ظهور ظاهرة مرسي فی طهران

المحاولات التي كانت ترمي الی تحويل محمد مرسي الی 'هامش' و'ضجة ' في طهران، بدأت قبل مدة اي عندما وجد الامريكيون والصهاينة انهم غير قادرين لا بالتهديد ولا باي وسيلة اخری، علی ثنيه عن زيارة ايران.
وكتبت صحيفة 'وطن امروز' الايرانية في مقال لها ان مرسي برز في طهران كظاهرة بحيث ان اي نشاط دبلوماسي اخر يصدر عنه لاحقا سيفسر وفقا لما اعلنه في طهران. وتشكل طهران نقطة البداية لما يمكن وصفه بـ 'الوجه الدولي لمحمد مرسي'.
وتساءلت الصحيفة: اي تفسير صحيح: هل ظهر مرسي وبقدر ما كان الامر يتعلق بطهران كصديق ام عدو؟ كتهديد ام فرصة؟
وتابعت تقول انه يمكن الاشارة الی عدد من النقاط بهذا الشان :
1- لقد انتقد مرسي الحكومة السورية في طهران واعلن دعمه للمعارضة السورية. لم يكتنف لهجته اي لبس. وهنا يطرح هذا السؤال نفسه: هل كان هذا حدثا غير مرتقب في طهران وهل كنا سنفاجأ في ايران عندما شن هجوما علی بشار الاسد؟ لم يكن احد يتوقع في طهران ان يدافع مرسي عن الاسد. واصلا لم يكن هدف الذين دعوا محمد مرسي الی ايران ان يتغير بين عشية وضحاها وان يدافع دفاع الابطال عن حكومة الاسد بل ان الهدف كان اعلان موقف محمد مرسي من اسرائيل وهذا ما تحقق بصريح العبارة عندما دافع مرسي عن وحدة الفلسطينيين وشدد علی ضرورة المقاومة وضرورة تاسيس الدولة الفلسطينية المستقلة.
ان ما تم التعتيم عليه هو موقف مرسي من اسرائيل والذي جعل نتنياهو واصدقاءه يتقلبون كتقلب الحرمل في النار ويطلقون السباب والشتائم لهذا وذاك. فان كان مرسی صادقا حول اسرائيل – وكل المعطيات تؤكد ان الامر هو كذلك - حينها سيصل مرسي الی هذه النتيجة قريبا بان الصهاينة لن يسمحوا بتولی الاخوان المسلمين السلطة في سوريا حتی وان تنحی الاسد، ومن الافضل لمصر التي تقف علی بوابة المقاومة ان يبقی شخص مثل الاسد في الحكم في سوريا لا الذين يتقاضون مرتبهم الشهري من تل ابيب.
2- ان مرسي وفي اجراء غير معتاد جاء في مستهل كلمته علی ذكر الخليفتين الثاني والثالث للاخوة من اهل السنة الی جانب اسم علي اميرالمؤمنين. ومنذ ايام ولحد الان تعالت اصوات اشخاص من ان الرئيس المصري ذكر اسماء خلفاء اهل السنة في اكبر بلد شيعي في العالم. وحقيقة كيف يمكن تفسير هذا الموضوع ؟
اولا ان مرسي كشف وبهذا النمط من الكلام انه يسعی الی الوحدة بين الشيعة والسنة لا الصراع بين الشيعة والسنة علی عكس ما اخذت تروج له شبكة 'بي بي سي' . فلا احد يعتمد هذه الادبيات التي اعتمدها مرسي.
ان مرسي اظهر كما الشعب المصري انه يكن مودة عميقة لعلي اميرالمؤمنين وان التبيان العلني لهذه المودة يشير الی انه لن يقع في شرك الطائفية السعودية في العالم الاسلامي.
وثانيا ان مرسي اظهر من خلال هذه الادبيات ان كابوس الامريكيين قد تحقق وان اسلامي يؤمن بتدخل الشريعة في السياسة قد تولي الحكم فی مصر. فمصر تملك المقدرة علی احباط المحاولات الامريكية التي كانت ترمي علی مدی عقود للاتيان بحكومات علمانية في بلدان اهل السنة كما لمصر القدرة علی تدشين موجة جديدة من قيام الحكومات الدينية.
ان كلمة مرسي في طهران كانت مليئة بالشفرات التي تثبت صحة هذا التفسير. ان ما يجب اعتباره مؤشرا في تقييم ظاهرة مرسي، ليس موقفه من سوريا بل تجنبه الوقوع في فخ الطائفية وابدائه المحبة التي يكنها لاهل البيت (ع) ومعاداته لاسرائيل وابتعاده عن مرحلة مبارك المظلمة.
3- والاهم من ذلك كله الجمل التي طرحها مرسي حول ايران والتي تم التعتيم عليها. فقد وصف مرسي ايران بالبلد الصديق والشقيق و'الشريك الستراتيجي' لمصر، واكد حول قضايا المنطقة المختلفة بما فيها الموضوع السوري، ان اي حل لا يمكن ان يكون فاعلا ما لم تكن ايران جزء من هذا الحل فضلا عن ان وزير خارجيته اعلن بان الرئيس المصري يسعی الی ارتقاء العلاقات مع ايران. هذه المواضيع تعني ان المنطقة ستجرب قريبا تغيرا جيوسياسيا كبيرا، يقوم فيها محور قوي بربط شرق العالم الاسلامي بغربه. وكلما تعمق الصراع الستراتيجي الاسرائيلي – المصري كلما اصبح هذا المحور اكثر قوة ومنعة الی حد يمكن توقع ان كابوسا سيتشكل بالنسبة لاسرائيل غير مسبوق منذ عام 1948 ولحد الان.
تعليق