خلاصة العقيدة الصحيحة في
اسماء الله تعالى وصفاته وذاته
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .
فالمسلمون عرفوا الله تعالى بصفاته التي وصف بها نفسه في كتابه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته , وحذر الله تبارك وتعالى وخوف من تكذيبه وتوعد مكذبيه , قال تعالى : فمن اظلم منمن كذب على الله وكذب بالصدق لما جاءه اليس في جهنم مثوى للكافرين . سورة الزمر22 .
فالمؤمنين بالوحي العارفين باسماء الله يلتزمون حيال اسمائه وصفاته بمبدأين لا يجيزون الخروج عنهما بحال من الاحوال , لما يؤدي الخروج عنهما من تكذيب لله تعالى او الكذب عليه والعياذ بالله .
المبدا الاول : ان لا يسموا الله تعالى باسم لم يسم به نفسه في كتابه او على لسان رسله عليهم السلام , فهم اذا دعوه دعوه باسمائه الحسنى , حيث انتدبهم لذلك في كتابه بقوله في سورة الاعراف : ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون .
واذا نعتوه وعرفوا به نعتوه بصفاته وعرفوه بافعاله واياته الدالة عليه جل جلاله وعظم سلطانه .
الثاني : ان لا يشبهوا الله تعالى في ذاته ولا صفاته ولا افعاله بذوات المخلوقين ولا بصفات المحدثين ولا بافعالهم , لاستحالة وجود شبه لله تعالى عقلا وشرعا .
اما الشرع : فقد اخبر تعالى في غير موضع من كتابه بنفي الشبيه له والكفو , فقال تعالى : ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير . سورة الشورى11 , وقال عز وجل : قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد . سورة الاخلاص .
واما العقل : فان خالق المادة لا يكون مادة , ومن لم يكن مادة فكيف تشبهه بالمادة , وهل يشبه ما ليس بمادة بما هو مادة , فلذا قضى العقل باستحالة ان يشبه الخالق بمخلوقاته .
ومن هنا فالمؤمنون يصفون ربهم بكل ما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يتحرجون من ذلك ابدا.
فيقولون ان الله يسمع ويبصر , ويحب ويبغض , وخلق بيديه , واستوى على عرشه , ويجيئ لفصل القضاء , وينزل كل ليلة الى السماء الدنيا , وكلم موسى تكليما .
وذلك لامور احدها : انه ما دام تعالى قد وصف نفسه بهذه الصفات ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم , كما حرم تكذيبه والكذب عليه , ووصفه بما هو براء منه من سائر الاوصاف والنقائص المنافية للكمالات الالهية , كأن يكون له صاحبة او ولد او شريك او ولي من الذل .
وثانيا : انهم عندما يصفون ربهم بصفاته التي وصف بها نفسه او وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم , هم يعلمون يقينا ان هذه الصفات محال ان يكون شيئ منها يشبه صفات المخلوقين , للفرق الكبير والبون الواسع بين الخالق والمخلوق .
فاذا وصف الله تعالى نفسه بأن له يدا , ووصفه المؤمن بها فليس معنى ذلك ان يد الله تشبه يد الانسان , وان المؤمن يخطر على باله ان شبها ما بين يد الله تعالى الخالق ويد الانسان المخلوق .
لا والله , لان الفرق بين يد الله تعالى الخالق ويد الانسان المخلوق , كما بين ذات الله الخالق وذات الانسان المخلوق .
واذا فلا مشابهة بين يدالخالق ويد المخلوق البتة .
ولذا فالمؤمنون لايؤولون صفات الله تعالى ولا يحرفونها او يعطلونها خوفا من التشبيه , لانهم يعلمون ان الشبه بين صفات الخالق وصفات المخلوق محال عقلا وشرعا .
ولذا هم يعدون من الكذب والباطل ان يشبه المرء الخالق عز وجل بالمخلوقين او يشبه صفاته بصفاتهم , وذلك كأن يقول يد الله كيد الانسان , او عين الله كعين الانسان , او استواء الله على عرشه كاستواء الانسان على عرشه مثلا .
ان هذا كله ومثله باطل وهو كذب بحت وافتراء محض , وذلك لقضاء العقول باستحالة وجود شبه ما بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات والافعال .
ثالثها : ان العقول السليمة لا تحيل اطلاق لفظ صفة لذات من الذوات , وباطلاق ذلك اللفظ لتلك الصفة على ذات اخرى مع انعدام الشبه تماما بين الصفتين وبين الذاتين الموصوفتين بهما , وذلك كلفظ ( الرأس ) فانه يطلق على المال والانسان , فيقال ( رأس المال ) ويقال ( رأس الانسان ) ولا شبه بينهما البتة , وذلك لانعدام الشبه بين الذاتين الموصوفتين بهما .
وهذا لفظ ( العين ) يطلق اطلاقات فيقال ( عين الشمس ) و ( عين الماء ) و ( وعين الحيوان ) ولا شبه بين تلك الذوات التي اطلق عليها لفظ العين .
واخيرا : فهداية المؤمنين في هذه العقيدة عقلية ودينية .
فالعقلية استحالة ادراك كنه الله تعالى , وكنه صفاته , لان ذات الرب تعالى ليست مادة فتدرك , وصفاته من ذاته , ومتى استحال ادراك كنه الذات استحال كذلك ادراك كنه الصفات .
والدينية الشرعية : هي اخباره تعالى بانه ليس كمثله شيئ , وانه لم يكن له كفوا احد , وان الخلق لا يحيطون به علما , مع وصفه تعالى لنفسه بصفات شتى ذاتية , كالسمع والبصر , واليد والعين , والرضا والغضب , والحب والسخط .
وفعلية , كالمجيء , والنزول , والخلق باليد , والاستواء على العرش , وما الى ذلك مما ورد من الصفات في الكتاب الكريم والسنة الشريفة معا .
خـــــــــــلاصـــــــــة
وخلاصة هذا البحث في باب الاسماء والصفات الالهية : هي ان المؤمنين المهتدين يؤمنون بأسماء الله تعالى وصفاته , اذ بهما تمت معرفتهم له تبارك وتعالى , ويدعون الله باسمائه ويصفونه بصفاته , غير مشبهين صفاته بصفات المخلوقين , ولا مؤولين لها ولا معطلين , مع اعتقادهم الراسخ بأن الله ليس كمثله شيئ , وبالعجز الكامل في ادراك كنه ذاته تعالى او كنه صفاته الذاتية والفعلية على حد سواء .
وبذلك سلموا من تكذيب ربهم , ومن الكذب عليه , ونجوا تبعا لذلك من العذاب المتوعد به من كذب الله تعالى او كذب عليه في قوله تعالى : فمن اظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق اذ جاءه اليس في جهنم مثوى للمتكبرين.
--------------------------------------------------------------------------------
هـــــوامــــش
ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب توحيد الربوبية : ان عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قيل له بماذا عرفت ربك؟ فقال : من طلب دينه بالقياس لم يزل عمره في التباس , خارجا عن المنهاج , ظاعنا في الاعوجاج , عرفته بما عرف به نفسه , ووصفته بما وصف به نفسه .
وذكر ايضا : ان شيخا قيل له في ذلك , فقال : عرفت الاشياء بربي , ولم اعرف ربي بالاشياء .مجموع الفتاوي 2/18 .
نقلا عن كتاب عقيدة المؤمن بتصرف .
فهل أنتم مسلمون ...
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
اسماء الله تعالى وصفاته وذاته
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد .
فالمسلمون عرفوا الله تعالى بصفاته التي وصف بها نفسه في كتابه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته , وحذر الله تبارك وتعالى وخوف من تكذيبه وتوعد مكذبيه , قال تعالى : فمن اظلم منمن كذب على الله وكذب بالصدق لما جاءه اليس في جهنم مثوى للكافرين . سورة الزمر22 .
فالمؤمنين بالوحي العارفين باسماء الله يلتزمون حيال اسمائه وصفاته بمبدأين لا يجيزون الخروج عنهما بحال من الاحوال , لما يؤدي الخروج عنهما من تكذيب لله تعالى او الكذب عليه والعياذ بالله .
المبدا الاول : ان لا يسموا الله تعالى باسم لم يسم به نفسه في كتابه او على لسان رسله عليهم السلام , فهم اذا دعوه دعوه باسمائه الحسنى , حيث انتدبهم لذلك في كتابه بقوله في سورة الاعراف : ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون .
واذا نعتوه وعرفوا به نعتوه بصفاته وعرفوه بافعاله واياته الدالة عليه جل جلاله وعظم سلطانه .
الثاني : ان لا يشبهوا الله تعالى في ذاته ولا صفاته ولا افعاله بذوات المخلوقين ولا بصفات المحدثين ولا بافعالهم , لاستحالة وجود شبه لله تعالى عقلا وشرعا .
اما الشرع : فقد اخبر تعالى في غير موضع من كتابه بنفي الشبيه له والكفو , فقال تعالى : ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير . سورة الشورى11 , وقال عز وجل : قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد . سورة الاخلاص .
واما العقل : فان خالق المادة لا يكون مادة , ومن لم يكن مادة فكيف تشبهه بالمادة , وهل يشبه ما ليس بمادة بما هو مادة , فلذا قضى العقل باستحالة ان يشبه الخالق بمخلوقاته .
ومن هنا فالمؤمنون يصفون ربهم بكل ما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يتحرجون من ذلك ابدا.
فيقولون ان الله يسمع ويبصر , ويحب ويبغض , وخلق بيديه , واستوى على عرشه , ويجيئ لفصل القضاء , وينزل كل ليلة الى السماء الدنيا , وكلم موسى تكليما .
وذلك لامور احدها : انه ما دام تعالى قد وصف نفسه بهذه الصفات ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم , كما حرم تكذيبه والكذب عليه , ووصفه بما هو براء منه من سائر الاوصاف والنقائص المنافية للكمالات الالهية , كأن يكون له صاحبة او ولد او شريك او ولي من الذل .
وثانيا : انهم عندما يصفون ربهم بصفاته التي وصف بها نفسه او وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم , هم يعلمون يقينا ان هذه الصفات محال ان يكون شيئ منها يشبه صفات المخلوقين , للفرق الكبير والبون الواسع بين الخالق والمخلوق .
فاذا وصف الله تعالى نفسه بأن له يدا , ووصفه المؤمن بها فليس معنى ذلك ان يد الله تشبه يد الانسان , وان المؤمن يخطر على باله ان شبها ما بين يد الله تعالى الخالق ويد الانسان المخلوق .
لا والله , لان الفرق بين يد الله تعالى الخالق ويد الانسان المخلوق , كما بين ذات الله الخالق وذات الانسان المخلوق .
واذا فلا مشابهة بين يدالخالق ويد المخلوق البتة .
ولذا فالمؤمنون لايؤولون صفات الله تعالى ولا يحرفونها او يعطلونها خوفا من التشبيه , لانهم يعلمون ان الشبه بين صفات الخالق وصفات المخلوق محال عقلا وشرعا .
ولذا هم يعدون من الكذب والباطل ان يشبه المرء الخالق عز وجل بالمخلوقين او يشبه صفاته بصفاتهم , وذلك كأن يقول يد الله كيد الانسان , او عين الله كعين الانسان , او استواء الله على عرشه كاستواء الانسان على عرشه مثلا .
ان هذا كله ومثله باطل وهو كذب بحت وافتراء محض , وذلك لقضاء العقول باستحالة وجود شبه ما بين الخالق والمخلوق في الذات والصفات والافعال .
ثالثها : ان العقول السليمة لا تحيل اطلاق لفظ صفة لذات من الذوات , وباطلاق ذلك اللفظ لتلك الصفة على ذات اخرى مع انعدام الشبه تماما بين الصفتين وبين الذاتين الموصوفتين بهما , وذلك كلفظ ( الرأس ) فانه يطلق على المال والانسان , فيقال ( رأس المال ) ويقال ( رأس الانسان ) ولا شبه بينهما البتة , وذلك لانعدام الشبه بين الذاتين الموصوفتين بهما .
وهذا لفظ ( العين ) يطلق اطلاقات فيقال ( عين الشمس ) و ( عين الماء ) و ( وعين الحيوان ) ولا شبه بين تلك الذوات التي اطلق عليها لفظ العين .
واخيرا : فهداية المؤمنين في هذه العقيدة عقلية ودينية .
فالعقلية استحالة ادراك كنه الله تعالى , وكنه صفاته , لان ذات الرب تعالى ليست مادة فتدرك , وصفاته من ذاته , ومتى استحال ادراك كنه الذات استحال كذلك ادراك كنه الصفات .
والدينية الشرعية : هي اخباره تعالى بانه ليس كمثله شيئ , وانه لم يكن له كفوا احد , وان الخلق لا يحيطون به علما , مع وصفه تعالى لنفسه بصفات شتى ذاتية , كالسمع والبصر , واليد والعين , والرضا والغضب , والحب والسخط .
وفعلية , كالمجيء , والنزول , والخلق باليد , والاستواء على العرش , وما الى ذلك مما ورد من الصفات في الكتاب الكريم والسنة الشريفة معا .
خـــــــــــلاصـــــــــة
وخلاصة هذا البحث في باب الاسماء والصفات الالهية : هي ان المؤمنين المهتدين يؤمنون بأسماء الله تعالى وصفاته , اذ بهما تمت معرفتهم له تبارك وتعالى , ويدعون الله باسمائه ويصفونه بصفاته , غير مشبهين صفاته بصفات المخلوقين , ولا مؤولين لها ولا معطلين , مع اعتقادهم الراسخ بأن الله ليس كمثله شيئ , وبالعجز الكامل في ادراك كنه ذاته تعالى او كنه صفاته الذاتية والفعلية على حد سواء .
وبذلك سلموا من تكذيب ربهم , ومن الكذب عليه , ونجوا تبعا لذلك من العذاب المتوعد به من كذب الله تعالى او كذب عليه في قوله تعالى : فمن اظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق اذ جاءه اليس في جهنم مثوى للمتكبرين.
--------------------------------------------------------------------------------
هـــــوامــــش
ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب توحيد الربوبية : ان عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما قيل له بماذا عرفت ربك؟ فقال : من طلب دينه بالقياس لم يزل عمره في التباس , خارجا عن المنهاج , ظاعنا في الاعوجاج , عرفته بما عرف به نفسه , ووصفته بما وصف به نفسه .
وذكر ايضا : ان شيخا قيل له في ذلك , فقال : عرفت الاشياء بربي , ولم اعرف ربي بالاشياء .مجموع الفتاوي 2/18 .
نقلا عن كتاب عقيدة المؤمن بتصرف .
فهل أنتم مسلمون ...
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه