إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

بحث الفقه الاستاذ الشيخ الايرواني

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بحث الفقه الاستاذ الشيخ الايرواني

    الاستاذ الشيخ باقر الايرواني

    بحث الفقه

    31/10/09 الاحد-----9 شوال 1431

    بسم الله الرحمن الرحیم

    الموضوع: المسالة 222 .

    فان كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم ولكن لاتجب عليه الاعادة، وكذالك اذا كان جماعه قبل الشوط الخامس من طواف النساء واما اذا كان بعده فلاكفارة عليه ايضا

    كان الكلام في محرمات الاحرام وانتهينا الى المحرم الثاني اي الجماع فهو محرم على المحرم بلا اشكال قبل ان ياتي بطواف النساء ولكن اذا حصل منه ذلك فماذا يترتب عليه من اثر؟

    تكلم (قده) تارة اذا تحقق ذالك منه في العمرة حيث عقد مسالة في ذلك ثم تكلم بعد ذلك فيما اذا تحقق ذلك منه اثناء الحج وقال : مرة يتحقق الجماع في الحج قبل ان يصل الحاج الى المشعر الحرام كما اذا تحقق منه في عرفات، واخرى تحقق منه بعد الوصول الى المشعر الحرام، اما اذا تحقق قبل المشعر الحرام فعقد له مسالة رقم 221 وذكر انه لو جامع الحاج قبل المشعر الحرام ترتبت على ذلك اربعة احكام او خمسة

    الاول: يجب عليه اتمام حجه حتى لوحكمنا بفساده

    الثاني: يجب عليه اعادة الحج في العام القادم

    الثالث: يجب التفريق بينه وبين زوجته

    الرابع: الكفارة وهي بدنة ان كان قادرا والاّ فشاة

    وهناك حكم خامس اختلف فيه، فقيل ان الحج الاول فاسد فلو جعلنا ذلك حكما فتكون الاثار خمسة، وقد تقدم ذلك في المسالة 221 ولانريد التكرار

    واما اذا تحقق الجماع بعد المشعر الحرام اي وصل الى المشعر وتحقق منه الجماع، والمقصود ما اذا لم ياتي بطواف النساء واما اذا جامع بعد المشعر وقد اتي بطواف النساء فلاشيئ عليه، فمحل الكلام في الجماع بعد المشعر الحرام وقبل طواف النساء

    وجاء في عبارة المتن: فان كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه ...الخ، والتعبير بإن الشرطية لعله غير مناسب لانها تحتاج الى عدل ولا عدل لها في العبارة، فكان المناسب حذف فقرة ( فان كان ذلك) فتصير العبارة هكذا: اذا جامع المحرم امراته عالما عامدا بعد الوقوف بمزدلفة قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة..الخ

    والكلام في هذه المسالة نمنهجه ضمن نقطتين

    الاولى: اذا تحقق الجماع بعد المشعر وقبل طواف النساء فلا يفسد الحج ويكتفى باتمامه، نعم تجب الكفارة وتختص بما اذ كان المكلف عالما عامدا، اذاً توجد لدينا دعاوى ثلاث

    الاولى : لايفسد الحج ويكتفى باتمامه

    الثانية : تجب الكفارة

    الثالثة: تختص الكفارة بالعالم العامد

    اما بالنسبة للدعوى الاولى: فلم ينقل في ذلك خلاف بين الفقهاء بل قال في الجواهر ج 20 ان ذلك بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه،

    ويمكن ان نستدل على ذلك بوجهين:

    الاول: التمسك بمفهوم بعض الروايات التي ذكرناها في المسالة السابقة مثل صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) اذا وقع الرجل بامراته دون مزدلفة او قبل ان ياتي مزدلفة فعليه الحج من قابل، وسائل الشيعة ج 13 الباب 3 من كفارات الاستمتاع الحديث 1، فان التقييد بقوله دون مزدلفة او قبل ان ياتي مزدلفة يدل على اختصاص وجوب الحج من قابل بذلك اي اذا وقع الجماع قبل مزدلفة اما اذا وقع بعدها فلا، هذا الدليل الاول

    الثاني: الاصل بمعنى انا لانحتاج الى التمسك برواية لاثبات الصحة وعدم الفساد فان الفساد هو الذي يحتاج الى الدليل بمعنى ان مانعية الجماع لصحة الحج هي التي تحتاج الى اثبات واما عدم المانعية فهو مطابق للاصل بلا حاجة الى دليل فالوجه في عدم فساد الحج هو الاصل قبل ان نحتاج الى التمسك برواية، وهذه قضية فنيّة يجدر الالتفات اليها

    ويجدر الالتفات الى مطلب اخر وهو ان المكلف لو وصل الى المزدلفة قبل حلول وقت الموقف فان وقته على المعروف مابين الطلوعين فاذا وصل الحاج قبل طلوع الفجر الى المزدلفة وواقع اهله فهل يفسد حجه باعتبار انه جماع قبل وقت الموقف او يحكم بصحته باعتبار انه بعد الوصول الى المزدلفة؟، المناسب هو الحكم بالصحة لان صحيحة معاوية جعلت المدار على الوصول الى المزدلفة وعدمه وليس على حلول وقت الموقف حيث قالت اذا وقع الرجل بامراته دون مزدلفة او قبل ان ياتي مزدلفة ولم تقل قبل حلول وقت الموقف، اذا المناسب هو الحكم بالصحة تمسكا بظهور الصحيحة المذكورة، على انه يكفينا التمسك بالاصل ايضا بلا حاجة الى نص خاص فاذا جامع الحاج زوجته بعد ان وصل الى المزدلفة وقبل ان يحل وقت الموقف فالحكم بالفساد هو الذي يحتاج الى دليل، اما مع فرض عدم الدليل فلايمكن الحكم بالفساد فكل شيئ يشك في مانعيته فان مانعيته تلغى باصل البرائة

    نعم تمامية هذا تتوقف على ان لايكون لدينا اطلاق في الروايات المذكورة في المسالة السابقة فيدل على ان الجماع مفسد للحج بدون تفصيل بقبل وبعد مزدلفة فلو ثبت مثل هذا الاطلاق فلاتصل النوبة الى الاصل بل يكفينا الاطلاق لاثبات المانعية والفساد

    ومنه يتضح ما اذا فرض العكس اي قبل ان يصل الى المزدلفة جامع زوجته فانه في مثل هذه الحالة يحكم بفساد حجه لانه جماع قبل المزدلفة رغم انه جماع بعد حلول وقت الموقف فالمدار ليس على حلول وقت الموقف وعدمة، هذا كله بالنسبة للدعوى الاولى

    اما الدعوى الثانية: فهي جزور على مادلت صحيحة اخرى لمعاوية بن عمار : وسالته عن رجل وقع على امراته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة وان كان جاهلا فليس عليه شيئ، وسائل الشيعة ج 13 ص 122 الباب 9 الحديث 1، فان الحديث باطلاقه يشمل المقام فكل من جامع قبل طواف النساء سواء قبل المزدلفة او بعدها فكفارته جزور سمينة اي بدنة، نعم اذا كان عاجزا عن ذلك فينتقل الى الشاة وذلك لصحيحة على بن جعفر عن اخيه (عليه السلام) فمن رفث فعليه بدنة ينحرها وان لم يجد فشاة، وسائل الشيعة ج 13 الباب 3 من كفارات الاستمتاع الحديث 4، فلو اردنا ان نظم هذه الرواية الى سابقتها فالنتيجة ان الواجب في البداية هي البدنة وان عجز فشاة

    نعم قد يشكل ان المورد من موارد الاطلاق والتقييد بمعنى ان صحيحة ابن جعفر مطلقة اي دلت ان كل من رفث قبل طواف النساء يلزمه البدنة فان عجز فشاة فبالاطلاق تشمل جميع الحالات، بينما صحيحة معاوية قالت من وقع على اهله قبل طواف النساء فعليه جزور سمينة والقبلية هي عرفية اي قبيل طواف النساء وهو يختص بمجاوزة المشعر الحرام فهناك تتعين الجزور لو جامع ولاينتقل الى الشاة فصحيحة معاوية ناظرة الى هذه الحالة وتتعين الجزور السمينة فتصير مقيدة لصحيحة علي بن جعفر

    فيكون الواجب على من جامع بعد المشعر هو الجزور بالانتقال الى الشاة .

  • #2
    بحث الفقه الاستاذ الشيخ الايرواني1

    31/10/10
    بحث الفقه
    بسم الله الرحمن الرحیم

    الموضوع: المسالة 222 . الاثنين---- 10 شوال 1431

    استدللنا للدعوى الاولى بالاصل وبصحيحة معاوية بن عمار

    والدعوى الثانية: تثبت عليه الكفارة وهي بدنة ان كان قادرا والا فشاة

    قلنا اما انه تجب عليه بدنة فلصحيحة معاوية بن عمار الاخرى، واما وجوب الشاة مع العجز فلصحيحة على بن جعفر

    قد يقال: ان صحيحة علي بن جعفر مطلقة تشمل جميع الحالات واما صحيحة معاوية بن عمار فهي خاصة قبيل الاعمال اي لم يبقى له سوى طواف النساء فتكون مخصصة لصحيحة علي بن جعفر، والنتيجة هي ان المحرم اذا رفث في اي وقت من الاوقات فعليه بدنة وان عجز فشاة، الاّ اذا رفث قبيل طواف النساء فهنا تتعين عليه البدنة وهي الجزور السمينة، هكذا قد يقال

    والجواب: ان هذا وجيه لو فرض وجود مفهوم لصحيحة معاوية بن عمار اي حينما قالت: اذا وقع الرجل على امراته قبل ان يطوف فعليه جزور سمينه فاذا فهم منه ان غير الجزور لاتصح منه والمتعين هو الجزور فقط ومع العجز تسقط الكفارة فيكون لما افيد وجه

    بيد ان هذا لايفهم وانما المفهوم هو الجنبة الايجابية اي عليه جزور سمينة وهي البدنة اما لو عجز فهو شيئ مسكوت عنه ولايوجد مفهوم ينفي وجوب شيئ اخر اي الشاة، وعليه تاتي صحيحة علي بن جعفر وتدل على ان العاجز عن البدنة تجب عليه شاة فليس المورد من موارد الاطلاق والتقييد بل من موارد بيان حكم اضافي سكت عنه احد النصين واشار اليه النص الاخر

    اما الدعوى الثانية: وهي كون الكفارة خاصة بالعالم العامد

    فيدل على ذلك الوجهان التاليان

    الاول: ان صحيحة معاوية قالت وان كان جاهلا فليس عليه شيئ انها واضحة في اختصاص الكفارة بالعالم دون الجاهل

    الثاني: بقطع النظر عن الرواية المذكورة

    النقطةالاولى: يكفينا الاصل فان شمول الكفارة للجاهل وثبوتها في حقه هو الذي يحتاج الى دليل والاّ فمقتضى حديث الرفع وصحيحة عبد الصمد بن بشير ايما رجل ركب امر بجهالة فلا شيئ عليه فان مقتضى ذلك عدم ثبوت شيئ في حق الجاهل، فنفي الكفارة لايحتاج الى دليل بل العدم هو الاصل، وهذا يتم لو فرض انه لاتوجد في روايات المسالة مايدل باطلاقه على ثبوت الكفارة في حق من جامع، اما اذا فرض وجود الاطلاق المذكور فيلزم التمسك به من دون وجه للرجوع الى الاصل وهو شيئ واضح

    النقطة الثانية: عرفنا ان من جامع بعد المشعر وقبل طواف النساء فعليه كفارة بدنة وان عجز فشاة، كما وقد عرفنا انه لو جامع بعد طواف النساء فلاشيئ عليه، ولكن ماحكم من جامع اثناء طواف النساء؟ ان المناسب بمقتضى القاعدة ثبوت الكفارة، ولكن دلت صحيحة حمران بن اعين على انه لو انهى المحرم خمسة اشواط ثم تحقق منه الجماع فذالك بمنزلة من جامع بعد انهاء طواف النساء، ونص الرواية: عن ابي جعفر (عليه السلام) سالته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة اشواط ثم غمسه بطنه فخاف ان يخرجه فخرج الى منزله فنقض ثم غشى جاريته قال يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه ويستغفر الله ولا يعود، وان كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة اشواط ثم خرج فغشي فقد افسد حجه، يعني افسد طوافه اوافسدحجه بمرتبةالكمال لاالافساد الحقيقي، وعليه بدنة فيغتسل ثم يعود ويطوف اسبوعا ، وسائل الشيعة ج 13 الباب 11 من كفارات الاستمتاع الحديث 1، والمستفاد من هذه الصحيحة ان من انهى خمسة اشواط لاتثبت عليه الكفارة وانما عليه الاستغفار لااكثر وعليه افتى السيد الماتن حيث قال: وكذالك اذا كان جماعه قبل الشوط الخامس واما اذا كان بعده فلاكفارة عليه ايضا

    ومافاده شيئ جيد ولكن لو انهى المحرم اربعة اشواط ثم غشي جاريته فهل تثبت عليه الكفارة؟ المناسب هو العدم فان الامام (عليه السلام) قد ذكر في ذيل الرواية فقال: اذا طاف ثلاثة ثم غشي جاريته فقد افسد حجه وعليه بدنه فقد اثبت البدنة اذا كان قد طاف ثلاثة اشواط ويفهم منه انه لو طاف اربعة فليس عليه بدنة والاّ كان المناسب له (عليه السلام) عدم تخصيص الثلاثة اشواط بالذكر، بل يمكن ان نترقى ونقول لوتجاوز الثلاثة ولو قليلا لكفى ذلك لنفي الكفارة عليه

    ان قلت: اوليس صدر الرواية دل على ان المدار في نفي الكفارة على الاتيان بخمسة اشواط

    قلت: ان ذلك هو مورد سؤال السائل لا ان الامام (عليه السلام) قال من طاف خمسة ثم غشي جاريته فلا كفارة عليه وانما حمران سال عن من طاف خمسة والامام (عليه السلام) حكم بانه لاشيئ عليه فلايفهم من الصدر وجود خصوصية للخمسة وانما الخصوصية لعنوان الثلاثة، فالمناسب الحاق الاربعة اوالثلاثة والنصف بالخمسة، والغريب ان السيد الماتن لم يشر الى هذا اصلا

    على اي حال يدل على ان تجاوز النصف يكفي في نفي الكفارة صحيحة او رواية ابي بصير وانما ترددنا باعتبار علي بن ابي حمزة الوارد في السند فمن بنى على اعتبارة فهي صحيحة والاّ فهي رواية: عن ابي عبد الله (عليه السلام) رجل نسي طواف النساء قال اذا زاد عن النصف وخرج ناسيا امر من يطوف عنه وله ان يقرب النساء اذا زاد على النصف وسائل الشيعة ج 13 الباب 58 من ابواب الطواف الحديث 10

    ومن هنا ذهب جماعة الى كفاية تجاوز النصف منهم صاحب الجواهر ردا على صاحب الشرائع حيث قال مانصه: ولكن فيه ان الرواية المذكورة تدل على نفي الكفارة عن من طاف خمسة لا ان ذلك مخصوص به فلاتنافي حينئذ سقوطها عن من تجاوز النصف مع ذلك لما عرفت ولعله الاقوى والله العالم، وهكذا اختاره الشيخ النائيني حيث قال في مناسكه: واما اذا تجاوز المحرم النصف من طواف النساء فواقع فلاكفارة عليه، اذا مادام ان هذا راي لصاحب الجواهر ولشيخه النائيني فكان من المناسب ان يتعرض له ويناقشه

    اجل لصاحب الحدائق كلام في المقام عهدته عليه ولاندري سنده فقال: لااشكال ان من طاف خمسة ثم غشي جاريته فلا كفارة عليه كما لااشكال في ان من طاف اقل من اربعة فعليه الكفارة وانما الكلام بين الاعلام فيما لوطاف الاربعة ولم يكمل الخمسة ففي الحالة المذكورة هل ملحقة بالخمسة او بمن طاف اقل من اربعة، ان كلامه هذا يدل على ان من طاف ثلاثة ونصف فعليه الكفارة بلاكلام

    وقد اتضح ان من المناسب الحاق الاربعة بل ثلاثة والنصف بالخمسة

    عنوان جانبي: هناك روايتان في المقام احداهما لعبيد بن زرارة والاخرى لمنصور بن حازم دلتا على ان من غشي قبل طواف النساء فلا كفارة عليه حتى لو لم ياتي بشيئ منه

    فماذا نصنع مع هاتين الروايتين

    تعليق


    • #3
      بحث الفقه للشيخ الايرواني

      الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
      بحث الفقه
      34/01/16
      بسم الله الرحمن الرحيم
      الموضـوع:- مسألة ( 357 ) / الـواجـب الخامس مــن واجبـات عمـرة التمتع ( التقصير) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
      مسألة ( 357 ):- لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع . ولا بأس بالإتيان به رجاءً وقد نقل شيخنا الشهيد(قده) وجوبه عن بعض العلماء.
      هذه آخر مسألة من المسائل التي ذكرها(قده) تحت عنوان ( التقصير ) الذي هو الواجب الخامس من واجبات عمرة التمتع وبالفراغ من هذه المسألة ينتقل إلى أفعال الحج.
      وهناك قضية فنيَّة:- وهي أن ذكر هذه المسألة تحت عنوان التقصير قد لا يكون مناسباً فإنه لا ربط لها بالتقصير . نعم بناءً على وجوب طواف النساء قد يقال بأن موقعه هو بعد التقصير ، ولكن هذا المقدار لا يبرر ذكر هذه المسألة تحت عنوان التقصير فإن ذلك مناسبة بعيدة ، والأولى إما الاقتصار على ما أشار إليه عند بيان الفوارق بين عمرة التمتع والعمرة المفردة - أي في مسألة ( 139 ) - فإنه ذكر الفارق الأول أن العمرة المفردة تشتمل على طواف النساء دون عمرة التمتع فيكتفي بهذا المقدار ولا بأس بالإشارة هناك إلى أن الشهيد(قده) نسب إلى بعض أصحابنا أنه واجب في عمرة التمتع أيضاً فمن اللائق أن يؤتى به إذا أريد ذلك بنيّة الرجاء ، أو يشار إليه في بداية أو نهاية الواجب الثاني من واجبات عمرة التمتع - الذي هو عبارة عن الطواف - من باب التأكيد ، والأمر سهل.
      المعروف بين أصحابنا أن طواف النساء ليس واجباً في عمرة التمتع على خلاف العمرة المفردة ، ومن هنا ذكر فقهاءنا عند بيان الفوارق بين العمرتين أن طواف النساء واجب في العمرة المفردة دون عمرة التمتع.
      نعم نسب الشهيد الأول في الدروس واللمعة إلى البعض - من دون تشخيصٍ - أنه واجب في عمرة التمتع . وقال صاحب المدارك عند التعليق على ما ذكره المحقق من أن طواف النساء لا يجب في عمرة التمتع ما نصه:- ( هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب بل قال في المنتهى أنه لا يعرف في ذلك خلافاً . والأخبار الصحيحة الواردة بذلك مستفيضة جداً ....... وحكى الشهيد في الدروس عن بعض الأصحاب أن في المتمتع بها طواف النساء كالمفردة .... ) [1] ، وذكر صاحب الجواهر قريب من هذا حيث قال ما نصه:- ( بلا خلاف محقق أجده فيه وإن حكاه في اللمعة عن بعض الأصحاب وأسنده في الدروس إلى النقل لكن لم يعين القائل ولا ظفرنا به ولا أحد ادعاه سواه بل في المنتهى لا أعرف فيه خلافاً بل عن بعض الإجماع على عدم الجوب ولعله كذلك فإنه قد استقر المذهب الآن عليه بل وقبل الآن مضافاً إلى النصوص التي منها ما تقدّم ولا يقدح في بعضها الاضمار لأن مضمرات الاجلاء حجة عندنا ولا جهالة السائل ولا المكاتبة ...... ) [2] ، كما ذكر صاحب الحدائق[3] قريب من ذلك.
      وعلى أي حال ما يمكن أن يستدل به على عدم الوجوب ثلاثة وجوه:-
      الوجه الأول:- الروايات فانها على طوائف مختلفة:-
      منها:- ما دل على أنه يحل المتمتع من كل شيء بالتقصير كصحيحة معاوية المتقدمة ( إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصّر من شعرك .... فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شيء يحل منه المحرم وأحرمت منه ) وقلنا إن تعبير ( يحل منه المحرم واحرمت منه ) اشارة إلى الصيد لخصوصية المكان .
      ونحوها صحيحة عبد الله بن سنان وغيرهما.
      وتقريب الدلالة واضح فإنها بمقتضى الإطلاق - أو العموم - تدل على أن المحرم تحل له النساء إذا قصَّر ولازم ذلك عدم وجوب طواف النساء وإلّا توقفت حليّة النساء عليه.
      ومنها:- صحيحة الحلبي المتقدمة ، فإن الحلبي لما غلب زوجته قرضت شيئاً من شعرها بأسنانها والامام عليه السلام قال:- ( رحمها الله كانت أفقه منك ) وهذا يدل على أن حليِّة النساء لا تتوقف على طواف النساء ولا حاجة إليه بل التقصير كافٍ في ذلك.
      ومنها:- بعض الروايات الواردة في ذلك بالخصوص - أي أنها ناظرة إلى طواف النساء وأنه ليس بواجب - من قبيل صحيحة صفوان بن يحيى ( سأله أبو حرث[4] - أو أبو حارث عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فطاف وسعى وقصَّر هل عليه طواف النساء ؟ قال:- لا إنما طواف النساء بعد الرجوع من منى[5] ) [6] ، ودلالتها واضحة بالصراحة.
      ونحوها صحيحة محمد بن عيسى قال:- ( كتب محمد بن القاسم مخلد بن موسى الرازي إلى الرجل عليه السلام يسأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء والعمرة التي يتمتع بها إلى الحج ؟ فكتب:- أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء وأما التي يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء ) [7] .
      وهاتان الروايتان الأخيرتان قد يناقش فيهما من حيث السند وإن كان ذلك ليس شيئاً مهمّاً - باعتبار أنه تكفينا الروايات السابقة فإنها تامة سنداً ودلالة ً- ولكن من باب الفات النظر الى بعض القضايا الفنيّة:-
      أما رواية أو صحيحة صفوان بن يحيى:- فالوارد فيها هكذا ( سأله أبو حرث - أو أبو حارث - ) والإشكال فيها من ناحيتين:-
      الأولى:- الإضمار ، باعتبار أنه عبّر بالضمير وقيل ( سأله ) ولم يشخّص ذلك الشخص المسؤول ، وبناءً على عدم حجية المضمرات يشكل الأمر من هذه الناحية . وأراد صاحب الجواهر أن يشير إلى هذه القضية في عبارته السابقة حيث قال:- ( ولا يقدح في بعضها الاضمار ) فإنه اشارة إلى هذه الرواية.
      وحينئذ يمكن أن يجاب:-
      إما بالجواب المعروف:- وهو أن الراوي ما دام من الأجلّاء فذلك قرينة على أن المسؤول هو الإمام عليه السلام ، وهذا ما أشار إليه صاحب الجواهر في عبارته السابقة حيث قال ( ولا يقدح في بعضها الاضمار لأن مضمرات الأجلّاء حجّة عندنا ) . وما المقصود من الأجلاء هنا ؟ فهل هو صفوان أو هو أبو الحرث فإن أبا حارث ربما يقال هو كنية ليونس بن عبد الرحمن فأنه ورد في بعض الروايات التي نقلها الكشي في ترجمة الهشام بن الحكم أن كنية يونس هو أبو الحارث ، والرواية التي ورد فيها أن كنية يونس هو أبو الحارث وإن كانت ضعيفة سنداً لكنه قد يقال بأن هذا لا يضر في المجال الذي نريده ، وعلى أي حال قد يطبّق ذلك على أبي الحارث بناء على أنه يونس - وهذا تطبيق افتراضي - ، أو نطبّقه على صفوان باعتبار أنه من الأجلاء ولا يناسبه أن يروي سؤالاً وجواباً يرتبط بغير المعصوم عليه السلام فلا نحتاج إلى تطبيق هذه الفكرة على أبي الحارث.
      وقد اشكلنا في بعض المحاضرات المتقدمة وقلنا:- إن هذا المطلب وإن كان معروفاً بين الأعلام وهو أن رواية الأجلاء عن شخص قرينة على أن الشخص المسؤول ليس شخصاً عادياً وإنما هو الامام عليه السلام كما لو كان المُضمِر زرارة أو محمد بن مسلم أو غيرهما وبهذا صحّحوا مضمرات زرارة الواردة في باب الاستصحاب - إلا أن هذا يتم فيما إذا فرض أن الراوي كان قد روى الرواية في آخر عمره فإنه آنذاك يكون من أجلّاء الأصحاب ولا يناسبه الرواية عن غير الإمام ، ولكن من قال ذلك ؟! فلعله رواها في أوائل عمره ويناسبه الرواية آنذاك عن بعض الأصحاب الذين هم أرفع منزلةً منه ، فتبقى القضية مجهولة فلا يمكن الاعتماد على هذه الطريقة.
      والأولى في حلِّ مشكلة المضمرات ما أشرنا إليه أكثر من مرة:- من أن ظاهرة الإضمار هي ظاهرة على خلاف الأصل فإن الإنسان لا يضمِر إلّا إذا كان مرجع الضمير معروفاً ومعهوداً في الوسط الذي يتحاور فيه ولا يوجد من يكون معروفاً إلى الأبد إلا الإمام عليه السلام فيتعين بذلك أن يكون مرجع الضمير هو الإمام ، واحتمال أن هناك شخص معهود بين الطرفين قد اعتمدا في ارجاع الضمير عليه لمعروفيته بينهما مدفوع بما أشرنا إليه من أن ناقل الرواية حينما سجّلها في أصله أو نقلها إلى أصحابه أرادها أن تنقل إلى الأبد ولم يرد نقلها إلى خصوص هذا الطرف وجعلها حِكراً عليه ، وما دام الهدف هو نقلها إلى الأبد فهذا بنفسه قرينة على أن ذلك الشخص المسؤول هو شخص معروف على طول الخط وليس هو إلّا الإمام عليه السلام ، وبهذه الطريقة تثبت حجيَّة جميع المضمرات دون الحاجة إلى التفصيل بين الأجلّاء وغيرهم.
      --------------------------------------------------------------------------------
      [1] المدارك 8 198.
      [2] الجواهر 19 407.
      [3] الحدائق 16 305.
      [4] هكذا في الوسائل ط جديدة ، ولكن في التهذيب 5 254 ورد ( أبو الحارث ) .
      [5] يعني في الحج .
      [6] الوسائل 13 444 82 من أبواب الطواف ح6.
      [7] المصدر السابق ح1.

      تعليق


      • #4
        بحث الفقه للشيخ الايرواني

        الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
        بحث الفقه
        34/01/17
        بسم الله الرحمن الرحيم
        الموضـوع:- مسألة ( 357 ) / الـواجـب الخامس مــن واجبـات عمـرة التمتع ( التقصير) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
        الإشكال الثاني:- إن صفوان بن يحيى لم يقل إني كنت حاضراً حينما سأل أبو حارث وهكذا لم يقل إن أبا الحارث حدثني أنه قد سأل الإمام عليه السلام وإنما قال ( سأله أبو الحارث ) ونحن نحتمل - حتى مع فرض وثاقة أبي الحاث - وجود واسطة بين صفوان وبين أبو الحارث هي التي نقلت أن أبا الحارث قد سأل وحيث لا نعرف تلك الواسطة فتكون الرواية ساقطة عن الاعتبار ، ونؤكد أن سقوطها عن الاعتبار لا من جهة عدم وثاقة أبي الحارث وإنما هذا اشكال بقطع النظر عن ذلك ولنفترض أنه ثقة وأنه يونس بن عبد الرحمن ولكن حتى لو جزمنا بأنه يونس فإن هذا الاشكال يأتي أيضاً وأنه كيف تنفي الواسطة بين صفوان وبين أبي الحارث ؟ وعلى هذا الأساس يكون هذا الاشكال ثابتاً . اللهم إلا أن نستظهر من تعبير ( سأله أبو الحارث ) أن صفوان كان حاضراً في مجلس السؤال ، أو نستظهر أن أبا الحارث هو بنفسه قال لصفوان ( إني سألت الإمام عليه السلام ) فإذا استظهرنا هذا المعنى أو حصل الاطمئنان بأن هذا هو المقصود فلا إشكال . واذا سألتني عن ذلك فأقول:- لا يوجد ظهور بأنه كان حاضراً في مجلس السؤال أو أن أبو الحارث قال له إني سالت الامام فالتوقف من هذه الناحية له مجال.
        إن قلت:- إن صفوان نبني على وثاقة كل من ينقل عنه فإنه من الاشخاص الثلاثة الذين لا يروون إلا عن ثقة فيثبت بذلك أن الواسطة حتى لو كانت موجودة فهي ثقة باعتبار شهادة صفوان وابن أبي عمير والبزنطي بأنهم لا يروون إلا عن ثقة بناءً على تمامية هذه الكبرى وعلى هذا الأساس فهذا الاحتمال لا يضرنا بعد ضمّ هذه الكبرى.
        قلت:- قد ذكرنا غير مرّة أنه يصح تطبيق هذه الكبرى وتكون تامة فيما لو صرّح باسم الشخص أما إذا لم يصرّح به كما هو المفروض في مقامنا فلا يصح تطبيقها إذ لعل هذه الواسطة ثقة بشهادة صفوان لكنها مضعَّفة من ناحية النجاشي أو الشيخ الطوسي أو شخص آخر ، فلو كان صفوان يصرح بالواسطة لكنا نبحث فإن لم يكن لها تضعيف فتكفي شهادة صفوان بكونها ثقة أما بعد عدم ذكر اسمه والمفروض أن بعض من روى عنهم صفوان قد ضعفوا من ناحية النجاشي أو غيره فحينئذ نحتمل أن هذا الشخص من جملة من ضُعِّف فلا يمكن تطبيق تلك الكبرى في المقام فإن تطبيقها مشروط بالتصريح باسم الراوي وإلّا كان المورد من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.
        إن قلت:- لماذا لا نطبّق أصالة الحسّ وذلك ببيان:- إنه لو فرض أن الثقة شهد بعدالة شخص فهذا معناه أنه قاطع بالعدالة فنقبل شهادته والحال أنه يحتمل أن مستند هذه الشهادة هو الحدس دون الحس ولكن رغم هذا الاحتمال لا نعتني به ونأخذ بالشهادة ونحكم بحجيتها وما ذاك إلا لأصالة الحس العقلائية - يعني أن العقلاء لا يعيرون أهمية لاحتمال استناد الشهادة إلى الحدس بعدما كان احتمال الحس وجيها ومقبولا - فهذا المطلب نطبقه في المقام ونقول:- إن صفوان حينما قال ( سأله أبو الحارث ) فهذا ظاهره أن صفوان قاطعٌ بأن أبا الحارث قد سأل الإمام عليه السلام ، وحينئذ نقول:- هذا القطع مردّد بين أن يكون قد استند إلى الحدس وبين أن يكون قد استند إلى الحس وذلك بأن كان حاضراً في مجلس السؤال فإنه لو كان حاضراً فهذا معناه أن مستند قطعه هو الحس فيثبت إذن أنه كان حاضراً وبالتالي تكون شهادته مقبولة من ناحية هذا البيان وليس من ناحية التمسك بظاهر التعبير فإن العبير لا ظهور له في كونه قد حظر مجلس السؤال وإنما ظاهره أنه كان قاطعاً بهذا السؤال ويدور أمر القطع بين أن يكون مستنداً إلى الحدس فيكون مرفوضاً وبين أن يكون مستنداً إلى الحس وذلك بأن يكون حاضراً في المجلس فيكون مقبولاً فنبني على أصالة الحسّ وبالتالي يُقبل إخباره وشهادته من خلال تطبيق أصالة الحسّ.
        إذن أثبتنا أنه كان حاضراً ولكن لا بظاهر التعبير وإنما من خلال تطبيق أصالة الحس . وإن شئت قلت:- نحن لا نريد أن نثبت أنه كان حاضراً وإنما أردنا أن نثبت قبول شهادته وبتطبيق أصالة الحس يثبت ذلك.
        والجواب:- إنه في باب الإخبار يصح للشخص أن يعبّر ويقول ( قال فلان ) والحال أنه لا يقطع بكونه قد قال ذلك وإنما استند إلى واسطة وتلك الواسطة حيث أنها ثقة فيصح أن يعبّر بقول ( قال فلان ) وسيرتنا جارية على ذلك فنحن ننسب المقالة إلى فلان أو فلان ومستندنا في هذا التعبير هو شهادة الثقة وهذا واقع لا يمكن انكاره في الإخبار والنسب فإنه مادامت هناك واسطة ثقة فيصح أن يعبر بـ( قال فلان ) . نعم في باب الشهادة وأن فلان عادل لا يأتي هذا الكلام أما الإخبار فإنه يمكن الاستناد إلى خبر الثقة ، وحيث قلنا قبل قليل أنا نحتمل أن هذا الثقة مجروح من قبل الآخرين لفرض أنه لم يصرّح باسمه فلا يمكن قبول هذا الإخبار ولا مجال لتطبيق أصالة الحسّ.
        هذا مضافاً إلى أنه لو سلمنا حصول القطع بكون صفوان قد قطع بأن فلان قد سأل ولكن لا يلزم أن يكون القطع قطعاً وجدانياً بل يكفي أن يكون قطعاً تعبديّاً.
        وفرق هذا الجواب عن سابقه هو أنا كنا نقول في الجواب السابق أن التعبير بـ( قال ) أو ( سأل ) ليس ظاهراً في حصول القطع للناقل ، نعم هو ظاهر في ذلك في مثل مسألة الشهادة بالعدالة أو نحوها ، اما في هذا الجواب فنقول نحن نسلم أنه ظاهر في القطع ولكن لا يلزم أن يكون ذلك القطع وجدانياً بل يلتئم مع القطع التعبدي والقطع التعبدي لا ينفعنا لاحتمال الجارح في البين حيث لم يصرّح باسم الواسطة.
        ومن خلال هذا كله اتضح أن الاعتماد على هذه الرواية من حيث السند أمر مشكل ولا أقل نحتاج إلى تريث وتثبت من هذه الناحية لا كما تخيّل صاحب الجواهر(قده) من أن الاشكال منحصر بالإضمار - وقال إنه لا مشكلة من حيث الاضمار - وإنما الاشكال من ناحية أخرى كما أشرنا إلى ذلك . هذا كله من ناحية صحيحة صفوان.
        والكلام نفسه يأتي في رواية محمد بن عيسى التي قال فيها ( كتب أبو القاسم مخلد بن ..... ) فإنه لم يصرّح ويقول ( إني رأيت المكاتبة ورأيت جواب الامام ) ولم يقل ( إني أنا كاتبت ) حتى يأتي ما ذكره صاحب الجواهر(قده) من أن المكاتبة لا تضر بحجية الرواية ، كلا فإن الاشكال ليس من هذه الناحية وإنما هو من ناحية أن محمد بن عيسى لم يقل ( رأيت المكاتبة وجواب الإمام ) كما لم يقل ( إن أبا القاسم هو قال لي أني قد كاتبت الإمام ) فيحتمل وجود واسطة نقلت هذه المكاتبة إلى محمد بن عيسى كما هو متداول بيننا في هذا الزمان فنقول ( فلان كتب إلى فلان ) والحال أنا لم نرَ الكتابة وإنما حدثنا شخص ثقة بذلك ، إنه من المحتمل في المقام ذلك وحيث أن ذلك الشخص الوسيط لا نعرف وثاقته ولو كان ثقة نحتمل وجود جارح له حيث لم يصرّح باسمه فتعود الرواية محل تأمل من حيث السند .
        ولكن - كما قلنا - هذا لا ضر بما أردنا اثباته وإنما هو قضية فنيّة لا أكثر إذ تكفينا الروايات الأولى الدالة على أنه بالتقصير يحل للمتمتع كل شيء أو صحيحة الحلبي أو ما شاكل ذلك من الروايات . إذن لا ينبغي التأمل والتوقف من هذه الناحية والدليل الأول على عدم وجوب طواف النساء في عمرة التمتع هو الروايات التي أشرنا إليها.
        ولكن قد يقال:- إن هذه الروايات - أي روايات الدليل الأول - معارضة برواية سليمان بن حفص المروزي عن الفقيه عليه السلام:- ( إذا حج الرجل فدخل مكة متمتعاً فطاف بالبيت وصلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم وسعى بين الصفا والمروة وقصّر فقد حلّ له كلّ شيءٍ ما خلا النساء لأن عليه لتحلّة النساء طوافاً وصلاة ) [1] فإنها دلت على اعتبار طواف النساء في عمرة التمتع إذ صرحت وقالت ( لأن عليه لتحلة النساء طوافاً وصلاة ).
        وقد أجاب غير واحد بأنه يحتمل أن تكون هذه الرواية ناظرة إلى الحج لا إلى عمرة التمتع كما نقل ذلك الحر العاملي عن الشيخ الطوسي وغيره واختاره السيد الخوئي أيضاً .
        ولكن قد يقال:- توجد قرينة تحول دون ذلك وهي كلمة ( وقصَّر ) فإن هذا لا يتلاءم مع الحج فإن التقصير في الحج يكون قبل الطواف والسعي . اللهم إلا أن تحمل على صاحب العذر التي هي حالة غير طبيعية ، ولكن حملها عليه في غير محلة . إذن حمل الرواية على الحج ليس مناسباً لهذه القرينة التي أشرنا إليها.
        والمناسب المناقشة بما يلي:-
        إما بأن نقول:- هي قابلة للحمل على الاستحباب ، فإن تلك الروايات قالت ( يحل له كل شيء ) وبعضها كان موردها ذلك مثل صحيحة الحلبي فإن الامام عليه السلام قال ( رحمها الله كانت أفقه منك ) وهي قد قرضت من شعرها بأسنانها فقط لا لأنها طافت فيثبت بذلك أن طواف النساء ليس بلازمٍ في حليّة النساء فتحمل هذه الرواية على الاستحباب.
        أو نقول:- يمكن مناقشتها سنداً باعتبار أن سليمان لم تثبت وثاقته إلا من خلال كامل الزيارات وهذه الكبرى مرفوضة عندنا .
        هذا كله بالنسبة إلى الدليل الأول في عدم وجوب طواف النساء في عمرة التمتع.
        --------------------------------------------------------------------------------
        [1] المصدر السابق ح7.

        تعليق


        • #5
          بحث الفقه للشيخ الايرواني

          الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

          بحث الفقه

          34/01/18

          بسم الله الرحمن الرحيم




          الموضـوع:- تتمة مسألة ( 357 ) / الـواجـب الخامس مــن واجبـات عمـرة التمتع ( التقصير) / باب السعي ، بداية باب احرام حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).

          ثم إن السيد الخوئي(قده) تمسك لإثبات أنها ناظرة إلى الحج بما ورد في صدر الرواية حيث جاء فيها:- ( إذا حج الرجل فدخل مكة ) فهذا تصريح بأن المكلف في حالة الحج ودخل مكة وهذا إنما يصدق حينما يدخل بعد الموقفين والفراغ من أعمال منى في اليوم العاشر . إذن الرواية ناظرة إلى الحج دون عمرة التمتع.

          ونحن في مقام التعليق نقول:- لو لم تكن كلمة ( قصَّر ) موجودة كنا لا نحتاج إلى هذه القرينة لإثبات أنها ناظرة إلى الحج - يعني قرينه ( إذا حج فدخل مكة ) - فانه يكفينا أنها تحتمل إرادة الحج ، فمجرد الاحتمال يرفع التعارض بين هذه الرواية وبين ما سبق بلا حاجة إلى إثبات حتمية نظرها إلى الحج ، أما بعد فرض وجود كلمة ( قصَّر ) فحينئذ يبعد حملها على الحج وإن صُرِّح في البداية بكلمة ( حجّ ) فإن الحج يطلق على عمرة التمتع أيضاً باعتبار أنهما عمل واحد . إذن بعد وجود كلمة ( قصَّر ) لا تقوى كلمة ( حج ) على القرينية لإرادة الحج.

          إذن المهم في الجواب ما أشرنا إليه من أن الرواية ضعيفة السند إضافة إلى المناقشة التي ستأتي في الدليل الثاني . وهو(قده) لم ينظر إلى كلمة ( قصَّر ) وإلا لو كان ملتفتاً إليها هو أو الشيخ الطوسي لكان على الأقل الإشارة إليها ودفعها.

          الدليل الثاني:- إن هذه المسألة ابتلائية فلو كان ذلك واجباً فيها لاشتهر وذاع والحال أن المعروف بين الفقهاء هو العكس وهذا يحصِّل القطع للفقيه أو الاطمئنان بأنه ليس بواجبٍ في عمرة التمتع.

          وبهذا يمكن الرد على رواية المروزي فأنه يقال:- إنها مخالفة لما هو المقطوع به من عدم وجوب طواف النساء في عمرة التمتع لقاعدة ( لو كان لاشتهر وذاع ) فلابد من تأويلها وتوجيهها بشكل من الاشكال.

          الدليل الثالث:- أن يقال:- لو غضضنا النظر عن الروايات وعن الدليل الثاني فيكفينا الأصل فإن إثبات الجزئية والوجوب هو الذي يحتاج إلى دليل . إذن يكفينا الأصل لنفي الجزئية والوجوب بلا حاجة إلى الروايات أو الدليل الثاني ، نعم بعد وجود الدليل الأول أو الثاني لا تصل النوبة إلى هذا الدليل ولكن الذي نريد أن نقوله هو أنه إذا لم يتم الدليل الأول أو الثاني فيمكن الاستناد إلى هذا الدليل.





          إحرام الحج

          تقدم أن واجبات الحج ثلاثة عشر ذكرناها مجملة وإليك تفصيلها:-

          الأول:- الإحرام:- وأفضل أوقاته يوم التروية ويجوز التقديم عليه بثلاثة أيام .........

          .................................................. .................................................. ......

          فرغنا من أفعال عمرة التمتع ويقع الكلام عن أفعال الحج ، والمتن المذكور يشتمل على النقاط التالية:-

          النقطة الأولى:- إن الاحرام واجب للحج ، وهذا ينبغي أن يكون من الأمور الواضحة والمسلمة ، والدليل عليه بعض الروايات فإنه قد يستفاد منها وجوب الإحرام للحج خصوصاً على مسلك حكم العقل فإن اشتمال الرواية على المستحبات لا يضرّ في استفادة الوجوب منها كما نقرأ ذلك في صحيحة معاوية فانها دلت على وجوب الإحرام للحج غايته هي مشتملة على مستحبات وذلك لا يضرّ بناء على الأخذ بمسلك حكم العقل ، ولكن لو ناقشنا في الروايات فتكفينا السيرة القطعية بين المسلمين على فعل ذلك بنحو اللزوم والوجوب وذلك ما يعبّر عنه بـ( الارتكاز المتشرعي ) وهذا الارتكاز لم ينشأ من فتاوى الفقهاء لأنه ثابت في أذهان الفقهاء أيضاً فنسأل من أين أتى هذا الارتكاز الواضح في أذهان جميع الفقهاء ؟ ولا يحتمل استناده إلى الروايات فإنه أوضح من الروايات ولا يحتمل أن يكون المعلول أوضح من العلة ، إذن هو حتماً قد تلقي يداً بيد من معدن العصمة والطهارة.

          هذا مضافاً إلى أن المسألة من واضحات الفقه فإن في الفقه قضايا واضحة والنتائج ثابتة قبل إقامة الدليل عليها ونحن وإن تعلمنا من الصغر أننا ( نحن أبناء الدليل ندور حيثما دار ) ولكن هذا العموم لابد من وجود مخصص له فإنه في بعض الموارد تكون النتيجة ثابتة قبل الدليل وأنت عليك أن تقيم الدليل على هذه النتيجة المفروغ عنها.

          النقطة الثانية:- أفضل أوقات الإحرام للحج يوم التروية كما دلت على ذلك بعض الروايات ، من قبيل صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( إذا كان يوم التروية انشاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار ثم صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحِجر ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلِّ المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة وأحرم بالحج ... ) [1] وغير ذلك من الروايات فإنها دلت على طلب الإحرام للحج في يوم التروية حيث قال عليه السلام:- إذا كان يوم التروية ..... ومنها الاحرام .

          النقطة الثالثة:- يجوز قديم الإحرام على يوم التروية بثلاثة أيام ولا يجوز أكثر من ذلك.

          وهذه النقطة هي المهمة في هذا المتن ، وقد وقع الكلام بين الفقهاء في أن الإحرام هل هو متعين يوم التروية أو يجوز تقديمة ؟ وعلى تقدير جواز تقديمه فبأي مقدار يجوز ذلك هل ليومين أو ثلاثة لا أكثر أو يجوز حتى بشهر أو أكثر كما لو أتى المكلف بعمرة التمتع في بداية شهر شوال فيجوز ذلك أن يحرم للحج ويبقى بإحرامه لمدة شهر أو أكثر هذا من حيث البداية ؟ وهكذا وقع الكلام من حيث النهاية وهل أن النهاية هي يوم التروية أو يجوز التأخير إلى اليوم التاسع ؟ إذن الكلام تارة يقع من حيث بداية الإحرام وأخرى من حيث نهايته:-

          أما من حيث نهاية الإحرام:- فذلك قد تقدم منه(قده) في مسألة ( 155 ) وسيأتي ثانيةً في مسالـة ( 359 ) ولا كلام لنا فيه هنا.

          والكلام يقع الآن بالنسبة إلى التقديم:- وقبل أن نذكر الحكم في ذلك نشير إلى أنه ينبغي الفصل بين مسألة الإحرام للحج وبين مسألة الخروج إلى منى فإن هاتين مسألتان لا مسألة واحدة ، فقد نجوّز الإجرام من بداية شوال ولكن لا نجوّز الخروج إلى منى إلّا في يوم التروية أو قبله بيوم أو يومين وهذا ينبغي أن يكون من القضايا الواضحة ، ولكن سوف يأتي أن السيد الخوئي(قده) لم يسلط الأضواء من هذه الناحية ولذلك استدل بالروايات المانعة من الخروج قبل يوم التروية بثلاثة أيام على عدم جواز الإحرام من شوال والحال أنها ناظرة إلى مسألة الخروج إلى عرفات وكلامنا في الإحرام وأين هذا من ذاك ؟! فالتفت إلى ذلك.

          وعلى أي حال المعروف بين الفقهاء أنه يجوز تقديم الإحرام من شوال ونسب الخلاف إلى ابن حمزة(قده) فقط فإنه قال بتعيّنه يوم التروية ، وجاء في كلمات السيد الخوئي(قده) نسبة ذلك إلى الشيخ الطوسي(قده) والحال أنه منسوب إلى ابن حمزة فلاحظ المدارك حيث قال ما نصه:- ( وكما يستحب الخروج في هذا الوقت يستحب ايقاع الإحرام فيه وقال في المنتهى أنه لا يعلم فيه خلافاً ونقل عن ابن حمزة أنه أوجب الإحرام في يوم التروية ) [2] ، وهكذا ذكر في الجواهر[3] والحدائق[4] والامر ليس بمهم.

          والمهم هو ما ذكره السيد الخوئي(قده) بعنوان تحقيق المطلب وحاصل ما ذكره:- هو أن صحيحة معاوية المتقدمة دلت على لزوم الإحرام يوم التروية فيتعين بمقتضاها تعيّن الإحرام يوم التروية ولا نرفع اليد عن هذا الظهور إلا بدليل والدليل هو معتبرة اسحاق بن عمار فانها دلت على عدم جواز الخروج إلى منى إلا في يوم التروية أو قبله بيوم أو يومين أو ثلاثة لا أكثر حيث جاء فيها:- ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يكون شيخاً كبيراً أو مريضاً يخاف ضغاط الناس وزحامهم يحرم بالحج ويخرج إلى منى قبل يوم التروية ؟ قال:- نعم ، قلت:- يخرج الرجل الصحيح يلتمس مكاناً ويتروّح بذلك المكان ؟ قال:- لا ، قلت يعجِّل بيوم ؟ قال :- نعم ، قلت:- بيومين ؟ قال:- نعم ، قلت:- ثلاثة ، قال:- نعم ، قلت:- أكثر من ذلك ؟ قال:- لا ) [5] ، إذن مقتضى صحيحة معاوية تعيّن الإحرام يوم التروية ولكن معتبرة اسحاق بن عمار دلت على جواز ذلك للرجل الصحيح قبل يوم أو يومين أو ثلاثة لا أكثر من ذلك ، ولذلك حكم في المتن أن الإحرام للحج لا يجوز إلا بيوم التروية أو قبله بيوم أو يومين أو ثلاثة لا أكثر.


          --------------------------------------------------------------------------------
          [1] الوسائل 13 519 1 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح1.
          [2] المدارك 7 389.
          [3] الجواهر 19 2.
          [4] الحدائق 16 345.
          [5] الوسائل 13 522 3 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح1.

          تعليق


          • #6
            بحث الفقه للشيخ الايرواني

            الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

            بحث الفقه

            34/01/19

            بسم الله الرحمن الرحيم


            الموضـوع:- إحرام حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).

            وفيه:-

            أما بالنسبة إلى معتبرة اسحاق:- فقد تقدم وجه التأمل في الاستدلال بها فإنها ناظرة إلى مسألة الخروج وأن الخروج إلى منى لا يجوز إلا يوم التروية أو قبله بأيام ثلاثة أما أن الإحرام لا يجوزك قبل ذلك فهو شيء لم تتعرض إليه ولا ملازمة بين حرمة الخروج إلى منى قبل ثلاثة أيام وبين عدم جواز الإحرام فإن كل واحدٍ حكم مستقل عن الآخر كما هو واضح.

            وأما بالنسبة إلى صحيحة معاوية:- فنسلم أنها قالت ( وأحرم للحج ) والمناسب لمسلك حكم العقل هو الحكم بالوجوب وإن اشتملت على جملة من المستحبات ، ولكن نقول:- إن أصحاب مسلك حكم العقل ليس من حقهم توسعة المسلك المذكور لمثل المقام الذي فرض فيه أن الطابع العام على الرواية هو بيان المستحبات فهي من البداية قالت ( إذا كان يوم التروية فاغتسل ) وهذا مستحب ( ثم البس ثوبيك ) يعني من دون إحرام وهذا مستحب ( وادخل المسجد حافياً ) وهذا مستحب وهكذا .... ثم قال ( وأحرم بالحج ) إن المقدمة بأجمعها من المستحبات فلا نسمح لأصحاب مسلك حكم العقل أو يوسّعوا هذا المسلك ويقولوا بأن العقل يحكم حتى في مثل هذه الحالة بالوجوب كلا ففي مثل هذه الحالة التي يكون فيها الطابع العام هو بيان المستحبات لا نسلم أن العقل يحكم بذلك وإنما يحكم بذلك فيما لو فرض أنه كان يوجد مستحب واحد أو اثنان أو ثلاثة . إذن هذه قضية ينبغي أن تُسجَّل على أصحاب مسلك العقل.

            والنتيجة:- هي أنه لا دليل على تعيين وقت الإحرام للحج فنرجع إلى البراءة وبالتالي يجوز الإحرام في أي وقت مادام ذلك بعد عمرة التمتع ولو في اليوم الأول أو الثاني من شوال كما ذهب إليه المشهور.

            إن قلت:- لابد وأن تثبت لنا أن الإحرام في الوقت المذكور - يعني في اليوم الأول أو الثاني من شوال مثلاً - صحيح ومشروع ومن الواضح أن حديث البراءة هو حديث رفعٍ فهو يرفع الوجوب أو الحرمة ويرفع الإلزام ولا يثبت الصحة والمشروعية فإن هذا إثبات وهو لا يمكنه الاثبات.

            قلت:- لا حاجة إلى إثبات الشرعية والصحة فإن هذا تمسك واستفادة من الإعلام ، والوجه في ذلك هو أن العقل يقول ( يلزمك أن تفرغ ذمتك مما اشتغلت به يقيناً ) ومن المعلوم أن الذي اشتغلت به الذمة يقيناً هو أصل الإحرام للحج من دون تعيِّن وقتٍ معين وهذا المقدار قد فرغت ذمتي منه يقيناً فإني حينما أحرمت في اليوم الأول أو الثاني من شوال فقد فرّغتها مما اشتغلت به يقناً أما وجود شيء أكثر من ذلك وهو أنه لا بد وأن تثبت كون هذا شيئاً مشروعاً أو صحيحاً فهذه مصطلحات وإعلام ولا قيمة علمية لها وإنما القيمة العلمية هي للتفريغ اليقيني عما اشتغلت به الذمة يقيناً وهو قد حصل فالزائد ليس بلازم ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها.

            النقطة الرابعة:- من يخاف الزحام كالشيخ الكبير والمريض يجوز له تقديم الإحرام والخروج إلى منى قبل الثلاثة أيام - أي يجوز له في اليوم الرابع أو الثالث من ذي الحجة - والوجه فيه معتبرة اسحاق بن عمار المتقدمة فإنها صرحت بذلك ، ولكن عرفت من تعليقنا السابق من أن الذي لا يخاف الزحام هو الذي لا يجوز له الخروج قبل الثلاثة بمقتضى صحيحة اسحاق لا أن الإحرام لا يجوز له قبل ذلك.

            النقطة الخامسة:- لا يجوز لمن أنهى عمرة التمتع الخروج من مكة إلا لضرورة ، فإن كانت هناك ضرورة فعليه أن يحرم للحج ثم يخرج ثم يرجع إلى مكة من جديد ثم يخرج إلى عرفات وقد تقدم ذلك منه(قده) في مسألة ( 151 ) وقد علقنا هناك بما علقنا ولا نكرر.

            ولكن الذي نقوله من الجنبة الفنية أنه لا وجه لذكر هذا الحكم هنا فإن هذا يذكر كلاحق من لواحق عمرة التمتع فيُبحث في أحكام عمرة التمتع ويشار إلى هذا الحكم هناك أما أن يُذكَر في إحرام الحج فليس أمراً فنياً فالتفت إلى ذلك.



            مسألة ( 358 ):- كما لا يجوز للمعتمر إحرام الحج قبل التقصير لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل إتمام أعمال الحج . نعم لا مانع منه بعد إتمام النسك قبل طواف النساء.

            .................................................. .................................................. ......

            مضمون ما فاده(قده) هو أن من أحرم للحج وزاول الأعمال لا يجوز له أن يأتي بعمرة مفردة قبل أن يتم أعمال الحج ، كما ذكرنا قريباً من ذلك في أن من أتى بعمرة التمتع ولمّا يقصِّر لا يجوز له أن يحرم للحج بل لابد وأن يقصِّر - أي ينهي عمرة التمتع - ثم يحرم للحج.

            قضيتان فنيتان:-

            الأولى:- ينبغي أن نلتفت إلى أن نتوخى الطرحة السهلة دائماً والتي يمكن فهمها بسرعة ، وفي مقامنا لو طرحنا المسألة بهذا الشكل فنقول:- ( مسألة:- لا يجوز للمكلف أن ينشئ إحراماً جديداً قبل أن ينتهي من إحرامه السابق بكامل أفعالة ومتطلباته كما هو الحال في الصلاة فان من يصلي لا يجوز له أن ينشئ صلاةً في داخلها ) ثم نقول ( وعلى هذا الأساس قبل أن يكمل الحاج أفعال الحج لا يجوز له أن يحرم إحراماً جديداً للعمرة المفردة وهكذا قلنا في عمرة التمتع بأنه لا يجو له أن ينشئ إحراماً جديداً للعمرة المفردة أو للحج ) ومن الغريب أن القدماء طرحوا المسألة بهذا الشكل الذي ذكرته بل إن شيخه النائيني(قده) طرحها بهذا الشكل فلماذا عدل هو (قده) عنها وأخذ بما ذكره.

            والثانية:- من المناسب أن نعقد عنوانين عنوان الإحرام وتفاصيله وعنوان أحكام الإحرام ، أما نفس الإحرام وما هو فقد تقدم هذا سابقاً عند بيان أفعال عمرة التمتع وإذا بقيت هناك أحكام من قبيل هذا الحكم الذي ذكره فإنه حكم من أحكام الإحرام لا أنه يرتبط بحقيقة الإحرام فمن المناسب ذكره تحت عنوان أحكام الإحرام ، يعني بعبارة ثانية أنه كان من المناسب له حينما قال ( الواجب الأول هو الإحرام ) أن يقول هكذا ( أما حقيقته وواقعه فقد تقدم وأما أحكامه فهذه ).

            عودة إلى صلب الموضوع :- قلنا أنه لا يجوز إنشاء إحرام داخل إحرام وهذا له موردان:-

            المورد الأول:- أن ينشئ المكلف إحراماً جديداً لعمرة مفردة قبل أن يكمل حجّه ، وهكذا لا يجوز للمعتمر بعمرة التمتع إنشاء إحرام جديد قبل أن يكملها - أي قبل أن يقصِّر أو يطوف -.

            المورد الثاني:- لا يجوز انشاء عمرة مفردة تتخلل بين عمرة التمتع وحج التمتع - أي أن هذه الفترة المتخللة لا يجوز انشاء عمرة مفردة فيها - والمسوغ لإدخال هذا المورد تحت هذا العنوان هو أن عمرة التمتع مع حج التمتع هما واحد فبذا الاعتبار ساغ لنا ذكرها في هذا المورد.

            ولنبحث أوّلاً المورد الأول:-

            المورد الأول:- لا يجوز قبل الفراغ من أعمال الحج إنشاء إحرام العمرة المفردة وأيضاً لا يجوز قبل إكمال عمرة التمتع إنشاء احرام لعمرة مفردة ، والظاهر أن المسألة اتفاقية من هذه الناحية ، قال في المدارك ( إن ظاهر العلامة في المنتهى أنه موضع وفاق بين الأصحاب وتدل عليه الأخبار الكثيرة الواردة في بيان حج التمتع حيث يذكر فيها التقصير والإحلال من إحرام العمرة ثم الإهلال بإحرام الحج فيكون الإحرام قبل التقصير تشريعاً محرَّماً ) [1] ، وقال في الجواهر ( بلا خلاف أجده فيه بل الإجماع بقسميه عليه مضافاً إلى النصوص المشتملة على كيفية حج التمتع المصرحة بأن إهلال الحج بعد التقصير المحلّل لإحرام العمرة ....) [2] ، إذن المسألة من حيث الفتوى اتفاقية وإنما الكلام في الدليل على ذلك.

            ومن جملة ما استدل به السيد الخوئي(قده) هذين الدليلين:-

            الدليل الأول:- إن ذلك لو كان جائزاً لوقع مرة أو مرتين على الأقل من الأصحاب والحال أنه لم ينقل عن أحدهم أنه صنع ذلك ولكان أيضاً مورداً للسؤال والحال أنهم لم يسألوا عنه فيظهر من ذلك أن عدم جوازه أمر واضح.

            الدليل الثاني:- إن من الأشياء الثابتة هي أن من أنهى عمرة التمتع لا يجوز له الخروج من مكة ، وعلى هذا الأساس نقول:- إن من أراد أن ينشئ إحراماً جديداً قبل أن يكمل عمرة التمتع سوف يحتاج إلى الخروج من مكة لأجل إحرام العمرة المفردة والمفروض أنه لا يجوز . إذن هذا الدليل الذي يدل على عدم جواز الخروج بعد عمرة التمتع هو يدل بالدلالة الالتزامية على عدم جواز إنشاء إحرام قبل إكمال الإحرام الأوّل.


            --------------------------------------------------------------------------------
            [1] المدارك 7 280.
            [2] الجواهر 18 250.

            تعليق


            • #7
              بحث الفقه للشيخ الايرواني

              الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

              بحث الفقه

              34/01/20

              بسم الله الرحمن الرحيم


              الموضـوع:- مسألة ( 358 ) / إحرام حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).

              وفيه:-

              أما بالنسبة إلى الأوّل:- أعني لو كان جائزاً لوقع ولو مرة من الأصحاب ولوقع السؤال عنه فهو مغاير لذلك الوجه الذي يتمسك به ونتمسك به نحن وهو أن المسألة ابتلائية فيلزم أن يكون الحكم فيها مشهوراً بين الأصحاب فإن كون المسألة ابتلائية قد أخذ فيه عنصر الابتلاء ولزوم كون حكم المسألة مشهوراً وواضحاً بينما في هذا الوجه لم يؤخذ هذان العنصران وإنما أخذ عنصراً آخر وهو أن الشيء الجائز يقع من الأصحاب ولو مرة . إذن توجد مغايرة تامة بين هذا وذاك -.

              فيرد عليه:- إنا لا نعرف الملازمة المذكورة - وهي أن الشيء إذا كان جائزاً لزم أن يقع ولو مرة واحدة - ولا نسلم بها ، فالدعاء في أثناء الصلاة أو في أثناء السجود مثلاً بأن يرزقني الله عز وجل في هذا اليوم أكلةً معينة لا اشكال في جوازه ولكن هل سمعت في يوم من الأيام في ذلك الزمان أن شخصاً دعا بهذا الدعاء رغم أنه جائز ؟ فليس كل جائزٍ ينبغي أن يكون واقعاً من الأصحاب ولو مرة واحدة ، إذن هذه الملازمة ليست بثابتة.

              ولعلك تدافع عن السيد الخوئي وتقول:- إن هذه الأمثلة وما شاكلها التي ذكرناها كنقض عليه ثبت جوازها بإطلاق جواز الدعاء أثناء الصلاة بكل ما يريده الإنسان فالإطلاق يكفينا لإثبات الجواز .

              قلت:- نحن لسنا بصدد إثبات الجواز أو عدمه بالإطلاقات فهذه قضية أخرى وإلا ففي مقامنا قد يدّعى بأنا نتمسك باستحباب العمرة المفردة فإن الدليل مطلق وليس لك من جواب إلا أن تقول هو منصرف عن المحرِم فيختص بالمُحِلّ وهذا شيء لا بأس به ولكن هذا إثبات لعدم الجواز من خلال الانصراف والمفروض الآن هو أن السيد الخوئي(قده) يريد التمسك بشيء جديد غير الانصراف وهو أن كل شيء جائز ينبغي أن يقع مرة واحدة وينبغي أن يسأل عنه الأصحاب وهذه الملازمة ليست بثابتة.

              وأما بالنسبة إلى الوجه الثاني:- أعني أنه لا يجوز الخروج من مكة بعد عمرة التمتع - فهو يليق أن يذكر في المورد الثاني لا أن يذكر هنا فإنه في هذا المورد الأول نفترض أنه مثلاً أحرم لحج التمتع وبعده يخرج إلى أدنى الحل ليحرم بالعمرة المفردة وهذا لا محذور فيه لأنه ليس خروجاً بعد العمرة وقبل الإحرام وإنما هو خروج بعد التلبس والاتيان بإحرام الحج والمفروض أنه يخرج بالتالي إلى خارج مكة لأنه يذهب إلى منى وعرفات فهو في أثناء طريقه في منى مثلاً أو في المشعر ذهب إلى أدنى الحل وأتى بإحرام العمرة المفردة فلا يأتي ما ذكره ، أو نفترض أنه قبل أن يكمل عمرة التمتع - أي قبل أن يقصر أو يأتي بالسعي لعمرة التمتع - يخرج لإحرام العمرة المفردة ومثل هذا الخروج في أثناء عمرة التمتع هل هو جائز أو لا ؟ والقائلون بعدم جواز الخروج في الفترة المتخللة قال بعضهم بالجواز هنا لأن الدليل قد دل على عدم الجواز في الفترة المتخللة لا في أثناء عمرة التمتع ، فلو فرضنا أننا بنيا على جواز ذلك فهو يخرج إلى أدنى المواقيت أثناء عمرة التمتع فلا يلزم المحذور الذي ذكره في الوجه الثاني ، على أنه سيأني كلام آخر سنذكره فيما بعد انشاء الله تعالى . هذا كله بالنسبة إلى ما أفاده السيد الخوئي(قده) من الوجهين في المورد الأول.

              وقد استدل غير واحد كصاحب الحدائق والجواهر بوجه ثالث:- وهو التمسك بقوله تعالى ( وأتموا الحج والعمرة لله ) فإن الآية الكريمة تأمر بإتمام الحج والعمرة ولازم ذلك عدم جواز إيقاع عمرة مفردة في البين - أي في وسط أحرام الحج أو إحرام عمرة التمتع - فإنه خلف وجوب إتمام الحج العمرة.

              والجواب واضح:- حيث نقول:- إن المكلف بعدما يحرم بالعمرة المفردة لا يريد أن يرفع يده رأساً عن الحج بل يكمله بعد ذلك ولكنه أراد أن يأتي بعمرة مفردة في الوسط ، فهو حينئذ يمكنه أن يتم الحج أو عمرة التمتع . إذن هذا لا يشكل محذوراً والاستدلال بالآية الكريمة محلّ تأمل واضح.

              والأجدر أن يستدل على ذلك بقصور المقتضي وذلك بأن يقال:- إن شرعية الإحرام للعمرة المفردة قبل الإحلال من الإحرام السابق تحتاج إلى دليل والدليل منحصر بأحد أمرين وكلاهما قابل للمناقشة:-

              الأول:- إطلاق أدلة شرعية الإحرام فيقال إن الأدلة الدالة على شرعية الإحرام للعمرة المفردة يشمل بإطلاقه وأن ( من أحرم للعمرة المفردة وأتى بها كان له من الأجر ... ) يشمل بإطلاقه مثل المقام.

              وجوابه واضح:- فإن هذا منصرف إلى المُحِلّ بل لعل كلمة ( الإحرام ) هي بنفسها تستبطن افتراض كون الشخص محلِّاً . إذن لا يمكن التمسك بهذا الإطلاق بعد الانصراف المذكور.

              وإذا قلت:- إنّا قرأنا في الكفاية أن الانصراف الحجّة هو ما نشأ من كثرة الاستعمال أما ما نشأ من مناشئ أخرى كغلبة الوجود فليس بحجّة وهنا الانصراف ناشئ من غلبة الوجود فإن المكلف عندما يحرم فالغالب أنه كان مُحِلّاً لا أنه توجد كثرة في الاستعمال في خصوص هذا.

              قلت:- قد ذكرت غير مرّة أن هذه الدعوى وإن ذكرها صاحب الكفاية وغيره ولكنّها مرفوضة فإن الانصراف لو ثبتت حقاً ووجداناً فحينئذ لا يمكن التمسك بالإطلاق بعد هذا الانصراف من أي منشأ نشأ والتحديد بأن يكون من هذا السبب دون ذاك لا وجه له ، ونحن هنا نشعر بالوجدان بالانصراف المذكور فلابد وأن نتماشى معه.

              أو أن المنشأ لإثبات الشرعية هو الأصل بمعنى أنّا نتمسك بأصل البراءة فنشك هل يلزم الإحرام للعمرة المفردة في غير الإحرام السابق - يعني هل يلزم أن يكون بعد الإحلال من الإحرام السابق أو لا ؟ إنه شك في كلفة زائدة فتنفى بالبراءة.

              والجواب:- ما أشرنا إليه غير مرَّة من أن أصل البراءة يصح التمسك به في الأمور الإلزامية فإذا كان لدينا أمر الزامي كأصل وجوب الإحرام للحج وشككنا في أن الذمة قد اشتغلت بأصله أو بأن يكون في وقتٍ معينٍ - يعني قبل يوم التروية بثلاثة أيام لا أكثر - إن هذا شك في تقيّد الأمر الالزامي بشيء فهنا يصح التمسك بأصل البراءة فنقول:- إن ذمتنا قد اشتغلت جزماً بأصل الإحرام للحج وأما التقيّد بكونه في يوم التروية أو قبله بيومٍ فهو شيء زائد مشكوك فينفى بالبراءة ، وهذا بخلافه في العمرة المفردة والإحرام لها فإنها عادةً شيء مستحب - أي حينما يراد أن يؤتى بها أثناء الإحرام السابق هي عادة تكون مستحبة - فإذا كان مستحباً فلابد من إثبات أن هذا مستحب وأن هذا شيء شرعي وتترتب عليه الآثار وأصل البراءة لا يمكنه أن يثبت مثل هذه الأمور والمسالة ليست مسألة تفريغ ذمة حتى يقال إن ذمتنا قد اشتغلت يقيناً بهذا والزائد مشكوك كلا بل العمرة المفردة التي نأتي بها أثناء الإحرام السابق هي عادة مستحبة فيلزم أن نثبت أنها شرعية ومستحبة وأصل البراءة لا طاقة له لإثبات ذلك.

              وأما المورد الثاني:- أعني الإتيان بعمرة مفردة في الفترة المتخللة بين عمرة التمتع وبين حج التمتع - فهذه مسألة لم تبحث في كلمات المتقدمين ، نعم قد تعرض لها الشيخ النائيني(قده) في مناسكه وذكر أنه يجوز بشرطين:-

              الأول:- يلزم أن يكون الفاصل بين عمرة التمتع وهذه العمرة المفردة عشرة أيام لا أقل بناءً على كون الفاصل عشرة أيام -.

              والثاني:- يلزم أن يكون الميقات الذي تريد أن تخرج إليه لإحرام العمرة المفردة لا يبلغ حدَّ المسافة الشرعية وإلّا لزم الخروج من مكة بعد عمرة التمتع والحال أن الخروج بعدها من مكة لا يجوز .

              وقد تقول:- لماذا قيّد بالمسافة الشرعية وإذا كان قد خرج من مكة فهو يتحقق بالخروج إلى أدنى الحل ؟

              قلت:- نعم هذه قضية قابلة للمناقشة مع الشيخ النائيني(قده).

              وعلى أي حال استدل السيد الخوئي(قده) على عدم الجواز بوجوه ثلاثة:-

              الوجه الأول:- ما أشرنا إليه سابقاً في المورد الأول ، أي أن العمرة المفردة لو كانت جائزة في الفترة المتخللة لوقعت ولو مرّة من بعض الأصحاب ولوقع السؤال عنها والحال أنه لم يقع ذلك من بعض الأصحاب بل ولم يسألوا عنها الأمر الذي يعطي بأن القضية مفروغ عن عدم جوازها.

              والجواب:- ما تقدم ولا نكرر.

              الوجه الثاني:- صحيحة حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( من دخل مكة متمتعاً في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحج فإن عرضت له حاجة إلى عُسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق خرج محرِماً ودخل ملبياً بالحج فلا يزال على إحرامه فإن رجع إلى مكة رجع محرِماً ولم يقرب البيت[1] حتى يخرج مع الناس إلى منى[2] ، قلت:- فإن جهل فخرج إلى المدينة أو إلى نحوها بغير إحرام ثم رجع في أبّان الحج في أشهر الحج يريد الحج أيدخلها محرماً أو بغير إحرام ؟ فقال:- إن رجع في شهره دخل بغير إحرام وإن دخل في غير الشهر دخل محرماً ، قلت:- فأي الاحرامين والمتعتين متعتةٌ الأولى أو الأخيرة ؟ قال:- الأخيرة هي عمرته وهي المحتَبَس بها التي وُصِلت بحجته ) [3] ، وعلى منوالها صحيحة حفص بن البختري[4] وصحيحة الحلبي[5] .


              --------------------------------------------------------------------------------
              [1] كناية عن عدم الطواف ( أي لا تطف ).
              [2] أي في اليوم الثامن.
              [3] الوسائل 11- 302 22 من أبواب اقسام الحج ح6
              [4] المصدر السابق ح4.
              [5] المصدر السابق ح7.

              تعليق


              • #8
                بحث الفقه للشيخ الايرواني

                الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

                بحث الفقه

                34/01/26

                بسم الله الرحمن الرحيم


                الموضـوع:- مسألة ( 358 ) / إحرام حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).

                وتقريب دلالتها:- إن الذي يريد أن يأتي بعمرة مفردة سوف يخرج إلى خارج مكة لأجل أن يحرم من أدنى الحلّ والمفروض أن الخروج من مكة لا يجوز لمن اعتمر عمرة التمتع ولمّا يقضي الحج ، وعليه فلا تجوز العمرة المفردة للزوم هذا المحذور المحرّم.

                إن قلت:- إن التنعيم أصبح في زماننا جزءاً من مكة فالخروج إليه لأجل الإحرام لا يعدّ خروجاً من مكة حتى يكون محرّماً وعليه فلا محذور من هذه الناحية في زماننا ، نعم هو ثابت في الزمن القديم حيث كانت مكة صغيرة لم يطرأ عيلها التوسع.

                قلت:- إن المدار عندنا على مكة القديمة وليس على مكة الجديدة ، وعليه فلا يجوز الخروج إلى التنعيم لأنه خارج عن مكة القديمة.

                هذا ما أفاده(قده) في الوجه الثاني على عدم جواز العمرة المفردة بين عمرة التمتع وحج التمتع.

                وفيه:-

                أولاً:- إن هذه الرواية وإن دلت على حرمة الخروج من مكة ولكن لا يبعد أن يستفاد منها أن المحرَّم هو الخروج إلى الأماكن البعيدة عن مكة دون ما يكون قريباً منها كمنى وعرفات والمشعر الحرام ومنه محل كلامنا - أعني التنعيم - والوجه في ذلك هو أن الإمام عليه السلام بعد أن منع من الخروج من مكة أخذ بذكر بعض الأمثلة وقال:- ( إن عرضت له حاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق ) فمثّل بهذه الأمثلة الثلاثة التي هي من الأمكنة البعيدة عن مكة فلو كان المنع يعمّ الأماكن القريبة أيضاً لكان من المناسب له أن يمثّل بها باعتبار أنها هي الفرد الخفي أو لا أقل يذكر مثالاً من هذا ومثالاً من ذاك أما أن يذكر جميع الأمثلة من أمثلة البعيد فهذا يدل على أن المنع يختص بالخروج إلى الأماكن البعيدة

                وإذا قلت:- صحيح أن هذه الرواية بقرينة الأمثلة المذكورة يستفاد منها ذلك بيد أن الروايات الأخرى حيث لم يذكر فيها أمثلة فيعود التمسك بالإطلاق فيها بلا مقيّد ومعارض من قبيل صحيحة زرارة حيث جاء فيها ( وليس لك أن تخرج من مكة حتى تحج ) [1] فإنه مطلق وليس هناك أمثلة حتى تكون موجبة للتقييد.

                قلت:- صحيح أن هذه الرواية وما شاكلها مطلق إلا أنه إذا استفدنا من صحيحة حمّاد اختصاص المنع بالأماكن البعيدة فيكون ذلك مقيداً لإطلاق هذه الصحيحة وبالتالي لا يعود لدينا مانع من الخروج إلى التنعيم لأجل النكتة المذكورة - وهي أن المنع من البداية يختص بالخروج إلى الأماكن البعيدة - وهذه قضية تستحق التأمل لأنه لو بنينا على ذلك فسوف تحل لنا بعض المشاكل منها الخروج إلى التنعيم أو إلى منى أو إلى غير ذلك ، وعلى هذا الأساس لا مانع من هذه الناحية بناءً على الاستظهار المذكور.

                ولكن قد لا يقبل البعض مثل هذا الاستظهار ويقول إن هذه الأمثلة ليس إلا من باب المصاديق للخروج ولا يستفاد منها ما ذكر.

                وثانياً:- إنه بنى على أن المدار في الخروج من مكة على مكة القديمة وليس على اسم مكة الذي يختلف سعةً وضيقاً باختلاف الأزمنة فإنه في زماننا قد اتسعت مكة وصار التنعيم جزءاً منها ، وما هو الوجه بالتقيد بخصوص مكة القديمة ؟ إنه لا مستند له في ذلك سوى ما ذكره(قده) في مسألة أن المتمتع إذا عقد إحرامه من مسجد الشجرة مثلاً فيستحب له أن يلبّي في الطريق إلى أن يرى بيوت مكة فيقطع التلبية ، ولكن هل المدار على بيوت مكة القديمة أو الحديثة أيضاً ؟ اختار في هذه المسالة أن المدار على بيوت مكة القديمة وتمسك لذلك بصحيحة معاوية بن عمار ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- إذا دخلت مكة وأنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية ، وحدّ بيوت مكة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيين فإن الناس قد أحدثوا بمكة ما لم يكن ) [2] فانها قالت ( وحدّ بيوت مكة .... عقبة المدنيين ) فيستفاد من هذا أن المدار في تحديد مكة هو على مكة القديمة من دون خصوصية لهذا الحكم - وهو قطع التلبية - وعلى هذا الأساس بنى على أن التظليل الذي يجوز في مكة يختص بخصوص مكة القديمة أيضاً وهكذا الإحرام للحج الذي يجوز من مكة إنما يجوز من خصوص مكة القديمة وهكذا بقية الآثار المترتبة على عنوان ( مكة ) فإنه يخصص تلك الآثار بخصوص مكة القديمة.

                وحيث أن إرادة هذا المعنى ليست ظاهرة بنحو الجزم - أي أن مكة التي حدّها عقبة المدنيين هي موضوع لجميع الآثار وقد ذكرها الإمام عليه السلام كموضوع لكل الآثار صار(قده) إلى الاحتياط الوجوبي في كل هذه الآثار.

                ولكن استظهار هذا العموم شيء مشكل:- فإن المورد من قبيل العام الذي اكتنف بما يصلح للتخصيص أو للقرينية فإنه يصير مجملاً فيقتصر على القدر المتيقن ، ونحن لا نريد أن نجزم باختصاص هذا التحديد بخصوص مسألة التلبية بل من المحتمل أنه تحديد بلحاظ جميع الآثار ولكن نقول إن المورد من مصاديق المجمل حيث أن الحديث كان عن مسألة التلبية وأن المكلف يقطعها إذا رأى بيوت مكة ثم حدّد الإمام عليه السلام بأن مكة هي عقبة المدنيين وهذا كما يلتئم مع إرادة تحديد مكة بلحاظ جميع الآثار يلتئم أيضاً مع إرادة خصوص مسألة التلبية فاستفادة التعميم يكون شيئاً مشكلاً ، وعليه فبلحاظ بقية الآثار نتمسك بعنوان ( مكة ) من دون مانعٍ خصوصاً إذا التفتنا إلى أن الحجاج في زماننا قد ازدادوا ولعله غداً أو بعده يصير العدد أكثر ومن البعيد - بحدٍّ يحصل الاطمئنان - أن يحدد الشرع الآثار بلحاظ مكة القديمة وإلا فلازمة أن يبقى جميع المتمتعين بعد إكمال عمرة التمتع في مكة القديمة وهذا مشكل إذ أن الظرف لا يسع للمظروف ، فهذا الحكم غير محتمل في حدِّ نفسه - بأن يكون المدار على مكة القديمة -.



                وثالثاً:- إنه ذكر لأجل الخلاص من المشكلة التي أشرنا إليها وما شاكلها بأن قال:- إن العزيزية وما شاكلها من المناطق التي يسكن فيها الحجيج في زماننا لا بأس بالخروج إليها بعد عمرة التمتع والمبيت فيها باعتبار أنها من توابع مكة ولا يضر الخروج إلى توابع مكة.

                وقد أشار إلى ذلك فيما سبق في مسألة ( 153 ) ومستنده في ذلك هو العرف فإن من يخرج إلى توابع البلد لا يقال عرفاً أنه قد خرج من البلد ، فلو فرضنا أن النجف في ماننا ينتهي حدّها إلى السيطرة فمن خرج شيئاً يسيرا خارج السيطرة لوجود معملٍ يعمل فيه أو غير ذلك فلا يقال عرفاً أنه خرج من النجف . هكذا أفاد(قده) وبهذا حلّ مشكلة السكن في العزيزية.

                ويمكن التعليق على ذلك:- بأن تلك المنطقة التي هي خارج السيطرة هل صارت جزءاً من النجف أو لا ؟ فإن صارت جزءاً ولو باعتبار قربها فالخروج إليها خروج إلى نفس النجف وليس إلى التوابع ، وأما إذا فرض أنها لم تصر جزءاً من النجف فالخروج إليها يُعَدّ خروجاً عن النجف وعدم عدِّهِ خروج من النجف تسامح عرفي وليس اطلاقاً حقيقياً ، والغريب أنه يعدّ العزيزية من توابع مكة والحال أن مكة القديمة هي ضيقة بكثير والعزيزية بعيدة عنها فكيف يعدها من توابعا ؟!

                وعلى أي حال بعد جعل المدار على مكة القديمة يشكل الخروج إلى العزيزية ، ودعوى أن الخروج إلى تابع الشيء لا يعد خروجاً عن الشيء عهدتها عليه ما دام لا يعدّ ذلك جزءاً من البلد . نعم قد يعدّ ذلك جزءاً فالخروج إليه يكون خروجاً إلى نفس البلد.

                ورابعاً:- لو تنزلنا وسلمنا أن الخروج إلى التنعيم لا يجوز ، ولكن نقول:- إن حرمة الشيء لا تستدعي حرمة ضده الخاص أو حرمة مقارنه فإن الإحرام من التنعيم إما أن يكون ضداً للكون في مكة - أو قُل مقارناً للخروج من مكة - ولا يلزم من حرمة الخروج حرمة كل ما يقارن ذلك الخروج الذي منه الإحرام من التنعيم ولا بأس أن يكون المورد من باب الترتب فيقال ( لا تخرج من مكة فإن خرجت فلا بأس بأن تحرم للعمرة من التنعيم ) إذ أن النهي مطلق عن الخروج والأمر بالعمرة مطلق أيضاً فإذا عصى المكلف الأمر الأول فلا بأس من التكليف بالأمر الثاني بنحو الترتّب . إذن لا يلزم من ذلك بطلان العمرة والمنع منها ، اللهم إلا أن يكون مقصوده المنع من العمرة بنحو يكون الفعل بكامله مباحاً من دون أن يقترن بمحرّم وهذا لا بأس به ولكن الظاهر أنه لا يقصده .

                وعلى أي حال إن حرمة الخروج لا تلازم حرمة كل ما يلازمه.


                --------------------------------------------------------------------------------
                [1] المصدر السابق ح1.
                [2] الوسائل 12 388 43 من أبواب الاحرام ح1

                تعليق


                • #9
                  بحث الفقه للشيخ الايرواني

                  الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

                  بحث الفقه

                  34/01/27

                  بسم الله الرحمن الرحيم


                  الموضـوع:- مسألة ( 358 ) / إحرام حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).

                  الوجه الثالث:- إنه ورد في صحيحة حماد أن من خرج من مكة بعد الفراغ من عمرة التمتع من دون إحرام جهلاً - حيث أن الواجب عليه هو أن يخرج محرماً ولكنه خرج من غير إحرام - فماذا يصنع بعد ذلك ؟ أجاب عليه السلام:- بأنه إذا أراد الدخول إلى مكة في نفس شهر عمرة التمتع فلا يحتاج إلى إحرام جديد وإلّا احتاج إلى إحرام جديد وعمرة جديدة وهذا ليس هو موضع الشاهد ، بل موضع الشاهد هو قول السائل:- ( فأي الإحرامين والمتعتين متعة - أو متعته الأولى أو الأخيرة ؟ قال:- الأخيرة هي عمرته وهي المحتبس بها التي وصلت بحجته ) وهذه العبارة موجودة في صحيحة حماد فقط ، وتقريب الدلالة:- إنه عليه السلام حكم بأن العمرة التي يأتي بها هي عمرة تمتع والأولى لا تكون هي العمرة المحتبس بها والمتصلة بالحج وهذا معناه أن العمرة المفردة لا يمكن الإتيان بها في البين إذ لو أمكن وجاز لبقيت العمرة الأولى هي عمرة التمتع وهي الموصولة بالحج وهي المحتبس بها دون الثانية ، إن صيرورة الثانية هي عمرة التمتع دون الأولى معناه عدم جواز الإتيان بالعمرة المفردة في البين وإلّا لو جاز ذلك لكانت الأولى هي المحتبس بها للحج.

                  وفرق هذا الوجه عن سابقه واضح:- ففي السابق كان يُستَند إلى مسألة حرمة الخروج من مكة للمتمتع وهذا ورد في روايات أربع غير رواية حمّاد ، وأما في هذا الوجه فلا يستند إلى مسالة حرمة الخروج بل يستند إلى أنه إذا أتى بعمرة في البين كانت هي عمرة التمتع وهذا لم يرد إلّا في صحيحة حمّاد في فقرتها المذكورة.

                  وفيه:-

                  أولاً:- إن غاية ما تدل عليه الفقرة المذكورة هو أن من أتى بالإحرام الواجب والعمرة الواجبة وهي التي تكون لدخول مكة في الشهر الجديد انقلبت إلى عمرة تمتع ولا يستفاد من ذلك قاعدة عامة وهي أن كل من أتى بعمرة مفردة فهي تنقلب إلى عمرة تمتع فإنه عليه السلام لم يقل بنحو الضابط الكلي ( كل من أتى بعمرة مفردة صارت عمرة تمتع واتصلت بالحج ) وإنما ذكر أن من أراد الدخول إلى مكة في الشهر الثاني فعليه أن يأتي بعمرة ثم قال ( هي التي تصير عمرة التمتع ) فغاية ما يستفاد من هذا المضمون هو أن العمرة الواجبة لدخول مكة يكون حكمها ذلك لا مطلق العمرة المفردة كما لو فرض أن المكلف أتى بالعمرة المفردة في نفس الشهر بناءً على كفاية الفاصل بمقدار عشرة أيام كما يذهب إليه الشيخ النائيني(قده) وغيره أو بناءً على أنه لا يلزم وجود فاصل بين العمرة المفردة وبين عمرة التمتع وإنما هو لازم بين العمرتين المفردتين كما يذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ومنهم السيد الخوئي(قده) نفسه - فإنه على ما ببالي يذهب إلى عدم اشتراط الفاصل بين عمرة التمتع والعمرة المفردة - فلو أتى بها في نفس الشهر فلا تكون هي واجبة لأجل دخول مكة لأنها في نفس الشهر وتصح باعتبار أنه لا يعتبر الفاصل بين عمرة التمتع والعمرة المفردة ، بل قد يتصور ذلك في الشهر الثاني أيضاً فيما إذا فرض أنه لم يخرج من مكة إلى منطقة بعيدة فانه إذا لم يخرج إلى منطقة بعيدة فدخوله إلى مكة لا يحتاج إلى إحرام جديد كما يظهر ذلك منه في مسألة ( 154 ) فإنه قيّد وجوب الإحرام الجديد في الشهر الثاني بما إذا خرج وتجاوز المواقيت ، وعلى هذا الأساس إذا لم يتجاوز المواقيت فدخوله إلى مكة لا يحتاج إلى عمرة مفردة فحينئذ لو أتى بها فلا تكون هي العمرة الواجبة فلا موجب بالتالي إلى انقلابها إلى عمرة تمتع.

                  والخلاصة:- إن غاية ما تدل عليه الصحيحة في فقرتها المذكورة هي أن العمرة المفردة التي تكون واجبة لأجل دخول مكة هي التي تنقلب إلى عمرة تمتع لا أن كل عمرة مفردة وإن لم تكن واجبة تنقلب إلى عمرة تمتع ، وكما هو المتداول في الخارج فإن المكلفين عادة يريدون الإتيان بعمرة مفردة من التنعيم من دون أن تكون واجبة لأجل دخول مكة إذ يأتون بها في نفس الشهر أو في الشهر الثاني من دون تحقق الابتعاد . إذن هذه الفقرة لا تنفع فيما أفاده(قده) وإنما هي تنفع في إثبات المدعى في مساحة ضيقة ولا تثبته بكامله.

                  وثانياً:- إن غاية ما تثبته هو انقلاب العمرة المفردة إلى عمرة تمتع أما أنها ليست بجائزة أو باطلة رأساً كما قد توحي بذلك بعض كلماتهم فلا يستفاد منها ذلك بل تقع صحيحة غايته تنقلب إلى عمرة تمتع ، وعلى هذا الأساس لو استشارنا شخص بالإتيان بعمرة مفردة فنجيبة بأنه لا بأس بذلك غايته تنقلب إلى عمرة تمتع.

                  وثالثاً:- إنه لو أتى المكلف بعمرة مفردة عن نفسه فتنقلب إلى عمرة تمتع ، أما إذا فرض أنه أراد أن يأتي بها عن والده أو عن شخص آخر فالصحيحة لا تدل على انقلابها إلى عمرة تمتع وأنه يحتبس بها للحج إذ التي يحتبس بها للحج هي ما يؤتى بها عن نفسه أما إذا أتى بها عن غيره فالصحيحة قاصرة عن شمول مثل ذلك.

                  وعليه اتضح أن الوجوه الثلاثة التي ذكرها(قده) قابلة للمناقشة.

                  نعم قد يستدل بوجهين آخرين للبطلان:-

                  الوجه الأول:- ما أشار إليه(قده) سابقاً - في الوجه الأول من الوجوه الثلاثة المتقدمة - بعد إدخال تعديل عليه فإنه ذكره هناك أن العمرة المفردة لو كانت جائزة في الفترة المتخللة لوقعت من بعض الأصحاب ولتحقق السؤال عنها ، ونخن اشكلنا عليه فيما سبق بأن هذه الملازمة باطلة ولم تثبت ، ونضيف أيضاً أنه سوف يأتي منه(قده) في آخر هذه المسألة أنه جوّز الإتيان بالعمرة المفردة قبل طواف النساء للحج والحال أن هذا يُسجل كنقضٍ عليه فيقال له إنك تذهب إلى جواز الإتيان بالعمرة المفردة قبل الإتيان بطواف النساء والحال أنه هل سمعت أن أحداً من الأصحاب قد وقع منه ذلك ؟! وهل وقع السؤال عن ذلك؟! كلا . إذن الوجه المذكور قابل للمناقشة من الجواب الحلّي والجواب النقضي.

                  ولكن الإضافة التي أريد إضافتها لهذا الوجه حتى يتم هي أن يقال:- إن الشيء إذا جاز وكانت الدواعي موجودة ومتظافرة على الإتيان به لو كان جائزاً - يعني بحيث لو فهم لناس جوازه فعندهم الدواعي الى الإتيان به - فحينئذ إذا لم يقع من الأصحاب يفهم من ذلك أنه ليس بجائز - ولعل هذا هو مقصود السيد الخوئي(قده) ولكنه لم يُضف هذه الضميمة - فالدواعي للناس موجودة على الإتيان بالعمرة المفردة أثناء ذهابهم إلى مكة المكرمة في الفترة المذكورة فحينئذ إذا كان ذلك جائزاً مع فرض وجود هذه الدواعي يلزم أن يقع منهم فبعدم الوقوع يحصل الاطمئنان بأن هذا غير جائز ، وهذا وجه جيّد لو تمت صغراه - يعني أن الدواعي حقاً كانت متوفرة للصحابة المتقدمين كمحمد بن مسلم لا في هذا الزمان على الإتيان بالعمرة المفردة في الفترة المذكورة ولكن هذا ليس بواضح لنا ولأجله يكون الركون إلى الوجه المذكور حتى بعد هذه الاضافة أمر مشكل.

                  الوجه الثاني:- أن يدّعى القصور في المقتضي ، بمعنى أن أدلة استحباب العمرة المفردة وإن كان فيها إطلاق أزماني - أي في كل يوم من أيام السنة ما عدى أيام التشريق ولكن ليس فيها إطلاق أحوالي أي بلحاظ الحالات- والذي ينفعنا في المقام هو الإطلاق الأحوالي ، بمعنى أن العمرة المفردة مشروعة ومستحبة حتى في الحالة المذكورة ، ولكن ثبوت الإطلاق بلحاظ هذه الحالة أمر مشكل فنحن لو راجعنا الروايات فإن غاية ما يستفاد منها هو أنه يوجد تحريض على الإتيان بالعمرة المفردة وهذا لا يستفاد منه الإطلاق الأحوالي وعليه تشكل مشروعية العمرة المفردة في الفترة المذكورة من جهة القصور في المقتضي وليس لأجل وجود المانع وأصل البراءة لا معنى له لأن المقصود هو إثبات الاستحباب والاستحباب لا يمكن أن يثبت بأصل البراءة.

                  وفيه:- إنه وإن كان هذا وجهاً فنياً من حيث ملاحظة الروايات - يعني لو لا حظنا هذه الروايات فربما يقبل بكونها قاصرة من حيث الاحوال لشمول مثل حالتنا فان غاية ما يستفاد منها الإطلاق الأزماني وهذا يحتاج إلى تتبع في الروايات - ولكن يمكن أن يستعان ببديل عنه وذلك بأن يقال:- إن المسلّم فقهياً أن العمرة المفردة مطلوبة دائماً بالدوام الأزماني والدوام الأحوالي وليس ذلك استناداً إلى رواية وإنما هو استناد إلى قضية مسلّمة فقهياً بحيث يحصل الاطمئنان للفقيه بذلك - والحجية تعود إلى الاطمئنان فبمجرد أنه مسلم فقهياً من دون ضم فكرة الاطمئنان لا ينفع - بحيث يحتاج المنع إلى دليل ولذلك نشعر بارتكازاتنا المتشرعية أن كل من أراد أن يمنع من العمرة المفردة في زمان أو في حالة نقول له ( ما هو الدليل على المنع ؟ ) ، وهذا يعني أن المقتضي مسلّم وإنما المانع هو الذي يحتاج إلى دليل ، وعليه فالنتيجة من خلال كل هذا هو أن مشروعية العمرة المفردة في الفترة المتخللة لا دليل على المنع منها فالمناسب هو الحكم بالجواز.

                  تعليق

                  المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                  حفظ-تلقائي
                  x

                  رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                  صورة التسجيل تحديث الصورة

                  اقرأ في منتديات يا حسين

                  تقليص

                  لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                  يعمل...
                  X