مثيرون للدجل - رأفت حرب

هم أخوان مصر. تجربة سياسية منفردة ومتميّزة بأطباعها وأفكارها، قطعة من الدعوة السلفية التي تلقى رواجا كبيرا في العالم العربي. أخوان مصر، الذين يعتبرهم البعض أنّهم يعيشون الآن في أوجّ الأمجاد بعد وصولهم إلى الرئاسة في مصر، لهم تاريخ واضح الملامح، وبليغ الدلالات عن سلوكهم الفعلي، وعقيدتهم التي تنعكس على واقعهم ورؤيتهم للمستقبل.
لكي نقرب من العدل، ولا نغوص في متاهات الشمل والتوصيف بالجملة، لعلّ أخوان مصر، لا يُعتبرون فريقا واحاد بالكامل، فداخل هذها الفريق السياسي والديني، تباينات وآختلافات ككل المذاهب الإسلامية، ولكن لا شكّ أنّ ما يجمعهم هو أكثر بكثير ممّا يختلفون عليه.
تاريخ أخوان مصر، لا شكّ ولا ريب أنّه دليل يفضح الكثير من السلوكيات التي يتّصفون بها، لذا وجب علينا، إنتقاء بعض النقاط التي كانوا يدعون إليها ويشنّون لأجلها أعنف الحملات، وقد تخلّوا عنها الآن، إمّا لأنّهم غير مؤمنين بها أصلا، وإما لأنّهم يعلمون بآستحالة تطبيقها فآستعملوها ليشنّوا من خلالها الحملات على شخصيات يعلمون أنّها لن تحقّق منها شيء. وفي كلّ الحالات، لقد سقطوا في الدّجل.
ربّما ينظر البعض إلى موضوع الحجاب وتاريخ تعامل الأخوان المسلمين معه في مصر كتفصيل، ولكنّنا ننظر إليه كمنهجية فكرية. لكي نشرح أكثر نعرض لآتي:
في إحدى المهرجانات الخطابية للرئيس المصري السابق القائد جمال عبد الناصر، يروي حادثة فيقول:
سنة 1953، أردت أن أتعاون مع الأخوان المسلمين على أن يسيروا في الطريق السليم، وقابلت المرشد الأعلى للأخوان، فجلس وطلب عدّة مطالب.
أوّل المطالب كانت، الحجاب. قال لي، واجب عليك أن تُجبر كلّ آمرأةٍ في مصر تسير في الشوارع أن ترتدي الحجاب.
فأجبته أنّ هذا الأمر غير مقبول عند الناس، وأنّ هذا سيجعل الشعب يتّهمنا بالرّجعية والتّخلّف، فمن يريد أن يلتزم بالحجاب أم لا يلتزم، فليقرّر هذا الأمر هو في منزله.
فأجابني المرشد الأعلى، وقال لي: أنت المسؤول والحاكم، وبصفتك الحاكم، يجب عليك أن تفرض ذلك على الناس.
عندها قلت له، يا سيّدي الكريم، أنت لك آبنة في كلّيّة الطب، ولا ترتدي الحجاب. إن كنت أنت لا تستطيع أن تفرض على فتاة واحدة وهي آبنتك، الحجاب، تريد منيّ أن أفرض الحجاب على أكثر من عشرة ملايين آمرأة؟؟
كيف ما لطّفنا الأمر، وأقمنا الإعتبارات، لن نستطيع أن نتهرب من حقيقة مفادها أنّ أخوان مصر، يلجؤون للدجل للوصول إلى أهدافهم. فهم يعلمون جيّدا، أنّ فرض أمر ما على شعب من ملايين البشر رغما عن رغبته، هو مستحيل. ولكنّهم، آستغلّوا القضية إعلاميّا، فقط كي يحرّضوا المتديّنين المصريين على جمال عبد الناصر.
ماذا فعل محمّد مرسي الرئيس الحالي لمصر قبل الإنتخابات بأيّام قليلة؟؟ وهو المجهر المعلن بآنتمائه للأخوان المسلمين وبأنّ دعوته سلفيّة!!!.... ألم يعلن أنّه لن يسعى لفرض الحجاب على النساء في حال فوزه؟؟؟ أليس له صفة الحاكم التي كانت لعبد الناصر في عهد رئاسته؟؟؟ أليس هذا هو النّفاق والدّجل بأمّه؟؟؟
فصل جديد من فصول الدّجل الذي لا لُبس فيه، هو قتل أنور السادات من قبل الأخوان. السّبب، هو توقيع إتّفاقية كامب ديفد، والسعي للتقرّب من إسرائيل.
طبعا، لم يكن الأمر دون تحذيرات وتهديدات وحملات إعلامية، طالبت السادات، بآسم الدين الإسلام، وبآسم راية الحقّ ونصرة القدس وفلسطين، وتحت صرخات التكبير، بضرورة إلغاء إتّفاقية كامب دايفد وعدم السّير بها.
قُتِلَ أنور السّادات، وجاء حسني مبارك، فلعنوه ألف مرّة لإبقائه على هذه الإتّفاقية، وللتضييق على المقاومة الفلسطينية وتخلّيه عنها، بسبب أوامره الواضحة، بملاحقة مهرّبي السلاح للمقاومة الفلسطينية، وإغلاق معبر رفح وهو متنفّس غزّة الوحيد، والأنفاق التي تُدخل إلى قطاع غزّة السلاح والمؤن.
اليوم ماذا؟؟ ألا يصدر محمّد مرسي الأوامر ذاتها؟؟؟ ألم يغلق الجيش المصري حتّى الآن ومنذ تسلّم مرسي الرّئاسة العديد من الأنفاق؟؟؟ ألم يتعهّد مرسي بالإلتزام بكافة المعاهدات الدولية التي أبرمتها مصر؟؟؟ أي ألم يتعهّد بالإلتزام بالمعاهدة التي أبرمها أنور السادات وقُتل من قبل الأخوان المسلمين لأجلها؟؟؟ ما الذي تغيّر؟؟ دعونا نسأل، إذا ما كانت مشكلة أخوان مصر مع السادات وحسني مبارك وجمال عبد الناصر؟؟؟ اليوم هم يلتزمون بما كانوا نتقدونهم عليه!! أيُعقل أن يصل الدّجل إلى هنا؟؟؟
إذا، الهدف هو الوصول إلى السّلطة عن طريق الدّين، بعد إيهام الشعب أنّ الخصم كافر أو مرتدّ، أو خائن للعروبة ولقضايا الإسلام المحقّة، وعند إزاحته يتّبعون ذات السّلوك، وبهذا أثاروا الدّجل.
2012-10-05

هم أخوان مصر. تجربة سياسية منفردة ومتميّزة بأطباعها وأفكارها، قطعة من الدعوة السلفية التي تلقى رواجا كبيرا في العالم العربي. أخوان مصر، الذين يعتبرهم البعض أنّهم يعيشون الآن في أوجّ الأمجاد بعد وصولهم إلى الرئاسة في مصر، لهم تاريخ واضح الملامح، وبليغ الدلالات عن سلوكهم الفعلي، وعقيدتهم التي تنعكس على واقعهم ورؤيتهم للمستقبل.
لكي نقرب من العدل، ولا نغوص في متاهات الشمل والتوصيف بالجملة، لعلّ أخوان مصر، لا يُعتبرون فريقا واحاد بالكامل، فداخل هذها الفريق السياسي والديني، تباينات وآختلافات ككل المذاهب الإسلامية، ولكن لا شكّ أنّ ما يجمعهم هو أكثر بكثير ممّا يختلفون عليه.
تاريخ أخوان مصر، لا شكّ ولا ريب أنّه دليل يفضح الكثير من السلوكيات التي يتّصفون بها، لذا وجب علينا، إنتقاء بعض النقاط التي كانوا يدعون إليها ويشنّون لأجلها أعنف الحملات، وقد تخلّوا عنها الآن، إمّا لأنّهم غير مؤمنين بها أصلا، وإما لأنّهم يعلمون بآستحالة تطبيقها فآستعملوها ليشنّوا من خلالها الحملات على شخصيات يعلمون أنّها لن تحقّق منها شيء. وفي كلّ الحالات، لقد سقطوا في الدّجل.
ربّما ينظر البعض إلى موضوع الحجاب وتاريخ تعامل الأخوان المسلمين معه في مصر كتفصيل، ولكنّنا ننظر إليه كمنهجية فكرية. لكي نشرح أكثر نعرض لآتي:
في إحدى المهرجانات الخطابية للرئيس المصري السابق القائد جمال عبد الناصر، يروي حادثة فيقول:
سنة 1953، أردت أن أتعاون مع الأخوان المسلمين على أن يسيروا في الطريق السليم، وقابلت المرشد الأعلى للأخوان، فجلس وطلب عدّة مطالب.
أوّل المطالب كانت، الحجاب. قال لي، واجب عليك أن تُجبر كلّ آمرأةٍ في مصر تسير في الشوارع أن ترتدي الحجاب.
فأجبته أنّ هذا الأمر غير مقبول عند الناس، وأنّ هذا سيجعل الشعب يتّهمنا بالرّجعية والتّخلّف، فمن يريد أن يلتزم بالحجاب أم لا يلتزم، فليقرّر هذا الأمر هو في منزله.
فأجابني المرشد الأعلى، وقال لي: أنت المسؤول والحاكم، وبصفتك الحاكم، يجب عليك أن تفرض ذلك على الناس.
عندها قلت له، يا سيّدي الكريم، أنت لك آبنة في كلّيّة الطب، ولا ترتدي الحجاب. إن كنت أنت لا تستطيع أن تفرض على فتاة واحدة وهي آبنتك، الحجاب، تريد منيّ أن أفرض الحجاب على أكثر من عشرة ملايين آمرأة؟؟
كيف ما لطّفنا الأمر، وأقمنا الإعتبارات، لن نستطيع أن نتهرب من حقيقة مفادها أنّ أخوان مصر، يلجؤون للدجل للوصول إلى أهدافهم. فهم يعلمون جيّدا، أنّ فرض أمر ما على شعب من ملايين البشر رغما عن رغبته، هو مستحيل. ولكنّهم، آستغلّوا القضية إعلاميّا، فقط كي يحرّضوا المتديّنين المصريين على جمال عبد الناصر.
ماذا فعل محمّد مرسي الرئيس الحالي لمصر قبل الإنتخابات بأيّام قليلة؟؟ وهو المجهر المعلن بآنتمائه للأخوان المسلمين وبأنّ دعوته سلفيّة!!!.... ألم يعلن أنّه لن يسعى لفرض الحجاب على النساء في حال فوزه؟؟؟ أليس له صفة الحاكم التي كانت لعبد الناصر في عهد رئاسته؟؟؟ أليس هذا هو النّفاق والدّجل بأمّه؟؟؟
فصل جديد من فصول الدّجل الذي لا لُبس فيه، هو قتل أنور السادات من قبل الأخوان. السّبب، هو توقيع إتّفاقية كامب ديفد، والسعي للتقرّب من إسرائيل.
طبعا، لم يكن الأمر دون تحذيرات وتهديدات وحملات إعلامية، طالبت السادات، بآسم الدين الإسلام، وبآسم راية الحقّ ونصرة القدس وفلسطين، وتحت صرخات التكبير، بضرورة إلغاء إتّفاقية كامب دايفد وعدم السّير بها.
قُتِلَ أنور السّادات، وجاء حسني مبارك، فلعنوه ألف مرّة لإبقائه على هذه الإتّفاقية، وللتضييق على المقاومة الفلسطينية وتخلّيه عنها، بسبب أوامره الواضحة، بملاحقة مهرّبي السلاح للمقاومة الفلسطينية، وإغلاق معبر رفح وهو متنفّس غزّة الوحيد، والأنفاق التي تُدخل إلى قطاع غزّة السلاح والمؤن.
اليوم ماذا؟؟ ألا يصدر محمّد مرسي الأوامر ذاتها؟؟؟ ألم يغلق الجيش المصري حتّى الآن ومنذ تسلّم مرسي الرّئاسة العديد من الأنفاق؟؟؟ ألم يتعهّد مرسي بالإلتزام بكافة المعاهدات الدولية التي أبرمتها مصر؟؟؟ أي ألم يتعهّد بالإلتزام بالمعاهدة التي أبرمها أنور السادات وقُتل من قبل الأخوان المسلمين لأجلها؟؟؟ ما الذي تغيّر؟؟ دعونا نسأل، إذا ما كانت مشكلة أخوان مصر مع السادات وحسني مبارك وجمال عبد الناصر؟؟؟ اليوم هم يلتزمون بما كانوا نتقدونهم عليه!! أيُعقل أن يصل الدّجل إلى هنا؟؟؟
إذا، الهدف هو الوصول إلى السّلطة عن طريق الدّين، بعد إيهام الشعب أنّ الخصم كافر أو مرتدّ، أو خائن للعروبة ولقضايا الإسلام المحقّة، وعند إزاحته يتّبعون ذات السّلوك، وبهذا أثاروا الدّجل.
2012-10-05
تعليق