الأخلاق، المكوَّن العرفاني والبنية الدينية
قراءة في "شرح الأربعون حديثاً" للإمام الخميني رحمه الله
قراءة في "شرح الأربعون حديثاً" للإمام الخميني رحمه الله
محسن جوادي
ترجمة: منال عيسى باقر
ترجمة: منال عيسى باقر
الأربعون حديثاً والخلفيّات الفكريّة المسبقة
1 ــ حاز موضوع ((شرح الأربعون حديثاً))، مع حفظهم، على اهتمام علماء الدين منذ الأزمنة القديمة، وكان منشأ هذا الاهتمام الروايات المتعدّدة الطرق والأسناد ذات المضمون الواحد، والتي وردت في الكتب الحديثيّة عند أهل السنة والشيعة على السواء ونُقلت عن الرسول الأكرم



وقد دفعت هذه الرواية العلماءَ الكبار، أمثال الشهيد الثاني، إلى جمع الأحاديث وتنظيمها ونشرها، باسم الأربعين، وفي هذا المجال قام بعضٌ من أمثال الشيخ البهائي ــ علاوةً على جمع أربعين حديثاً ــ بشرحها وبسط الحديث حولها(2). وبعد ذلك، قام الإمام الخميني ره ــ مع التفاته إلى الرواية السالف ذكرها متأسّياً بأسلافه الصالحين ــ باختيار أربعين حديثاً، تتمحور حول أمور الإنسان الدينية، ومن ثم مضى في شرحها.
وتتبّين ــ من خلال تلك الأحاديث التي اختارها أولئك العلماء الكبار ــ طبيعة المسائل التي حازت ــ من وجهة نظرهم ــ على أولويّة دينيّة، فإذا نظرنا، ولو بصورة إجماليّة، في الأحاديث التي انتقاها الإمام الخميني لوجدنا أنّ أكثرها يدور حول الأمور الأخلاقيّة، وهو إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أهمية تلك القضايا وأولويّتها في المجال الديني عنده، وبعبارة أخرى، الأخلاق ــ من وجهة نظره ــ هي البعد الأكثر حاجةً إليه في الحياة الدينيّة للناس، من هنا يلاحظ وجود أكثر من ثلاثين حديثاً ــ من منتقيات المؤلّف ــ تتعلّق مباشرةً بالأمور الأخلاقيّة، فيما يدور الباقي أيضاً حول هذا الموضوع وإن بصورةٍ غير مباشرة(3).
لقد أولت بعض كتب الأربعين التي دوّنها العلماء الكبار أهميةً خاصة للأحاديث الفقهيّة، فيما أعطى بعضهم الآخر أولوية خاصة للأحاديث الفلسفيّة والكلاميّة، أمّا الأربعون حديثاً للإمام الخميني فيقع في سياق المنحى الأخلاقي.
----------
1) الصدوق، كتاب الخصال: 541.
2) ترجم خاتون آبادي ره ـ وهو أحد المعاصرين للشيخ البهائي ـ كتابَ البهائي إلى اللغة الفارسيّة، وتم نشره محقّقاً. راجع: الشيخ البهائي، الأربعون، ترجمة خاتون آبادي، انتشارات حكمت.
3) شُرحت الأحاديث العقائديّة بشكل مختصر، وأدرِجت في آخر الكتاب.
تعليق