إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

حقائق لا بد منها في سيرة الصحابة المزيفون

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حقائق لا بد منها في سيرة الصحابة المزيفون


    وأما ما كان من الصحابة بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتلك أحداث السقيفة وما تلتها من حوادث وما ترتب عليها من آثار...
    لقد ثبت وتحقق في الكتب المؤلّفة في مسألة الاِمامة والولاية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنّ الله سبحانه وتعالى أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإبلاغ الاُمّة بأنّ الخليفة والامام من بعده بلا فصل هو علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهذا ما كان من أولى اهتمامات النبي منذ بعثته وحتى الساعات الاَخيرة من حياته الكريمة ، وقد استدل العلماء في كتب الاِمامة بالكثير من الآيات والاَحاديث الصحيحة بل المتواترة عند الفريقين .
    فمن ذلك : النصّ الذي بدأ منذ وقت مبكر وبالتحديد في السنة الثالثة للهجرة حيثُ نزول آية الانذار وقصة حديث الدار الذي قال فيه صلى الله عليه وآله وسلم مشيراً إلى الاِمام علي عليه السلام : « إنَّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا » (1) .
    وصرّح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر من مناسبة قائلاً : « إنّ علياً مني ، وأنا منه ،
    ____________
    1) تاريخ الطبري 3 : 218 ـ 219 . وتفسير الخازن 3 : 371 .

    وهو ولي كلّ مؤمن بعدي » (1). وجاء قوله تعالى : ( إنّما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) (2) ليؤكد ويرسخ ولاية وخلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقطع الطريق أمام المشككين بهذه المنزلة الرفيعة .
    وعند قصة الغدير ونزول آية التبليغ (3) وآية إكمال الدين (4) في حجة الوداع لم يعد ثمة عذر لمعتذر في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حيثُ جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس في منتصف النهار والحر شديد وخطب خطبة طويلة جاء فيها : « من كنت مولاه فهذا مولاه (5)، اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، واخذل من خذله، وانصر من نصره » (6).


  • #2
    لكن القوم تجاوزوا كلّ تلكم النصوص ، حتى تركوا جنازة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الاَرض وراحوا الى سقيفة بني ساعدة يتنازعون الاَمر من بعده ، فكان ما كان مما لسنا الآن بصدد ذكره ، وتمخضّت الاحداث عن البيعة لاَبي بكر بن أبي قحافة ، ثم أُكره الممتنعون عن البيعة ـ وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي عليه السلام وأعلام بني هاشم ورجال من المهاجرين والاَنصار ـ على أن يبايعوه ، في قضايا يطول شرحها .
    أمّا الزهراء الطاهرة بضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فلم تبايعه أبداً ، ولمّا استولى أبو بكر على فدك وغير فدك ممّا كان يتعلّق بها ، ذهبت إلى أبي بكر وطالبته بحقوقها ، فلم يعطها شيئاً ، فعادت وهي غضبى عليه وعلى عمر ابن الخطاب .
    وقال عمر لاَبي بكر انطلق بنا إلى فاطمة عليها السلام (فانّا قد أغضبناها) وحينما دخلا عليها قالت : « ... ألم تسمعا رسول الله يقول : «رضا فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي.. فإنّي أُشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لاَشكونكما إليه » وكانت فاطمة عليها السلام تقول : « والله لاَدعون الله عليك في كلِّ صلاة أصليها » (1).
    وبقيت سلام الله عليها مهاجرة لاَبي بكر حتى فارقت الدنيا (فهجرته فاطمة فلم تكلمه... حتى ماتت ، فدفنها عليّ ليلاً ، ولم يؤذن بها أبابكر)(2) .
    ولقد كان من المتخلّفين عن بيعة أبي بكر : مالك بن نويرة وعشيرته ، فسيّر أبو بكر إليهم خالد بن الوليد ، فأغار عليهم وقتل مالكاً وجماعة من
    ____________
    1) الاِمامة والسياسة 1 : 14 .
    2) تاريخ الطبري 3 : 208 . وتاريخ الاِسلام عهد الخلفاء الراشدين ، للذهبي : 21 . وبنحوه في : شرح نهج البلاغة 6 : 50 .
    قومه وسبى نساءهم ، وتزوّج بامرأة مالك من ليلة قتله ، في قضية معروفة مفصّلة في كتب التاريخ ، تعدّ من أكبر ما طعن به أبو بكر بعد تصدّيه للاَمر .
    وحينما قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة وتزوج امرأته ، بلغ ذلك عمر بن الخطاب ، فتكلم في خالد عند أبي بكر فأكثر وقال : (عدو الله عدا على أمرىء مسلم فقتله ، ثم نزا على امرأته) ! وحينما عاد خالد قام إليه عمر وقال : (قتلت أمرءاً مسلماً ، ثم نزوت على امرأته ، والله لاَرجمنك بأحجارك) (1).
    وفي معركة اليرموك كان أبو سفيان ومشيخة من قريش على تلٍّ لايقاتلون ، فإذا كانت الكرّة للروم ، قالوا : (إيهٍ بني الاَصفر) ! وإذا كانت الكرّة للمسلمين ، قالوا : (ويح بني الاَصفر) ! فلما هزم الله تعالى الروم سمع الزبير بما كانوا يقولون ، فقال : (أبوا إلاّ ضغناً ، لنحن خير لهم من الروم) (2).
    وعند قرب وفاة أبي بكر دخل عليه عبدالرحمن بن عوف ، فقال له أبوبكر : (إنّي وليت أمركم خيرّكم في نفسي ، فكلكم ورم أنفه من ذلك ، يريد أن يكون الاَمر له دونه ، ورأيتم الدنيا قد أقبلت.. وأنتم أول ضالّ بالناس غداً ، فتصدوهم عن الطريق يميناً وشمالاً...) (3).
    وقال أبو بكر أيضاً : (فأمّا الثلاث اللاتي وددت أنّي تركتهنَّ ، فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء ، وإن كانوا قد غلّقوه على الحرب..
    ____________
    1) تاريخ الطبري 3 : 280 . والكامل في التاريخ 2 : 359 .
    2) الكامل في التاريخ 2 : 414 .
    3) تاريخ الطبري 3 : 430 . وبنحوها في تاريخ اليعقوبي 2 : 137 .
    وأمّا اللاتي تركتهنَّ ، فوددت أني يوم أتيتُ بالاَشعث بن قيس أسيراً كنت ضربت عنقه ، فإنّه تخيَّل إليَّ أنه لا يرى شرّاً إلاّ أعان عليه...) (1).
    وأوصى أبو بكر بالاَمر إلى عمر بن الخطّاب بالرغم من اعتراض أعلام الصحابة ، محتجاً بكونه خير النّاس ، فدلَّ ذلك على أن ولايته لم تكن بنصٍّ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا برضاً من المسلمين .
    وقد كان في عهده من تعطيل الحدود الشرعية وتغيير الاَحكام الالهية ماليس هنا موضع ذكره ، ومن شاء فليراجع الكتب المؤلفة في ذلك ، ويكفينا أن نعلم أن عمر هو الذي رمى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالهجر وحال دون كتابته الوصيّة كما تقدّم .
    وكان عمر هو الذي طرح فكرة تعيين الخليفة بالشورى ، وقد جاء ذلك تفادياً لاَنْ يبايع المسلمون الاِمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، إذ بلغه أن جماعةً من أكابر الصحابة يقولون: لو مات عمر لبايعنا علي بن أبي طالب(2) .
    ولكنّه ـ حيث كان يريد عثمان بن عفان وبني أُميّة للخلافة ـ عيّن ستّة أشخاصٍ للشورى ، ومن غير مشورة من المسلمين في تعيينهم ، وحدّد لهم حدوداً لا ينتهي الاَمر بمقتضاها إلاّ إلى عثمان .
    وبعد تعيين عمر للستة من أهل الشورى أخبرهم عن أنفسهم فقال : (أما أنت يا زبير فوعق لقس (3)، مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، يوماً إنسان ،
    ____________
    1) تاريخ الطبري 3 : 430 ـ 431 . وتاريخ اليعقوبي 2 : 137 . والعقد الفريد 5 : 21 .
    2) مقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري | ابن حجر العسقلاني ، ارشاد الساري في شرح البخاري | للقسطلاني .
    3) الوعق : الضجر المتبرم ، واللقس : من لا يستقيم على وجه .
    ويوماً شيطان.. من يكون للناس يوم تكون شيطاناً ؟ ومن يكون يوم تغضب ؟) ثم أقبل على طلحة ـ وكان له مبغضاً ـ فقال له : أقول أم أسكت؟ قال : (قل ، فإنَّك لا تقول من الخير شيئاً) فقال عمر : (أما إنَّي أعرفك منذ أصيبت أصبعك يوم أحد والبأو ـ أي الكبر ـ الذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ساخطاً عليك بالكلمة التي قلتها يوم أُنزلت آية الحجاب)(1) .
    وأوصى عمر صهيب الرومي بقتل كل من يصرّ على مخالفة الاجماع في الشورى المتكونة من الستة ، وقال له : (.. فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد فاشدخ رأسه ـ أو اضرب رأسه بالسيف ـ وإن اتفق أربعة فرضوا رجلاً منهم وأبى اثنان ، فاضرب رؤوسهما ، فإن رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم.. فكونوا مع الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس) (2).
    وفي اجتماع الشورى قال عليّ بن أبي طالب لعبدالرحمن بن عوف : (أعطني موثقاً لتؤثرن الحقّ ولا تتبع الهوى ، ولا تخصّ ذا رحم..) ، لكن عبدالرحمن اتّبع الهوى ومال إلى عثمان ، ففي أمر الشورى يقول الاِمام أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة الشقشقية : « فصبرتُ على طول المدة ، وشدّة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله ، جعلها في جماعةٍ زعم أني أحدهم ، فيالله وللشورى متى اعترض الريبُ فيَّ مع الاَول منهم ، حتى صرتُ أُقرن إلى هذه النظائر ! لكنّي أسففتُ إذ أسفّوا ، وطِرتُ إذ طاروا ، فصغا رجلٌ منهم
    ____________
    1) شرح نهج البلاغة 1 : 185 ـ 186 .
    2) تاريخ الطبري 4 : 229 .

    تعليق


    • #3
      لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هنٍ وهنٍ... » (1). فالذي صغا لضغنه هو طلحة ، إذ وهب حقّه لعثمان لانحرافه عن أمير المؤمنين عليه السلام ، والذي مال لصهره هو عبدالرحمن ، مال إلى عثمان ، لاَن زوجة عبدالرحمن ـ وهي أم كلثوم بنت عقبة ـ كانت أُخت عثمان من أُمّه .
      واشترط عبد الرحمن على الاِمام عليّ عليه السلام إن رشّحه للخلافة أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر ، فلم يوافق الاِمام عليّ عليه السلام على الشرط الاَخير ، ووافق عثمان على ذلك فرشحه عبدالرحمن للخلافة فقال الاِمام علي عليه السلام : « ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا » (2).
      وبعد تمام البيعة قال المغيرة بن شعبة لعبدالرحمن : (يا أبا محمد ، قد أصبت إذ بايعت عثمان !) وقال لعثمان : ( لو بايع عبدالرحمن غيرك مارضينا) ، فقال عبدالرحمن : (كذبت يا أعور ، لو بايعتُ غيره لبايعته ، ولقلت هذه المقالة) (3).
      ودخل أبو سفيان على عثمان وقال : (يا بني أُمية ، تلقّفوها تلقّف الكرة، فو الذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب ولا حساب ، ولا جنة ولا نار ، ولا بعث ولا قيامة) (4).
      وحينما بدلّ كثيراً من الاَحكام ، وتصرّف في أموال المسلمين في غير حلّها ، وقرّب إليه الفجرة الفسقة وخاصةً من بني أُمية وجعلهم خواصاً
      ____________
      1) نهج البلاغة : الخطبة 3 .
      2) الكامل في التاريخ 3 : 71 . وشرح نهج البلاغة 9 : 53 .
      3) تاريخ الطبري 4 : 234 . وبنحوه في : شرح نهج البلاغة 9 : 53 .
      4) شرح نهج البلاغة 9 : 53 ـ 54 . وأنساب الاَشراف 1 : 12 ـ 13 .
      وولاة له ، كمروان بن الحكم والوليد بن عقبة ، كثر الطعن عليه من قبل الصحابة والتابعين (1).
      وكان الوليد بن عقبة من ولاة عثمان وقد اشتهر بالفسق وشربه للخمر فقد شرب الخمر وهو على رأس جيش متوجه إلى الروم ، فأراد بعض المسلمين إقامة الحدّ عليه ، فقال حذيفة : (أتحدّون أميركم وقد دنوتم من عدوّكم...) (2) .
      وقال ابن حجر العسقلاني عنه (وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة ومخرجة ، وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين) (3).
      فحينما أكثر المسلمون في الوليد عزله عثمان وجلده الحدّ (4).
      وطعن جماعة من الصحابة على عثمان ، لاَنّه آثر أقاربه الاَموال والهدايا، فكان أبو ذر الغفاري يقول : (والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا سُنّة نبيّه ، والله إني لاَرى حقاً يُطفأ وباطلاً يحيا ، وصادقاً مكذّباً ، وأثرة بغير تقى ، وصالحاً مستأثراً عليه) (5).
      وقال عثمان ذات مرّة لاَبي ذر : (لا أنعم الله بك عيناً يا جنيدب... أنت
      ____________
      1) الطبقات الكبرى 5 : 36 .
      2) مختصر تاريخ دمشق 26 : 341 .
      3) الاِصابة 6 : 322 .
      4) تاريخ الطبري 4 : 277 . ومختصر تاريخ دمشق 26 : 336 . وبنحوه في : شرح نهج البلاغة 8 : 120 .
      5) شرح نهج البلاغة 3 : 55 .
      الذي تزعم أنّا نقول : إنّ يد الله مغلولة...) فقال أبو ذر : (لو كنتم لا تزعمون لاَنفقتم مال الله على عباده ، ولكني أشهدُ لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : « إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً جعلوا مال الله دولاً ، وعباد الله خولاً ، ودين الله دخلاً » فقال عثمان : (ويلك يا أبا ذر ! أتكذب على رسول الله) .. فقال أبو ذر : (أحدثكم أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم تتهمونني ! ما كنت أظنَّ أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ) (1).
      هذا وقد قال الصادق الاَمين صلى الله عليه وآله وسلم في حقّ أبي ذر : « ما أظلت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر » . والاَدهى من ذلك هو طرد أبي ذرّ من مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على يد طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن طريده مروان بن الحكم (2).
      واشتد الطعن على عثمان ، ففي ذات مرّة صلّى عثمان بالناس ، فلما كبَّر قالت عائشة : (يا أيُّها الناس... تركتم أمر الله وخالفتم عهده) ، ثم صمتت وتكلمت حفصة بمثل ذلك ، فلما أتم عثمان الصلاة أقبل على الناس، وقال : (إنَّ هاتين لفتّانتان ، يحلّ لي سبُّهما ، وأنا بأصلهما عالم) (3).
      وتجاوز الطعن إلى التصريح بكفر عثمان من قبل إحدى نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي عائشة حيثُ كانت تفتي بقتله وتقول : (اقتلوا نعثلاً فقد كفر) (4) .

      ____________
      1) شرح نهج البلاغة 3 : 55 ـ 56 .
      2) تاريخ اليعقوبي 2 : 171 ـ 173 . وتاريخ المدينة 3 : 1034 . والرياض النضرة 3 : 83 .
      3) شرح نهج البلاغة 9 : 5 .
      4) تاريخ الطبري 4 : 459 . والكامل في التاريخ 3 : 206 .
      وكثر الطعن عليه (ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد) (1)، وكان طلحة بن عبيدالله من ضمن الطاعنين على عثمان حتى اجتمع عليه بعض الطاعنين، فأمسك بمفاتيح بيت المال والناس حوله ، فلما سمع الاِمام عليّ عليه السلام بالخبر قام بكسر باب بيت المال وتوزيع مافيه ، فتفرق الجمع عن طلحة وانصرفوا عنه ، وسمع عثمان بذلك فأبدى رضاه وسروره ، وجاء طلحة ودخل على عثمان ، فقال عثمان : (والله ما جئت تائباً ، ولكن جئتَ مغلوباً ، الله حسيبك يا طلحة) (2).
      وكتب جمع من أهل المدينة من (الصحابة وغيرهم إلى من بالآفاق منهم : إن أردتم الجهاد فهلمّوا إليه ، فإنّ دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد أفسده خليفتكم فأقيموه) (3).
      وحينما اشتدت الاَزمة بين عثمان والطاعنين عليه دخل عليه الاِمام علي بن أبي طالب عليه السلام وقال له : « أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلاّ بتحرّفك عن دينك وعن عقلك مثل الظعينة يقاد حيثُ يُسار به ، والله مامروان بذي رأي في دينه ولا نفسه ! وأيم الله إنّي لاَراه يوردك ولايصدرك...» (4).
      وتدخّل الاِمام عليّ عليه السلام لتهدئة الاَزمة وقال لطلحة : « أنشدك الله إلاّ رددت الناس عن عثمان ! » ، فرفض طلحة نصيحة الاِمام عليّ عليه السلام وقال :
      ____________
      1) تاريخ الطبري 4 : 336 .
      2) الكامل في التاريخ 3 : 167 .
      3) الكامل في التاريخ 3 : 168 .
      4) تاريخ الطبري 4 : 362 . والكامل في التاريخ 3 : 165 ـ 166 .
      (لا والله حتى تعطيني بنو أُمية الحقّ من أنفسها) (1).
      وكلّم الاِمام عليّ عليه السلام القادمين من الاَمصار ووعدهم بإصلاح الاَوضاع من قبل عثمان ، فخرجوا من المدينة ، وفي طريقهم إلى مصر أمسكوا بغلام عثمان وعنده كتاب مختوم بختم عثمان يأمر فيه والي مصر بقتلهم ، فجاءوا بالكتاب إلى عثمان فأنكر كتابته له ، وقيل : إنَّ مروان قد كتبه باسم عثمان ، فقالوا له : (ما أنت إلاّ صادق أو كاذب ، فإن كنت كاذباً فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا بغير حق ، وإن كنت صادقاً فقد استحققت أن تخلع نفسك لضعفك عن هذا الاَمر وغفلتك وخبث بطانتك.. فاخلع نفسك منه كما خلعك الله) فقال : (لا أنزع قميصاً ألبسنيه الله ، ولكني أتوب وأنزع) ، فقالوا : (لو كان هذا أوّل ذنب تبت منه قبلنا ، ولكنّا رأيناك تتوب ثم تعود ، ولسنا منصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله تعالى) (2).
      فحوصر عثمان من قبل المسلمين أربعين يوماً ثم قتلوه ، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهم من حرَّض على المعارضة له ، وعلى رأسهم عائشة وحفصة وعمّار بن ياسر وعبدالله بن مسعود وطلحة والزبير وعمرو بن العاص . ومنهم من حاصره ولم يقدم على قتله . ومنهم من اشترك في قتله أيضاً كعبدالرحمن بن عديس ، وكان أمير القادمين لقتله ، وهو ممّن بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة (3). ومنهم من كان هواه في
      ____________
      1) الكامل في التاريخ 3 : 183 .
      2) المصدر السابق 3 : 196 .
      3) الكامل في التأريخ 3 : 287 . وتاريخ المدينة المنورة 4 : 1155 .
      قتل عثمان ، كمعاوية بن أبي سفيان (1) ليتخذ قتله ذريعة للوصول إلى
      الخلافة ، حيثُ تربّص به وأقرّ الجيش الذي بعثه لنصرته (2).
      وكان ابن عباس يرى أن مروان هو المسؤول عن قتل عثمان ، فكان يخاطبه بالقول : ( ياعدوّ الله وطريد رسول الله والمباح دمه ، والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه ..) .(3)
      هذا ، وقد اتُخذ دمه ذريعة للتمرد على خلافة الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام سواء من قبل المحرضين على عثمان أو من المتربصين بقتله ، في ظرف مضطرب لااستقرار فيه ، وبدلاً من انتظار استقامة الظروف وهدوء الاَوضاع الصاخبة ، خرج بعض الصحابة ، وأحدثوا فتنة بين المسلمين متمردين فيها على الخلافة الشرعية (4).

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم

        سؤال بسيط بعد تعليق بسيط إبتداءً من أول المشاركة : حيث ورد مايلي :
        فمن ذلك : النصّ الذي بدأ منذ وقت مبكر وبالتحديد في السنة الثالثة للهجرة حيثُ نزول آية الانذار وقصة حديث الدار الذي قال فيه صلى الله عليه وآله وسلم مشيراً إلى الاِمام علي عليه السلام : « إنَّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا »
        إذا سلمنا بصحة هذا الكلام ( عند الطبري وهو !!!!! ) السؤال هو :
        الذين أسلموا وماتوا في مكة قبل الهجرة وكان علياً رضي الله عنه صبياً ، فما هي عقيدتهم ؟ هل كانت ناقصة ؟
        الذين أسلموا من القبائل وذهبوا في حال سبيلهم ، هل كانت عقيدتهم ناقصة ؟

        رجاء الإجابة حتى نتمكن من متابعة الحوار ( بكل أدب وإحترام سواءً إتفقنا أو لم نتفق )

        البينو

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X