ملامح النظام الديكتاتوري
بقي شيء، وهو أن الفارق بين الديكتاتورية والاستشارية واضح لكل من له أقل إلمام بالأمر، ويعرف الديكتاتور من كل مواقفه ـ وإن كانت بعض مواقفه تظهر استبداده أكثر ـ مثل:
1 ـ إن الديكتاتور يمدح نفسه وذويه بإسهاب تعريضاً وتصريحاً وتلويحاً بينما يتوقف عن مدح من سواه، وإن كان ذلك الغير أجل منه قدراً، وأحسن منه كفاءة، وقد كان عبد الكريم قاسم يقول عن ثورته: إنها ما لم يتفق مثلها منذ خمسة آلاف سنة في العراق.
2 ـ الديكتاتور يخفي على أعماله السرية، حيث يريد أن لا تنكشف عوراته لكن بالعكس من إرادته تظهر سوآته للناس، وقد قال الشاعر:
ومهما تكن عند امرء من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
3 ـ والديكتاتور يتآمر على أعدائه ويمكر بهم لإلقائهم في التهلكة ويلصق بهم التهم والأكاذيب، لكن سرعان ما يظهر تآمره وتنكشف عوراته، وقد ورد في الحديث الشريف: (ومن كشف عورات الناس انكشفت عورات بيته)(26). وسئل عليه السلام عن الحيلة؟ فقال: (في ترك الحيلة).
4 ـ ومن عادة الديكتاتور الكذب والرياء والنفاق والخدعة، وحيث أنه يعتاد تلك يظن أن الناس كذلك؟ ولذا يرميهم بها غافلاً عن أن لسان الإنسان مرآة قلبه، وقد قال المسيح عليه السلام: (كل ينفق مما عنده).
5 ـ عدم اشتراك الناس في أمور الدولة، وإنما يستبد بها هو وجماعته والمتزلفون حوله.
6 ـ عدم وجود الصحف الحرة.
7 ـ كثرة الضرائب، لتكفي نفقات مخططاته الوهمية، وقد يكون الديكتاتور سارقاً كبيراً يجمع المال لنفسه ولذويه.
8 ـ خنق الحريات حتى الرأي والكلام.
9 ـ شدة العقاب، كأن الديكتاتور يرى نفسه فوق الجميع، ولذا يعاقب بشدة وقسوة كل من خالف أمره، أو لم يطع رأيه.
10 ـ عدم كشفه عن المال كيف يصرف؟ لأنه يريد أن يصرفه لنفسه وذويه أو أهوائه، مما إذا اطلع الناس عليه منعوه عن ذلك، وحتى إذا أظهر شيئاً أظهره مجملاً مبهماً، لتكون هناك فجوة يتمكن بسببها من استلاب المال لصرفه حسب هواه.
11 ـ عدم الانتخابات إطلاقا، أو انتخابات مزيفة حسب ما يمهد الجو لمرشحه، حيث ليس هناك أحزاب حرة وصحف حرة، لتكشف زيف الانتخابات.
12 ـ كون محاكم القضاء ألعوبة بيده، ينصب من يشاء ويعزل من يشاء، ويخفف كما يريد ويشدد كما يرغب.
13 ـ إظهار المؤامرات المزيفة لتصفية من يشاء من خصومه، جسدياً أو اجتماعياً بإلصاق التهم بهم لإسقاطهم من أعين الناس.
14 ـ مصادرة أموال الناس كيف يشار، كما رأينا كيف صادر ناصر أموال التجار باسم الاشتراكية.
15 ـ العدوان على الجيران بألف اسم واسم، كما فعله ناصر وقاسم والبعث ومن إليهم.
16 ـ يرفع كل مرتبط به إلى ما يشاء من القمم ولو كانوا بدون كفاية. ويخفض كل من ليس بمرتبط به إلى ما يشاء، ولو كان له الكفاية.
17 ـ تحكيم الانتسابات على الكفاءات في موظفيه، فالمعيار في الوظيفة الولاء لا غير ذلك.
18 ـ يختفي هو وراء أعماله، فإن ظهر عند الاجتماع حسناً أظهر أنه لنفسه، وإن ظهر عند الاجتماع سيئاً جعل تبعة ذلك على غيره، وأظهر نفسه بريئاً حتى كأنه لا اطلاع له إطلاقاً، وإذا ظهر في الأمر خطأ كبير عزل إنساناً كبيراً أو قتله بتهمة أنه أخطأ ذلك، وقد قتل ناصر عامراً ليلقي بتبعة النكسة عليه.
19 ـ التكثير من البوليس السري بمختلف الأسماء والعناوين، ليضبط وحده الأمر ولا يدع مجالاً لأحد غيره.
20 ـ ما يمدحه اليوم يذمه غداً وبالعكس، لأنه يريد شخصه، وإن نادى بالهدف جعله ستاراً لديكتاتوريته، قال سبحانه: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً)(27).
21 ـ يجمع حوله الإمّعات، لأنه لا يتحمل ذوي العقول والآراء الحرة، فإنه يتلهف على المدح، ولا يطيق القدح، والأحرار يقدحون ويمدحون، بالعكس من الامّعات، حيث ليس في كيسهم إلا المدح، وفي المثل: (صديقك من صدقك، لا من صدّقك).
22 ـ يكثر من موظفي الدولة، بمختلف العناوين ليكثر حوله المصفقون وليتلافى بالكم ما فقده من الكيف ـ بزعمه ـ.
23 ـ وتبعاً لتحكيم المحسوبيات والانتسابات على الكفاءات تتحطم الزراعة والصناعة والثقافة والتجارة والتربية في عهده، حيث لا كفاءات لإدارتها.
24 ـ يحول دون الخدمات الاجتماعية فلا مدارس أهلية، ولا مؤسسات بيد الجمعيات، وهكذا، وذلك لأنه يريد انتساب كل شيء لنفسه، فلا يرضى بأن يعمل غيره عملاً خيرياً في أي من أبعاد الحياة.
25 ـ يطبع كل المؤسسات والشوارع والمشاريع باسمه وأسماء أصدقائه.
26 ـ المبالغة في ذم أعدائه بكل الوسائل وشتى الأنواع.
27 ـ جعل الحلول العسكرية الاعتباطية للقضايا بدون مراعاة الموازين الإنسانية.
28 ـ ولو تجرأ رفع نفسه على الأنبياء والمرسلين، كما قال أحد الولاة: (خليفة الرجل أفضل من رسوله، وفلان خليفة الله، أما محمد صلى الله عليه وآله فهو رسول الله، فالأموي الفلاني أفضل من رسول الله صلى الله عليه وآله).
29 ـ ويبقى دائماً في الحكم بمختلف الأسماء.
بقي شيء، وهو أن الفارق بين الديكتاتورية والاستشارية واضح لكل من له أقل إلمام بالأمر، ويعرف الديكتاتور من كل مواقفه ـ وإن كانت بعض مواقفه تظهر استبداده أكثر ـ مثل:
1 ـ إن الديكتاتور يمدح نفسه وذويه بإسهاب تعريضاً وتصريحاً وتلويحاً بينما يتوقف عن مدح من سواه، وإن كان ذلك الغير أجل منه قدراً، وأحسن منه كفاءة، وقد كان عبد الكريم قاسم يقول عن ثورته: إنها ما لم يتفق مثلها منذ خمسة آلاف سنة في العراق.
2 ـ الديكتاتور يخفي على أعماله السرية، حيث يريد أن لا تنكشف عوراته لكن بالعكس من إرادته تظهر سوآته للناس، وقد قال الشاعر:
ومهما تكن عند امرء من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
3 ـ والديكتاتور يتآمر على أعدائه ويمكر بهم لإلقائهم في التهلكة ويلصق بهم التهم والأكاذيب، لكن سرعان ما يظهر تآمره وتنكشف عوراته، وقد ورد في الحديث الشريف: (ومن كشف عورات الناس انكشفت عورات بيته)(26). وسئل عليه السلام عن الحيلة؟ فقال: (في ترك الحيلة).
4 ـ ومن عادة الديكتاتور الكذب والرياء والنفاق والخدعة، وحيث أنه يعتاد تلك يظن أن الناس كذلك؟ ولذا يرميهم بها غافلاً عن أن لسان الإنسان مرآة قلبه، وقد قال المسيح عليه السلام: (كل ينفق مما عنده).
5 ـ عدم اشتراك الناس في أمور الدولة، وإنما يستبد بها هو وجماعته والمتزلفون حوله.
6 ـ عدم وجود الصحف الحرة.
7 ـ كثرة الضرائب، لتكفي نفقات مخططاته الوهمية، وقد يكون الديكتاتور سارقاً كبيراً يجمع المال لنفسه ولذويه.
8 ـ خنق الحريات حتى الرأي والكلام.
9 ـ شدة العقاب، كأن الديكتاتور يرى نفسه فوق الجميع، ولذا يعاقب بشدة وقسوة كل من خالف أمره، أو لم يطع رأيه.
10 ـ عدم كشفه عن المال كيف يصرف؟ لأنه يريد أن يصرفه لنفسه وذويه أو أهوائه، مما إذا اطلع الناس عليه منعوه عن ذلك، وحتى إذا أظهر شيئاً أظهره مجملاً مبهماً، لتكون هناك فجوة يتمكن بسببها من استلاب المال لصرفه حسب هواه.
11 ـ عدم الانتخابات إطلاقا، أو انتخابات مزيفة حسب ما يمهد الجو لمرشحه، حيث ليس هناك أحزاب حرة وصحف حرة، لتكشف زيف الانتخابات.
12 ـ كون محاكم القضاء ألعوبة بيده، ينصب من يشاء ويعزل من يشاء، ويخفف كما يريد ويشدد كما يرغب.
13 ـ إظهار المؤامرات المزيفة لتصفية من يشاء من خصومه، جسدياً أو اجتماعياً بإلصاق التهم بهم لإسقاطهم من أعين الناس.
14 ـ مصادرة أموال الناس كيف يشار، كما رأينا كيف صادر ناصر أموال التجار باسم الاشتراكية.
15 ـ العدوان على الجيران بألف اسم واسم، كما فعله ناصر وقاسم والبعث ومن إليهم.
16 ـ يرفع كل مرتبط به إلى ما يشاء من القمم ولو كانوا بدون كفاية. ويخفض كل من ليس بمرتبط به إلى ما يشاء، ولو كان له الكفاية.
17 ـ تحكيم الانتسابات على الكفاءات في موظفيه، فالمعيار في الوظيفة الولاء لا غير ذلك.
18 ـ يختفي هو وراء أعماله، فإن ظهر عند الاجتماع حسناً أظهر أنه لنفسه، وإن ظهر عند الاجتماع سيئاً جعل تبعة ذلك على غيره، وأظهر نفسه بريئاً حتى كأنه لا اطلاع له إطلاقاً، وإذا ظهر في الأمر خطأ كبير عزل إنساناً كبيراً أو قتله بتهمة أنه أخطأ ذلك، وقد قتل ناصر عامراً ليلقي بتبعة النكسة عليه.
19 ـ التكثير من البوليس السري بمختلف الأسماء والعناوين، ليضبط وحده الأمر ولا يدع مجالاً لأحد غيره.
20 ـ ما يمدحه اليوم يذمه غداً وبالعكس، لأنه يريد شخصه، وإن نادى بالهدف جعله ستاراً لديكتاتوريته، قال سبحانه: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً)(27).
21 ـ يجمع حوله الإمّعات، لأنه لا يتحمل ذوي العقول والآراء الحرة، فإنه يتلهف على المدح، ولا يطيق القدح، والأحرار يقدحون ويمدحون، بالعكس من الامّعات، حيث ليس في كيسهم إلا المدح، وفي المثل: (صديقك من صدقك، لا من صدّقك).
22 ـ يكثر من موظفي الدولة، بمختلف العناوين ليكثر حوله المصفقون وليتلافى بالكم ما فقده من الكيف ـ بزعمه ـ.
23 ـ وتبعاً لتحكيم المحسوبيات والانتسابات على الكفاءات تتحطم الزراعة والصناعة والثقافة والتجارة والتربية في عهده، حيث لا كفاءات لإدارتها.
24 ـ يحول دون الخدمات الاجتماعية فلا مدارس أهلية، ولا مؤسسات بيد الجمعيات، وهكذا، وذلك لأنه يريد انتساب كل شيء لنفسه، فلا يرضى بأن يعمل غيره عملاً خيرياً في أي من أبعاد الحياة.
25 ـ يطبع كل المؤسسات والشوارع والمشاريع باسمه وأسماء أصدقائه.
26 ـ المبالغة في ذم أعدائه بكل الوسائل وشتى الأنواع.
27 ـ جعل الحلول العسكرية الاعتباطية للقضايا بدون مراعاة الموازين الإنسانية.
28 ـ ولو تجرأ رفع نفسه على الأنبياء والمرسلين، كما قال أحد الولاة: (خليفة الرجل أفضل من رسوله، وفلان خليفة الله، أما محمد صلى الله عليه وآله فهو رسول الله، فالأموي الفلاني أفضل من رسول الله صلى الله عليه وآله).
29 ـ ويبقى دائماً في الحكم بمختلف الأسماء.