بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم من الاولين والآخرين الى قيام يوم الدين
الإمام الصادق (ع) والعقل الانساني الاعلى
الدكتور احمد راسم النفيس
مقدمة
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على اعدائهم من الاولين والآخرين الى قيام يوم الدين
الإمام الصادق (ع) والعقل الانساني الاعلى
الدكتور احمد راسم النفيس
مقدمة
الكتابة عن جابر بن حيان تلميذ الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام مهمة صعبة نظرا لضياع أغلب كتبه رغم أن عددها يقدر بالمئات على ما أحصاه المؤرخون.
أين ضاعت هذه الكتب ولماذا يحتاج المؤرخون والفلاسفة للذهاب إلى مكتبات أوروبا للبحث عن كنوزنا المفقودة؟!.
عندما أراد الفيلسوف المصري الدكتور زكي نجيب محمود أن يكتب عن جابر بن حيان لم يتمكن من العثور على ما يكفي من مصادر عربية حيث يقول في كتابه (جابر بن حيان):
(أصعب تلك الصعاب هو أن ليس بين يدينا إلا عدد قليل من مؤلفات جابر التي يعدونها بالمئات وأما بقيتها فهي مبعثرة في مكتبات أوربا) .
كما يوجه زكي نجيب محمود التحية لذكرى (بول كراوس، الذي لولا ما قدم لنا من مخطوطات جابر التي قام بجمعها من مختلف مكتبات أوربا ونشرها في كتاب (مختار رسائل) جابر بن حيان وذلك بالإضافة لمجلدين ألفهما في جابر تحدث فيها بصورة مستفيضة عن كتبه ومذهبه ولولا هذه الآثار العلمية الجليلة لكانت الكتابة عن جابر بن حيان ضربا من المحال) .
السؤال هو:
لماذا ذهبت مؤلفات جابر بن حيان إلى مكتبات أوروبا وهل قامت هذه المؤلفات بعبور البحر الأبيض المتوسط بحثا عن فرصة عمل كما يفعل شبابنا الآن فغرق بعضها ونجح البعض الآخر في الحصول على فرصة عمل في إيطاليا!!
أم أنها دُمرت وهُربت بفعل فاعل؟!.
الجواب يمكن العثور عليه في كتب التاريخ والنقل هنا عن كتابنا (المصريون والتشيع الممنوع) نقلا عن كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية):
نواصل حكاية ما فعله الأيوبي يوسف في حق مكتبة القصر الفاطمي وإرثها الحضاري الذي استولى عليه من سادته السابقين وأولياء نعمته.
قال: (ومن جملة ما باعوه خزانة الكتب وكانت من عجائب الدنيا فلم يكن في جميع بلاد الإسلام دار كتب أعظم من تلك الدار التي بالقاهرة في القصر ومن عجائبها أنه كان بها ألف ومائتان نسخة من تاريخ الطبري ويقال أنها كانت تحتوي على ألفى ألف وستمائة ألف كتاب وكان فيها من الخطوط المنسوبة أشياء كثيرة وحصل للقاضي الفاضل قدر منها كبير حيث شغف بحبها وذلك أنه دخل إليها و اعتبرها فكل كتاب صلح له قطع جلده ورماه في البركة على أنها مخرومات ثم جمعها بعد ذلك ومنها حصل ما حصل من الكتب) ص 507.
قال العماد: وأخذت ذخائر القصر و من جملتها الكتب فإني أخذت منها جملة في سنة 572 وكانت خزائنها مشتملة على قريب 120 ألف مجلدة مؤيدة من العهد القديم (أين هي الآن؟؟) وفيها بالخطوط المنسوبة ما اختطفته الأيدي واقتطعه التعدي وكانت كالميراث مع أمناء الأيتام يتصرف فيها بشره الانتهاب والالتهام ونقلت منها ثمانية أحمال إلى الشام و تقاسم الخواص بدور القصر وقصوره و شرع كل من سكن في تخريب معموره ووو ثم يقول ذلك المؤرخ المهووس و عفى الآثار القديمة واستأنف السنن الكريمة والله أكبر و جاء الحق وزهق الباطل!!!).
أي أن هذا الإجرام و التخريب هو السنن الكريمة و هو الحق و غيره الباطل!!.
قال العماد: وكان لبيع الكتب في القصر كل أسبوع يومان وهي تباع بأرخص الأثمان و خزائنها في القصر مرتبة البيوت مقسمة الرفوف مفهرسة بالمعروف (لاحظ و تأمل!!) فقيل للأمير بهاء الدين قراقوش (العبد الأمير؟؟!!) متولي القصر والحال والعاقد للأمر هذه الكتب قد عاث فيها العث و تساوى ثمينها والغث ولا غنى عن تهويتها ونفضها من بيوت الخزانة إلى أرضها وهو تركي لا خبرة له في الكتب ولا دربة له في أسفار الأدب (أي أن الرجل كان حمارا يحفظ أسفارا!) وكان مقصود دلالي الكتب أن يوكسوها ويخرموها ويعكسوها فأخرجت وهي أكثر من مائة ألف من أماكنها وغربت من مساكنها وخربت أوكارها وأذهبت أنوارها وشتت شملها وبت حبلها واختلط أدبيها بنجومها و شرعيها بمنطقيها وطبيها بهندسيها وتواريخها بتفاسيرها ومجاهيلها بمشاهيرها وكان فيها من الكتب الكبار وتواريخ الأمصار ومصنفات الأخبار ما يشتمل كل كتاب على خمسين أو ستين جزءا مجلدا إذ فقد منها جزء لا يخلف أبدا فاختلطت واختبطت فكان الدلال يخرج عشرة عشرة من كل فن كتبا مبترة فتسام بالدون وتباع بالهون والدلال يعرف كل شدة وما فيها من عدة ويعلم أن عنده من أجناسها وأنواعها وقد شارك غيره في ابتياعها حتى إذا لفق كتابا قد تقوم عليه بعشرة باعه بعد ذلك لنفسه بمائة.
قال: فلما رأيت الأمر حضرت القصر واشتريت كما اشتروا ومريت الأطباء كما مروا واستكثرت من المتاع المبتاع وحويت نفائس الأنواع ولما عرف السلطان ما ابتعته وكان بمئين أنعم علي بها وأبرأ ذمتي من ذهبها) .
هذه هي قصة التدمير الحضاري الذي منيت به الأمة الإسلامية على يد أولئك المهووسين أعداء العلم والمعرفة والإنسانية.
يتبع..
تعليق