بسمه تعالی
اجوبة المسائل الاعتقادیة
الموجهة الی سماحة آیة الله العظمی السید محمد الشاهرودی دام ظله – الصفحة 15
فضائل سیدتنا فاطٍمة الزهراء سلام الله علیها
سؤال - هناك من ينكر فضائل الزهراء (عليها السلام)ويقول انها امرأة عادية مثل سائر النساء ، غاية الامر انها جاهدت وعبدت فبلغت مقاما عاليا يمكن لغيرها من النساء أن تبلغه إذا مامضت على الطريق نفسه وتوفرت لها الظروف نفسها ، ويقول «لنجرب أن نجد أكثر من فاطمة في أكثر من موقع مارأيكم في ذلك؟
جواب : واما فضائل سيدتنا الزهراء (عليها السلام)فهي لاتحصى وقد تواترت الروايات في فضائلها ومناقبها من الفريقين .
ويستفاد من مجموعها ان للزهراء (عليها السلام)خصوصية ومقاماً لايمكن ان يدركها سائر العباد ولو بكثرة العبادة والجهاد ، نعم لاريب في ان لكثرة العبادة اثراً كبيراً في الكمال النفسي وانه بامكان كل احد التكامل والتقدم لان باب التوفيق والتأييد من الله تعالى مفتوح على وجه الكل .
لكن هناك خصوصيات تكوينيّة وأموراً غيبيّة تدخلت في تكوّن الزهراء (عليها السلام)اوجبت تفوّقها بشكل لايمكن لاحد الوصول الى مقامها بالاضافة الى الكمالات الحاصلة بالاكتساب من جهة العبادة والجهاد والايثار وما الى ذلك .
روى السيوطي في تفسير الدر المنثور في قوله تعالى «سبحان الذي اسرى . . .» عن عائشة قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لما اسرى بي الى السماء ادخلت الجنة فوقفت على شجرة من اشجار الجنة لم أر في الجنة احسن منها ولا ابيض ورقا ولا اطيب ثمرة ، فتناولت ثمرة من ثمراتها فاكلتها فصار نطفة في صلبي ، فلما هبطت الى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فاذا انا اشتقت الى ريح الجنة شممت ريح فاطمة .
وروى المُلاّ في سيرته :«النبي (صلى الله عليه وآله) قال اتاني جبريل بتفاحة من الجنة فاكلتها وواقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فقالت اني حملت حملاً خفيفا ، فاذا خرجت حدثني الذي في بطني ، فلما ارادت ان تضع بعثت الى نساء قريش لتأتينها فيلين منها ماتلي النساء ممن تلد ، فلم يفعلن وقلن : لانأتيك وقد صرت زوجة محمد فبينما هي كذلك اذ دخل عليها اربع نسوة عليهن من الجمال والنور مالا يوصف ، فقالت لها احداهن : انا امك حواء ، وقالت الاخرى أنا آسية بنت مزاحم ، وقالت الاخرى أنا كلثم اخت موسى ، وقالت الاخرى أنامريم بنت عمران ام عيسى ، جئنا لنلي من امرك ماتلي النساء ، قالت : فولدت فاطمة سلام الله عليها فوقعت حين وقعت على الارض ساجدة رافعة أصبعها» (1) .
وبهذا المضمون نصوص كثيرة في مستدرك الصحيحين وذخائر العقبى وتاريخ بغداد وغيرها من كتب السنة (2) .
وأمّا الروايات من طرقنا فهي كثيرة متضافرة وبعضها صحيحة السند (3) ، ومن هنا نعرف ان الزهراء سلام الله عليها كانت تتمتع بعنايات خاصة ربانية في مراحل تكوينها وحياتها لايمكن الوصول اليها لغيرها مهما بلغت عبادتهم وجهادهم .
فأولاً : مرحلة تكوين نطفتها فان النبي (صلى الله عليه وآله)الذي ينجذب اليه الخلق هو بدوره انجذب الى الشجرة التي هي أصل خلقة الزهراء (عليها السلام)حيث اعرب عن ذلك بقوله : «لم أر في الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقاً . . .» ، فنطفتها من ثمر الجنة سواء أتناوله (صلى الله عليه وآله)في الجنة كما يظهر من الرواية السابقة ، أم تناولها في الارض من يد جبريل بعد صيام أربعين يوماً كما تدل عليه روايات أخرى .
وثانياً : مرحلة كونها جنيناً حيث كانت تحدّث امها وتؤنسها وهي في بطنها كما عرفت ذلك من الرواية الثانية .
وثالثاً : مرحلة ولادتها حيث حضرتها وقامت بخدمتها النساء الاربع حواء وآسية ومريم وكلثم اخت موسى بن عمران كما بينتها الروايات من السنة والشيعة ، ومنها الرواية المتقدمة المروية عن ذخائر العقبى .
هذه مراحل تكوينها جسماً ، وأمّا بالنسبة الى خلقة روحها فحدِّث ولا حرج ، فان السنخية بين الجسم والروح تدل على مدى عظمة الروح التي هيأ لاجلها هذه الجسم المهم وقد جاء في الحديث المعتبر انها كانت قبل خلقتها نوراً بظل العرش يقدس الله ويسبحه ويهلله ويحمده وقد ارتفع بها الظلمة التي كانت محيطة بالملائكة (4) .
وهناك نواحي أخر في حياتها تبرز فيها العناية الربانية الخاصة لها ، منها قضية تزويجها ، فانه كان بأمر من الله تعالى (5) ، وانه تعالى زوجها في السماء بعلي بن ابي طالب(عليه السلام)حيث جاء في ذخائر العقبى عن أنس :
«بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله)في المسجد اذ قال لعلي ، هذا جبريل يخبرني أن الله زوجك فاطمة ، واستشهد على تزويجها أربعين ألف ملك» الحديث (6) .
ورابعاً : عدم طمثها ، كما جاء في تاريخ بغداد عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «ابنتي فاطمة حوراء آدميّة لم تحض ولم تطمث » (7) ، وذكره ابن حجر أيضاً وقال : أخرجه النسائي (8) .
وفي ذخائر العقبى : « . . . فقلت : يارسول الله (صلى الله عليه وآله)إني لم أر لها دماً في حيض ولا نفاس ! فقال (صلى الله عليه وآله) : أما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهرة لايرى لها دم في طمث ولا ولادة»(9) .
فهذه بعض فضلها ومقامها السامي لم ولا ولن يدانيها أحد ، وقد تجلى ذلك في الايات القرآنيّة كآيات التطهير(10)
والمباهلة (11) والقربى (12)، وهل أتى وغيرها ، وعلى لسان النبي(صلى الله عليه وآله)الذي لاينطق عن الهوى بقوله (صلى الله عليه وآله) : «أنت سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين» و «إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها» و «فاطمة أمّ ابيها» الذي فيه من الاشارات على عظمتها وكمالها الخاص بها مالا يخفى ، وغير ذلك ، فأي امرأة يمكنها ان تحظى بهذا المقام الرفيع .
ففاطمة (عليها السلام)جوهرة فريدة وهدية منحصرة من الله الكريم لنبيّه العظيم لايمكن التفوه باحتمال وجود نظير لها في شىء من خصائصها مهما جربنا ولو آلاف المرات ومهما بلغت عباداتهم وجهادهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
1) ذخائر العقبى ص 44 .
2) انظر فضائل الخمسة ج3 ص 152 .
3) بهذا الصدد انظر بحار الانوار ج43 ص 2 الى 6 .
4) بحار الانوار ج43 ص 4 .
5) الرياض النضرة ج2 ص 180 .
6) ذخائر العقبى للمحب الطبري ص 32 / انظر فضائل الخمسة ج2 ص 147 .
7) تاريخ بغداد ج2 ص 331 .
8) الصواعق المحرقة ص 96 .
9) ذخائر العقبى ص 44 .
10) (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا) .الاحزاب آية 33 .
11)(فقل تعالوا ندع أبنائنا و ابنائكم . . .) .ال عمران آية 61 .
12) (قل لا أسئلكم عليه اجراً الا المودّة في القربى ) الشورى آية 23 .