إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أعجز النّاس من عجز عن اكتساب الإخوان، و أعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أعجز النّاس من عجز عن اكتساب الإخوان، و أعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    قال سيد البلغاء وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه صلوات المصلين

    أعجز النّاس من عجز عن اكتساب الإخوان، و أعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم. «1»

    روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بكى لمّا قتل جعفر بمؤتة، وقال: المرء كثير بأخيه. «2»
    وكان أبو أيّوب السجستانيّ «3» يقول: إذا بلغني موت أخ لي، فكأنّما سقط عضو منّي. «4»
    قال الشاعر:
    أخاك أخاك [إنّ‏] من لا أخا له *** كساع إلى الهيجا بغير سلاح‏
    وإنّ ابن عمّ المرء فاعلم جناحه *** وهل ينهض البازي بغير جناح‏ «5»

    شرح حكم نهج البلاغة / الشيخ عباس القمي رحمه الله

    الهوامش
    ــــــــــــــــ
    (1) نهج البلاغة، الحكمة 12
    (2) شرح ابن أبي الحديد 18- 112
    (3) في المصدر: السختياني‏
    (4) و
    (5) شرح ابن أبي الحديد 18- 112- 113

  • #2
    درس
    من وصايا سيد البلغاء وإمام الاتقياء سلام الله عليه


    (1)
    "احْمِلْ نَفْسَكَ مِنْ أَخِيكَ عِنْدَ صَرْمِهِ عَلَى الصِّلَةِ، وَعِنْدَ صُدُودِهِ عَلَى اللَّطَفِ وَالْمُقَارَبَةِ، وَعِنْدَ جُمُودِهِ عَلَى الْبَذْلِ، وَعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ، وَعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ، وَعِنْدَ جُرْمِهِ عَلَى الْعُذْرِ، حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ، وَكَأَنَّهُ ذُو نِعْمَة عَلَيْكَ. وَإِيَّاكَ أَنْ تَضَعَ ذلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَوْ أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ أَهْلِهِ، لاَ تَتَّخِذَنَّ عَدُوَّ صَدِيقِكَ صَدِيقاً فَتُعَادِيَ صَدِيقَكَ، وَامْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ، حَسَنةً كَانَتْ أَمْ قَبِيحَةً".

    تمهيد

    كما حث الإسلام الناس على اكتساب الإخوان حتى جعل ذلك من علامات القدرة والقوة، فقد ورد في رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم"1.

    كذلك وردت الرواية وتعاليم أئمة أهل البيت عليهم السلام بتحديد قواعد العلاقة التي ينبغي أن تكون بين الإخوان، والتي تحفظ هذه المودة التي تكون بينهم. وهذه القواعد هي التي يوصي بها الإمام عليه السلام ولده.


    وقد ورد في التشريع الأخلاقي الإسلامي بيان مجموعة من الحقوق الثابتة بين الإخوان، وقد ورد في رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع هذه الحقوق والتي تصل إلى ثلاثين حقاً:

    "للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً، لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو! يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضه، ويشهد ميته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافئ صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمت عطسته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويطيب كلامه، ويبر أنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالي وليه، ولا يعاديه، وينصره ظالما ومظلوما، فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه، ولا يسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه"2.


    عدم قطيعة الإخوان


    إن ارتباك علاقة المؤمنين ببعضهم مما أكد عليه الإمام عليه السلام، ومن مفردات العلاقة الحسنة:


    1 - "إحمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة".

    الصرم هو الصد والقطيعة، هل أبادر إذا قاطعني أي أخ من الأخوان بسبب مبرر أو دون سبب مبرر إلى مقاطعته أيضاً؟ إن العداوة تستمر وتكبر بسبب المبادرة إلى المقابلة بالمثل وهذا لا ينبغي ان يكون عليه الحال بين الإخوان، فمبدأ المقابلة بالمثل هو بين الأعداء لا بين الإخوان.

    عن الإمام علي عليه السلام: "لا تتبع أخاك بعد القطيعة وقيعة فيه، فيسد عليه طريق الرجوع إليك، فلعل التجارب ترده عليك"3.


    وعنه عليه السلام: "لا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته"4.


    2- "وعند صدوده على اللطف والمقاربة".

    قد تجد لدى أخيك نوعاً من الجفاء والصدود، ومقابل ذلك عليك ان تبادر إلى مودته وإظهار اللطف به، ويكفي فائدة في ذلك أن تقصد به وجه الله عزوجل كما ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "النظر إلى الأخ توده في الله عزوجل عبادة"5.

    3- "وعند جموده على البذل".

    لو وجدت من أخيك نوعا من الاحجام عن الكرم او الانفاق، او شيئا من البخل فلا تبادله ذلك بالبخل عليه او الجمود بل بادر بالبذل له فإنك بذلك تخرجه عن تلك الحالة إلى حالة الكرم.

    4- "وعند تباعده على الدنو".

    قد لا يبادر الأخ إلى القطيعة ولكنه يبتعد، فلا تبادر بدورك إلى الابتعاد، بل بادر إلى الدنو والاقتراب منه، فلعله يعاني من مشكلة لم يحب أن يطلعك عليها، فإذا وجد أنك لم تبادله بالبعد، بل بقيت على دنوك منه بادر إلى إطلاعك، فكنت عونا له للخلاص من مما يعانيه.

    5- "وعند شدته على اللين".

    الإنسان خاضع لما يحيط به من ظروف وما يعيشه من حالات، فقد يبادر إلى استعمال القسوة او الشدة مع إخوانه وسواء كان ذلك مبرراً له او غير مبرر، فإن ما ينبغي لنا المبادرة إليه هو ان نعامله بلين ونحمل فعل الشدة منه على العذر.

    6- "وعند جرمه على العذر حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك".

    إذا أساء لك أخوك فلا تبادره بالإساءة بل بادره بالإحسان محتملا له العذر، فقد ورد في الرواية عن الإمام علي عليه السلام - في وصيته لمحمد بن الحنفية -: "لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب، لعل له عذرا وأنت تلوم به".

    الحذر في العلاقة


    1- "إياك أن تضع ذلك في غير موضعه أو أن تفعله بغير أهله".

    الإمام الصادق عليه السلام: "الإخوان ثلاثة: فواحد كالغذاء الذي يحتاج إليه كل وقت فهو العاقل، والثاني في معنى الداء وهو الأحمق، والثالث في معنى الدواء فهو اللبيب"6.

    وعنه عليه السلام: "الإخوان ثلاثة: مواس بنفسه، وآخر مواس بماله، وهما الصادقان في الإخاء، وآخر يأخذ منك البلغة، ويريدك لبعض اللذة، فلا تعده من أهل الثقة"7.


    2- "لا تتخذن عدو صديقك صديقاً فتعادي صديقك".

    لا شك في أن الإنسان لا يمكنه أن يصادق عدوه، أو أن يصادق عدو صديقه، لأن مجرد صداقة العدو تجعل من النفس تستريب وتشك في أن تكون الصداقة غير خالصة، بل مشوبة بنوع من النفاق.

    3ـ "وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة".

    النصيحة للأخ كما تكون بطلب من ذلك الأخ، وذلك متى وقع في مشكلة او أراد أمرا وطلب النصيحة فيه، وإما أن تكون ابتداء متى وقع الأخ فيما لا يرضى به الله عز وجل، أو ابتعد عن طريق الحق، فقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "من رأى أخاه على أمر يكرهه فلم يرده عنه وهو يقدر عليه فقد خانه"8.

    وفي رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام قال: "أما حق أخيك، فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله".


    خلاصة الدرس


    - أوصى الأئمة عليهم السلام بمجموعة من القواعد التي يضمن اتباعها حفظ المودة بين الإخوان، وما ورد في وصية الإمام علي عليه السلام هو التالي:


    أ- عدم المبادرة إلى قطيعة الأخ وإن صدرت القطيعة منه، بل مقابلة القطيعة بالصلة.

    ب- مبادرة صد الأخ باللطف والإحسان.
    ج- مقابلة البخل لو صدر من الأخ بالكرم والعطاء.
    د- مقابلة الابتعاد بالدنو والاقتراب.
    هـ- مقابلة الشدة والقسوة بالرحمة واللين.
    و- مقابلة الإساءة بحمله على وجود عذر له في فعله ذلك.


    - بعد ان يوضع الإمام هذه القواعد يحذر من أن يقع ذلك في غير موضعه أي مع غير أهله.


    هوامش
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ

    1- المجلسي -محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة: ج 74 / ص 278.
    2- بحار الأنوار- 74 / 236.
    3- بحار الأنوار- 77 / 209.
    4- نهج البلاغة: الكتاب 31.
    5- بحار الأنوار- 74 / 279.
    6 - 7- الحراني - ابن شعبة - الوفاة: ق 4- تحف العقول- الطبعة: الثانية - مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة - ص 323.
    8- بحار الأنوار- 75 / 65.

    تعليق


    • #3
      درس
      من وصايا سيد البلغاء وإمام الاتقياء سلام الله عليه

      (2)

      "وَإِنْ أَرَدْتَ قَطِيعَةَ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً يَرْجِعُ إِلَيْهَا إِنْ بَدَا لَهُ ذلِكَ يَوْماً مَّا، وَمَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْراً فَصَدِّقْ ظَّنهُ، وَلاَ تُضِيعَنَّ حَقَّ أَخِيكَ اتِّكَالاً عَلَى مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّه، وَلاَ يكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَى الْخَلْقِ بِكَ، وَلاَ تَرْغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ فِيكَ، وَلاَ يَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَى عَلَى قَطِيعَتِكَ مِنْكَ عَلَى صِلَتِهِ، وَلاَ تكُونَنَّ عَلَى الْإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الْإِحْسَانِ".

      تمهيد


      بعد أن نهت التعاليم الأخلاقية الإسلامية عن القطيعة، ودعت إلى عدم اللجوء إليها بين الإخوان، أراد الإمام أن يعالج ما قد يقع خارجا من قبل الناس من القطيعة أحيانا، فلعل مشكلة ما أو سببا ما يؤدي إلى حصول القطيعة بين أخوين، فهل ينبغي أن تكون هذه القطيعة لا رجعة فيها؟ والجواب بالنفي فهذا هو الذي يحذّر منه الإمام عليه السلام فيحث في وصيته على أن يبقي الإنسان شيئا من الصلة لعل القلوب تعود إلى صفائها فتكون في تلك البقية فرصة لإعادة العلاقة الأخوية.


      ومن طرق ذلك أن لا يلجأ الإنسان بعد قطيعة أخيه إلى الوقيعة فيه بأن يبدأ بكيل الاتهام إليه أو بيان بعض عيوبه أو مثالبه، بل لو لجأ بعد القطيعة إلى الصمت وتجنب التعرّض له بالسوء فإن ذلك سوف يبقي أمامه خط العودة إلى سابق العهد وهذا ما وردت به الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا تتبع أخاك بعد القطيعة وقيعة فيه، فيسد عليه طريق الرجوع إليك، فلعل التجارب ترده عليك"1.


      كن عند حسن ظن أخيك


      "ومن ظن بك خيراً فصدق ظنه".

      إن من أهم الأسباب المؤدية إلى العداوة والقطيعة أن يطلب الأخ من أخيه شيئا فلا يستجيب له أو أن يتوقع منه المبادرة إلى أمر فلا يبادر إلى ذلك، كما لو وقع في ضيق أو حاجة فلم يجد استجابة أو مبادرة، وكلما استحكمت العلاقة واشتدت الصداقة، زاد توقع الإنسان من أخيه وزاد أمله فيه.


      من هذه النقطة بالذات ينطلق الإمام ليدعو في وصيته إلى أن يكون الإنسان عند حسن ظن أخيه، من خلال الاستجابة لطلبه او المبادرة إلى رفع حاجته.


      وقد وردت الروايات لتنهى بشدة عن التخلف عن الاستجابة لقضاء حوائج
      الإخوان ففي الرواية عن الإمام الكاظم عليه السلام قال: "من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه - فقد قطع ولاية الله عزوجل"2.

      وكذلك ورد الحث في الروايات على المبادرة إلى رفع ما يقع فيه الأخ من الضيق وعدم انتظار طلبه لذلك ففي الرواية عن الإمام علي عليه السلام: "لا يكلف أحدكم أخاه الطلب إذا عرف حاجته"3.

      فالطلب أمر صعب، ومن النفوس من تتحرج من ذلك مهما بلغت بها الحاجة، فلا ينبغي انتظار ذلك منهم، بل يسعى لقضاء حوائجهم بما لا يوقعهم في أي حرج.

      راعِ حق أخيك


      "ولا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه".


      لكل صلة وعلاقة تقوم في هذه الدنيا نوع من الحقوق، فللأب حق وللأم حق، وللأخوة حق. وما لا بد منه هو الحذر من تضييع حقوق الإخوان.


      وقد وردت الرواية التي تحذّر من ذلك، ففي رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا، فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له وعليه"4.


      فالتقصير في حقوق الإخوان لا يؤدي إلى سقوطها.


      والسبب في التقصير في حقوق الإخوان كما يكون أحيانا عن سبق تصميم، قد يصدر أحيانا من خلال التهاون والاتكال على الصداقة والأخوة، وهذا ما يحذّر
      منه الإمام عليه السلام، وأن الأخوة لا تعني إطلاقا التقصير في أداء الحقوق فإن ذلك سوف يؤدي إلى حدوث القطيعة.

      وأدنى هذه الحقوق بحسب ما ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: عنه عليه السلام في بيان حقوق المؤمن على المؤمن: "أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك"5.


      الحرص على العلاقة


      1- "ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته".

      كما يصل الإنسان رحمه عليه أن يصل إخوانه، وصلة الإخوان ممكنة من خلال اللجوء إلى طرق متعددة وقد وردت الروايات ببيان بعض هذه الطرق، منها ما ورد عن لإمام الكاظم عليه السلام: "إن من واجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئا تنفعه به لأمر دنياه وآخرته، ولا تحقد عليه وإن أساء، وأجب دعوته إذا دعاك، ولا تخل بينه وبين عدوه من الناس وإن كان أقرب إليه منك، وعده في مرضه"6.


      فهذه المفردات التي تعرضت لها الرواية هي عبارة عن أنواع من الصلة، والتقصير فيها او فعل ما يقابلها هو عبارة عن القطيعة.


      فلو فرض أن أخاً لك بادر إلى التقصير في واحدة منها، فلا تجعله أقوى منك بل عليك ان تسعى لأن تكون لك الغلبة بأن تبادر إلى صلته، ومواجهة تقصيره بأداء الواجب معه، وقد ورد في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا يفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة، وربما استحق ذلك كلاهما، فقال له معتب: جعلني الله فداك هذا الظالم فما بال المظلوم ؟. قال: لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته"7.


      وورد في رواية أخرى تحديد قطيعة الأخ وهجرانه بثلاثة أيام فعن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم، وخرج المسلم من الهجرة"8.


      وفي رواية أخرى عن الإمام الباقر عليه السلام: "ما من مؤمنين اهتجرا فوق ثلاث إلا وبرئت منهما في الثالثة، فقيل له: يا بن رسول الله هذا حال الظالم فما بال المظلوم؟ فقال عليه السلام: ما بال المظلوم لا يصير إلى الظالم فيقول: أنا الظالم حتى يصطلحا؟!"9.


      2- "ولا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان"


      الإحسان إلى الناس فضيلة بحد ذاته، وقد وردت الآيات والروايات بالحث عليه فورد قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾10.


      بل وردت الروايات بالحث على الإحسان حتى لمن أساء، وهذا هو المراد من وصية الإمام عليه السلام بأن يكون المؤمن أقوى على الإحسان من غيره على الإساءة، ففي رواية عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: "اجعل جزاء النعمة عليك، الإحسان إلى من أساء إليك"11.


      ولمبادلة الإساءة بالإحسان أثر تربوي مهم تعرضت له الروايات وهو عبارة عن إصلاح المسيء وردعه عن الإساءة وتكرارها ففي رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "أصلح المسيء بحسن فعالك، ودل على الخير بجميل مقالك"12.


      خلاصة الدرس


      ـ لو وقعت القطيعة بين الإخوان، فلا ينبغي قطع كافة قنوات الود والمحبة، بأن يبدأ بكيل الاتهامات او ذكر عيوب أخيه، بل عليه أن يلجأ إلى الصمت لعله يأتي يوم وتعود العلاقة إلى سابق عهدها.


      ـ يدعو الإمام عليه السلام في وصيته إلى أن يكون الإنسان عند حسن ظن أخيه، من خلال الاستجابة لطلبه او المبادرة إلى رفع حاجته.


      ـ لا بد من الحذر من الوقوع في التهاون أو التقصير في حقوق الإخوان.


      ـ لا بد وأن يبادر الإنسان إلى الإحسان، حتى لمن أساء له فإن لذلك أثر تربوي مهم يتمثل في هداية المسيء إلى طريق الحق.


      للمطالعة

      روي أن شامياً رأى الإمام الحسن عليه السلام راكباً فجعل يلعنه والحسن عليه السلام لا يرد، فلما فرغ أقبل الحسن عليه السلام فسلم عليه وضحك، فقال: أيها الشيخ أظنك غريبا ولعلك شبهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعا أشبعناك، وإن كنت عريانا كسوناك، وإن كنت محتاجا أغنيناك، وإن كنت طريدا آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأن لنا موضعا وجاها عريضا ومالا كثيرا. فلما سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت وأبوك أبغض خلق الله إلي، والآن أنت أحب خلق الله إلي، وحول رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل وصار معتقداً لمحبتهم.

      وحكى أن مالك الأشتر رضي الله عنه كان مجتازا بسوق الكوفة وعليه قميص خام وعمامة منه فرآه بعض أهل السوق فازدرى بزيِّه فرماه ببندقة تهاوناً به.

      فمضى ولم يلتفت فقيل له ويلك أتدري بمن رميت فقال: لا، فقيل له: هذا مالك صاحب أمير المؤمنين عليه السلام فارتعد الرجل ومضى إليه ليعتذر منه فرآه وقد دخل المسجد وهو قائم يصلى، فلما انفتل أكبَّ الرجل على قدميه ليقبلها فقال: ما هذا الأمر فقال: اعتذر إليك مما صنعت فقال: لا بأس عليك فوالله ما دخلت المسجد إلا لأستغفر لك.


      هوامش
      ــــــــــــــــــــــــــــــــ

      1- المجلسي -محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء ,الطبعة الثانية المصححة: ج 77 / ص 209.
      2- الكليني-الكافي- دار الكتب الإسلامية ,آخوندي-الطبعة الثالثة - ابن بابويه- علي- فقه الرضا-مؤسسة أهل البيت: 2 / 336.
      3- الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث , الطبعة الأولى - ج 1 ص 49.
      4- بحار الأنوار- : 74 / 236.
      5- الكافي- 2 / 169.
      6- الكافي- 8 / 126.
      7- ميزان الحكمة- ج 4 ص 3436.
      8- ميزان الحكمة- ج 4 ص 3437.
      9- بحار الأنوار- 75 / 188.
      10- النحل: 90.
      11- 12- غرر الحكم: 2273.

      تعليق


      • #4
        اين نحن من هذا الكلام

        على هذه المواصفات لايوجد اخوة الان

        للاسف

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة نصير الغائب
          اين نحن من هذا الكلام

          على هذه المواصفات لايوجد اخوة الان

          للاسف
          ياعمار إذا سلك الناس واديا وسلك علي واديا فأسلك وادي علي
          وما اكثرالعبر واقل الاعتبار
          وما توفيقنا الا بالله

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة نصير الغائب
            اين نحن من هذا الكلام

            على هذه المواصفات لايوجد اخوة الان

            للاسف


            فعلا للأسف

            ما أحلى كلام محمد وآل محمد عليهم صلوات ربي عليهم


            لكن أين التطبيق ؟ ومن يلتزم بأوامرهم وبكلماتهم

            القلة

            ومؤدب الناس بسيرته خير من مؤدبهم بكلامه

            مو المهم الحجي المهم الفعل

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X