بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين
عائشة جمعت أربعين دينارا من خيانتها
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين
عائشة جمعت أربعين دينارا من خيانتها
قال الحافظ رجب البرسي في كتاب مشارق الأنوار:
الفصل الرابع (في أسرار الحسن بن علي عليهما السلام) :
فمن ذلك: أنه لما قدم من الكوفة جاءت النسوة يعزينه في أميرالمؤمنين عليه السلام، ودخلت عليه أزواج النبي صلى الله عليه وآله، فقالت عائشة:
يا أبا محمد ما مثل فقد جدك إلا يوم فقد أبوك،
فقال لها الحسن: نسيت نبشك في بيتك ليلا بغير قبس بحديدة، حتى ضربت الحديدة كفك فصارت جرحا إلى الآن. فأخرجت جردا [كيسا] أخضر فيه ما جمعتها من خيانة حتى أخذت منه أربعين دينارا عددا لا تعلمين لها وزنا ففرقتيها في مبغضي علي صلوات الله عليه من تيم وعدي، وقد تشفيت بقتله،
فقالت: قد كان ذلك.
البرسي الحلي، رضي الدين رجب بن محمد بن رجب المعروف بالحافظ (المتوفى813هـ)، مشارق أنوار اليقين في أسرار أميرالمؤمنين عليه السلام، ص129، تحقيق العلامة السيد علي عاشور، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت، الطبعة: الأولى ـ 1419هـ ـ 1999م.
تحليل الرواية:
اولا:
بالإغماض عن سند الرواية، المقصود من الخيانة الخيانة في المال.
ذكر ابن حجر العسقلاني في شرح رواية البخاري: «وَلَوْلا حَوَّاءُ لم تَخُنَّ أُنْثَى زَوْجَهَا» (صحيح البخاري، ج3، ص1212، ح3152، كِتَاب الْأَنْبِيَاءِ، بَاب خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عليه وَذُرِّيَّتِهِ)، ذكر معنى خيانة حواء عليها السلام بقوله:
فيه إشارة إلى ما وقع من حواء في تزيينها لآدم الأكل من الشجرة حتى وقع في ذلك فمعنى خيانتها أنها قبلت ما زين لها إبليس حتى زينته لآدم ولما كانت هي أم بنات آدم أشبهها بالولادة ونزع العرق فلا تكاد امرأة تسلم من خيانة زوجها بالفعل أو بالقول وليس المراد بالخيانة هنا ارتكاب الفواحش حاشا وكلا ولكن لما مالت إلى شهوة النفس من أكل الشجرة وحسنت ذلك لآدم عد ذلك خيانة له، وأما من جاء بعدها من النساء فخيانة كل واحدة منهن بحسبها.
العسقلاني الشافعي، أحمد بن علي بن حجر أبوالفضل (المتوفى852 هـ)، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج6، ص368، تحقيق: محب الدين الخطيب، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت.
وقال الله عزوجل في الآية 10 من سورة التحريم مخبرا عن خيانة زوجتي نوح ولوط لهما:
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلين).
وجميع الشيعة واغلب كبار العامة متفقين على انه ليس المراد من «فَخانَتاهُما» الفحشاء بمعنى الزنا، بل إن امراءة نوح ولوط كانتا تنقلان أخبار أنبياء الله إلى الكفار، وبسبب ذلك استحقا عذاب الله مع الكافرين.
قال القرطبي المفسر المشهور عند العامة في تفسير هذه الآية:
وقوله: « فَخانَتاهُما» يعني في الدين لا في الفراش وذلك أن هذه كانت تخبر الناس أنه مجنون وذلك أنها قالت له: أما ينصرك ربك فقال لها: نعم قالت: فمتى قال: إذا فار التنور فخرجت تقول لقومها: يا قوم والله إنه لمجنون يزعم أنه لا ينصره ربه إلا أن يفور هذا التنور فهذه خيانتها.
وخيانة الأخرى أنها كانت تدل على الأضياف.
الأنصاري القرطبي، ابوعبد الله محمد بن أحمد (المتوفى671هـ)، الجامع لأحكام القرآن، ج9، ص47، الناشر: دار الشعب ـ القاهرة.
وهو عين ما عليه بقية المفسرين الشيعة والعامة.
ومن هنا يتضح أن ارتكاب مثل هذه الآثام ـ التي يعبّر عنه بـ (الخيانة) في كلام العرب ـ من نساء الأنبياء لا إشكال فيه، أما خيانة الشرف (الزنا) فأنها لارتباطها مباشرة بشرف الأنبياء فهي غير قابلة للقبول وغير ممكنة بحقهم عند علماء الشيعة والعامة.
ثانيا:
نجد في متن الرواية أن المفهوم من معنى الخيانة في رواية الحافظ رجب البرسي الخيانة في بيت مال المسلمين والأموال التي كانت ترسل لها من معاوية وتقوم هي بتوزيعها بين المسلمين لجلب رضا الناس عنه ونفورهم من علي بن أبي طالب، لا أن تكون الخيانة بمعنى (الزنا)؛ لأنه جاء في ذيل الرواية:
ففرقتيها في مبغضي علي صلوات الله عليه من تيم وعدي، وقد تشفيت بقتله.
يتبع..
تعليق