بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :
لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا فى جحر ضب لأتبعتموهم .قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى؟
.قال : فمن
* صحيح مسلم - كتاب العلم - باب أتباع سنن اليهود و النصارى
الحديث السابق يوضح لنا فيه رسول الله أن من المسلمين سوف يسلكون سبيل اليهود و النصارى . و الواقع أن أهل السنة و الجماعة يضعون أنفسهم فى برجا عاجيا و يستثنون أنفسهم من مشابهة اليهود و النصارى و سلوكهم . و دائما ما يرمون مخالفيهم الشيعة بأتهام بأن مذهبهم أسسه اليهودى المجهول عبد الله بن سبأ . إلا أن هذا التصور السنى ليس له ما يبرره إذ أن الواقع أن أهل السنة و الجماعة هم الذين ألتزموا بنهج اليهود و النصارى و صاغوا من نظريات بنى إسرائيل مبادئ
سنتعرض لأهم مظاهر عقائد أهل السنة و الجماعة التى يلتزمون فيها نهج اليهود و النصارى :
1-أعتقادهم بأنهم الفرقة الناجية المنصورة
2-أعتقادهم بتقديس كلام الرجال
3-أعتقادهم بأمكانية النجاة من عذاب الآخرة
4-أعتقادهم بإعفاء رموزهم من الحساب
5-أعتقادهم بعصمة يسوع المسيح من الخطيئة و جلوسه ليدين و يحاكم البشر
6-أعتقادهم برؤية الله عيانا
1- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بأنهم الفرقة الناجية .. أو ( شعب الله المختار ) :
يعتقد أهل السنة أنهم الفرقة الناجية المنصورة الوحيدة و يظهر ذلك فى عدة نقاط :
أ-تصورهم أنهم شعب الله المختار عن سائر فرق المسلمين
ب-تصورهم أنهم شعب الله المختار عن سائر ملل أهل الكتاب
أ-- أهـل السنـة و الجــمــاعــة شعـب الله الـمـختـار ....المتعصب ضد سائر فرق المسلمين :
يتصور أهل السنة فى عقيدتهم أنهم الفرقة الوحيدة الناجية المنصورة و يحيطون نظرياتهم بهالات من القداسة و العصمة لا يتاح لأحد أن ينقدها و إلا صبت فوق رأسه أحكاما تتراوح بأنه منكر للسنة النبوية أو على الأقل مغررا به من المستشرقين و أعداء الإسلام !
و يصور أهل السنة أنفسهم بأنهم أمتداد طبيعى لنهج رسول الله و صحبه و السلف الصالح ثم أخذت الفرق و المذاهب الإسلامية تتفرع عن هذا الخط المستقيم . و فى ضوء هذا التصور يلزم أهل السنة الآخرين بنهجهم و نصبوا أنفسهم قضاة و جلادين على سائر المذاهب الإسلامية و جعلوا من أنفسهم المعيار و المقياس . فمن قال بقولهم و رأى رأيهم فهو على الصراط المستقيم و من يختلف معهم فى الرأى فهو صاحب بدع و لن يشم رائحة الجنة .
و تولدت فكرة الفرقة الناجية من عدة روايات ينسبها أهل السنة إلى رسول الله تشير إلى نجاة فرقة واحدة فقط و هلاك ما سواها :
يروون أن رسول الله قال :
تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة
* سنن الترمذى - كتاب الإيمان - باب ما جاء فى أفتراق الأمة
و قد دون أهل السنة العديد من الكتب التى تهاجم كافة الفرق الإسلامية و تصورها فى أبشع صورة كأصحاب بدع لعل أبينها كتاب ( الفصل فى الملل و الأهواء و النحل ) لأبى محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسى ( 383-456 هـ )
و طبعا لم تشر تلك الكتب إلى مذاهب أهل السنة بأعتبارهم خارج دائرة الشبهات بينما أنهالت طعنا فى الشيعة و الزيدية و المعتزلة و القدرية و المرجئة
ب- أهـل السنـة و الجــمــاعــة شعـب الله الـمـختـار ....المتعصب ضد الديانات السماوية الآخرى :
لم يقتصر أعتقاد أهل السنة بأنهم شعب الله المختار على أخوانهم المسلمين من الفرق الآخرى و حسب بل تعدى ذلك بأعتقادهم بالنموذج اليهودى الذى يجعل منهم طبقة مميزة بين البشر و الآخرين من طبقة أدنى خلقوا ليستحل أستعبادهم فهم شعب الله و الآخرون ( أغيار ) أو ( جوييم ) باللغة العبرية
يروون أن رسول الله قال :
لا تبدءوا اليهود و لا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه
* صحيح مسلم – كتاب السلام – باب النهى عن أبتداء أهل الكتاب بالسلام
حتى فى الآخرة يروون أن رسول الله قال :
-إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فكاكك من النار
-يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى
-لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا
* صحيح مسلم – كتاب التوبة – باب قبول توبة القاتل و لو كثر قتله
وهذا الكلام إنما يمثل قمة التعصب الديني ضد الآخرين و ذلك التعصب يبرر لهم أحتقارهم في الحياة الدنيا على ضوء الروايات المنسوبة لرسول الله و يبرر لهم استحلالهم في الآخرة أيضا على ضوء هذه الروايات التي تفوح منها رائحة العنصرية والاستعلاء على الآخرين .و مثل هذه الروايات بلا شك تنفر أصحاب الديانات السماوية من الإسلام وتقوي من النزعة العدائية لديهم تجاهه
و تصور فكرة الفرقة المميزة الناجية المنصورة هى فكرة إسرائيلية بحتة حيث يتمحور النهج اليهودى تماما كالنهج السنى حول فكرة أنهم الشعب المختار حيث جاء فى أسفار موسى سـفر الـتـثـنـيـة - أصحاح 7 :6 عن تميز اليهود بأنهم الشعب المميز :
أنك يا إسرائيل شعب مقدس للرب آلهك . إياك قد أختار الرب آلهك لتكون له شعب أخص من جميع الشعوب
ו כִּי עַם קָדוֹשׁ אַתָּה, לַיהוָה אֱלֹהֶיךָ: בְּךָ בָּחַר יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, לִהְיוֹת לוֹ לְעַם סְגֻלָּה, מִכֹּל הָעַמִּים, אֲשֶׁר עַל-פְּנֵי הָאֲדָמָה
For thou art a holy people unto the LORD thy God: the LORD thy God hath chosen thee to be His own treasure, out of all peoples that are upon the face of the earth.
و بهذه المناسبة نحن نبشر أهل السنة العصاة أن تقر أعينهم ويستريح بالهم فعدد اليهود و النصارى اليوم هو أكثر من المسلمين بكثير و بالتالى فأن قرابينهم البشرية من أهل الكتاب ستكفيهم و زيادة و نجاتهم من النار يوم القيامة واقع لا محالة !
2- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بتقديس أقوال الرجال أو ( أتخاذ الأحبار أربابا ) :
قال الله تعالى : أتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله
يعتمد أهل السنة و الجماعة فى عقائدهم على تقديس الرجال و يظهر ذلك فى عدة نقاط و هى :
-أعتقادهم بقدسية كلام الرجال
-ممارسة الأرهاب الفكرى لحماية نظرية تقديس البشر
أ – أعــتــقــادهــم بــقـدسـيـة كـلام الــرجــال ... ( صـحـيحـى البـخـارى و مـسـلم ) :
يعتقد أهل السنة و الجماعة بصحة صحيحى البخارى و مسلم و يضعونهما فى مكانة مقدسة رفيعة و يعتقدون فيهما أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله . و فرض أهل السنة تلك النظرية على أتباعهم و أرهبوهم من التفكير فى مصداقية رواياتهما . و طبعا لا يوجد دليل شرعى قاطع على هذه النظرية .
و نجد مدى تقديس كلام البشر فيما ذكره عبد الرحمن السيوطى ( 849-911 هـ ) فى كتابه ( تدريب الراوى 1 :131 ) عن إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجوينى ( 419-478 هـ ) :
لوحلف إنسان بطلاق أمرأته أن ما فى الصحيحين مما حكما بصحته من قول النبى لما ألزمته الطلاق لأجماع علماء المسلمين على صحته .
إن الأعتقاد بصحة أى كتاب بعد كتاب الله فكرة إسرائيلية بحتة . و نتيجتها أن يتساوى كلام الرجال مع كلام الله و نجد ذلك فى تــطــابـق نمـوذج صــحـيـحى الـبـخـارى و مـسـلـم مـع تـلـمـود بـنى إسـرائـيل :
فى سنة 150 م خشى الحاخام يوضاس ضياع التعاليم الشفوية فجمعها و دونها و أسماها ( مشناه ) أى ( التعاليم المكررة ) .
ثم جاء الحاخام يهوذا سنة 216 م فأتم ما دونه يوضاس ثم أخذ الحاخامات يدونون الحواشى و التعليقات فيما يسمى ( جماراه ) .
و من المشناه و الجماراه يتكون ( التلمود ) و هى كلمة عبرانية تقابل ( تلميذ ) بالعربية .
و كذلك فإن المواد التلمودية التي تدور حول قضايا تشريعية و أسئلة قانونية و التي أثارت جدلاً بين اليهود فتدعى ( الها لاكا ) أما الجزء المختص بالأساطير و القصص و الأقوال المأثورة التي استخدمت لإيضاح الأعراف التقليدية فتدعى ( الها جَّدا ) .
و للتلمود نسختين أولاهما ( تلمود أورشليم ) المدون سنة 320 م و ( تلمود بابل ) المدون سنة 500 م و الأخير هو الأشهر و إذا ذكر التلمود أنصرف المعنى إليه .
و يعتقد اليهود :
إن الله قد أعطى الشريعة لموسى على طور سيناء كتابة . و أوحى لموسى التلمود شفاهية . و هذا عينه هو الأعتقاد السنى فى الصحيحين الذين جمع فيهما رجلى دين التعاليم الشفوية للنبى و هى تعاليم يعتد بها و يتعبد بها حيث أنه لا ينطق عن الهوى
و أعتقاد أهل السنة بصحة روايات الصحيحين مهما تناقضت مع القرآن و العقل هو ذات ما عبر عنه الحاخام ( مناحيم ) فى التلمود:
أنها كلام الله مهما وجد فيها من تناقض فمن لم يعتبرها أو قال أنها ليست أقوال الله فقد أجرم فى حق الله
و جاء فى التلمود عن قدسية كلام الأحبار :
إن من يقرأ التوراة بدون المشناه و الجماراه فليس له آله . إن أقوالهم هى أقوال الله الحى . فإذا قال لك الحاخام أن يدك اليمنى هى اليسرى و بالعكس فصدق قوله و لا تجادل ..إن كل كلمات الأحبار فى كل عصر و مصر هى كلمات الله و لو كانت متناقضة و متنافرة .و من يسخر منها و يتأفف منها يرتكب إثما عظيما كما لو سخر من الله و تأفف منه .
و تقديس أسفار البشر و مساوتها بكلام الله شابه فيه أهل السنة و الجماعة بفرض نظريتهم بصحة صحيحى البخارى و مسلم أيضا تـطـابق الـنـمـوذج المـسـيحى فى فـرض نـظـريـة قـدسـيـة أسـفـار الـبـشـر :
بعد أنتهاء رسالة السيد يسوع المسيح أخذ تلاميذه و المؤمنون به فى تصنيف رسائل ذات طابع دينى تصف شخص المسيح و معجزاته و تدعو لمبادئه . و فى سنة 325 م أجتمع الأساقفة فى مدينة ( نيقية ) حيث أقروا الأعتراف بقدسية 13 رسالة للقديس بولس و رسالة للقديس بطرس و رسالة للقديس يوحنا و تم ضمهم للعهد الجديد ( الأنجيل ) .
و فى مؤتمر ( لوديسيا ) سنة 364 م تم الأعتراف بقدسية 6 رسائل آخرى و هم رسالة لكل من القديسين يعقوب و يهوذا و بطرس و بولس و رسالتين للقديس يوحنا و تم ضمهم للعهد الجديد ( الأنجيل ) .
ب - مـمـارسة الأرهـاب الـفـكرى لحـمـايـة نـظـريـة تـقـديـس الـبـشـر :
للخروج من أزمة الأختلاف مع المذاهب الآخرى أتجه أهل السنة و الجماعة إلى قلب الحقائق و ثوابت التاريخ و تحويل الفروع إلى أصول و خلط الفقه بالعقيدة بالتاريخ بأسماء الرجال ..... و ذلك لإحراج المخالفين و إرهاب أتباعهم .
ففى مواجهة أى محاولة فكرية جدية لنقد نظرية أهل السنة و الجماعة الهشة المشوشة بعدالة الصحابة جميعا نجدهم يستخدمون الإرهاب الفكرى و إبتزاز أتباعهم بأدخال تلك النظرية و أسماء الرجال دائرة الأصول و العقائد !! و وضعوا الكل فى دائرة المحظورات !! .
و إليك بعضا من الأحكام التى يتحصن خلفها أهل السنة و الجماعة :
- قال أبو زرعة الرازي :
فإذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلم انه زنديق ، وذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم اولى و هم زنادقة .
* الكفاية فى علم الرواية للخطيب البغدادي
- و قال الإمام أحمد بن حنبل :
لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم و لا يطعن على أحد منهم بعيب و لا بنقص فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه و عقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه و يستتيبه فإن تاب قبل منه ، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة ، و خلده الحبس حتى يموت أو يرجع .
* طبقات الحنابلة 1 /24
و هكذا أرهب علماء أهل السنة أتباعهم من الخوض فى أى محاولة لتقصى الحقيقة منهجيا .
و لا يزال النهج السنى السائد هو إرهاب من يقدم على تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبى.. بأنه بذلك يسب الصحابة الذين رضى الله عنهم ..و بذلك يقع فى الحرام و أنكار ما هو معروف من الدين بالضرورة !
و من ذلك مثلا :
إرهاب من يقدم على تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبى.. بأنه بذلك يسب الصحابة الذين رضى الله عنهم ..و بذلك يقع فى الحرام
إرهاب من يقدم على تحقيق موقف أم المؤمنين عائشة بعد وفاة النبى... بأنه بذلك يطعن فىحرمة رسول الله ..و بذلك يقع فى الحرام
و إرهاب من يقدم على تقصى مصداقية ما نسبه أبو هريرة إلى النبى .. بأنه بذلك ناقص الإيمان لأن حب أبو هريرة من علامات الإيمان
و إرهاب من يقدم على نقد روايات صحيحى البخارى و مسلم ... بأنه بذلك ينكر السنة النبوية ...و بذلك يقع فى الحرام
و بذلك فرض أهل السنة حاجزا نفسيا أمام أتباعهم و فرضوا عليهم الجهل بالحقيقة
3- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بأمكانية النجاة من عذاب الآخرة
قال الله تعالى : ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات و غرهم فى دينهم ما كانوا يفترون
يشارك أهل السنة و الجماعة بنى إسرائيل و النصارى فى الأعتقاد فى نظرية عدم الخلود فى الجحيم بل أمكانية عدم دخوله من الأصل بالنسبة للمسلمين من أتباع مذهبهم ..
و يعتقد أهل السنة و الجماعة فى تحميل رسول الله مسئولية تطهير المسلمين من المعاصى و الذنوب و إخراجهم من النار إذا دخلوها .
و هذا عينه الأعتقاد المسيحى فى يسوع المسيح الذىأخذ على عاتقه تطهير أتباعه من الذنوب و إخراجهم من النار إذ قدم نفسه قربانا من أجل التكفير عن ذنوب البشر .
و يحشد أهل السنة عدة روايات تدور أحداثها حول حوارات دارت أو ستدور بين الله و رسول الله منها :
قال رسول الله أن الله قال له : أنطلق فأخرج منها من كان فى قلبه مثقال شعيرة من إيمان . فأنطلق فأفعل
و منها أن رسول الله قال لله : أئذن لى فيمن قال لا الله إلا الله . فيقول الله : و عزتى و جلالى لأخرجن من قال لا الله إلا الله
و أعتقاد أهل السنة بأن رسول الله قد منح الحق فى أنقاذ أتباعه من الجحيم بعد أن حكم الله بدخولهم النار أنما هى تصورات أنجيلية بحتة
بقى أن نشير إلى أمر بديهى . أن هؤلاء الناجون من الجحيم من أمة محمد هم طبعا من أهل السنة و الجماعة و لن يستفيد بهذا العرض السخى أى مذهب آخر !
4- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بإعفاء رموزهم من الحساب ...... أو ( صكوك الغفران )
قال الله تعالى : و قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
يعتقد أهل السنة و الجماعة النظرية المسيحية بمنح الخطاة و المجرمين صكوكا للغفران التى هى بدورها مستمدة من الأعتقاد المسيحى بسلطة يسوع المسيح لغفران الخطايا . و سار على النهج النصرانى أهل السنة و الجماعة فتبنوا العديد من الروايات مفادها أن هناك أشخاصا من الخطاة قد منحوا صكا آلهيا بغفران الخطايا مهما أتوا من ذنوب و كبائر. و غرض النظرية بالطبع أنقاذ ولاة الأمر و المذنبون من الصحابة بعد رحيل رسول الله من الدخول فى دائرة الجريمة و أبقاءهم فى دائرة الإيمان مع ضمان الغفران
وتشمل صكوك الغفران العفو عن الكبائر دون حتى أن يكلف الخاطئ نفسه عناء التوبة عنها . مثل ما رواه أبو هريرة عن غفران الله لعاهرة أعتادت أتيان كبيرة الزنا لأنها سقت كلب ! . فيروى ان رسول الله قال :
غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركى يلهث قال:كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك
* صحيح البخارى - كتاب بدء الخلق
مع ملاحظة أن الرواية لا تشير أبدا أنها تابت عن الزنا أو حتى أستغفرت ربها عنها !
و نظير الرواية نجده فى أنجيل لوقا - أصحاح 7 : 37-50
كان فى المدينة أمرأة خاطئة فما أن علمت أن يسوع متكئ فى البيت حتى جاءت تحمل قارورة عطر و أخذت تبل قدميه بالدموع و تمسحهما بشعرها ...فقال يسوع :إن خطاياها الكثيرة قد غفرت .. ثم قال لها : مغفورة لك خطاياك
و يروى الإمام أحمد بن حنبل أن رسول الله قال :
فيمن كان قبلكم أعطاه الله مالا و ولدا قال فلما حضره الموت قال لبنيه : إذا أنا مت فأحرقونى حتى إذا صرت فحما فاسحقونى ثم إذا كان ريح عاصف فأذرونى فيها . قال النبى : فأخذ مواثيقهم على ذلك قال : ففعلوا ذلك وربى فلما مات أحرقوه ثم سحقوه ثم ذروه فى يوم عاصف فقال الله له : كن فإذا هو رجل قائم . قال الله : أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت ؟ فقال : يا رب مخافتك قال: فما تلافاه أن رحمه
* مسند أحمد بن حنبل - باقى مسند المكثرين - مسند أبى سعيد الخدرى
فحتى هذا الرجل الذى شك فى قدرة الله فى بعثه و هذا هو الكفر بعينه نال الغفران و عفى من العقاب !
فهذا الرجل أسرف فى حق نفسه و أرتكب الموبقات حتى يأس من رحمة الله و سعى للتحايل على الله ظنا منه أن ذلك يخرجه من محيط القدرة الآلهية و هذا أستهانة بقدرة الخالق و أحاطته بالكون و طبعا غرض الحديث تبرئة ساحة الكافر
و فى ضوء ذلك يمكن تبرير أفعال الهندوس الذين يحرقون موتاهم و يذرونهم فى نهر الجانجا !
و توسع أهل السنة و الجماعة فى منح صكوك الغفران لكل المعادين لأهل البيت على أعتبار أن لهم من الحسنات ما يعفيهم من أى حساب و يضمن لهم غفران أى خطايا يرتكبوها
لقد أدت نظرية أهل السنة تلك إلى تصوير الجنة و كأنها فندق ( هيلتون ) الذى يرحب بالنزلاء ما دام قد تم الحجز مسبقا !
5-أعتقاد أهل السنة و الجماعة بعصمة يسوع المسيح من الخطيئة و جلوسه ليدين و يحاكم البشر
تسربت إلى عقائد أهل السنة شطر كبير من قانون الإيمان المسيحى و التصور الأنجيلى لنهاية العالم . و تتفق مفاهيم أهل السنة و الجماعة مع المبادئ المسيحية و لو بصورة غير مباشرة و هى :
المعتقد الأول : سقوط جميع البشر فى الخطيئة إلا يسوع المسيح المنزه عن الخطيئة
المعتقد الثانى : نزول يسوع المسيح من السماء ليدين و يحكم البشر
أ- يروى أبو هريرة أن رسول الله قال عن المعتقد الأول :
ما من بنى آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم و أبنها
* صحيح البخارى - كتاب أحاديث الأنبياء- باب أذكر فى الكتاب مريم
كل بنى آدم يطعن الشيطان فى جنبيه بأصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن فى الحجاب
* صحيح البخارى - كتاب بدء الخلق - باب صفة أبليس و جنوده
و بذلك لم يسلم من وخز الشياطين أحد غير يسوع المسيح و مريم دون سائر البشر جميعا حتى أنبياء الله أبراهيم الخليل و موسى الكليم و محمد خاتم النبين . و على هذه الروايات يرتفع يسوع المسيح عن طبقة سائر البشر الذين وخزهم الشيطان جميعا و تتلاقى الفكرة مع المعتقد المسيحى بتنزيه يسوع عن الخطيئة ليكون مؤهلا لفداء البشر على الصليب
ب -يروى أبو هريرة أن رسول الله قال عن المعتقد الثانى :
- و الذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها
* صحيح البخارى - كتاب أحاديث الأنبياء- باب نزول عيسى
- لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض و التحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد
* صحيح مسلم - كتاب الإيمان - باب نزول عيسى
و هذا عينه هو المعتقد المسيحى فى تصور النصارى لنهاية العالم بعودة المسيح للدنيا و دينونته للبشر و حكمه بالعدل و هذا ما نجده فى أسفار النصارى :
-عن نزول يسوع المسيح من السماء - جاء فى العهد الجديد سفر أعمال الرسل - أصحاح 1 :12 :
ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء أن يسوع هذا الذى أرتفع عنكم إلى السماء سيأتى هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء
-و عن دينونته للبشر و مجازاتهم - جاء فى أنجيل يوحنا - أصحاح 5 : 22 :
قال المسيح : لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للأبن
-و جاء فى العهد الجديد سفر الرؤيا - أصحاح 22 : 12
ها أنا آتى سريعا و أجرتى معى لأجازى كل واحد كما يكون عمله
-و عن حالة السلام و الرخاء فى عهد يسوع المسيح - جاء فى العهد القديم سفر أشعيا - أصحاح 11 : 6 :
فيسكن الذئب مع الخروف و يربض النمر مع الجدى لايسؤون و لايفسدون لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطى المياة البحر
6-أعتقاد أهل السنة و الجماعة بأمكانية رؤية الله عيانا
يعتقد أهل السنة بأمكانية رؤية الله و معاينته يوم القيامة و ذلك كونه نوعا من المكافأة للعباد الصالحين .
و قد نص الإمام أحمد بن حنبل على ذلك فى متن العقيدة بقوله :
أن أهل الجنة يرون ربهم لا محالة
و نص على ذلك أيضا الإمام أبو الحسن الأشعرى فى متن العقيدة بقوله :
و أجمعوا على أن المؤمنين يرون الله عز و جل يوم القيامة بأعين وجوههم
و ذات تلك العقيدة نجدها حرفيا فى التوراة سفر أيوب : أصحاح 19 : 25-27 :
أعلم أن إلهى حى ، وأنى سأقوم فى اليوم الأخير بجسدى وسأرى بعينى الله مخلّصى
כו וְאַחַר עוֹרִי, נִקְּפוּ-זֹאת; וּמִבְּשָׂרִי, אֶחֱזֶה אֱלוֹהַּ
כז אֲשֶׁר אֲנִי, אֶחֱזֶה-לִּי--וְעֵינַי רָאוּ וְלֹא-זָר: כָּלוּ כִלְיֹתַי בְּחֵקִי.
26 And when after my skin this is destroyed, then without my flesh shall I see God;
27 Whom I, even I, shall see for myself, and mine eyes shall behold, and not another's. My reins are consumed within me.
و تصور أدراك الآله بالبصر و أحتواء أبعاده تصورات أنجيلية توراتية بحتة . إذ يعتقد بنى إسرائيل بأن النبى موسى و شيوخ القوم قد رأوا الله بأبصارهم و لما عادوا وصفوا شكل الله كما جاء ذلك فى التوراة سفر الخروج : أصحاح 24 : 9-11
ثم صعد موسى و هارون و ناداب و أبيهو و سبعون من شيوخ إسرائيل . و رأوا آله إسرائيل . و تحت رجليه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف و كذات السماء فى النقاوة و لكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل
ט וַיַּעַל מֹשֶׁה, וְאַהֲרֹן--נָדָב, וַאֲבִיהוּא, וְשִׁבְעִים, מִזִּקְנֵי יִשְׂרָאֵל.
י וַיִּרְאוּ, אֵת אֱלֹהֵי יִשְׂרָאֵל; וְתַחַת רַגְלָיו, כְּמַעֲשֵׂה לִבְנַת הַסַּפִּיר, וּכְעֶצֶם הַשָּׁמַיִם, לָטֹהַר.
9 Then went up Moses, and Aaron, Nadab, and Abihu, and seventy of the elders of Israel;
10 and they saw the God of Israel; and there was under His feet the like of a paved work of sapphire stone, and the like of the very heaven for clearness.
و هذا ما نفاه الله فى القرآن الكريم إذ قال :
و لما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى و لكن أنظر إلى الجبل فإن أستقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا و خر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين
أما قانون الإيمان المسيحى فينص أن يسوع المسيح هو أحد أقانيم الله الثلاثة و هو الأقنوم الذى أتخذ جسدا و نزل من السماء و صار متخذا شكل الأنسان حيث تمكن البشر من رؤية آلههم بأبصارهم متجسدا ذو أبعاد
قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :
لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا فى جحر ضب لأتبعتموهم .قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى؟
.قال : فمن
* صحيح مسلم - كتاب العلم - باب أتباع سنن اليهود و النصارى
الحديث السابق يوضح لنا فيه رسول الله أن من المسلمين سوف يسلكون سبيل اليهود و النصارى . و الواقع أن أهل السنة و الجماعة يضعون أنفسهم فى برجا عاجيا و يستثنون أنفسهم من مشابهة اليهود و النصارى و سلوكهم . و دائما ما يرمون مخالفيهم الشيعة بأتهام بأن مذهبهم أسسه اليهودى المجهول عبد الله بن سبأ . إلا أن هذا التصور السنى ليس له ما يبرره إذ أن الواقع أن أهل السنة و الجماعة هم الذين ألتزموا بنهج اليهود و النصارى و صاغوا من نظريات بنى إسرائيل مبادئ
سنتعرض لأهم مظاهر عقائد أهل السنة و الجماعة التى يلتزمون فيها نهج اليهود و النصارى :
1-أعتقادهم بأنهم الفرقة الناجية المنصورة
2-أعتقادهم بتقديس كلام الرجال
3-أعتقادهم بأمكانية النجاة من عذاب الآخرة
4-أعتقادهم بإعفاء رموزهم من الحساب
5-أعتقادهم بعصمة يسوع المسيح من الخطيئة و جلوسه ليدين و يحاكم البشر
6-أعتقادهم برؤية الله عيانا
1- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بأنهم الفرقة الناجية .. أو ( شعب الله المختار ) :
يعتقد أهل السنة أنهم الفرقة الناجية المنصورة الوحيدة و يظهر ذلك فى عدة نقاط :
أ-تصورهم أنهم شعب الله المختار عن سائر فرق المسلمين
ب-تصورهم أنهم شعب الله المختار عن سائر ملل أهل الكتاب
أ-- أهـل السنـة و الجــمــاعــة شعـب الله الـمـختـار ....المتعصب ضد سائر فرق المسلمين :
يتصور أهل السنة فى عقيدتهم أنهم الفرقة الوحيدة الناجية المنصورة و يحيطون نظرياتهم بهالات من القداسة و العصمة لا يتاح لأحد أن ينقدها و إلا صبت فوق رأسه أحكاما تتراوح بأنه منكر للسنة النبوية أو على الأقل مغررا به من المستشرقين و أعداء الإسلام !
و يصور أهل السنة أنفسهم بأنهم أمتداد طبيعى لنهج رسول الله و صحبه و السلف الصالح ثم أخذت الفرق و المذاهب الإسلامية تتفرع عن هذا الخط المستقيم . و فى ضوء هذا التصور يلزم أهل السنة الآخرين بنهجهم و نصبوا أنفسهم قضاة و جلادين على سائر المذاهب الإسلامية و جعلوا من أنفسهم المعيار و المقياس . فمن قال بقولهم و رأى رأيهم فهو على الصراط المستقيم و من يختلف معهم فى الرأى فهو صاحب بدع و لن يشم رائحة الجنة .
و تولدت فكرة الفرقة الناجية من عدة روايات ينسبها أهل السنة إلى رسول الله تشير إلى نجاة فرقة واحدة فقط و هلاك ما سواها :
يروون أن رسول الله قال :
تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة
* سنن الترمذى - كتاب الإيمان - باب ما جاء فى أفتراق الأمة
و قد دون أهل السنة العديد من الكتب التى تهاجم كافة الفرق الإسلامية و تصورها فى أبشع صورة كأصحاب بدع لعل أبينها كتاب ( الفصل فى الملل و الأهواء و النحل ) لأبى محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسى ( 383-456 هـ )
و طبعا لم تشر تلك الكتب إلى مذاهب أهل السنة بأعتبارهم خارج دائرة الشبهات بينما أنهالت طعنا فى الشيعة و الزيدية و المعتزلة و القدرية و المرجئة
ب- أهـل السنـة و الجــمــاعــة شعـب الله الـمـختـار ....المتعصب ضد الديانات السماوية الآخرى :
لم يقتصر أعتقاد أهل السنة بأنهم شعب الله المختار على أخوانهم المسلمين من الفرق الآخرى و حسب بل تعدى ذلك بأعتقادهم بالنموذج اليهودى الذى يجعل منهم طبقة مميزة بين البشر و الآخرين من طبقة أدنى خلقوا ليستحل أستعبادهم فهم شعب الله و الآخرون ( أغيار ) أو ( جوييم ) باللغة العبرية
يروون أن رسول الله قال :
لا تبدءوا اليهود و لا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه
* صحيح مسلم – كتاب السلام – باب النهى عن أبتداء أهل الكتاب بالسلام
حتى فى الآخرة يروون أن رسول الله قال :
-إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فكاكك من النار
-يجئ يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى
-لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا
* صحيح مسلم – كتاب التوبة – باب قبول توبة القاتل و لو كثر قتله
وهذا الكلام إنما يمثل قمة التعصب الديني ضد الآخرين و ذلك التعصب يبرر لهم أحتقارهم في الحياة الدنيا على ضوء الروايات المنسوبة لرسول الله و يبرر لهم استحلالهم في الآخرة أيضا على ضوء هذه الروايات التي تفوح منها رائحة العنصرية والاستعلاء على الآخرين .و مثل هذه الروايات بلا شك تنفر أصحاب الديانات السماوية من الإسلام وتقوي من النزعة العدائية لديهم تجاهه
و تصور فكرة الفرقة المميزة الناجية المنصورة هى فكرة إسرائيلية بحتة حيث يتمحور النهج اليهودى تماما كالنهج السنى حول فكرة أنهم الشعب المختار حيث جاء فى أسفار موسى سـفر الـتـثـنـيـة - أصحاح 7 :6 عن تميز اليهود بأنهم الشعب المميز :
أنك يا إسرائيل شعب مقدس للرب آلهك . إياك قد أختار الرب آلهك لتكون له شعب أخص من جميع الشعوب
ו כִּי עַם קָדוֹשׁ אַתָּה, לַיהוָה אֱלֹהֶיךָ: בְּךָ בָּחַר יְהוָה אֱלֹהֶיךָ, לִהְיוֹת לוֹ לְעַם סְגֻלָּה, מִכֹּל הָעַמִּים, אֲשֶׁר עַל-פְּנֵי הָאֲדָמָה
For thou art a holy people unto the LORD thy God: the LORD thy God hath chosen thee to be His own treasure, out of all peoples that are upon the face of the earth.
و بهذه المناسبة نحن نبشر أهل السنة العصاة أن تقر أعينهم ويستريح بالهم فعدد اليهود و النصارى اليوم هو أكثر من المسلمين بكثير و بالتالى فأن قرابينهم البشرية من أهل الكتاب ستكفيهم و زيادة و نجاتهم من النار يوم القيامة واقع لا محالة !
2- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بتقديس أقوال الرجال أو ( أتخاذ الأحبار أربابا ) :
قال الله تعالى : أتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله
يعتمد أهل السنة و الجماعة فى عقائدهم على تقديس الرجال و يظهر ذلك فى عدة نقاط و هى :
-أعتقادهم بقدسية كلام الرجال
-ممارسة الأرهاب الفكرى لحماية نظرية تقديس البشر
أ – أعــتــقــادهــم بــقـدسـيـة كـلام الــرجــال ... ( صـحـيحـى البـخـارى و مـسـلم ) :
يعتقد أهل السنة و الجماعة بصحة صحيحى البخارى و مسلم و يضعونهما فى مكانة مقدسة رفيعة و يعتقدون فيهما أنهما أصح الكتب بعد كتاب الله . و فرض أهل السنة تلك النظرية على أتباعهم و أرهبوهم من التفكير فى مصداقية رواياتهما . و طبعا لا يوجد دليل شرعى قاطع على هذه النظرية .
و نجد مدى تقديس كلام البشر فيما ذكره عبد الرحمن السيوطى ( 849-911 هـ ) فى كتابه ( تدريب الراوى 1 :131 ) عن إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجوينى ( 419-478 هـ ) :
لوحلف إنسان بطلاق أمرأته أن ما فى الصحيحين مما حكما بصحته من قول النبى لما ألزمته الطلاق لأجماع علماء المسلمين على صحته .
إن الأعتقاد بصحة أى كتاب بعد كتاب الله فكرة إسرائيلية بحتة . و نتيجتها أن يتساوى كلام الرجال مع كلام الله و نجد ذلك فى تــطــابـق نمـوذج صــحـيـحى الـبـخـارى و مـسـلـم مـع تـلـمـود بـنى إسـرائـيل :
فى سنة 150 م خشى الحاخام يوضاس ضياع التعاليم الشفوية فجمعها و دونها و أسماها ( مشناه ) أى ( التعاليم المكررة ) .
ثم جاء الحاخام يهوذا سنة 216 م فأتم ما دونه يوضاس ثم أخذ الحاخامات يدونون الحواشى و التعليقات فيما يسمى ( جماراه ) .
و من المشناه و الجماراه يتكون ( التلمود ) و هى كلمة عبرانية تقابل ( تلميذ ) بالعربية .
و كذلك فإن المواد التلمودية التي تدور حول قضايا تشريعية و أسئلة قانونية و التي أثارت جدلاً بين اليهود فتدعى ( الها لاكا ) أما الجزء المختص بالأساطير و القصص و الأقوال المأثورة التي استخدمت لإيضاح الأعراف التقليدية فتدعى ( الها جَّدا ) .
و للتلمود نسختين أولاهما ( تلمود أورشليم ) المدون سنة 320 م و ( تلمود بابل ) المدون سنة 500 م و الأخير هو الأشهر و إذا ذكر التلمود أنصرف المعنى إليه .
و يعتقد اليهود :
إن الله قد أعطى الشريعة لموسى على طور سيناء كتابة . و أوحى لموسى التلمود شفاهية . و هذا عينه هو الأعتقاد السنى فى الصحيحين الذين جمع فيهما رجلى دين التعاليم الشفوية للنبى و هى تعاليم يعتد بها و يتعبد بها حيث أنه لا ينطق عن الهوى
و أعتقاد أهل السنة بصحة روايات الصحيحين مهما تناقضت مع القرآن و العقل هو ذات ما عبر عنه الحاخام ( مناحيم ) فى التلمود:
أنها كلام الله مهما وجد فيها من تناقض فمن لم يعتبرها أو قال أنها ليست أقوال الله فقد أجرم فى حق الله
و جاء فى التلمود عن قدسية كلام الأحبار :
إن من يقرأ التوراة بدون المشناه و الجماراه فليس له آله . إن أقوالهم هى أقوال الله الحى . فإذا قال لك الحاخام أن يدك اليمنى هى اليسرى و بالعكس فصدق قوله و لا تجادل ..إن كل كلمات الأحبار فى كل عصر و مصر هى كلمات الله و لو كانت متناقضة و متنافرة .و من يسخر منها و يتأفف منها يرتكب إثما عظيما كما لو سخر من الله و تأفف منه .
و تقديس أسفار البشر و مساوتها بكلام الله شابه فيه أهل السنة و الجماعة بفرض نظريتهم بصحة صحيحى البخارى و مسلم أيضا تـطـابق الـنـمـوذج المـسـيحى فى فـرض نـظـريـة قـدسـيـة أسـفـار الـبـشـر :
بعد أنتهاء رسالة السيد يسوع المسيح أخذ تلاميذه و المؤمنون به فى تصنيف رسائل ذات طابع دينى تصف شخص المسيح و معجزاته و تدعو لمبادئه . و فى سنة 325 م أجتمع الأساقفة فى مدينة ( نيقية ) حيث أقروا الأعتراف بقدسية 13 رسالة للقديس بولس و رسالة للقديس بطرس و رسالة للقديس يوحنا و تم ضمهم للعهد الجديد ( الأنجيل ) .
و فى مؤتمر ( لوديسيا ) سنة 364 م تم الأعتراف بقدسية 6 رسائل آخرى و هم رسالة لكل من القديسين يعقوب و يهوذا و بطرس و بولس و رسالتين للقديس يوحنا و تم ضمهم للعهد الجديد ( الأنجيل ) .
ب - مـمـارسة الأرهـاب الـفـكرى لحـمـايـة نـظـريـة تـقـديـس الـبـشـر :
للخروج من أزمة الأختلاف مع المذاهب الآخرى أتجه أهل السنة و الجماعة إلى قلب الحقائق و ثوابت التاريخ و تحويل الفروع إلى أصول و خلط الفقه بالعقيدة بالتاريخ بأسماء الرجال ..... و ذلك لإحراج المخالفين و إرهاب أتباعهم .
ففى مواجهة أى محاولة فكرية جدية لنقد نظرية أهل السنة و الجماعة الهشة المشوشة بعدالة الصحابة جميعا نجدهم يستخدمون الإرهاب الفكرى و إبتزاز أتباعهم بأدخال تلك النظرية و أسماء الرجال دائرة الأصول و العقائد !! و وضعوا الكل فى دائرة المحظورات !! .
و إليك بعضا من الأحكام التى يتحصن خلفها أهل السنة و الجماعة :
- قال أبو زرعة الرازي :
فإذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلم انه زنديق ، وذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و إنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم اولى و هم زنادقة .
* الكفاية فى علم الرواية للخطيب البغدادي
- و قال الإمام أحمد بن حنبل :
لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم و لا يطعن على أحد منهم بعيب و لا بنقص فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه و عقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه و يستتيبه فإن تاب قبل منه ، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة ، و خلده الحبس حتى يموت أو يرجع .
* طبقات الحنابلة 1 /24
و هكذا أرهب علماء أهل السنة أتباعهم من الخوض فى أى محاولة لتقصى الحقيقة منهجيا .
و لا يزال النهج السنى السائد هو إرهاب من يقدم على تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبى.. بأنه بذلك يسب الصحابة الذين رضى الله عنهم ..و بذلك يقع فى الحرام و أنكار ما هو معروف من الدين بالضرورة !
و من ذلك مثلا :
إرهاب من يقدم على تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبى.. بأنه بذلك يسب الصحابة الذين رضى الله عنهم ..و بذلك يقع فى الحرام
إرهاب من يقدم على تحقيق موقف أم المؤمنين عائشة بعد وفاة النبى... بأنه بذلك يطعن فىحرمة رسول الله ..و بذلك يقع فى الحرام
و إرهاب من يقدم على تقصى مصداقية ما نسبه أبو هريرة إلى النبى .. بأنه بذلك ناقص الإيمان لأن حب أبو هريرة من علامات الإيمان
و إرهاب من يقدم على نقد روايات صحيحى البخارى و مسلم ... بأنه بذلك ينكر السنة النبوية ...و بذلك يقع فى الحرام
و بذلك فرض أهل السنة حاجزا نفسيا أمام أتباعهم و فرضوا عليهم الجهل بالحقيقة
3- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بأمكانية النجاة من عذاب الآخرة
قال الله تعالى : ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات و غرهم فى دينهم ما كانوا يفترون
يشارك أهل السنة و الجماعة بنى إسرائيل و النصارى فى الأعتقاد فى نظرية عدم الخلود فى الجحيم بل أمكانية عدم دخوله من الأصل بالنسبة للمسلمين من أتباع مذهبهم ..
و يعتقد أهل السنة و الجماعة فى تحميل رسول الله مسئولية تطهير المسلمين من المعاصى و الذنوب و إخراجهم من النار إذا دخلوها .
و هذا عينه الأعتقاد المسيحى فى يسوع المسيح الذىأخذ على عاتقه تطهير أتباعه من الذنوب و إخراجهم من النار إذ قدم نفسه قربانا من أجل التكفير عن ذنوب البشر .
و يحشد أهل السنة عدة روايات تدور أحداثها حول حوارات دارت أو ستدور بين الله و رسول الله منها :
قال رسول الله أن الله قال له : أنطلق فأخرج منها من كان فى قلبه مثقال شعيرة من إيمان . فأنطلق فأفعل
و منها أن رسول الله قال لله : أئذن لى فيمن قال لا الله إلا الله . فيقول الله : و عزتى و جلالى لأخرجن من قال لا الله إلا الله
و أعتقاد أهل السنة بأن رسول الله قد منح الحق فى أنقاذ أتباعه من الجحيم بعد أن حكم الله بدخولهم النار أنما هى تصورات أنجيلية بحتة
بقى أن نشير إلى أمر بديهى . أن هؤلاء الناجون من الجحيم من أمة محمد هم طبعا من أهل السنة و الجماعة و لن يستفيد بهذا العرض السخى أى مذهب آخر !
4- أعتقاد أهل السنة و الجماعة بإعفاء رموزهم من الحساب ...... أو ( صكوك الغفران )
قال الله تعالى : و قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
يعتقد أهل السنة و الجماعة النظرية المسيحية بمنح الخطاة و المجرمين صكوكا للغفران التى هى بدورها مستمدة من الأعتقاد المسيحى بسلطة يسوع المسيح لغفران الخطايا . و سار على النهج النصرانى أهل السنة و الجماعة فتبنوا العديد من الروايات مفادها أن هناك أشخاصا من الخطاة قد منحوا صكا آلهيا بغفران الخطايا مهما أتوا من ذنوب و كبائر. و غرض النظرية بالطبع أنقاذ ولاة الأمر و المذنبون من الصحابة بعد رحيل رسول الله من الدخول فى دائرة الجريمة و أبقاءهم فى دائرة الإيمان مع ضمان الغفران
وتشمل صكوك الغفران العفو عن الكبائر دون حتى أن يكلف الخاطئ نفسه عناء التوبة عنها . مثل ما رواه أبو هريرة عن غفران الله لعاهرة أعتادت أتيان كبيرة الزنا لأنها سقت كلب ! . فيروى ان رسول الله قال :
غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركى يلهث قال:كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك
* صحيح البخارى - كتاب بدء الخلق
مع ملاحظة أن الرواية لا تشير أبدا أنها تابت عن الزنا أو حتى أستغفرت ربها عنها !
و نظير الرواية نجده فى أنجيل لوقا - أصحاح 7 : 37-50
كان فى المدينة أمرأة خاطئة فما أن علمت أن يسوع متكئ فى البيت حتى جاءت تحمل قارورة عطر و أخذت تبل قدميه بالدموع و تمسحهما بشعرها ...فقال يسوع :إن خطاياها الكثيرة قد غفرت .. ثم قال لها : مغفورة لك خطاياك
و يروى الإمام أحمد بن حنبل أن رسول الله قال :
فيمن كان قبلكم أعطاه الله مالا و ولدا قال فلما حضره الموت قال لبنيه : إذا أنا مت فأحرقونى حتى إذا صرت فحما فاسحقونى ثم إذا كان ريح عاصف فأذرونى فيها . قال النبى : فأخذ مواثيقهم على ذلك قال : ففعلوا ذلك وربى فلما مات أحرقوه ثم سحقوه ثم ذروه فى يوم عاصف فقال الله له : كن فإذا هو رجل قائم . قال الله : أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت ؟ فقال : يا رب مخافتك قال: فما تلافاه أن رحمه
* مسند أحمد بن حنبل - باقى مسند المكثرين - مسند أبى سعيد الخدرى
فحتى هذا الرجل الذى شك فى قدرة الله فى بعثه و هذا هو الكفر بعينه نال الغفران و عفى من العقاب !
فهذا الرجل أسرف فى حق نفسه و أرتكب الموبقات حتى يأس من رحمة الله و سعى للتحايل على الله ظنا منه أن ذلك يخرجه من محيط القدرة الآلهية و هذا أستهانة بقدرة الخالق و أحاطته بالكون و طبعا غرض الحديث تبرئة ساحة الكافر
و فى ضوء ذلك يمكن تبرير أفعال الهندوس الذين يحرقون موتاهم و يذرونهم فى نهر الجانجا !
و توسع أهل السنة و الجماعة فى منح صكوك الغفران لكل المعادين لأهل البيت على أعتبار أن لهم من الحسنات ما يعفيهم من أى حساب و يضمن لهم غفران أى خطايا يرتكبوها
لقد أدت نظرية أهل السنة تلك إلى تصوير الجنة و كأنها فندق ( هيلتون ) الذى يرحب بالنزلاء ما دام قد تم الحجز مسبقا !
5-أعتقاد أهل السنة و الجماعة بعصمة يسوع المسيح من الخطيئة و جلوسه ليدين و يحاكم البشر
تسربت إلى عقائد أهل السنة شطر كبير من قانون الإيمان المسيحى و التصور الأنجيلى لنهاية العالم . و تتفق مفاهيم أهل السنة و الجماعة مع المبادئ المسيحية و لو بصورة غير مباشرة و هى :
المعتقد الأول : سقوط جميع البشر فى الخطيئة إلا يسوع المسيح المنزه عن الخطيئة
المعتقد الثانى : نزول يسوع المسيح من السماء ليدين و يحكم البشر
أ- يروى أبو هريرة أن رسول الله قال عن المعتقد الأول :
ما من بنى آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم و أبنها
* صحيح البخارى - كتاب أحاديث الأنبياء- باب أذكر فى الكتاب مريم
كل بنى آدم يطعن الشيطان فى جنبيه بأصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن فى الحجاب
* صحيح البخارى - كتاب بدء الخلق - باب صفة أبليس و جنوده
و بذلك لم يسلم من وخز الشياطين أحد غير يسوع المسيح و مريم دون سائر البشر جميعا حتى أنبياء الله أبراهيم الخليل و موسى الكليم و محمد خاتم النبين . و على هذه الروايات يرتفع يسوع المسيح عن طبقة سائر البشر الذين وخزهم الشيطان جميعا و تتلاقى الفكرة مع المعتقد المسيحى بتنزيه يسوع عن الخطيئة ليكون مؤهلا لفداء البشر على الصليب
ب -يروى أبو هريرة أن رسول الله قال عن المعتقد الثانى :
- و الذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها
* صحيح البخارى - كتاب أحاديث الأنبياء- باب نزول عيسى
- لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض و التحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد
* صحيح مسلم - كتاب الإيمان - باب نزول عيسى
و هذا عينه هو المعتقد المسيحى فى تصور النصارى لنهاية العالم بعودة المسيح للدنيا و دينونته للبشر و حكمه بالعدل و هذا ما نجده فى أسفار النصارى :
-عن نزول يسوع المسيح من السماء - جاء فى العهد الجديد سفر أعمال الرسل - أصحاح 1 :12 :
ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء أن يسوع هذا الذى أرتفع عنكم إلى السماء سيأتى هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء
-و عن دينونته للبشر و مجازاتهم - جاء فى أنجيل يوحنا - أصحاح 5 : 22 :
قال المسيح : لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للأبن
-و جاء فى العهد الجديد سفر الرؤيا - أصحاح 22 : 12
ها أنا آتى سريعا و أجرتى معى لأجازى كل واحد كما يكون عمله
-و عن حالة السلام و الرخاء فى عهد يسوع المسيح - جاء فى العهد القديم سفر أشعيا - أصحاح 11 : 6 :
فيسكن الذئب مع الخروف و يربض النمر مع الجدى لايسؤون و لايفسدون لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطى المياة البحر
6-أعتقاد أهل السنة و الجماعة بأمكانية رؤية الله عيانا
يعتقد أهل السنة بأمكانية رؤية الله و معاينته يوم القيامة و ذلك كونه نوعا من المكافأة للعباد الصالحين .
و قد نص الإمام أحمد بن حنبل على ذلك فى متن العقيدة بقوله :
أن أهل الجنة يرون ربهم لا محالة
و نص على ذلك أيضا الإمام أبو الحسن الأشعرى فى متن العقيدة بقوله :
و أجمعوا على أن المؤمنين يرون الله عز و جل يوم القيامة بأعين وجوههم
و ذات تلك العقيدة نجدها حرفيا فى التوراة سفر أيوب : أصحاح 19 : 25-27 :
أعلم أن إلهى حى ، وأنى سأقوم فى اليوم الأخير بجسدى وسأرى بعينى الله مخلّصى
כו וְאַחַר עוֹרִי, נִקְּפוּ-זֹאת; וּמִבְּשָׂרִי, אֶחֱזֶה אֱלוֹהַּ
כז אֲשֶׁר אֲנִי, אֶחֱזֶה-לִּי--וְעֵינַי רָאוּ וְלֹא-זָר: כָּלוּ כִלְיֹתַי בְּחֵקִי.
26 And when after my skin this is destroyed, then without my flesh shall I see God;
27 Whom I, even I, shall see for myself, and mine eyes shall behold, and not another's. My reins are consumed within me.
و تصور أدراك الآله بالبصر و أحتواء أبعاده تصورات أنجيلية توراتية بحتة . إذ يعتقد بنى إسرائيل بأن النبى موسى و شيوخ القوم قد رأوا الله بأبصارهم و لما عادوا وصفوا شكل الله كما جاء ذلك فى التوراة سفر الخروج : أصحاح 24 : 9-11
ثم صعد موسى و هارون و ناداب و أبيهو و سبعون من شيوخ إسرائيل . و رأوا آله إسرائيل . و تحت رجليه صنعة من العقيق الأزرق الشفاف و كذات السماء فى النقاوة و لكنه لم يمد يده إلى أشراف بنى إسرائيل
ט וַיַּעַל מֹשֶׁה, וְאַהֲרֹן--נָדָב, וַאֲבִיהוּא, וְשִׁבְעִים, מִזִּקְנֵי יִשְׂרָאֵל.
י וַיִּרְאוּ, אֵת אֱלֹהֵי יִשְׂרָאֵל; וְתַחַת רַגְלָיו, כְּמַעֲשֵׂה לִבְנַת הַסַּפִּיר, וּכְעֶצֶם הַשָּׁמַיִם, לָטֹהַר.
9 Then went up Moses, and Aaron, Nadab, and Abihu, and seventy of the elders of Israel;
10 and they saw the God of Israel; and there was under His feet the like of a paved work of sapphire stone, and the like of the very heaven for clearness.
و هذا ما نفاه الله فى القرآن الكريم إذ قال :
و لما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى و لكن أنظر إلى الجبل فإن أستقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا و خر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين
أما قانون الإيمان المسيحى فينص أن يسوع المسيح هو أحد أقانيم الله الثلاثة و هو الأقنوم الذى أتخذ جسدا و نزل من السماء و صار متخذا شكل الأنسان حيث تمكن البشر من رؤية آلههم بأبصارهم متجسدا ذو أبعاد
تعليق