أعظم الله اُجورنا واُجوركم بمصاب أبي عبد الله الحسين(عليه السلام)وآل بيت الرسول(صلى الله عليه وآله)وأصحابهم في كربلاء
(إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسال دموعنا، وأذلّ عزيزنا، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون).
«عن الامام علي بن موسى الرضا(عليه السلام)»
نستذكر وباقي الاخوة المؤمنين ـ في بقاع المعمورة ـ هذه الأيام أحداث الثورة الحسينية بمختلف فصولها الايمانية التي رسمها الامام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه (رضوان الله عليهم) رجالاً ونساءً ، شيوخاً وشباناً وأطفالاً. وكذلك جانبها المأساوي الذي نفّذه الطغاة المتوغلون في الجريمة والوحشية.
ولكي نستلهم ـ خلال أيام الذكرى ـ دروس هذه النهضة التي هزّت عروش الظالمين في كل العصور، وأبقت الإسلام حيّاً متوهجاً للأجيال المتعاقبة ـ نودّ التأكيد على النقاط التالية:
1 ـ التزام مظاهر الحزن تأسيّاً بآل البيت(عليهم السلام) ففي الحديث عن الامام الرضا(عليه السلام) قال:
«كان أبي صلوات الله عليه إذا دخل شهر المحرّم لم يُرَ ضاحكاً، وكانت كآبته تغلب عليه، حتّى يمضي منه عشرة أيَّام، فإذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول : هذا اليوم الذّي قتل فيه الحسين(عليه السلام)».
2 ـ الاهتمام بالحضور في المساجد والمراكز والهيئات الحسينية خلال عشرة محرّم، لما في ذلك من تعظيم الشعائر ((ومن يعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب))، وكذلك تأكيد الارتباط بالجذور الدينية الأصيلة، خاصة بالنسبة للاخوة الذين يقطنون ضمن مجتمعات غير إسلامية.
3 ـ انتقاء الأساليب التي تجذب الشباب واليافعين للمراكز والمجالس الحسينية وتحيى في نفوسهم النهضة الحسينية ودروسها، (ويلاحظ أن تكون الشعائر والأساليب منطبقة مع الضوابط الشرعية، وذات انطباع إيجابي في الوسط الذي تقام فيه).
4 ـ من الضروري لعلماء المناطق والخطباء إبراز شخصية الامام الحسين(عليه السلام) وأئمة أهل البيت(عليهم السلام) وبيان مقامهم الشامخ من خلال الآيات الكريمة والنصوص المعتبرة الواردة في فضلهم وسيرتهم، لتحفظ لهم خصوصيتهم القيادية القدوة التي يتميّزون بها، ومواجهة التيارات التي تحط من مقامهم أو التي تتحدث عنه باستحياء. ففي الحديث عنهم(عليهم السلام) :«نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد».
5 ـ إبراز الجرائم المأساوية الفظيعة التي ارتكبت في حق آل الرسول(صلى الله عليه وآله) وأتباعهم في فاجعة الطف وغيرها، لتعرية الظالمين والمنحرفين الذين راموا حرف المسيرة الإسلامية عن خطها المستقيم، وكذلك لتأكيد الارتباط العاطفي بأهل البيت(عليهم السلام) لما في ذلك من دور فاعل في استقامة شيعتهم أمام المحن العصيبة التي اعتادوا عليها جيلاً بعد جيل.
6 ـ توضيح مختلف جوانب النهضة الحسينية، وبيان أهميتها وفاعليتها في صيانة الإسلام من تلاعب الطغاة فيه وتحريفه، ورسم الخط المستقيم لشيعة أهل البيت(عليهم السلام) بأجيالهم المتعاقبة.(من الضروري اعتماد المنطق العلمي الموضوعي في ذلك).
7 ـ تأكيد العلماء والخطباء على استلهام الدروس من النهضة الحسينية وتحذير المؤمنين من الوقوع في ورطة المجتمعات التي واجهت الامام الحسين(عليه السلام) وباقي أهل البيت(عليهم السلام) وخذلتهم.
8 ـ اهتمام المحاضرين بالتثقيف الديني الواسع بمختلف أبعاده العقائدية والفقهية والتربوية، وكذلك معالجة السلبيات الشائعة في الأوساط المختلفة، والتحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين.
9 ـ استثمار موسم العزاء الحسيني لتأكيد الود والمحبة بين المؤمنين، وبذل الجهود لمعالجة الخلافات الثانوية بالتواصل والزيارات المتبادلة.
10 ـ تعريف المجتمعات غير الإسلامية بالنهضة الحسينية وأبعادها باعتماد اُسلوب حضاري جذاب. فإنه يمثل جزءاً من حق سيد الشهداء(عليه السلام) والدماء الزكية التي أريقت في سبيل الله تعالى.
ختاماً نجدّد التعازي للإمام المهدي المنتظر(عليه السلام) ولجميع الاخوة المؤمنين بمصائب آل الرسول(صلى الله عليه وآله) وأصحابهم في طف كربلاء. سائلين الباري سبحانه أن يجعلنا ممن يطلب بثأره مع إمام عدل مهدي من أهل بيته، وأن يوفقنا لزيارة الحسين(عليه السلام) في الدنيا، ويرزقنا حسن العاقبة، ويحشرنا في زمرته يوم القيامة . . مستذكرين المناجاة المرويَّة عنه(عليه السلام) يوم عاشوراء عندما أصبحت الخيل تُقبل نحوه . . .
«اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقةٌ وعُدَّةٌ، كم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد، وتَقِلُّ فيه الحيلة، ويَخذلُ فيه الصديق، ويشمت فيه العدوّ، أنزلتُه بك وشكوتُه إليك، رغبةً منِّي إليك عمَّن سواك، ففرَّجته عنِّي وكشفته، فأنت وليُّ كلِّ نعمة، وصاحب كلِّ حسنة، ومنتهى كلِّ رغبة».
نســــألكم الدعاء ,,