلق لديه رؤية أكثر عقلانية وواقعية، وقد يهدم بناءاً في الواقع الخارجي فيُحقق به العدالة، لذلك كان تعيين الإصلاح للبناء وللهدم في عَرَضهما أحق من تعيينهما في الجوهر..كالمسلم الذي يذبح البقرة والذبح لديه بناءا لتغذيته، بينما الذبح لدى الهندوسي هدم لا يجوز ..
الفكرة الفلسفية في البناء تأتي من تحقيق العدالة وهي عند أفلاطون تحقيق الإنسجام والتكافل بين كافة أفراد المجتمع، ولدى أرسطو تصرفات وِفق تشريعات تُحقق المساواه وتواجه الظُلم، وقضايا الهدم التي تُنتج صراعاً دينيا أو فكريا صِداميا -له تأويل سائغ- في الدين لا تُصنّف وِفق قضايا الهدم الإصلاحية، وبما أن القائم على الهدم تجاوز العدالة باعتماده على قوته حيث طغت عليه الأنانية فعمله خارج دائرة العدالة بدلالة خرقه لتشريعات المجتمع..هذا الخرق سينعكس على الأخلاق ويؤدي إلى كسر الفضائل..فالإنسان في ذاته كائن اجتماعي يملك وعياً وإرادة ولا يمكن أن يبقى معزولا عن الناس بمجرد إيمانه بمُقدس لديه، وكأن هذا الكائن كما هو مسئول قانونيا فهو أيضاً مسئول أخلاقياً، وكأن هناك تلازم بين القانون والأخلاق.
لشرح النقطة عاليه من وجهٍ آخر ..فقد تأملت في فلسفة الكوجيتو لديكارت التي تؤمن بالتفكير كشرط للشعور بالوجود فوجدته يؤمن بأن الآخر كائن افتراضي وأن الذات لديه كائن مستقل ومنغلق على نفسه..وفي رأيي أن هذه الطريقة في التفكير هي مُدخل خطير للشعور بالأنانية أو الدونية، وقد يتبعها القائم على الهدم دون معرفتها..والحل الأسلم لذلك هو الإعتبار بأن الذات هي جزء من وجود مجتمعي يضم الذات والآخر..وأنه لا وجود للذات إلا بتعيين الآخر له..في المحصلة أنا آخر عند الآخر..وأنا ذات عند نفسي..ولا أعيش في هذا الكون وحدي..وأن المنظومة التشريعية تفرض علىّ وعلى الآخر التمسك بالقانون كشرط لعدم التجاوز في حقوق الآخرين، وأن الإلتزام بهذه المنظومة هو في المُحصّلة ارتقاءٌ بالأخلاق.
التوسل ليس موضوعا دينياً..بل فِكرة مُستنبطة من النصوص الدينية والاستنباط عليه خلاف..ولو كان موضوعا دينيا خالصا لرأينا التوافق عليه بين كافة أفراد الأمة..سواءاً مع او ضد..
ليست كل القضايا الدينية تحظى بالتوافق بين جميع الطوائف الإسلامية لكي يحظى موضوع التوسل بذلك ...!
و من ثم ،،، فكما أوردت في البدء فإن التوسل الذي وصفته بأنه فكرة مستنبطة من النصوص الدينية ، إن كان من باب التعبّد و التقرّب إلى الله ، فلا بد من أصحاب تلك الفكرة إيجاد الأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على جواز هذه العبادة . أما إن لم تكن من باب التقرّب إلى الله فالموضوع دنيوي و الأصل في الأشياء الإباحة ، و على الرافضين للفكرة حينها إيجاد الأدلة الصريحة الصحيحة على عدم القيام بتلك السلوكيات الدنيوية ...
.
.
. () .. قلم حبر .. ()
الإنسان كي يسعى لإثبات ذاته وبنائها بناءاً علمياً عملياً لابد له من شروط أهمها التخلي عن أي مطلب دنيوي كتحصيل المال مثلا، فطلب المال وطلب العلم لإثبات الذات لا يجتمعان، كالذي حرص على الدعوة بوظيفة تقوم أولاً وأخيرا على تحصيل المال أما الدعوة فهي عمل لديه مُعتاد وأحيانا بحُجة فراغ الأتباع وانتظارهم للداعي، في هذه الحالة أصبحت مقاومة النفس الأمّارة بالسوء في غاية الصعوبة، هذا لو أراد المواجهة أو خُلق لديه الدافع أصلاً، فالنفس تميل دوماً لحب الظهور وسد الحاجة، وغايتها أمام الناس تختلف عن غايتها الحقيقية باختلاف التبرير وشرح المقاصد العامة للفعل، لذلك فإن العالم الداعي الذي يسعي لتحصيل المال قلما ينتفع من علمه، وفي الغالب تنطبع لديه دعوة روتينية لا بحث فيها ولا نظر، فإبداعه مُقيد بقيد الرغبة في العلم.
هذه مقدمة خفيفة لفكرة أن اللاجئ لفِعل التوسل أحياناً ما يقع أسيراً لدعواتٍ تقليدية جامدة لا بحث فيها ولا نظر، فما عُرف عن السلف كافي للتعيين دون النظر، وهذا وحده كفيل بقتل الرغبة الإصلاحية لدى المتوسل وتستبدلها بأفكاراً جامدة كثيراً ما يتسبب تهويل الإنسان لها إلى جرائم عقدية ليست من الإسلام، هنا قد يكون للعِرفان دورٌ نهضوي، يجب التركيز فيه على احترام العلماء وتوقير العارفين والتأسي بما عُرف عنهم،والعِرفان ذوالدعوة العملية هو الأكثر تأثيراً في صلاح بني البشر عامة، وهو عين الحكمة ومسلك كافة فقهاء الدنيا وفلاسفتهم، فالطفل منذ الصِغر وبتقليده للكِبار لا يعرف إلا الدعوة العملية، وبصلاح الكبير يَصلُح الصغير، وقد تأتي مرحلة عُمرية للطفل يفترق فيها عن أفكار وأعمال المُعلّم يأتي منها الإختلاف.
سواءاً بقي البشر أو فنيوا من هذا العالم لن يضر الله شئيا،وإثبات الإنسان لذاته يأتي لتقويم سلوكه وعدالة أفكاره لنفسه كي ينتفع بها في هذا العالم، وأن يصنع لديه الإرادة لفِعل الخير، كل هذا يفعله الإنسان تبرّماً من النقص الذي لا يتسق مع فطرة الإنسان..فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يرضى بالنقص،قد يرضى حينها بالعجز لضعف قدراته، أما أن تُتاح له الفرصة لسد النقص –بعد رصده-فلا أعتقد ان هناك إنساناً سيُفرّط في هذه الفرصة، وبناء الإنسان لنفسه سيخلقه عزيزاً عند الناس، أو كما قيل بأن تبني نفسك وتبخل عن ما في أيدي الناس عامة فتُصبِحَ عزيزاَ.
لماذا أقول هذا الكلام؟..لأن فاعل التوسل عادةً ما يعتقد في ذاته النقص ولا يتبرم منه ويرضاه، يفعل ذلك بحُجة أن هؤلاء ساداتنا ومهما فعلنا فلن نصل لمنازلهم عند الله ، هذه فكرة فاسدة بالطبع وفسادها في جلبها للتواكل وللكسل، وأظن أن أكثر هؤلاء كُسالى لا يخدمون مجتمعاتهم أكثر من خدمتهم لأنفسهم، وهم معزولون داخل دائرة ضيقة لا تكاد تتسع إلا إلى من يوافقهم وأفعالهم، ليس الكل إنما لكل قاعدةٍ شواذ..إنما هذا التيار في الغالب لا يستمع للنصائح مقلداً، والسبب كما قلنا في السابق قد يجوز لفساد فكرة المواجهة من أناسٍ عملوا على تحطيم هذه القدوات لديهم، أو أنهم أنفسهم مِثالاً للفساد أكثر من الإصلاح، ومن يفهم هذا التيار جيداً يعرف كيف يتعامل معه.
تعليق