أنَّ الموحد الحقيقي من يوحّد الله تعالى في جميع المجالات سواء فيما كان راجعاً إلى ذاته وصفاته ،
أو إلى أفعاله ، أو إلى تخصيص العبادة به .
هذا هو التقسيم الدارج بين لمتكلمين لاسيما العدلية منهم ، فتراهم يقسّمون التَّوحيد إلى المراتب
المذكورة ويقولون : « ينقسم التَّوحيد إلى : التوحيد الذاتي والتَّوحيد
الصفاتي ، والتَّوحيد الأفعالي والتوحيد العبادي » .
والّذي يجب التنبيه عليه أنَّ التوحيد في الخالقية ، والربوبية ، والحاكمية ،
والتشريع من فروع التوحيد الأفعالي ، فهذا اللفظ يعمّ تلك الأقسام كلها الّتي ذكرناها ، كما يعمّ ما لم نذكر من أفعاله سبحانه ، كالمغفرة وحق الشفاعة وغيرهما . فمعنى التوحيد الأفعالي هو : تخصيص فعله سبحانه بذاته ، وأنَّه لا يقوم به إلاّ هو ،
وعلى ذلك فلو كنّا في مقام التفصيل لوجب علينا أنْ نقول : إنَّ الموحّد من
يشهد بأنَّ كل فعل يعد من خصائصه سبحانه لا يسند إلاّ إليه ، سواء أكان من
قبيل الخلق والرزق والإِحياء والإِماتة والمغفرة ، وحق الشفاعة أو غيرها.
وإنّما ذكرنا الشفاعة والمغفرة وخصصناهما بالذكر لوقوع الشرك فيهما بين المشركين في عصر الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، كما أنَّ جماعات من المسيحيين مشركون في مجال المغفرة . فقد فوضت الطائفتان حق الشفاعة إلى بعض عباده سبحانه ، وعزلوه عن حقه ومقامه.
توضيح ذلك : إنَّ هناك آيات تخص الشفاعة بالله لا يشاركه فيها غيره
مثل قوله سبحانه: { وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ
مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}(1).
وقوله سبحانه: { قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(2). وغير ذلك من الآيات.
غير أنَّ بعض المشركين كانوا يعبدون الأصنام معتقدين بأنَّ الشفاعة
حق مطلق لهم ، وأنّ الله فَوّض ذلك الحقَّ إليهم يقول سبحانه: { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}(3).
وقال سبحانه :{ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا
لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلاَ يَعْقِلُونَ}(4).
فهاتان الآيتان تردان على المشركين بأنَّ الأصنام لا تملك شيئاً ، فكيف تشفع لهم؟! ، وقد أبطل سبحانه هذ المزعمة بصور مختلفة قال سبحانه:
{ وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}(5). وقال:{ وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ
الأَسْبابُ}(6) . فهذه الآيات الّتي مرّت عليك تخصّ حق الشفاعة بالله
سبحانه ، وتسلب عن الأصنام حقّها . فمن زعم أنَّ الشفاعة على وجه المِلْكِيّة التامة بيد المخلوق ، فهو مشرك.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنعام: الآية 51.
(2) سورة الزمر: الآية 44.
(3) سورة يونس: الآية 18.
(4) سورة الزُّمر: الآية 43.
(5) سورة الإِنفطار: الآية 19.
(6) سورة البقرة: الآية 166.
___________________________
أو إلى أفعاله ، أو إلى تخصيص العبادة به .
هذا هو التقسيم الدارج بين لمتكلمين لاسيما العدلية منهم ، فتراهم يقسّمون التَّوحيد إلى المراتب
المذكورة ويقولون : « ينقسم التَّوحيد إلى : التوحيد الذاتي والتَّوحيد
الصفاتي ، والتَّوحيد الأفعالي والتوحيد العبادي » .
والّذي يجب التنبيه عليه أنَّ التوحيد في الخالقية ، والربوبية ، والحاكمية ،
والتشريع من فروع التوحيد الأفعالي ، فهذا اللفظ يعمّ تلك الأقسام كلها الّتي ذكرناها ، كما يعمّ ما لم نذكر من أفعاله سبحانه ، كالمغفرة وحق الشفاعة وغيرهما . فمعنى التوحيد الأفعالي هو : تخصيص فعله سبحانه بذاته ، وأنَّه لا يقوم به إلاّ هو ،
وعلى ذلك فلو كنّا في مقام التفصيل لوجب علينا أنْ نقول : إنَّ الموحّد من
يشهد بأنَّ كل فعل يعد من خصائصه سبحانه لا يسند إلاّ إليه ، سواء أكان من
قبيل الخلق والرزق والإِحياء والإِماتة والمغفرة ، وحق الشفاعة أو غيرها.
وإنّما ذكرنا الشفاعة والمغفرة وخصصناهما بالذكر لوقوع الشرك فيهما بين المشركين في عصر الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، كما أنَّ جماعات من المسيحيين مشركون في مجال المغفرة . فقد فوضت الطائفتان حق الشفاعة إلى بعض عباده سبحانه ، وعزلوه عن حقه ومقامه.
توضيح ذلك : إنَّ هناك آيات تخص الشفاعة بالله لا يشاركه فيها غيره
مثل قوله سبحانه: { وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ
مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}(1).
وقوله سبحانه: { قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(2). وغير ذلك من الآيات.
غير أنَّ بعض المشركين كانوا يعبدون الأصنام معتقدين بأنَّ الشفاعة
حق مطلق لهم ، وأنّ الله فَوّض ذلك الحقَّ إليهم يقول سبحانه: { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}(3).
وقال سبحانه :{ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا
لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلاَ يَعْقِلُونَ}(4).
فهاتان الآيتان تردان على المشركين بأنَّ الأصنام لا تملك شيئاً ، فكيف تشفع لهم؟! ، وقد أبطل سبحانه هذ المزعمة بصور مختلفة قال سبحانه:
{ وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}(5). وقال:{ وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ
الأَسْبابُ}(6) . فهذه الآيات الّتي مرّت عليك تخصّ حق الشفاعة بالله
سبحانه ، وتسلب عن الأصنام حقّها . فمن زعم أنَّ الشفاعة على وجه المِلْكِيّة التامة بيد المخلوق ، فهو مشرك.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنعام: الآية 51.
(2) سورة الزمر: الآية 44.
(3) سورة يونس: الآية 18.
(4) سورة الزُّمر: الآية 43.
(5) سورة الإِنفطار: الآية 19.
(6) سورة البقرة: الآية 166.
___________________________
وأمَّا من قال بأنَّ هناك عباداً صالحين تقبل شفاعتهم عند الله في إطار خاص وشرائط معينة في الشفيع والمشفوع له بإذن منه سبحانه ،
فهو لا ينافي اختصاص حقّ الشفاعة بالله سبحانه . كيف وقد ورد النصّ بشفاعة طائفة عند الله بإذنه
قال سبحانه: { يَوْمَئِذٍ لاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ
وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً }(1).
وبذلك يظهر حال المغفرة ؛ فإنَّ المغفرة ، وحطّ الذنوب ، والتكفير عن السيئات حقه سبحانه ، ومَن زعم أنَّ غيره سبحانه يملك أمر الذنوب ،
ويغفرها ، ويكفر عنها ، فهو مشرك في مجال التَّوحيد الأفعالي . وقد صرّح سبحانه في الذّكْر الحكيم باختصاصها به قال عزّ وجل: { أَلاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(2).
وقال سبحانه: { فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ }(3) .
فالموحّد في هذا المجال لا يرى مثيلاً لله سبحانه في أمر المغفرة .
وأمّا الأنبياء والأولياء فلهم حقّ الاستغفار للمذنبين ، كما أنَّ
للمذنبين الرجوع إليهم ، والطلب منهم أنْ يستغفروا لهم قال سبحانه: { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}(4).
وقال سبحانه حاكياً عن أبناء يعقوب: { قَالُوا يَاأَبَانَا
اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }(5) . ومع ذلك كله فالمغفرة بيد الله سبحانه.
* * *
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة طه: الآية 109.
(2) سورة الشورى: الآية 5.
(3) سورة آل عمران: الآية 135.
(4) سورة النساء: الاية 64.
(5) سورة يوسف: الآيتان 97 ـ 98.
تعليق