إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

خصائص فاطمة الزهراء عليها السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خصائص فاطمة الزهراء عليها السلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



    « أربعون حديث نبوي في فضل الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام »

    1 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إذا كانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة) (1)

    2 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة) (2)

    3 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (حَسْبُك مِنْ نساءِ العالَميَن أَرْبَع: مَرْيمَ وَآسيَة وَخَديجَة وَفاطِمَة) (3)

    4 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (يا عَلِي هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة) (4)

    5 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة) (5)

    6 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (يا عَلِيّ إِنَّ اللّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فاطِمَة) (6)

    7 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إِنّ اللّهَ زَوَّجَ عَليّاً مِنْ فاطِمَة) (7)

    8 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كُلُّ بَنِي أُمّ يَنْتَمونَ إِلى عُصْبَةٍ، إِلاّ وُلدَ فاطِمَة) (8)

    9 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كُلِّ بَنِي أُنثى عصْبَتُهم لأَبيهِمْ ماخَلا وُلْد فاطِمَة) (9)

    10 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة) (10)

    11 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (خَيْرُ نِساءِ العالَمين أَرْبَع: مَرْيَم وَآسية وَخَدِيجَة وَفاطِمَة) (11)

    12 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (سيّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ فاطِمَة) (12)

    13 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إذا إشْتَقْتُ إلى ثِمارِ الجنَّةِ قَبَّلتُ فاطِمَة) (13)

    14 - قال رســـول اللّه (صلى الله عليه وآله): (كَمُلَ مِنَ الرِّجال كَثِيرُ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النساءِ إِلاّ أَرْبَع: مَرْيـــم وَآسِيَة وَخَديجـــَة وَفاطِمـــَة) (14)

    15 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ: عَليٌّ وَفاطِمَة) (15)

    16 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أُنْزِلَتْ آيَةُ التطْهِيرِ فِيْ خَمْسَةٍ فِيَّ، وَفِيْ عَليٍّ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَفاطِمَة) (16)

    17 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَفْضَلُ نِساءِ أَهْل الجَنَّةِ: مَرْيَمُ وَآسيةُ وَخَديجَةُ وَفاطِمَة) (17)

    18 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ الجَنَّةَ فاطِمَة) (18)

    19 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (المَهْدِيِ مِنْ عِتْرَتي مِنْ وُلدِ فاطِمَة) (19)

    20 - قال رســـول اللّه (صلى الله عليه وآله): (إنّ اللّهَ عَزَّوَجَلَّ فَطـــَمَ ابْنَتِي فاطِمَـــة وَوُلدَهـــا وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة) (20)

    21 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لُحُوقاً بِي) (21)

    22 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُنِي ما رابَها، وَيُؤذِيني ما آذاهَا) (22)

    23 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يَسُرُّنِي ما يَسُرُّها) (23)

    24 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة سِيِّدةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنِّة) (24)

    25 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي) (25)

    26 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة خُلِقَتْ حورِيَّةٌ فِيْ صورة إنسيّة) (26)

    27 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة حَوْراءُ آدَميّةَ لَم تَحضْ وَلَمْ تَطْمِث) (27)

    28 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيِني ما آذاها وَيَنَصُبَني ما أنَصَبَها) (28)

    29 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها) (29)

    30 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة أَحَبُّ إِليَّ مِنْكَ يا عَلِيّ وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْها) (30)

    31 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبِيْ وَهِيَ روُحِي التي بَيْنَ جَنْبِيّ) (31)

    32 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة سيِّدَةُ نِساءِ أُمَّتِي) (32)

    33 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة شُجْنَةٌ مِنّي يَبْسُطُنِي ما يَبْسُطُها وَيَقْبِضُنِي ما يَقْبُضُها) (33)

    34 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤلِمُها ما يُؤْلِمُنِي وَيَسَرُّنِي ما يَسُرُّها) (34)

    35 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي) (35)

    36 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي) (36)

    37 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة لَيْسَتْ كَنِساءِ الآدَميّين) (37)

    38 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة مُضْغَةٌ مِنّي يَقْبِضُني ما قَبَضَها وَيَبْسُطُني ما بَسَطَها) (38)

    39 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة إِنّ اللّهَ يَغْضِبُ لِغَضَبَكِ) (39)

    40 - قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (فاطِمَة إِنّ اللّهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلا أَحَدٍ مِنْ وُلْدِكِ) (40)

    ====

    المصادر والأدلة:
    1 - كنز العمّال ج 13 ص 91 و 93/ منتخب كنز العمّال بهامش المسند ج 5 ص 96/ الصواعق المحرقة ص 190/ أسد الغابة ج 5 ص 523/ تذكرة الخواص ص 279/ ذخائر العقبى ص 48/ مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 356/ نور الأبصار ص 51 و 52/ ينابيع المودّة ج 2 باب 56 ص 136.
    2 - منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ نور الأبصار ص 51/ مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 360.
    3 - مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطِمَة ص 171/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 126/ البداية والنهاية ج 2 ص 59/ مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 363.
    4 - مناقب الإمام علي من الرياض النضرة: ص 141.
    5 - مناقب الإمام علي لابن المغازلي: ص 342.
    6 - الصواعق المحرقة باب 11 ص 142/ ذخائر العقبى ص 30 و 31/ تذكرة الخواص ص 276/ مناقب الإمام علي من الرياض النضرة ص141/ نور الأبصار ص53.
    7 - الصواعق المحرقة ص 173.
    8 - الصواعق المحرقة ص 156 و 187/ قريب من لفظه في مستدرك الصحيحين ج 3 ص 179/ كنز العمّال ج13 ص101/إسعاف الراغبين بذيل نور الأبصار ص 144.
    9 - كنز العمّال ج 13ص 101/الصواعق المحرقة ص 187 و 188/ إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص144.
    10 - الجامع الصغير ج 1 ح 203 ص 37/ الصواعق المحرقة ص 191/ ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 479/ كنز العمّال ج 13 ص93.
    11 - الجامع الصغير ج 1 ح 4112 ص 469/ الإصابة في تمييز الصحابة ج 4 ص 378/ البداية والنهاية ج 2 ص 60/ ذخائر العقبى ص 44.
    12 - كنز العمّال ج13 ص94/ صحيح البخاري، كتاب الفضائل، باب مناقب فاطمة/ البداية والنهاية ج 2 ص61.
    13 - نور الأبصار ص 51.
    14 - نور الأبصار ص 51.
    15 - نور الأبصار ص 52/ قريب من لفظه في كنز العمّال ج 13 ص 95.
    16 - إسعاف الراغبين ص 116/ صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة.
    17 - سير أعلام النبلاء: ج 2 ص 126/ذخائر العقبى: ص 44.
    18 - ينابيع المودّة ج2 ص322 باب56.
    19 - الصواعق المحرقة ص237.
    20 - كنز العمال ج6 ص219.
    21 - حلية الأولياء ج 2 ص 40/ صحيح البخاري كتاب الفضائل/كنز العمّال ج 13 ص 93/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97.
    22 - صحيح مسلم ج 5 ص 54/ خصائص الإمام علي للنسائي ص 121 و 122/ مصابيح السنّة ج 4 ص 185/ الإصابة ج 4 ص 378/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 119/ كنز العمّال ج 13 ص 97/ وقريب من لفظه في سنن الترمذي ج 3 باب فضل فاطِمَة ص 241/ حلية الأولياء ج 2 ص 40/ منتخب كنز العمّال بهامش المسند ج 5 ص 96/ معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم ص 58/ ذخائر العقبى ص 38/ تذكرة الخواص ص 279/ ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 478.
    23 - الصواعق المحرقة ص 180 و 232/ مستدرك الحاكم / معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم ص 73/ ينابيع المودّة ج 2 باب 59 ص 468.
    24 - صحيح البخاري ج 3 كتاب الفضائل باب مناقب فاطِمَة ص 1374/ مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطِمَة ص 164/ سنن الترمذي ج 3 ص 226/ كنز العمّال ج 13 ص 93/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ الجامع الصغير ج 2 ص 654 ح 5760/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 123/ الصواعق المحرقة ص 187 و 191/ خصائص الإمام عليّ للنسائي ص 118/ ينابيع المودّة ج 2 ص 79/ الجوهرة في نسب عليّ وآله ص 17/ البداية والنهاية ج 2 ص 60.
    25 - صحيح البخاري ج 3 كتاب الفضائل باب مناقب فاطِمَة ص 1374/ خصائص الإمام عليّ للنسائي ص 122/ الجامع الصغير ج 2 ص 653 ح 5858/ كنز العمّال ج 3 ص 93 ـ 97/ منتخب بهامش المسند ج 5 ص 96/ مصابيح السنّة ج 4 ص 185/ إسعاف الراغبين ص 188/ ذخائر العقبى ص 37/ ينابيع المودّة ج 2 ص 52 ـ 79.
    26 - مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 296.
    27 - الصواعق المحرقة ص 160/ إسعاف الراغبين ص 188/ كنز العمّال ج 13 ص 94/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97.
    28 - مستدرك الصحيحين ج 3 ص 173/ سنن الترمذي ج 3 باب فضل فاطِمَة ص240/ كنز العمّال ج 13 ص 93/ منتخب كنز العمّال بهامش المسند ج 5 ص 96/ الصواعق المحرقة الفصل الثالث ص 190.
    29 - الصواعق المحرقة ص 188/ قريب من لفظه في مستدرك الصحيحين ج 3 ص 172/ الجامع الصغير ج 2 ص 653 ح 5859.
    30 - مجمع الزوائد ج 9 ص 202/ الجامع الصغير ج 2 ص 654 ح 5761/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ أسد الغابة ج 5 ص 522/ ينابيع المودّة ج 2 باب 56 ص 79/ الصواعق المحرقة الفصل الثالث ص 191.
    31 - نور الأبصار ص 52.
    32 - سير أعلام النبلاء ج 2 ص 127/صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب فاطمة/مجمع الزوائد ج 2 ص 201/إسعاف الراغبين ص 187.
    33 - مستدرك الصحيحين ج 3 باب مناقب فاطِمَة ص 168/ كنز العمّال ج 13 ص 96/ منتخب كنز العمّال ج 5 ص 97/ سير أعلام النبلاء ج 2 ص 132.
    34 - مناقب الخوارزمي ص 353.
    35 - السنن الكبرى ج 10 باب من قال: لا تجوز شهادة الوالد لولده ص 201/ كنز العمّال ج 13 ص 96/نور الأبصار ص52/ ينابيع المودّة ج 2 ص 322.
    36 - ينابيع الموّدة ج 1 باب 15 ص 243.
    37 - مجمع الزوائد ج 9 ص 202.
    38 - السنن الكبرى ج 7 ص 64باب الأنساب كلها منقطعة يوم القيامة / منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص96.
    39 - الصواعق المحرقة ص 175/ مستدرك الحاكم، باب مناقب فاطمة / مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص 351.
    40 - كنز العمّال ج13 ص96/ منتخب كنز العمّال بهامش مسند أحمد ج5 ص97/ إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص118.
    ونسألكم الدعاء...~

  • #2
    الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سلام الله عليها

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



    الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سلام الله عليها

    روى عبد الله بن الحسن عليه السلام بإسناده عن آبائه عليهم السلام أنه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة عليها السلام فدك، وبلغها ذلك، لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدته ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة، فجلست، ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء. فارتجّ المجلس. ثم أمهلت هنيةً حتى إذا سكن نشيج القوم، وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليها السلام: الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن والاها، جم عن الإحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنّى بالندب إلى أمثالها. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمّن القلوب موصولها، وأنار في الفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته. ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته، وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته، وإعزازاً لدعوته، ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته، وحياشة منه إلى جنته، وأشهد أن أبي محمد صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتبله، واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة، وبنهاية العدم مقرونة، علماً من الله تعالى بمآيل الأمور، وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره، وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنقاذاً لمقادير حتمه. فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكفاً على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانه، فأنار الله محمدٍ صلى الله عليه وآله ظلمها، وكشف عن القلوب بهمها، وجلى عن الأبصار غممها، وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم. ثم قبضه الله إليه رأفة واختيار، ورغبة وإيثار بمحمدٍ صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حُفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي، وصفيه وخيرته من الخلق ورضيّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت: أنتم عباد الله نصب أمره ونهيه وحملة دينه ووحــــيه، وأمناء الله على أنفسكم، وبــــلغاؤه إلى الأمم، وزعمتم حــــق لكم لله فيكم، عهد قدّمه إليكم، وبقية استخلفها عليكمن كتاب الله الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بيّنة بصائره، منكشفة سرائره، متجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائد إلى الرضوان اتّباعه، مؤدٍ إلى النجاة إسماعه، به تُنال حجج الله المنورة، وعزائمه المفسرة، ومحارمه المحذّرة، وبيّناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة. فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحج تشييداً للدين، والعدل تنسيقاً للقلوب، وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أماناً من الفرقة، والجهاد عزاً للإسلام، والصبر معونة على استيجاب الأجر، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، وبر الوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد، والقصاص حقناً للدماء، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة، وترك السرقة إيجاباً للعفة، وحرم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.(1) وأطيعوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فإنه, { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }.(2) ثم قالت: أيها الناس اعلموا أني فاطمة، وأبي محمد صلى الله عليه وآله، أقول عوداً وبدءاً، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً,{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}. (3) ، فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزيّ إليه صلى الله عليه وآله. فبلغ الرسالة صادعاً بالنذارة، مائلاً عن مدرجة المشركين، ضارباً ثبجهم، آخذاً بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام، وينكت الهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، حتى تفرّى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقائق الشياطين، وطاح وشيظ النفاق، وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفُهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص، وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون الورق، أذله خاسئين، { تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ َ}. (4) فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي، وبعد أن مني ببُهم الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب، { كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ }. (5) ، أو نجم قرن للشيطان، وفغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها، فــــلا ينكفئ حتى يطأ صــــماخها بأخمصه، ويُخمد لهبها بسيفه،مكدوداً في ذات الله، ومجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله سيداً في أولياء الله، مشمراً ناصحاً، مجداً كادحاً، وأنتم في رفاهية من العيش، وادعون فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر، وتتوكّفون الأخبار، وتنكصون عند النزال، وتفرون عند القتال. فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين. ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمكم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة، { أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}. (6) هيهات منكم!وكيف بكم؟ وأنّى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة، قد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون، أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلاً ، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ}. (7) ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها، ويسلس قيادها ثم أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، وإطفاء أنوار الدين الجلي، وإهماد سنن النبي الصفي، تُسرّون حسواً في ارتغاءٍ، وتمشون لأهله وولده في الخَمَر والضراء، ونصبر منكم على مثل حز المدى، ووخز السنان في الحشا، وأنتم تزعمون ألا إرث لنا، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. (8) أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته. أيها المسلمون أأُغلب علـــى إرثيه يا ابن أبـــي قحافة‍ أفي كـــتاب الله أن ترث أبـــــاك، ولا أرث أبي؟ { لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}.(9) ، أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله، ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ }. (10) ؟! وقال فيما اقتص من خبر يحيي بن زكريا عليهما السلام إذ قال : { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا, يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}. (11) ، وقال: { وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ }.(12) ، وقال: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ }. (13) ، وقال: { إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}. (14) ، وزعمتم ألا حظوة لي، ولا إرث من أبي لا رحم بيننا‍! أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟! أم هل تقولون: أهل ملتين لا يتوارثان؟! أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟‍! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون، { لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.(15) , { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ}. (16) ثم رمت بطرفهانحو الأنصار فقالت: يا معاشر الفتية، وأعضاد الملة وأنصار الإسلام ما هذه الغميزة في حقي؟ والسّنة عن ظلامتي أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبي يقول: المرء يُحفظ في ولده ؟ سرعان ما أحدثتم، وعجلان ذا إهالة، ولكم طاقة بما أحاول، وقوة على ما أطلب وأزاول أتقولون مات محمد صلى الله عليه وآله؟‍ فخطب جليل استوسع وهيه، واستنهر فتقه، وانفتق رتقه، وأظلمت الأرض لغيبته، وكسفت الشمس والقمر، واندثرت النجوم لمصيبته، وأكدت الآمال ،وخشعت الجبال، وأُضيع الحريم وأزيلت الحرمة عند مماته فتلك والله النازلة الكبرى والمصيبة العظمى، لا مثلها نازلة ولا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في أفنيتكم في ممساكم ومصبحكم هتافاً وصراخاً وتلاوة وإلحاناً، ولقبله ما حل بأنبياء الله ورسله، حكم فصل وقضاء حتم, {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}. (17) أيهاً بني قيلة! أأُهضم تراث أبِيَه،وأنتم بمرأى مني ومسمع، ومنتدى ومجمع؟! تلبسكم الدعوة، وتشملكم الخبرة وأنتم ذوو العدد والعدة، والأداة والقوة، وعندكم السلاح والجنة، توافيكم الدعوة فلا تجيبون، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون، وأنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير والصلاح، والنجبة التي انتجبت، والخيرة التي اختيرت! قاتلتم العرب، وتحملتم الكد والتعب، وناطحتم الأمم، وكافحتم البهم، فلا نبرح أو تبرحون، نأمركم فتأتمرون، حتى اذا دارت بنا رحى الإسلام ودرّ حلب الأيام، وخضعت ثغرة الشرك، وسكنت فورة الإفك، وخمدت نيران الكفر، وهدأت دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين، فأنّى حرتم بعد البيان، وأسررتم بعد الإعلام، ونكصتم بعد الإقدام، وأشركتم بعد الإيمان؟ {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}. (18) ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم من الضيق بالسعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم، { إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}. (19) ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني الخذلـــــة التي خامرتكم، والغدرة الــــتي ستشعرتــــها قلوبكم ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القنا، وبثة الصدور، وتقدمة الحجة. فدونكموها فاحتقبوها، دبرة الظهر ،نقبة الخف، باقية العار، موسومة بغضب الله وشنار الأبد، موصولة ب{نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ , الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ }.(20) فبعين الله ما تفعلون, { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}. (21) ، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، { اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ, وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}. (22) فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان، فقال: يا ابنة رسول الله، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً، ورؤوفاً رحيماً، وعلى الكافرين عذاباً أليماً وعقاباً عظيماً، فإن عزوناه وجدناه أباك دون النساء، وأخاً لبعلك دون الإخلاء، آثره على كل حميم، وساعده في كل أمر جسيم، لا يحبكم إلا كل سعيد، ولا يبغضكم إلا كل شقي، فأنتم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله الطيبون، والخيرة المنتجبون، على الخير أدلتنا، وإلى الجنة مسالكنا، وأنت يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقك، ولا مصدودة عن صدقك، ووالله، ما عدوت رأي رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا علمت إلا بإذنه، وإن الرائد لا يكذب أهله وأني اُشهد الله وكفى بالله شهيدا؛ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضة ولا داراً ولا عقاراً، وإنما نورث الكتب والحكمة، والعلم والنبوة، وما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه . وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقابل به المسلمون، ويجاهدون الكفار، ويجالدون المردة ثم الفجار. وذلك بإجماع من المسلمين لم أتفرد به وحدي، ولم أستبد بما كان الرأي فيه عندي. وهذه حالي، ومالي هي لك وبين يديك، لا نزوي عنك ولا ندخر دونك، وأنت سيدة أمة أبيك، والشجرة الطيبة لبنيك، لا يدفع ما لك من فضلك، ولا يوضع من فرعك وأصلك حكمك نافذ فيما ملكت يداي، فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك صلى الله عليه وآله؟! فقالت عليها السلام: سبحان الله! ما كان رسول الله صلى الله عليه وأله عن كتاب الله صارفاً ولا لأحكامه مخالفاً، بل كان يتبع أثره، ويقفو سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور؟! وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته هذا كتاب الله حكماً عدلاً، وناطقاً فصلاً، يقول: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ }. (23) {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ }.(24) فبّين عز وجل فيما وزّع عليه من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح علة المبطلين وأزال التظني والشبهات في الغابرين، كلا! {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.(25)
    فقال أبو بكر: صدق الله ورسوله، وصدقت ابنته، أنت معدن الحكمة، وموطن الهدى
    والرحمة، وركن الدين وعين الحجة، لا أبعد صوابك، ولا أنكر خطابك ،هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلدوني ما تقلدت، وباتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر ،وهم بذلك شهود.
    فالتفتت فاطمة عليها السلام وقالت: معاشر الناس المسرعة إلى قيل الباطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر, {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}. (26) ، كلا بل ران على قلوبكمما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم وأبصاركم، ولبئس ما تأولتم، وساء ما به أشرتم، وشر ما منه اعتضتم، لتجدن ـ والله ـ محمله ثقيلاً،وغبّه وبيلاًإذا كشف لكم الغطاء، وبان ما وراءه الضراء، { وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.(27) , { وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}. (28). ثم عطفت على قبر النبي صلى الله عليه وآله وقالت:
    قد كان بعدك أنباء وهـنبثة لو كنت شاهدها لم تكبرالخطب
    إنا فقدناك فقد الأرض وابله واختل قومك فاشهدهم وقد نكبوا
    وكل أهل له قربى ومنزلـة عند الإله علىالأدنــين مقتـرب
    أبدت رجال لـنا نجــوى لما مضيت وحالت دونك التـرب
    تجهمتنا رجالٌ واستخف بنـا لما فقـدت وكل الأرض مغتصب
    وكنت بدراً ونوراً يستضاء به عليك تنزل من ذي العزة الكتب
    و كان جبريل بالآيات يؤنسنا فقد فقدت فكل الخير محتجب
    فليت قـبـلك كان المـوت لما مضيت وحالت دونك الكثب
    إنا رزينا بما لم يرز ذو شجن مـن البرية لا عجم ولا عرب
    ثم انكفأت عليها السلام وأمير المؤمنين عليه السلام يتوقع رجوعها إليه، ويتطلع طلوعها عليه. فلما استقرت بها الدار قالت لأمير المؤمنين عليه السلام: يا ابن أبي طالب! اشتملت شملة الجنين، وقعدت حجرة الظنين! نقضت قادمة الأجدل، فخانك ريش الأعزلهذا ابن أبي قحافة، يبتزني نحيلة أبي وبلغة ابني، لقد أجهر في خصامي، وألفيته ألد في كلامي، حتى حسبتنـــي قيلة نصرهــــا، والمهاجــــرة وصلهـــــــا، وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع، خرجت كاظمة، وعدت راغمة، أضرعت خدك يوم أضعت حدك، افترست الذئاب، وافترشت التراب، ما كففت قائلاً، ولا أغنيت باطلاً ولا خيار لي. ليتني مت من قبل هنيئتي،ودون ذلتي. عذيري الله منك عاديـــاً ،ومنـــــك حاميــــاً. ويــــلاي !من كل شارق، مات العمد، ووهت العضد، شكواي إلى أبي، وعدواي إلى ربي،اللهم أنت أشد قوة وحولاً، وأحد بأسا ًوتنكيلاً.
    فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا ويل عليك، الويل لشانئك، نهنهي عن وجدك يا ابنة الصفوة، وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون، وكفيلك مأمون، وما اُعد لك أفضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله. فقالت: حسبي الله، وأمسكت.

    ====

    المصادر:
    1 - آل عمران: 102.
    2 – فاطر: 28.
    3 – التوبة: 128.
    4 – الأنفال: 26.
    5 – المائدة: 64.
    6 – التوبة: 49.
    7 - آل عمران: 85.
    8 – المائدة: 50 .
    9 – مريم: 27.
    10 – النمل: 16.
    11 – مريم: 5و6.
    12 – الأحزاب: 6.
    13 – النساء: 11.
    14 – البقرة: 180 .
    15 – الأنعام: 67.
    16 – هود: 39.
    17 - آل عمران: 144.
    18 – التوبة: 13.
    19 - إبراهيم: 8.
    20 - الهمزة: 6 و7.
    21 - الشعراء: 227.
    22 - هود: 121 و122.
    23 - مريم: 6.
    24 - النمل: 16.
    25 - يوسف: 18.
    26 - محمد: 24.
    27 - الزمر: 47.
    28 - غافر: 78 .


    ونسألكم الدعاء.

    تعليق


    • #3
      لماذا الدفاع عن فاطمة الزهراء عليها السلام ؟

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



      لماذا الدفاع عن فاطمة الزهراء عليها السلام ؟

      في وجود فاطمة الزهراء عليها السلام اسرار لاتنفتح الا لمن امتحن الله قلبه للتقوى. فنحن نقول ونسمع عنها انها حوراء انسية ولكن هل نعلم ماذا يعني هذا الكلام؟ خلقها الله عز وجل من نوره قبل ان يخلق الأرض والسماء وكانت في حقة تحت ساق العرش طعامها التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد. فلما احب الله عز وجل ان يخرجها من صلب النبي صلى الله عليه واله وسلم (هذا من نص الحديث انتبه كيف يقول “فلما احب الله” لم يقل “فلما اراد الله” هناك فرق، معناه ان الله احب ان يعطي اعظم شيء لحبيبه رسول الله محمد المصطفى وهذا الشيء هي فاطمة سلام الله عليها) فلما احب الله ان يخرجها من صلب النبي جعلها تفاحة في الجنة، واتى بها الجبرئيل الى النبي فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وان هذه التفاحة اهداها الله عز وجل اليك من الجنة. فاخذها النبي وضمها الى صدره (هدية من الحبيب الى حبيبه فكيف لا يضمها الى صدره؟!) فقال جبرائيل: يا محمد يقول الله عز وجل كُلها. ففلقها فرأى نوراً ساطعاً ففزع منه (هذا النور هو نور فاطمة الذي من نور الله عز وجل والنبي مع كل عظمته يدهش منه من شدته وثقله)، فقال جبرائيل: يا محمد ما لك لا تأكل؟ كُلها ولا تخف! فإن ذلك النور للـمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة. فقال النبي لجبرئيل: ولم سميت في السماء منصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار، وفطم أعداؤها عن حبها وهي في السماء منصورة وذلك قول الله عز وجل “ويومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله ينصر من يشاء” يعني نصر فاطمة لمحبيها.

      وفي خلقة فاطمة من الاسرار ما لا يصل اليها العقل البشري ولكن يخضع خاشعا أمامها وأمام المعبود الذي جعلها موضعا لسره وعظمته. ففي حديث آخر ينقله لنا الشيخ الكليني في الكافي عن الإمام أبي عبد الله الصادق سلام الله عليه ان الله خلق محمدا وعليا نوراً –يعني روحاً بلا بدن- قبل ان يخلق سماواته وارضه وعرشه وبحره ثم جمع روحيهما فجعلهما واحدة فكانت تمجد الله وتقدسه وتهلله، ثم قسّمها ثنتين وقسّم الثنتين ثنتين، فصارت اربعة، محمد واحد، وعلي واحد، والحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور إبتدأها روحاً بلا بدن، ثم مسح محمد وعلي والحسن والحسين بيمينه (أي يمين نور فاطمة) فأفضى نوره فيهم! ولعل هذا هو تفسير هذا الكلام لله تبارك وتعالى حيث قال الله عز وجل لحبيبه رسول الله: يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما! (مستدرك سفينة البحار: الجزء3 ، 334).

      ولكن مع كل هذه العظمة المكنونة عندها، انها قريبة جدا الينا نحن ابناءها وبناتها، هي أمنا، هي التي قد فطمت شيعتها ومحبيها (اي نحن) من النار وقد ضمنت لنا القرب الى الله بحبنا لها، هي مظهر لكرم وعظمة الله، هي اقرب الينا من حبل الوريد، دائما معنا تسمعنا وترانا وهذا القرب وهذه العلاقة بيننا وبينها هي من عظمتها ومن اسرارها الالهية.

      لذلك سرعان ما يبدو الامر مؤلماً للمتابع للأحداث التاريخية حينما يقرأ في مئات الكتب عما جرى لفاطمة الزهراء سلام الله عليها بعد وفاة ابيها وفي نفس اللحظة يعلم القاريء هذه الامور من خلقتها وعظمة شأنها عند الله عز وجل وكونها موضعا لنور الله وعظمته.. كيف لا ينعصر القلب من الألم ولا تنحدر الدمعة على الخد حينما يسمع المرء عن مظلوميتها وتجرؤ الاعداء والمنافقين عليها بلطمها على خدها وعصرها وراء الباب وكسر ضلعها واسقاط جنينها المحسن وهو يعلم عن قطرة من بحار عظمة فاطمة ومكانتها في الكون ؟!! والمؤلم ان يأتيك صعاليك بعد مرور مئات السنين من استشهادها فيشككوا في مصيبتها ومظلوميتها وهي حقيقة تاريخية تشهد لها الكتب والموروث الأدبي عندنا منذ الف سنة الى يومنا هذا.. فبعد معرفتنا بها (معرفة قطرة من بحار عظمتها) هل هي لا تستحق ان نرفع اقلامنا في الدفاع عنها وعن مظلوميتها ؟!

      ومع السلامة.

      تعليق


      • #4
        الزهراء التي.. نطهر بولايتها!

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



        الزهراء التي.. نطهر بولايتها!

        يسطع نور مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) ويشع متلألئا بين أنوار المعصومين الأربعة عشر (عليهم الصلاة والسلام) بشكل فريد ومميز واستثنائي. فمع كامل الإيمان بأنهم جميعا نور واحد كما دلّت عليه الأخبار المتضافرة؛ إلا أنه تبقى للزهراء (سلام الله عليها) مزايا وخصائص ليست لسائر المعصومين (سلام الله عليهم)، تلك المزايا والخصائص التي كلما غاص فيها اللبيب باحثا ومتفكرا؛ كلما وجد نفسه يغوص في بحر الحيرة والتعجب!

        وكيف ينقضي تعجبنا وتتبدد حيرتنا إذا كان ذلك المقام الشامخ العظيم أكبر حتى من مستوى إدراك الأنبياء والملائكة (عليهم السلام) وسائر المعصومين ما خلا رسول الله وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهم)؟! وكيف نتوقع لعقولنا أن تستوعب أو تدرك أو تحيط بتلك الهالة النورانية المصطفاة التي تدور الأكوان والخلائق على محورها؟!

        يمكننا أن نتحدث عمن نشاء من الأئمة والأنبياء (عليهم السلام) وما من شك أن كلامنا يظل قاصرا، ولكن هذا القصور يتضاعف تضاعفا هائلا بمجرد أن يصل حديثنا إلى الزهراء البتول (صلوات الله عليها)، فنجد أن العقل يكاد أن يتوقف معلنا عجزه عن تفسير خصائص هذا المقام العظيم للزهراء صلوات الله عليها، لأن ما ورد فيها لم يرد في غيرها. وعلى هذا فكل ما بيدنا أن نفعله هو أن نحاول الاقتراب قدر الإمكان من فهم عظمتها (صلوات الله عليها) مع إقرارنا المسبق بأن عقولنا قاصرة وأفهامنا ناقصة.

        كمثال على ذلك:

        إذا تفحصنا المأثور من زيارات المعصومين الأطهار (عليهم الصلاة والسلام) وجدناها متقاربة النسق، متشابهة الألفاظ، فتبدأ الزيارة بالسلام عادة، أو بالصلاة، كأن يقال: ”السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله..“ أو ”السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على عباده..“ أو ”السلام من الله على محمد رسول الله أمين الله على وحيه ورسالاته..“ أو ”سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين (...) عليك يابن أمير المؤمنين..“ إلى آخرها من عبارات الزيارات المختلفة للمعصومين الأربعة عشر عليهم السلام، وأقربائهم وأوليائهم وأصحابهم.

        ولا تكاد تجد زيارة لا تبدأ بالصلاة والسلام، ويرد فيها كثيرا ذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ”أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر..“ كما كثيرا ما يرد اللعن لأعداء الدين وأعدائهم ”لعن الله من قتلك..“ أو ”اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد..“ وما شابه ذلك.

        ثم نرى الزيارات تأتي على نسق متقارب، فتتدرج بالقارئ لتصف أن هذا الإمام أو الولي المزور (عليه السلام) يرث الأنبياء والمرسلين ومن سبقه من الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وأنه قد جاهد في سبيل الله ودعا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة. وتأتي الزيارة على ذكر حياته وما عاناه فيها من المحن وصبره عليها، ”السلام عليك يا باب الله، أشهد أنك (...) تلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده وصبرت على الأذى في جنبه محتسبا وعبدته مخلصا حتى أتاك اليقين..“.

        هكذا هي زيارات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، تأتي على لحن واحد، ونمط متشابه، تجعل الزائر يعيش في أجواء الإمام المزور (عليه السلام) إلى أبعد حد، فيلقّن نفسه بفضائله ومناقبه، ويردّد على لسانه ما تعرّض له من الجور، ويتبرأ من قاتليه ومناوئيه. وما جعل الأئمة (صلوات الله عليهم) الزيارات على هذا النحو إلا حتى تؤثر تأثيرا تربويا على النفوس ليشحنها بالمفاهيم العقائدية والولائية والإيمانية.

        أما عندما يأتي دور فاطمة (أرواحنا فداها) فنجد الأمر مختلفا بكل المقاييس! فوحدها الزهراء (سلام الله عليها) تأتي زيارتها على نمط خاص، ونسق عجيب، وعبارات وألفاظ استثنائية، وإيقاع غريب لا يشابه أيا من زيارات المعصومين الأخرى.

        لحن لا مثيل له، وإيقاع يحار فيه كل من يقرأه ويتدبّر فيه، يجعلك تهيم في بحر من التموّجات الروحية المتمازجة، ويأخذك بعيدا في عالم الغيب والماورائيات، ويزخّ في نفسك زخّات من آفاق الملكوت الإلهي.. كل هذا في كلمات لا تتعدى ثلاثة أسطر! فلعلها من أخصر الزيارات المروية، ومع ذلك فإنها تنطوي على أسرار ومعاني عميقة هائلة، ربما يحتاج المرء لأن يصرف عمره كله في محاولة فهمها وتفسيرها.. ومع هذا فلن يصل إلى غايته!

        هذه الزيارة يرويها الشيخ الطوسي (قدس سره) في التهذيب عن الإمام محمد الجواد (صلوات الله وسلامه عليه) (*)، وهذا نصها:

        ”عن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي قال: حدثني أبو جعفر (عليه السلام) ذات يوم، قال: إذا صرت إلى قبر جدتك فقل: يا ممتحنَة! امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك، فوجدك لما امتحنك به صابرة، وزعمنا أنّا لك أولياء ومصدّقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله عليه وآله وأتانا به وصيه عليه السلام، فإنّا نسألك إن كنا صدّقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما لنبشر أنفسنا بأنا قد طَهُرنا بولايتك“! (التهذيب ج6 ص10).

        الله أكبر!

        هلاّ استطاع أحد أن يفسّر لنا هذه الكلمات العظيمة بشكل تام؟ وهل بمقدور أحد أن يدّعي معرفته بالمعاني والمقاصد التي انطوت عليه هذه الكلمات النورانية؟ بالطبع لا أحد يستطيع.. فكل ما باليد ليس سوى أن نحاول الالتفات إلى بعض المعاني على وجه الملاحظة.

        أول ما نلاحظه في هذه الزيارة أنها جاءت بشكل مختلف كليا عن مجمل زيارات المعصومين الأخرى، إلى درجة أنها لم تبدأ حتى بالسلام، ولم يرد ذكر السلام فيها إطلاقا! وأول كلمة نجدها تفاجئنا في النص هي: ”يا ممتحنَة..“!

        إنه خطاب ذو لهجة مغايرة لا يترك لك مجالا إلا أن تهتز من الأعماق! وبعبارة أخرى؛ فإنك في سائر زيارات المعصومين (عليهم السلام) تجد نفسك ساكنة هادئة إلى مستوى معقول، لأن طبيعة الخطاب الذي توجهه لإمامك يساعد على ذلك. فعلى سبيل المثال: معظم بل كل زيارات المعصومين يتكرر فيها إلقاء السلام خصوصا في العبارات الأولى ”السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله.. السلام عليك يا وارث نوح نبي الله.. السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله..“.

        هذا التكرار يساعد على تحقيق مستوى من الاستقرار النفسي، أما في زيارة الزهراء (صلوات الله عليها) فإن نفسك لا تكون مستقرة! بل تشعر بهزات من الأعماق، لأنك أول ما تبدأ به في خطابك تجاه مولاتك هو قولك لها: ”يا ممتحنَة..“! وهنا يزلزلك الخطاب ويوقد فيك نار الاضطراب! فيستثير فيك عظمة الامتحان الذي تعرّضت له الزهراء (صلوات الله عليها) حتى طغى ذلك على صفتها، لتكون أول كلمة توجهها لها: ”يا ممتحنَة..“ فورا ومن دون أية مقدّمات!

        ولن تترك لك تتمة العبارة الأولى مجالا للهدوء! لأنك إذا جعلت تفسيرك الذهني لتلك الكلمة أنها تعرّضت لتلك البلايا والمصائب في دار الدنيا وكان ذلك امتحانا واختبارا إلهيا لها؛ فإنك بمجرد أن تواصل الخطاب فسيتلاشى عندك هذا التفسير وتراه أصغر من أن تقتنع به! لأنك ستقول: ”يا ممتحنة! امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك..“!!

        فأين سيطوف بك خيالك لتفسير هذه العبارة؟ وأين يسعك أن تعثر على إجابة وافية لها؟

        كيف يمتحنها الله قبل أن يخلقها؟ هل كان ذلك في عالم الأنوار مثلا عندما خلق الله أهل البيت ولا أحد سواهم بعد؟ أم في عالم الذر حيث أشهد الله تعالى بني آدم على أنفسهم قائلا: ”ألست بربكم قالوا بلى..“؟ أم في أي عالم؟!

        وما هي طبيعة الامتحان الذي امتحنها به الله تعالى قبل أن يخلقها؟! هل أن مصائب الزهراء (صلوات الله عليها) في دار الدنيا وما تعرّضت له من الجور على يدي أهل السقيفة ليس هو الاختبار الوحيد وهنالك اختبارات قبله.. وربما بعده؟!

        أم هل نفسّر النص على أن معنى الامتحان الإلهي – قبل الخلقة – إنما يعني أن الله تعالى بعلمه الإحاطي المسبق علم أن الزهراء ستنجح في الامتحان الذي سيعرّضها إليه، فجاء النص على هذا النحو؟

        يمضي بك النص لتزداد عندك التساؤلات وليدور فكرك في دائرة الحيرة، وفي غمرة هذه التساؤلات تنقدح في ذهنك شرارة تساؤل صعب كبير: مهلا! كيف يكون امتحان في غير دار الدنيا أصلا؟! أليست الدنيا دار الامتحان فقط؟! هل أن الزهراء تعرّضت لامتحان استثنائي قبل ذلك.. امتحان من نوع خاص؟!

        ينبئك النص بأن الله تعالى وجد الزهراء صابرة لما امتحنها به قبل أن يخلقها! فلا تجد نفسك إلا عاجزا عن التفسير وإيجاد المعنى الحقيقي لما تقوله بنفسك أثناء زيارتها!

        ولا تكاد تضرب صفحا عن هذه التساؤلات؛ حتى تصعقك كلمة ”وزعمنا أنّا لك أولياء..“!! فتقول في قرارة نفسك: ما معنى هذا؟ هل أن موالاتنا للزهراء (صلوات الله عليها) مجرد زعم؟!

        حسب اللغة؛ فإن الزعم هو الادعاء المحتاج إلى دليل للإثبات، فالأصل فيه الكذب إلا أن يثبت الصدق بدليل. إذا عرفنا ذلك؛ أدركنا مدى خطورة هذه الكلمة وهذه العبارة ”وزعمنا أنّا لك أولياء..“، فالحقيقة هي أننا نزعم أننا موالون للزهراء (صلوات الله عليها) ولكن إثبات أننا مخلصون في موالاتنا يبدو صعبا على نفوس ملوثة بالذنوب مثل نفوسنا!

        ولننتبه إلى ما عبّرت عنه الزهراء (أرواحنا فداها) بنفسها في هذا الشأن، فقد رُوي أن رجلا أرسل امرأته إلى فاطمة (عليها السلام) وقال لها: اذهبي إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاسأليها عني؛ أني من شيعتكم أم ليس من شيعتكم؟ فسألتها فقالت: ”قولي له: إن كنت تعمل بما أمرناك، وتنتهي عما زجرناك عنه، فأنت من شيعتنا، وإلا فلا“! (البحار ج65 ص155).

        وبملاحظة هذا المعنى، يمكن أن نعرف ما ينتابنا عندما نتوجه إلى الزهراء (عليها السلام) بالزيارة ونقرأ هذه العبارة: ”وزعمنا أنّا لك أولياء..“، فإنها حقا صعقة كبرى نوجهها لأنفسنا بأنفسنا! فنعترف بأننا نزعم الموالاة والتشيع – تلك الدرجة العالية الرفيعة – في الحين الذي لا نزال فيه نرتكب الخطايا والذنوب التي تنزع عنا هذه الصفة الجليلة.

        ولا نعترف بذلك، ولا نوجه هذه الصعقة لأنفسنا إلا أثناء زيارتنا للزهراء (سلام الله عليها) دون سائر المعصومين عليهم الصلاة والسلام. لهذا تكون هذه الزيارة مغايرة، ولهذا نقول أنها تحرّك كوامن الضمير وتستثير المشاعر وتدفعنا نحو محاسبة النفس أكثر.

        مع هذا؛ يعطينا نص الزيارة بارقة أمل عندما نمضي بتلاوة سائر الكلمات: ”وزعمنا أنا لك أولياء، ومصدقون وصابرون، لكل ما أتانا به أبوك صلى الله عليه وآله، وأتانا به وصيه عليه السلام، فإنا نسألك إن كنا صدقناك؛ إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما، لنبشر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتك“!

        سبحان الله!

        تكون الزهراء البتول (صلوات الله وسلامه عليها) هي المسؤولة عن إلحاقنا بأبيها وبعلها (عليهما الصلاة والسلام)، ويكون قيد الشرط في كل ذلك تصديقها هي! فما أروع هذا المقام الفاطمي الشامخ.

        ثم دع خيالك يسرح الآن في أرحب فضاء وأنت تردد: ”لنبشر أنفسنا بأنّا قد طهرنا بولايتك“! وفكّر في سرّ هذا التطهير الإكسيري النابع عن ولاية فاطمة سيدة نساء العالمين! هل أنه تطهير طريقي أم موضوعي بحد ذاته؟ هل أنه تطهير تكويني؟ هل أنه تطهير شرعي حكمي؟ أم هذه كلها مجتمعة؟ أم هو تطهير من جنس خاص يغيب عن محتوى معرفتنا القاصرة؟!

        نحن نعرف أن من يتعدّى حدود الله تعالى، كشرب الخمر مثلا والعياذ بالله، لا بد له من أن يتطهّر، فيكون تطهيره بإقامة الحد عليه، ولهذا نجد في التاريخ أن بعضا من الذين تعدّوا الحدود كانوا يذهبون إلى رسول الله أو أمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) ويقولون: ”يا رسول الله طهّرنا.. يا أمير المؤمنين طهّرنا..“ وهم يقصدون إقامة الحد عليهم في الدنيا لئلا تبقى تلك المعصية مسجلة في صحائف أعمالهم يوم القيامة فيؤاخذوا عليها ويزج بهم في النار، نستجير بالله تعالى منها. فهل أن ولاية الزهراء (صلوات الله عليها) ضرب من هذا القبيل، أعني أنها كالحد الذي يطهّر صاحبه مما اقترفه من صغائر وعظائم الذنوب؟

        لعلّ أحدا يشكل على ذلك القول بأن الحد ضرب من العذاب، فكيف يشبه بولاية الزهراء صلوات الله عليها؟ والجواب: إنما كان التشبيه من جهة كونه تطهيرا لا من هذه الجهة، فما ولايتهم إلا أحلى من الشهد والعسل. إلا أن فيها عذابا أيضا! لأن من يواليهم حقا يتعرّض إلى صنوف الجور والظلم في الدنيا، كما ورد عن مولانا الأمير عليه السلام: ”من أحبنا أهل البيت فليستعد للبلاء“! (البحار ج8 ص740 والغارات ج2 ص588 وشرح النهج ج1 ص371).

        ورحم الله الفقيه السيد ناصر حسين الموسوي الهندي الذي قال:

        إن كنت من شيعة الهادي أبي حسن

        حقا فأعدد لريب الدهر تجنافا

        إن البلاء نصيب كل شيعته

        فاصبر ولا تك عند الهم منصافا

        نحن ملوّثون بالمعاصي والذنوب والموبقات، فكيف تطهرنا ولاية الزهراء (صلوات الله عليها)؟ هل المعنى من هذا التطهير أن ولايتها تقودنا طريقيا نحو الامتناع عن اقتراف الذنوب والبعد عن المحرّمات بالنظر إلى التزامنا بأوامرها ونواهيها؟ أم هل المعنى أنه مادة موضوع مستقل يحطّ الذنوب حطّا كالاستغفار مثلا؟ أم هل المعنى أنه يغيّر تكوينيا من أرواحنا وينقّيها من نوازع الشر ويغذي نوازع الخير فيتحقق التطهير؟ أم هو حكم شرعي خاص كطهارة المؤمن مقابل نجاسة الكافر؟ أم ماذا.. وماذا؟!

        يبقى الخيال سارحا في هذه الكلمة وهذه البشارة العظيمة، ويبقى الباب مفتوحا أمام جميع التفسيرات والاحتمالات المعنوية، لكنه شيء يأتينا من وراء الغيب.. والأمل هو أن نبشّر أنفسنا بأننا قد طهرنا بولاية فاطمة صلوات الله وسلامه عليها.

        هكذا نجد أن زيارة الزهراء تختلف عن زيارة من عداها، وهكذا نجد أن خطاب الزهراء يختلف عن خطاب من عداها، وهكذا نجد أن المعاني التي جاءت للزهراء تختلف عن المعاني التي جاءت لمن عداها. وإننا لو بحثنا في طول وعرض الأخبار والآثار لما وجدنا لهذه العبارات مثيلا بالنسبة لأي من المعصومين (عليهم الصلاة والسلام).. إلا الزهراء البتول أم أبيها روحي فداها.

        وهذا كان نموذجا واحدا فقط يدلّل على ما ذهبنا إليه في صدر الموضوع من أن شمس الزهراء تتلألأ بشكل استثنائي خاص عن سائر الشموس المحمدية العلوية. وإلا فالأمثلة كثيرة في هذا المضمار، وسنرى مع قليل من البحث والفحص أن ما جاء في الزهراء لم يجئ في غيرها. فهذا الله تعالى قد نادى في الملأ الأعلى: ”أنا الفاطر وهي فاطمة.. وبنورها ظهرت الأشياء من الفاتحة إلى الخاتمة“!! (الخصائص الفاطمية ص1).

        ..صلى الله على البتول الزهراء التي بولايتها تطهر نفوسنا، وعلى أبيها وبعليها وبنيها، ولعنة الله على أعدائها وأعدائهم إلى يوم الفصل والحساب، آمين يا رب الأرباب.

        ====

        (*) مع أن إطلاق كنية (أبي جعفر) تنصرف بالذهن أولا إلى الباقر (عليه السلام) إلا أننا نسبنا الرواية للجواد (عليه السلام) بقرينة الراوي الأخير ”إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي“ فهو وإن كان ممن اقتصرت روايته على هذا الخبر وكذا حال من مضى من الرواة قبله عدا محمد بن أحمد بن داود الذي كان من مشايخ القميين، فهم على الترتيب:“محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن وهبان البصري، عن أبي محمد الحسن بن محمد بن الحسن السيرافي، عن العباس بن الوليد بن العباس المنصوري، عن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن محمد العريضي، عن أبي جعفر عليه السلام..“. أقول: أنه مع هذا إلا أنه يقوى جدا أن تكون الرواية عن الجواد دون الباقر (عليهما السلام) من جهة أن ”العريض“ قرية من قرى أطراف المدينة، وأول من نُسب إليها باسم ”العريضي“ كان علي بن جعفر (ابن الصادق وأخا الكاظم عليهما السلام) فسمي بعلي العريضي وهو جد السادة العلويين الحاملين لهذه النسبة، فحيث أن للراوي جد أعلى ينسب بهذه النسبة ”محمد العريضي“ وأنه سيد لقول الإمام له: ”إذا صرت إلى قبر جدتك..“ فيقوى أن عصره متأخر عن عصر الباقر (عليه السلام) وأنه كان معاصرا للجواد (عليه السلام) فتكون روايته عنه. فتأمل.

        تعليق


        • #5
          خصائص فاطمة الزهراء عليها السلام

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



          خصائص فاطمة الزهراء عليها السلام

          اعلم أنّ قانون الزوجيّة كقانون العلّية، بنصّ القرآن الكريم هو الحاكم على العالم التكويني:
          {وَمِنْ كُلِّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} (1).
          ومن مصاديق الأزواج العقل الكلّ والنفس الكلّ وكذا العلم والعمل، والعلم مقوّم روح الإنسان والعمل يشخّص بدن الإنسان، والعقل العملي يتبع العقل النظري، فالعلم إمام العمل.
          ومن مصاديق الأزواج: السماء والأرض، والوجود والماهيّة، وكلّ مذكّر ومؤنّث من الحيوان والروح الذي يتكوّن من نطفة الرجل والبدن المتكوّن من نطفة المرأة.
          وهذا القانون حاكم في كلّ شيء حتّى أعصاب المخّ فإنّه يتكوّن من أعصاب زوجيّة.
          والنكاح اللقاح التكويني هو الحاكم في قانون الزوجيّة، ويتولّد منه العوالم
          المعنويّة والروحيّة والنفسية والمثالية والحسّية، فالنكاح الأوّل كان في الأسماء الإلهيّة ثمّ في عالم الأرواح والعقول المفارقة ثمّ عالم الأجساد الطبيعية والعنصرية، ثمّ ما يتولّد منه المولّدات الثلاثة ـ المعادن والنباتات والحيوانات ـ والنكاح الأخير يختصّ بالإنسان الكامل والكون الجامع، فالروح بمنزلة الزوج والنفس بمنزلة الزوجة.
          والخلق يكون على أساس التثليث، فالولد من نطفة من الأبوين.
          والإنسان الكامل سواء الرجل أو المرأة هو ثمرة شجرة الوجود، فهو غاية الحركتين الوجودية والإيجادية، فالمرأة مصنع الصنع الإلهي، فهي كالشجرة الطيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اُكلها كلّ حين.
          والإنسان الكامل لو كان رجلا فهو مظهر العقل الكلّ، وإن كان امرأة فهو مظهر وصورة النفس الكلّية.
          فعليّ (عليه السلام) مظهر العقل الكلّي على أتمّ الوجوه الممكنة، فهو اُمّ الكتاب، وفاطمة الزهراء مظهر النفس الكلّية على أتمّ الوجوه الممكنة.
          إنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) وديعة المصطفى، الحوراء الإنسيّة، مطلع الأنوار العلوية، وضياء المشكاة الولويّة، اُمّ أبيها، واُمّ الأئمة النجباء، صندوق العلم، ووعاء المعرفة.
          لا ريب ولا شكّ أنّ فاطمة أحرزت مقام العصمة الإلهية الكبرى، وكما ذهب الأعاظم من علمائنا الأعلام كالشيخ المفيد والسيّد المرتضى إلى عصمتها، كما تدلّ الآيات الكريمة كآية التطهير والروايات الشريفة على ذلك، ومن أنكر ذلك فإنّه كالأعمى الذي ينكر نور الشمس.
          والعصمة قوّة نوريّة ملكوتية في المعصوم تعصمه عن جميع ما يشين
          الإنسان الكامل من الذنوب والمعاصي والسهو والنسيان والغفلة وما شابه ذلك، ومن كان معصوماً من أوّله إلى آخره لا يصدر منه الشين.
          فاطمة الزهراء معصومة بعصمة الله سبحانه كما عصم أولادها الأئمة الأطهار، فإنّ عصمتهم كعصمة القرآن، فهما الثقلان اللذان لن يفترقا في كلّ شيء من البداية وحتّى النهاية.
          والأذان إعلام وإعلان لما يحمل الإنسان من العقيدة، فالشيعي إنّما يعلن عن عقائده الصحيحة في أذانه وإقامته للصلاة، فيعلن للعالم كلّ يوم أنّه يؤمن بالله ووحدانيّه كما يؤمن برسول الله ونبوّته ويؤمن بولاية عليّ وإمامته، كما يشهد بعصمة الزهراء وطهارتها، أي في أذانه وإقامته يخبر عن معتقده في الأربعة عشر معصوم (عليهم السلام).
          وفاطمة الزهراء بقيّة النبوّة وعقيلة الرسالة، زوج وليّ الله الأعظم وكلمة الله الأتمّ، حازت مقام العصمة، فلا مانع بل من الراجح أن يشهد بعصمتها في الأذان والإقامة كما يشهد بنبوّة والدها وبولاية زوجها، فنقول في الأذان والإقامة بعد الشهادة الثالثة: (أشهد أنّ فاطمة الزهراء عصمة الله) (2). أو يلحقها بالشهادة الثالثة، أي (أشهد أنّ عليّاً وأولاده المعصومين حجج الله، وأنّ فاطمة الزهراء عصمة الله)، فيقولها لا بقصد الجزئيّة كما أفتى المشهور من الفقهاء بذلك في الشهادة الثالثة.
          وممّا يدلّ على عصمتها أنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها، كما ورد
          متواتراً في كتب الفريقين السنّة والشيعة.
          ولا تجد معصوماً تزوّج بمعصومة إلاّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولولا عليّ لما كان لفاطمة كفؤ آدم ومن دونه، فإنّ المعصومة لا يتزوّجها إلاّ المعصوم، فمن خصائص أمير المؤمنين التي لا يشاركه فيها أحد حتّى النبيّ الأعظم محمّد (صلى الله عليه وآله)هو زواجه من المعصومة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهو الزواج المبارك وزواج النور من النور كما ورد في الأخبار، فلا يستولي على المعصومة إلاّ المعصوم ; لأنّ الرجال قوّامون على النساء، فالمعصومة لا يتزوّجها إلاّ المعصوم، بخلاف المعصوم فإنّه يتزوّج غير المعصومة، فتدبّر.
          وفاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، في الدنيا والآخرة، كما يشهد بذلك آية التطهير وحديث الكساء وأصحابه الخمسة: المصطفى والمرتضى وابناهما وفاطمة.
          وإنّما قدّم في آية المباهلة النساء والأبناء على الأنفس ربما للإشارة إلى أنّ الأنفس فداهما.
          وفاطمة تربية النبيّ والوصيّ، خامس آل العباء وأصحاب الكساء، والخمسة من الأعداد المقدّسة.
          وفاطمة حقيقتها حقيقة ليلة القدر، فمن عرفها حقّ المعرفة فقد أدرك ليلة القدر، وسمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن كنه معرفتها.
          والله خلق عالم الملك على وزان عالم الملكوت، والملكوت على وزان الجبروت، حتّى يستدلّ بالملك على الملكوت وبالملكوت على الجبروت وهو عالم العقول.
          وقد عبّر عن القوس النزولي بالليل والليالي، كما عبّر عن القوس الصعودي
          باليوم والأيام، فعصمة الله فاطمة عبّر عنها بليلة الله، فهي يوم الله كذلك، والإنسان الكامل هو القرآن الناطق، فنزل أحد عشر قرآناً ناطقاً في ليلة القدر، أي في فاطمة الزهراء، فهي الكوثر وإنّا أعطيناك الكوثر وليلة القدر خير من ألف شهر أي ألف مؤمن، فإنّ فاطمة اُمّ الأئمة النجباء واُمّ المؤمنين والملائكة من المؤمنين الذين حملوا علوم آل محمّد (عليهم السلام)، وروح القدس فاطمة يتنزّلون في ليلة القدر بإذن ربّهم من كلّ أمر، سلام هي حتّى مطلع فجر قائم آل محمّد (عليهم السلام).
          وأيام الله كما ورد في خبر العسكري هم الأئمة فلا تعادوا أيام الله فتعاديكم.
          والمعرفة على نحوين: مفهوميّة استدلالية ومعنويّة ذوقيّة، والثانية يحصل عليها العارف بالشهود والكشف لا بالبرهان والكسب، والعيان ليس كالبيان.
          وليلة القدر قلب الإنسان الكامل الذي هو عرش الرحمان وأوسع القلوب، فروح الأمين في ليلة مباركة ينزل بالقرآن، فانشرح صدره، فليلة القدر الصدر النبويّ الوسيع.
          ومثل هذا الصدر الشريف يحمل القرآن العظيم دفعة واحدة في ليلة مباركة، وفرق بين الإنزال فهو دفعي والتنزيل فهو تدريجي، فنزل القرآن دفعة واحدة في ليلة القدر ثمّ طيلة 23 سنة نزل تدريجاً.
          (ولقد كانت مفروضة الطاعة على جميع خلق الله من الجنّ والإنس والطير والوحوش والأنبياء والملائكة) (3).
          والقلب يطلق على الشكل الصنوبري اللحمي الموجود في الجانب الأيسر
          من القفص الصدري، كما يطلق على اللطيفة الربانية المتعلّقة بالقلب الجسماني، فكذلك هذا المعنى يطلق في ليلة القدر.
          وليلة القدر الذي يحمل القرآن دفعة واحدة في معارفه وحقائقه هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وما من حرف في القرآن إلاّ وله سبعين ألف معنى، وفاطمة تعرف تلك المعاني، فمن عرفها حقّ معرفتها أدرك ليلة القدر، فهي درّة التوحيد ووديعة المصطفى ليلة القدر ويوم الله والكون الجامع والقلب اللامع الذي يتجلّى فيه الغيب.
          ثمّ النبوّة والوحي على نحوين تشريعية مختصّة بالرجال وقد ختمت بمحمّد فحلاله حلال إلى يوم القيامة، ومقامية تكوينية ـ تسمّى بالنبوّة العامّة ـفتعمّ الرجال والنساء، كما في قوله تعالى: {وَأوْحَيْنَا إلَى اُمِّ مُوسَى} (4)، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أرى نور الوحي وأشمّ رائحته، كما قال الرسول: تسمع ما أسمع وترى ما أرى، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي، وأنت وزيري، وإنّك على خير.
          فمثل هذه النبوّة مستمرّة إلى يوم القيامة ينالها أصحاب النفوس القدسية فيتمثّل لها الصور الملكية والملكوتية كما وقع لمريم العذراء بحملها عيسى كلمة الله. وفاطمة كانت ممّن تحدّثها الملائكة، فهي المحدّثة ـ بالكسر والفتح ـ.
          فهناك من عنده علم من لدن حكيم كالخضر (عليه السلام)، ومثل موسى من أنبياء اُولي العزم يريد أن يستصحبه كي يتعلّم رشداً، إلاّ أنّه لا يستطيع صبراً.
          وفاطمة اسم من اسماء الله الحسنى، واشتقّ اسمها من الفاطر، فلا يقاس بها
          أحد بعد أبيها خاتم النبيّين وبعلها سيّد الوصيّين.
          والعلم نور يتّحد مع العالم والمعلوم، فيدخل جنّة الذات والأسماء، والحكمة جنّة، فمن يدخل الحكمة فقد دخل الجنّة، والإنسان الحكيم الكامل جنّة، وهو القرآن الناطق، وكلّ يعمل على شاكلته فاقرأ وارقأ.
          ن والقلم، فما يكتب في العصمة الكبرى فاطمة الزهراء إلاّ رشحات من بحر معرفتها، وقد فطم الخلق عن كنه معرفتها، فمن يعرفها ويعرف أسرارها؟
          قال رسول الله: إنّ الله جعل علياً وزوجته وأبناءه حجج الله على خلقه، وهم أبواب العلم في اُمّتي، من اهتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم (1).
          وفي قوله تعالى: {مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَـيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَـبْغِيَانِ * فَبِأيِّ آ لاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} (2)، أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} قال: عليّ وفاطمة {بَـيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَـبْغِيَانِ} قال النبيّ {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} قال: الحسن والحسين (3).
          وأذاها أذى رسول الله، ومن يؤذي الرسول فقد آذى الله، ومن يؤذيهم فعليه لعنة الله في الدنيا وعذاباً مهيناً في الآخرة، كما في قوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّ نْيَا وَالآخِرَةِ وَأعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً} (4).

          المصادر:
          1- شواهد التنزيل: للحافظ الإسكافي الحنفي 1: 58.
          2- الرحمن: 19 ـ 22.
          3- الدرّ المنثور: للسيوطي 7: 697.
          4- الأحزاب: 57.


          وما اُوذي نبيّ بمثل ما اُوذيت، أيّ أذى أكبر ممّا ورد على فاطمة الزهراء من المصائب من قبل الظالمين؟ وثبتت العصمة لها من خلال الأحاديث الواردة في فضائلها ومقاماتها.
          من أهمّ الخصائص الفاطميّة:

          وإليكم جملة من الخصائص، قد استخرجتها من الروايات الشريفة، وهي تدلّ على الاُمور الغيبية في تكوينها وفي حياتها الملكيّة والملكوتيّة، فإنّها:

          1 ـ أوّل بنت تكلّمت في بطن اُمّها.
          2 ـ أوّل مولودة اُنثى سجدت لله عند ولادتها.
          3 ـ اُمّ أبيها.
          4 ـ شرافتها العنصريّة، فهي الحوراء الإنسيّة.
          5 ـ اشتقاق اسمها من اسم الله الفاطر سبحانه وتعالى.
          6 ـ رشدها الخاصّ.
          7 ـ إنّها من أصحاب الكساء (عليهم السلام).
          8 ـ الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) من ولدها.
          9 ـ ذرّيتها لا يدخلون النار ولا يموتون كفّاراً، والنظر إليهم عبادة.
          10 ـ لم يكن لها كفو من الرجال آدم ومن دونه إلاّ أسد الله الغالب الإمام عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام).
          11 ـ هي ليلة القدر.
          12 ـ فطم الخلق عن معرفتها.
          13 ـ على معرفتها دارت القرون الاُولى.
          14 ـ كتب اسمها على العرش.
          15 ـ تحضر الوفاة لكلّ مؤمن ومؤمنة.
          16 ـ لها ولادة خاصّة.
          17 ـ ينفع حبّها في مئة موطن.
          18 ـ نجاة شيعتها بيدها المباركة، وتجلّي الشفاعة الفاطميّة يوم القيامة.
          19 ـ زيارتها وحجّيتها على الأئمة الأطهار (عليهم السلام).
          20 ـ في خلقتها النوريّة تساوي النبيّ (صلى الله عليه وآله).
          21 ـ إنّها مجمع النورين النبوي والعلوي.
          22 ـ إنّها مفروضة الطاعة المطلقة على كلّ الخلائق.
          23 ـ هي العصمة الكبرى والطهارة العظمى.
          24 ـ اسمها المبارك (فاطمة) يوجب الغنى.
          25 ـ هي النسلة الميمونة والمباركة.
          26 ـ زواجها كان في السماء قبل الأرض.
          27 ـ حديث اللوح.
          28 ـ تسبيحها وآثاره.
          29 ـ يفتخر الله بعبادتها على الملائكة.
          30 ـ إقرار الأنبياء والأوصياء بفضلها ومحبّتها.
          31 ـ يُشمّ منها رائحة الجنّة.
          32 ـ الوحيدة التي قبّل النبيّ يدها.
          33 ـ هدية الله لنبيّه (صلى الله عليه وآله).
          34 ـ خير نساء العالمين من الأوّلين والآخرين في الدنيا والآخرة.
          35 ـ تبكي الملائكة لبكائها.
          36 ـ وجوب الصلاة عليها كالنبيّ وآله الأطهار (عليهم السلام).
          37 ـ قرّة عين الرسول (صلى الله عليه وآله).
          38 ـ ثمرة فؤاد النبيّ (صلى الله عليه وآله).
          39 ـ مهرها وصداقها.
          40 ـ اُمّ الأئمة الأطهار (عليهم السلام).
          41 ـ مصحف فاطمة (عليها السلام).
          42 ـ بحر النبوّة.
          43 ـ كوثر القرآن.
          44 ـ شوق النبيّ للقائها وإنّه يبدأ بها بعد السفر كما يختم بها حين السفر.
          45 ـ أوّل من تدخل الجنّة.
          46 ـ ظلامتها.

          ====

          المصادر:
          1- الذاريات: 49.
          2- كما ذهب إلى هذا شيخنا الاُستاذ آية الله الشيخ حسن زاده الآملي في (فص حكمة عصمتية في كلمة فاطمية)، فراجع.
          3- دلائل الإمامة: 28.
          4- القصص: 7.


          ونسألكم الدعاء.

          تعليق


          • #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
            هذه الخطبة متواترة ولثقة الإسلام الشيخ الكليني رحمه الله سند معتبر لها.

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
            ردود 2
            13 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة ibrahim aly awaly
            بواسطة ibrahim aly awaly
             
            أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
            استجابة 1
            12 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة ibrahim aly awaly
            بواسطة ibrahim aly awaly
             
            يعمل...
            X