أجمعت روايات المسلمين على أن الحكم بن أبي العاص أبا مروان ، كان من أشد مشركي قريش عداوة لله ولرسوله صلى الله عليه وآله ! قال ابن سعد:1/200: (وكان أهل العداوة والمبادأة لرسول الله(ص)وأصحابه الذين يطلبون الخصومة والجدل: أبو جهل بن هشام ، وأبو لهب بن عبد المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحارث بن قيس بن عدي وهو بن الغيطلة والغيطلة أمه ، والوليد بن المغيرة ، وأمية وأبيٌّ ابنا خلف ، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والنضر بن الحارث ، ومنبه بن الحجاج ، وزهير بن أبي أمية ، والسائب بن صيفي بن عابد ، والأسود بن عبد الأسد ، والعاص بن سعيد بن العاص ، والعاص بن هاشم وعقبة بن أبي معيط ، وابن الاصدى الهذلي وهو الذي نطحته الأروى ، والحكم بن أبي العاص ، وعدي بن الحمراء . وذلك أنهم كانوا جيرانه ).
وكان أحد الخمسة عشر الذين انتدبتهم قبائل قريش لقتل النبي صلى الله عليه وآله ليلة هجرته ، ففي المنتظم:3/49: ( وروى الواقدي عن أشياخه أن الذين كانوا ينتظرون رسول الله تلك الليلة: أبو جهل ، والحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف ، وابن العيطلة ، وزمعة بن الأسود وطعيمة بن عدي وأبو لهب ، وأبي بن خلف ونبيه وأبي ابنا الحجاج). وكان الحَكَم من القلة الذين هدر النبي صلى الله عليه وآله دمهم فخبؤوا الحكم ولم يقتلوه (شرح الأخبار:2/151) .
وبعد فتح مكة جاء الى المدينة فواصل أذاه للنبي صلى الله عليه وآله وكان يسخر به ! (كان الحكم بن أبي العاص يجلس عند النبي(ص)فإذا تكلم النبي اختلج بوجهه ، فبصر به النبي فقال: أنت كذاك ! فما زال يختلج حتى مات).(الطبراني الكبير:3/214).
وفي لسان العرب:2/258 ، ونهاية ابن الأثير:2/60: (كان يحرك شفتيه وذقنه استهزاء وحكاية لفعل سيدنا رسول الله(ص)فبقي يرتعد إلى أن مات). (والحاكم وصححه:2/621، وغيره . وفي الخرائج:1/168: يحرك كتفيه ويكسر يديه ) .
وكان يجلس تحت نافذة بيت النبي صلى الله عليه وآله يتجسس عليه ، وذات مرة تسلق وأطل من النافذة والنبي صلى الله عليه وآله مع إحدى زوجاته ، فأراد أن يفقأ عينه بالمشقص فهرب ! (غوامض الأسماء لابن بشكوال:2/587 . وراجع في الغدير:1/260)
وعندما لم يرتدع الحكم دعا عليه النبي صلى الله عليه وآله ولعنه ونفاه مع أولاده الى (بطن وجّ) من بادية الطائف ! (البدء والتاريخ:5/199، وأنساب الأشراف/ 1412) .
وقال في الإستيعاب:1/359: (واختُلف في السبب الموجب لنفي رسول الله إياه فقيل كان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يُسره رسول الله إلى كبار الصحابه في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين ، فكان يفشي ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه ، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته إلى أمور غيرها كرهت ذكرها ! ذكروا أن رسول الله كان إذا مشى يتكفأ وكان الحكم بن العاص يحكيه فالتفت النبي يوماً فرآه يفعل ذلك فقال: فكذلك فلتكن ! فكان الحكم مختلجاً لم يرتعش إلا من يومئذ ، فعيَّره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:
إن اللعين أبوك فارمِ عظامه إن ترمِ ترمِ مُخَلَّجاً مجنون
يمسي خميصُ البطن مَن عَمِلَ التقى ويظلُّ مَن عَمِلَ الخبيثَ بطينا).
وفي البيت الأخير تعريض بشذوذه الجنسي ، وستأتي روايته .
وفي وفيات الأعيان:2/226: (كان يرعى الغنم ويأوي إلى حبيلة وهي الكرمة ولم يزل كذلك حتى ولي عثمان بن عفان الخلافة فرده ، وكان الحكم عمه) .
وفي تاريخ اليعقوبي:2/164: (قال بعضهم: رأيت الحكم بن أبي العاص يوم قدم المدينة عليه فِزْر خلق(ثوب بالٍ متهرئ)وهو يسوق تيساً ، حتى دخل دار عثمان والناس ينظرون إلى سوء حاله وحال من معه ، ثم خرج وعليه جبة خز وطيلسان). وذكر الأميني رحمه الله في الغدير:8/241، الملايين التي أعطاها له عثمان !
أما ابنه مروان فقد ولد في المدينة ، ولما ولد جاؤوا به الى النبي صلى الله عليه وآله ليدعو له فلما قرَّبته منه عائشة قال: (أخرجوا عني الوزغ ابن الوزغ... ولعنه) !(الكافي:8/238). ورواه الحاكم:4/479 وصححه، ولفظه
فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال: هو الوزغ ابن الوزغ ، الملعون ابن الملعون ). (ورواه نعيم في الفتن:1/131، وسنده صحيح ، والدمشقي في جواهر المطالب:2/191، والمناوي في فيض القدير:2/76 ،والسيرة الحلبية:1/509 ، وينابيع المودة:2/469 ، والنزاع والتخاصم لمعمر بن عقيل/199، والملاحم والفتن لابن طاووس/83وخزانة الأدب/932، ونحوه في نهاية ابن كثير:6/272 بلفظ: فأبى أن يفعل ثم قال: ابنُ الزرقاء ! هلاك أمتي على يديه ويدي ذريته، وزعم أنه مرسل مع أنه مسند . ).انتهى.
وفي مستدرك الحاكم:4/480: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (إني أريت في منامي كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة ! قال: فما رؤيَ النبي صلى الله عليه وآله مستجمعاً ضاحكاً حتى توفي! هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه... كان أبغض الأحياء(القبائل)إلى رسول الله بنو أمية وبنو حنيفة وثقيف . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) . انتهى.
(قال الشعبي: سمعت ابن الزبير يقول: ورب هذه الكعبة إن الحكم ابن أبي العاص وولده ملعونون على لسان محمد(ص)وقد كان للحكم عشرون ابناً وثمانية بنات) . (سير الذهبي:2/108، وتاريخ دمشق:57/271 ، وسنده صحيح عندهم) .
وقال في شرح النهج:4/70: (كان مجاهراً بالإلحاد هو وأبوه الحكم بن أبي العاص وهما الطريدان اللعينان ! كان أبوه عدو رسول الله صلى الله عليه وآله يحكيه في مشيه ويغمز عليه عينه ويدلع له لسانه ويتهكم به ويتهافت عليه(يقهقه رافعاً صوته سخريةً) ! هذا وهو في قبضته وتحت يده وفي دار دعوته بالمدينة وهو يعلم أنه قادر على قتله أي وقت شاء من ليل أو نهار ! فهل يكون هذا إلا من شأن شديد البغضة ومستحكم العداوة ؟ حتى أفضى أمره إلى أن طرده رسول الله عن المدينة وسيره إلى الطائف ! وأما مروان ابنه فأخبث عقيدة وأعظم إلحاداً وكفراً ).انتهى.
وقد ذكرنا في المجلد الثاني معركة عائشة وأخيها عبد الرحمن مع مروان ومعاوية وشهادتها بأن النبي صلى الله عليه وآله لعن الحكم بن العاص وأولاده ، ووقد روى بخاري طرفاً منه في صحيحه :6/42 ، والنسائي:6/459 ، وعامة مصادرهم !
وكان مروان يلقب: (خيطُ باطل)لطول قامته واضطراب خلقه وفيه يقول الشاعر:
لحى الله قوماً أمَّروا خيط باطلٍ على الناس يعطي من يشاء ويمنع ).
(البدء والتاريخ:6/19، وفي أسد الغابة:4/348 . والقائل هو أخوه عبد الرحمن ، وكان ظريفاً).
لكن هل يقنعهم كل ذلك؟ كلا ثم كلا ! لأنهم أشربوا في قلوبهم بني أمية !
فالحَكَم عندهم صحابي ومروان صحابي ! لأن الصحابي من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رآه مروان عندما ولد وأخذوه له فلعنه وقال أخرجوا عني الوزغ بن الوزغ !
وإذا قلت لهم: يا قوم كيف تشهدون بأنهم أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله ملعونون على لسانه ، ثم تحبونهم وتتولونهم ؟! لقالوا لك: لا تعترض وإلا جعلنا اللعن مكرمة ومنقبة لهم! فانظر ما قاله ابن حجر في االصواعق:2/527: (ومن أشد الناس بغضاً لأهل البيت مروان بن الحكم ! وكأن هذا هو سر الحديث الذي صححه الحاكم أن عبد الرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي فيدعو له فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال: هذا الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون . ثم روى عن عمرو بن مرة الجهني وكانت له صحبة أن الحكم ابن أبي العاص استأذن على رسول الله فعرف صوته فقال: إئذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم وقليل ما هم ! يُشَرَّفون في الدنيا ويُصَغَّرون في الآخرة ذووا مكر وخديعة، يُعطون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق ! قال ابن ظفر: وكان الحكم هذا يرمى بالداء العضال وكذلك أبو جهل(أي بالأبنة كما تقدم في شعر ابن حسان!)كذا ذكر ذلك كله الدميري في حياة الحيوان . ولعنته للحكم وابنه لاتضرهما ! لأنه تداركَ ذلك بقوله مما بينه في الحديث الآخر: أنه بشرٌ يغضب كما يغضب البشر ! وأنه سأل ربه أن من سبه أو لعنه أو دعا عليه أن يكون ذلك رحمة له وزكاة وكفارة وطهارة ! وما نقله عن ابن ظفر في أبي جهل لايلامُ عليه فيه ، بخلافه في الحكم فإنه صحابي وقبيح أي قبح أن يرمى صحابي بذلك ، فليحمل على أنه إن صح ذلك كان يرمى به قبل الإسلام ).(راجع:حياة الحيوان/100و1234). وقال ابن حجر في مقدمة فتح الباري/443: (يقال له رؤية فإن ثبتت فلا يُعَرَّجْ على من تكلم فيه) ! انتهى.
فتأمل منطقهم المتهافت السقيم ! فالمأبون الملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله لايضره ذلك بل هو زكاة له ومنقبة !
وقد بحثنا تحايلهم على القرآن والسنة لرفع اللعن عن الذين لعنهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله في تدوين القرآن ، وفي ألف سؤال وإشكال (المسألة 145) .
على أن بعضهم نص على أن مروان ليس صحابياً ، لأن الصحابي عندهم من رأى أو سمع النبي صلى الله عليه وآله ولم يصح ذلك لمروان. ففي الإستيعاب:3/1387: (ولم يره لأنه خرج إلى الطائف طفلاً لايعقل) وفي المراسيل لابن أبي حاتم/198: (سمعت أبا زرعة يقول مروان بن الحكم لم يسمع من النبي شيئاً).
ومن المتّفق عليه أن عثمان بن عفان أقطع فدكاً في أيام خلافته لمروان بن الحكم وزوجه أبنته وجعله رئيس وزرائه وحامل ختمه
قال ابن أبي الحديد: وأقطع مروان فدك وقد كانت فاطمة (عليها السلام)طلبتها بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) تارة بالميراث وتارة بالنحلة فدفعت عنها(3).
وقال: وأقطع مروان فدك.(
وكان أحد الخمسة عشر الذين انتدبتهم قبائل قريش لقتل النبي صلى الله عليه وآله ليلة هجرته ، ففي المنتظم:3/49: ( وروى الواقدي عن أشياخه أن الذين كانوا ينتظرون رسول الله تلك الليلة: أبو جهل ، والحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف ، وابن العيطلة ، وزمعة بن الأسود وطعيمة بن عدي وأبو لهب ، وأبي بن خلف ونبيه وأبي ابنا الحجاج). وكان الحَكَم من القلة الذين هدر النبي صلى الله عليه وآله دمهم فخبؤوا الحكم ولم يقتلوه (شرح الأخبار:2/151) .
وبعد فتح مكة جاء الى المدينة فواصل أذاه للنبي صلى الله عليه وآله وكان يسخر به ! (كان الحكم بن أبي العاص يجلس عند النبي(ص)فإذا تكلم النبي اختلج بوجهه ، فبصر به النبي فقال: أنت كذاك ! فما زال يختلج حتى مات).(الطبراني الكبير:3/214).
وفي لسان العرب:2/258 ، ونهاية ابن الأثير:2/60: (كان يحرك شفتيه وذقنه استهزاء وحكاية لفعل سيدنا رسول الله(ص)فبقي يرتعد إلى أن مات). (والحاكم وصححه:2/621، وغيره . وفي الخرائج:1/168: يحرك كتفيه ويكسر يديه ) .
وكان يجلس تحت نافذة بيت النبي صلى الله عليه وآله يتجسس عليه ، وذات مرة تسلق وأطل من النافذة والنبي صلى الله عليه وآله مع إحدى زوجاته ، فأراد أن يفقأ عينه بالمشقص فهرب ! (غوامض الأسماء لابن بشكوال:2/587 . وراجع في الغدير:1/260)
وعندما لم يرتدع الحكم دعا عليه النبي صلى الله عليه وآله ولعنه ونفاه مع أولاده الى (بطن وجّ) من بادية الطائف ! (البدء والتاريخ:5/199، وأنساب الأشراف/ 1412) .
وقال في الإستيعاب:1/359: (واختُلف في السبب الموجب لنفي رسول الله إياه فقيل كان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يُسره رسول الله إلى كبار الصحابه في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين ، فكان يفشي ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه ، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته إلى أمور غيرها كرهت ذكرها ! ذكروا أن رسول الله كان إذا مشى يتكفأ وكان الحكم بن العاص يحكيه فالتفت النبي يوماً فرآه يفعل ذلك فقال: فكذلك فلتكن ! فكان الحكم مختلجاً لم يرتعش إلا من يومئذ ، فعيَّره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:
إن اللعين أبوك فارمِ عظامه إن ترمِ ترمِ مُخَلَّجاً مجنون
يمسي خميصُ البطن مَن عَمِلَ التقى ويظلُّ مَن عَمِلَ الخبيثَ بطينا).
وفي البيت الأخير تعريض بشذوذه الجنسي ، وستأتي روايته .
وفي وفيات الأعيان:2/226: (كان يرعى الغنم ويأوي إلى حبيلة وهي الكرمة ولم يزل كذلك حتى ولي عثمان بن عفان الخلافة فرده ، وكان الحكم عمه) .
وفي تاريخ اليعقوبي:2/164: (قال بعضهم: رأيت الحكم بن أبي العاص يوم قدم المدينة عليه فِزْر خلق(ثوب بالٍ متهرئ)وهو يسوق تيساً ، حتى دخل دار عثمان والناس ينظرون إلى سوء حاله وحال من معه ، ثم خرج وعليه جبة خز وطيلسان). وذكر الأميني رحمه الله في الغدير:8/241، الملايين التي أعطاها له عثمان !
أما ابنه مروان فقد ولد في المدينة ، ولما ولد جاؤوا به الى النبي صلى الله عليه وآله ليدعو له فلما قرَّبته منه عائشة قال: (أخرجوا عني الوزغ ابن الوزغ... ولعنه) !(الكافي:8/238). ورواه الحاكم:4/479 وصححه، ولفظه

وفي مستدرك الحاكم:4/480: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (إني أريت في منامي كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة ! قال: فما رؤيَ النبي صلى الله عليه وآله مستجمعاً ضاحكاً حتى توفي! هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه... كان أبغض الأحياء(القبائل)إلى رسول الله بنو أمية وبنو حنيفة وثقيف . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) . انتهى.
(قال الشعبي: سمعت ابن الزبير يقول: ورب هذه الكعبة إن الحكم ابن أبي العاص وولده ملعونون على لسان محمد(ص)وقد كان للحكم عشرون ابناً وثمانية بنات) . (سير الذهبي:2/108، وتاريخ دمشق:57/271 ، وسنده صحيح عندهم) .
وقال في شرح النهج:4/70: (كان مجاهراً بالإلحاد هو وأبوه الحكم بن أبي العاص وهما الطريدان اللعينان ! كان أبوه عدو رسول الله صلى الله عليه وآله يحكيه في مشيه ويغمز عليه عينه ويدلع له لسانه ويتهكم به ويتهافت عليه(يقهقه رافعاً صوته سخريةً) ! هذا وهو في قبضته وتحت يده وفي دار دعوته بالمدينة وهو يعلم أنه قادر على قتله أي وقت شاء من ليل أو نهار ! فهل يكون هذا إلا من شأن شديد البغضة ومستحكم العداوة ؟ حتى أفضى أمره إلى أن طرده رسول الله عن المدينة وسيره إلى الطائف ! وأما مروان ابنه فأخبث عقيدة وأعظم إلحاداً وكفراً ).انتهى.
وقد ذكرنا في المجلد الثاني معركة عائشة وأخيها عبد الرحمن مع مروان ومعاوية وشهادتها بأن النبي صلى الله عليه وآله لعن الحكم بن العاص وأولاده ، ووقد روى بخاري طرفاً منه في صحيحه :6/42 ، والنسائي:6/459 ، وعامة مصادرهم !
وكان مروان يلقب: (خيطُ باطل)لطول قامته واضطراب خلقه وفيه يقول الشاعر:
لحى الله قوماً أمَّروا خيط باطلٍ على الناس يعطي من يشاء ويمنع ).
(البدء والتاريخ:6/19، وفي أسد الغابة:4/348 . والقائل هو أخوه عبد الرحمن ، وكان ظريفاً).
لكن هل يقنعهم كل ذلك؟ كلا ثم كلا ! لأنهم أشربوا في قلوبهم بني أمية !
فالحَكَم عندهم صحابي ومروان صحابي ! لأن الصحابي من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رآه مروان عندما ولد وأخذوه له فلعنه وقال أخرجوا عني الوزغ بن الوزغ !
وإذا قلت لهم: يا قوم كيف تشهدون بأنهم أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله ملعونون على لسانه ، ثم تحبونهم وتتولونهم ؟! لقالوا لك: لا تعترض وإلا جعلنا اللعن مكرمة ومنقبة لهم! فانظر ما قاله ابن حجر في االصواعق:2/527: (ومن أشد الناس بغضاً لأهل البيت مروان بن الحكم ! وكأن هذا هو سر الحديث الذي صححه الحاكم أن عبد الرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي فيدعو له فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال: هذا الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون . ثم روى عن عمرو بن مرة الجهني وكانت له صحبة أن الحكم ابن أبي العاص استأذن على رسول الله فعرف صوته فقال: إئذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم وقليل ما هم ! يُشَرَّفون في الدنيا ويُصَغَّرون في الآخرة ذووا مكر وخديعة، يُعطون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق ! قال ابن ظفر: وكان الحكم هذا يرمى بالداء العضال وكذلك أبو جهل(أي بالأبنة كما تقدم في شعر ابن حسان!)كذا ذكر ذلك كله الدميري في حياة الحيوان . ولعنته للحكم وابنه لاتضرهما ! لأنه تداركَ ذلك بقوله مما بينه في الحديث الآخر: أنه بشرٌ يغضب كما يغضب البشر ! وأنه سأل ربه أن من سبه أو لعنه أو دعا عليه أن يكون ذلك رحمة له وزكاة وكفارة وطهارة ! وما نقله عن ابن ظفر في أبي جهل لايلامُ عليه فيه ، بخلافه في الحكم فإنه صحابي وقبيح أي قبح أن يرمى صحابي بذلك ، فليحمل على أنه إن صح ذلك كان يرمى به قبل الإسلام ).(راجع:حياة الحيوان/100و1234). وقال ابن حجر في مقدمة فتح الباري/443: (يقال له رؤية فإن ثبتت فلا يُعَرَّجْ على من تكلم فيه) ! انتهى.
فتأمل منطقهم المتهافت السقيم ! فالمأبون الملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله لايضره ذلك بل هو زكاة له ومنقبة !
وقد بحثنا تحايلهم على القرآن والسنة لرفع اللعن عن الذين لعنهم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله في تدوين القرآن ، وفي ألف سؤال وإشكال (المسألة 145) .
على أن بعضهم نص على أن مروان ليس صحابياً ، لأن الصحابي عندهم من رأى أو سمع النبي صلى الله عليه وآله ولم يصح ذلك لمروان. ففي الإستيعاب:3/1387: (ولم يره لأنه خرج إلى الطائف طفلاً لايعقل) وفي المراسيل لابن أبي حاتم/198: (سمعت أبا زرعة يقول مروان بن الحكم لم يسمع من النبي شيئاً).
ومن المتّفق عليه أن عثمان بن عفان أقطع فدكاً في أيام خلافته لمروان بن الحكم وزوجه أبنته وجعله رئيس وزرائه وحامل ختمه
قال ابن أبي الحديد: وأقطع مروان فدك وقد كانت فاطمة (عليها السلام)طلبتها بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) تارة بالميراث وتارة بالنحلة فدفعت عنها(3).
وقال: وأقطع مروان فدك.(