حديث ضياع أحكام الشريعة المقدسة عند أهل السنة:-
لقد دلَّت الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة على أن شعائر الإسلام بعد زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غُيِّرَتْ ، وأحكام الدين قد حُرِّفت ، فلم يبقَ من الدين شيء إلا وطالته يد التحريف والتغيير ، حتى الصلاة التي هي عمود الدين فإنها قد ضُيِّعت كما ضُيِّع غيرها.
ومن تلك الأحاديث ما أخرجه البخاري في صحيحه عن الزهري أنه قال : دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ فقال : لا أعرف شيئاً مما أدركتُ إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاة قد ضُيِّعتْ. وفي رواية أخرى ، قال : ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قيل : الصلاة ؟ قال : أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها ؟! صحيح البخاري 1|133 كتاب مواقيت الصلاة وفضلها ، باب تضييع الصلاة عن وقتها .
وأخرج الترمذي في سننه ، وأحمد بن حنبل في المسند عن أنس أنه قال : ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فقلت : أين الصلاة ؟ قال : أوَلم تصنعوا في صلاتكم ما قد علمتم ؟ سنن الترمذي 4|633 ، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع. قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. مسند أحمد بن حنبل 3|101 ، 208.
وأخرج مالك بن أنس في الموطأ عن أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال : ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلا النداء للصلاة. الموطأ ، ص42. وأخرج أحمد في المسند عن أم الدرداء أنها قالت : دخل عليَّ أبو الدرداء وهو مغضب ، فقلت : مَن أغضبك ؟ قال : والله لا أعرف منهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أنهم يصلّون جميعا. مسند أحمد بن حنبل 6|443 ، 5|195. وأخرج أحمد في مسنده عن أنس أيضاً أنه قال : ما أعرف شيئاً مما عهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم. فقال أبو رافع : يا أبا حمزة ، ولا الصلاة ؟ فقال : أو ليس قد علمت ما صنع الحَجَّاج في الصلاة ؟ وأخرج أحمد في المسند ، والبغوي في شرح السنة ، والبوصيري في مختصر الإتحاف عن أنس قال : ما أعرف فيكم اليوم شيئاً كنت أعهده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قولكم : لا إله إلا الله. قال : فقلت : يا أبا حمزة ، الصلاة ؟ قال : قد صليت حين تغرب الشمس ، أفكانت تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مسند أحمد بن حنبل 3|270 ، شرح السنة 14|394 ، مختصر إتحاف السادة المهرة 2|307.
وأخرج الطيالسي في المسند ، والبوصيري في مختصر الإتحاف عن أنس أنه قال : والله ما أعرف اليوم شيئاً كنت أعرفه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا أبا حمزة ، والصلاة ؟ قال : أو ليس أحْدَثتم في الصلاة ما أحدثتم ؟ مسند أبي داود الطيالسي ، ص271 ، مختصر إتحاف السادة المهرة 2|307.
دلالة الحديث:-
قوله : « لا أعرف شيئاً مما أدركتُ » أو « مما كنا عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم » ، يدل على أن كل معالم الدين التي جاء بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قد حُرِّفت وبُدلت ، فلم يبق شيء على ما كان عليه في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى الصلاة التي يتعاهدها المسلمون كل يوم خمس مرات هي أيضاً لم تسلم من التبديل والتغيير ، وإن بقيت لها صورة الصلاة الظاهرية ، وهذا العموم استفيد من دلالة وقوع النكرة في سياق النفي في كلام أنس.
وقوله : أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها ؟ وقوله : أو لم تصنعوا في صلاتكم ما قد علمتم ؟ وقوله : أو ليس أحْدَثتم في الصلاة ما أحدثتم ؟ كلها تدل على أن الناس أحدثوا في خصوص الصلاة ما لم يكن معروفاً في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن الحجَّاج أيضاً قد أحدث فيها ما أحدث.ثم إن سؤال القوم عن خصوص الصلاة مع أن كلامه دال على العموم ظاهر في أن القوم كانوا يعلمون بتبدل أحكام الدين وتحريفها ، ولذلك لم يَعجَبوا من قول أنس ، ولم يسألوه عنها ، وأما الصلاة فكانوا يظنون أنها لا تزال سالمة من أي تحريف أو تغيير. وقوله في حديث البخاري : « إلا هذه الصلاة » ، يدل على أن الصلاة سلمت نوعاً ما من التغيير ، ولم تسلم بالكلية ، بدليل قوله بعد ذلك : ( وهذه الصلاة قد ضُيّعت ).
لفت نظر:-
إن أكثر الأحاديث التي مرَّ ذكرها مروي عن أنس بن مالك ، والقليل منها مروي عن أبي الدرداء ، ولعل السبب في ذلك هو أن أنس بن مالك كان من أواخر الصحابة موتاً ، فهو قد عاش إلى سنة تسعين من الهجرة ، أو ثلاث وتسعين على اختلاف الآراء ، وعمره تجاوز المائة أو نقص عنها قليلاً(راجع اُسد الغابة 1|296 ، تهذيب الكمال 3|376 ـ 377 ، النجوم الزاهرة 1|224 ، تهذيب التهذيب 1|330 وغيرها.) فأدرك كثيراً من الفتن والأهواء والآراء التي حدثت بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو قد رأى ما لم يرَ غيره. (قال ابن عبد البر في الاستيعاب 1|111 : يقال إنه آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أعلم أحداً مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل عامر بن واثلة).
لقد دلَّت الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة على أن شعائر الإسلام بعد زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غُيِّرَتْ ، وأحكام الدين قد حُرِّفت ، فلم يبقَ من الدين شيء إلا وطالته يد التحريف والتغيير ، حتى الصلاة التي هي عمود الدين فإنها قد ضُيِّعت كما ضُيِّع غيرها.
ومن تلك الأحاديث ما أخرجه البخاري في صحيحه عن الزهري أنه قال : دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ فقال : لا أعرف شيئاً مما أدركتُ إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاة قد ضُيِّعتْ. وفي رواية أخرى ، قال : ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قيل : الصلاة ؟ قال : أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها ؟! صحيح البخاري 1|133 كتاب مواقيت الصلاة وفضلها ، باب تضييع الصلاة عن وقتها .
وأخرج الترمذي في سننه ، وأحمد بن حنبل في المسند عن أنس أنه قال : ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فقلت : أين الصلاة ؟ قال : أوَلم تصنعوا في صلاتكم ما قد علمتم ؟ سنن الترمذي 4|633 ، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع. قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب. مسند أحمد بن حنبل 3|101 ، 208.
وأخرج مالك بن أنس في الموطأ عن أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال : ما أعرف شيئاً مما أدركت عليه الناس إلا النداء للصلاة. الموطأ ، ص42. وأخرج أحمد في المسند عن أم الدرداء أنها قالت : دخل عليَّ أبو الدرداء وهو مغضب ، فقلت : مَن أغضبك ؟ قال : والله لا أعرف منهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أنهم يصلّون جميعا. مسند أحمد بن حنبل 6|443 ، 5|195. وأخرج أحمد في مسنده عن أنس أيضاً أنه قال : ما أعرف شيئاً مما عهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم. فقال أبو رافع : يا أبا حمزة ، ولا الصلاة ؟ فقال : أو ليس قد علمت ما صنع الحَجَّاج في الصلاة ؟ وأخرج أحمد في المسند ، والبغوي في شرح السنة ، والبوصيري في مختصر الإتحاف عن أنس قال : ما أعرف فيكم اليوم شيئاً كنت أعهده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قولكم : لا إله إلا الله. قال : فقلت : يا أبا حمزة ، الصلاة ؟ قال : قد صليت حين تغرب الشمس ، أفكانت تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مسند أحمد بن حنبل 3|270 ، شرح السنة 14|394 ، مختصر إتحاف السادة المهرة 2|307.
وأخرج الطيالسي في المسند ، والبوصيري في مختصر الإتحاف عن أنس أنه قال : والله ما أعرف اليوم شيئاً كنت أعرفه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا أبا حمزة ، والصلاة ؟ قال : أو ليس أحْدَثتم في الصلاة ما أحدثتم ؟ مسند أبي داود الطيالسي ، ص271 ، مختصر إتحاف السادة المهرة 2|307.
دلالة الحديث:-
قوله : « لا أعرف شيئاً مما أدركتُ » أو « مما كنا عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم » ، يدل على أن كل معالم الدين التي جاء بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قد حُرِّفت وبُدلت ، فلم يبق شيء على ما كان عليه في عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى الصلاة التي يتعاهدها المسلمون كل يوم خمس مرات هي أيضاً لم تسلم من التبديل والتغيير ، وإن بقيت لها صورة الصلاة الظاهرية ، وهذا العموم استفيد من دلالة وقوع النكرة في سياق النفي في كلام أنس.
وقوله : أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها ؟ وقوله : أو لم تصنعوا في صلاتكم ما قد علمتم ؟ وقوله : أو ليس أحْدَثتم في الصلاة ما أحدثتم ؟ كلها تدل على أن الناس أحدثوا في خصوص الصلاة ما لم يكن معروفاً في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن الحجَّاج أيضاً قد أحدث فيها ما أحدث.ثم إن سؤال القوم عن خصوص الصلاة مع أن كلامه دال على العموم ظاهر في أن القوم كانوا يعلمون بتبدل أحكام الدين وتحريفها ، ولذلك لم يَعجَبوا من قول أنس ، ولم يسألوه عنها ، وأما الصلاة فكانوا يظنون أنها لا تزال سالمة من أي تحريف أو تغيير. وقوله في حديث البخاري : « إلا هذه الصلاة » ، يدل على أن الصلاة سلمت نوعاً ما من التغيير ، ولم تسلم بالكلية ، بدليل قوله بعد ذلك : ( وهذه الصلاة قد ضُيّعت ).
لفت نظر:-
إن أكثر الأحاديث التي مرَّ ذكرها مروي عن أنس بن مالك ، والقليل منها مروي عن أبي الدرداء ، ولعل السبب في ذلك هو أن أنس بن مالك كان من أواخر الصحابة موتاً ، فهو قد عاش إلى سنة تسعين من الهجرة ، أو ثلاث وتسعين على اختلاف الآراء ، وعمره تجاوز المائة أو نقص عنها قليلاً(راجع اُسد الغابة 1|296 ، تهذيب الكمال 3|376 ـ 377 ، النجوم الزاهرة 1|224 ، تهذيب التهذيب 1|330 وغيرها.) فأدرك كثيراً من الفتن والأهواء والآراء التي حدثت بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو قد رأى ما لم يرَ غيره. (قال ابن عبد البر في الاستيعاب 1|111 : يقال إنه آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أعلم أحداً مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل عامر بن واثلة).