التَّحفيز لاستخدَام ثَقافة Please ..!
مِن الوَاضِح أنَّ الثَّقافة العَربيّة ثَقافة مُنتجة للدَّفَاشَة، والكَلَام القَاسي، والتَّخاطُب بلُغة “السيّد أو الكَفيل”، حيثُ نَجدها لُغة جَافَّة حَارَّة، وكَأنَّها أجوَاء غَابة استوائيّة أو صحرَاء مَرميّة.. ولكي يَتَّضح المَقَال لابد مِن المِثال، فلنَبدأ بهِ:
في حدُود عَام 2005م، كَانت رحلتي لبريطَانيا للدّراسَة، لِذَا كَان يَجب عليَّ أن أغيّر نَبرة صَوتي، وطَريقة إرسَال الأوامِر، أو حتَّى الرَّد عَلى الأسئلَة التي تُوجَّه إليَّ..!
لقَد سَكنتُ مَع عَائلة لَديها أبٌ حَكيم، سَألني حِين وَصلتُ إليهم لَيلًا: هَل تُريد عَشاءً..؟ فقُلتُ بكُلِّ جَلافة – بَعض الأعرَاب والبَدو – التي تَربّيت عَليها: نَعم، هَكذا حَاف بلا تَزويق، كَأنَّها لَيمونة جَافَّة..!
ثُمَّ تَناولتُ العَشَاء، فقَال لِي بَعدها: يَا أحمد، هُنا في بريطَانيا لَدينا كَلمات مُتلازمة مِثل الزّوجة والزّوج، لا يُمكن أن تَنفصل عَن بَعضها، فمَثلًا: إذَا سَألكَ أحدُهم قَائلًا: هَل تُريد خُبزًا، فيَجب –أقول يَجب – أن تَقول: نَعم، لَو سَمحت.. أو لا، شُكرًا، ولا إجابَة غَير ذَلك..!
هَذه فِكرة مُبسَّطة عَن ثَقافة “الشُّكر”، التي نَحتاجها في مُجتمعنا، تَأمَّلوا خطَاباتنا وأوَامرنا وطَلبَاتنا، تَجدونها جَافَّة كأنَّها صحرَاء قَاحلة، أحدُهم يَقول: اعطني فُلان… هَكذا، والآخر يَقول: اعطني المحبَّة، و”أم كلثوم” تَقول: اعطني حُريّتي، كُلّها أوَامر.. أكثَر مِن ذَلك، هُنالك مَن يَستخدم أسلوبًا جَافًّا في الدَّعوة إلى الصّلاة فيَقول: صَلِّ يا وَلَد، وثَالث يَقول: ضف وَجهك، ورَابع يَقول: رُح لقسم الرّخُص، وخَامس يَقول: ارسل المقَال، وسَادس يَقول: جِيب مَعَاك جرَاك، وسَابع يَقول: غسّل السيّارة يا وَلد، وثَامن يَقول: رَاجعنا بُكرة، وهكَذا، طَلبات وأوَامر جَافَّة، وكأنَّ المُتلقِّي شَخص لا قِيمَة لَه..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّنا بحَاجة إلى تَعلُّم أبجديّات الشكر والإتيكيت، لأنَّ هَذه الأدبيّات البَسيطة يَرضعها أطفَال بريطَانيا مَع حَليب أُمهَاتهم، ويَتعلّمونها كجُزء مِن السّلوك العَام، الذي كُتب وكَأنَّه قَانون شَفوي وتَعليمات صَامتة، يَجب عَلى الجَميع تَطبيقها، ومَن دَخَلَ بريطَانيا يَجب أن يَتصرَّف كالبريطَانيين، في حِين أنَّ مُجتمعاتنا العَربيّة مَازَالت لَم تَخرج مِن سَنة أُولَى سلوك.. وفي النّهاية أقول: اللهمَّ حسِّن خُلُقنَا كَما أحسَنتَ خَلْقنَا..!
أحمد عبدالرحمن العرفج