بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة أنزلت هذا البحث من احد المواقع فأعجبت به وأحببت أن يشاركني الأخوة في الأستفادة من هذا البحث القيم.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين و اللعنة على أعدائهم أجمعين .
سيكون منهجنا في هذه الرسالة أن نتعرض إلى ذكر بعض الروايات الصحيحة والصريحة التي تعين أسماء الأئمة(ع)، مما يقطع الطريق على من يدعي عدم وجود النص عليهم أو على بعضهم، وسيثبت هذا أن المدعي لعدم وجود النص ـ لو سلمت نيته ـ فإنه ضعيف الإطلاع جداً على أخبار أهل البيت وغير بصير بأحاديثهم(ع) وسنلتزم أن يكون النص الذي نورده صحيحاً من غير شبهة أو مناقشة، وإلا فالنصوص الأُخرى كثيرة جداً. وهذه النصوص تنقسم كما سيأتي إلى ما هو نص على العنوان مثل أبناء الحسين، وما هو نص على قسم منهم مثل النصوص الواردة الناصة عليهم إلى الإمام الباقر(ع)، وأهمية هذه أن المشككين يدعون أنه لا نص بعد الحسين، والقسم الثالث ما هو نص عليهم جملة واحدة.
ثم سنتعرض إلى ذكر النصوص الواردة بشأن إمامة كل إمام بخصوصه، ونحن وإن كنا لا نحتاج إلى ذكرها، بل كان يكفينا ويكفي من يريد الدليلَ رواية صحيحة واحدة تذكرهم جملةً من غير حاجة إلى ذكر سائر الروايات سواء كانت بالعنوان أو لكل شخص، إلا أننا نورد هذه للتأكيد، وأن النص عليهم كان حاصلاً بطرق مختلفة، وهو كاف (إنَّ في ذلكَ لَذكرَي لمَن كَانَ لَهُ قَلب أو ألقَى السَّمعَ وَهُوَ شَهيد )( ق / 37) .
هذا كله مع ما سنذكره في الخاتمة من أن الظروف التي أحاطت بأئمة أهل البيت(ع) وشيعتهم الكرام في أدوار التاريخ كانت من الصعوبة بحيث كان نقل الحديث الذي ينص على إمامة المعصومين خصوصاً الذين كانوا في فترات متأخرة، كان أمراً في غاية الخطورة.
النصوص التي تعيّن أسماء الأئمة المعصومين(ع)
يوجد في مصادرنا الحديثية العديد من الروايات التي تنص على تحديد أسماء الأئمة المعصومين(ع)، ولكن حيث أن بناءنا هو على الاختصار في هذه الرسالة، لذلك سنكتفي بذكر رواية صحيحة صريحة في كل باب (أو روايتين)، وفيها لمن أراد الدليل كفاية وغني. وهذه الروايات تنقسم بحسب المدلول إلى أقسام:
القسم الأول
ما ورد من الروايات في تحديد أن الأئمة(ع)
وهذه الروايات ـ بهذا العنوان ـ تجيب على عدة أسئلة، فهي من جهة تجيب على نقطة هي مركز التشكيك عند المشككين المدعين عدم وجود نص على الأئمة بعد الإمام الحسين(ع)، بينما هذه الروايات تعتبر نصاً على العنوان أي أولاد الحسين، وأيضاً فهي تحدد نسب الأئمة بعده وتحصرهم في هذه الذرية الطاهرة، فتنفي هذا المنصب عمن ليس من هذا البيت، فكل من ادعى الإمامة من غيرهم فادعاؤه باطل، ولو كان هاشمياً قرشياً، بل حتى لو كان من أولاد أميرالمؤمنين من غير نسل الحسين(ع) وأيضاً فهذه الروايات تدل بالدلالة الالتزامية على أنهم من قريش بل هي مفسِّرة لذلك العنوان، ولهذا فما ورد من غير طرق الشيعة كثيراً من أن الأئمة من قريش يكون مفسّراً بهذه الروايات حيث أن من كان من أبناء الحسين فهو بالضرورة قرشيّ.
فمن تلك الروايات :
(صحيحة) ما رواه الشيخ الكليني رحمه اللّه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبداللّه الصادق(ع) من كلام يذكر فيه الأئمة… إلى أن قال (فلم يزل اللّه يختارهم لخلقه من وُلد الحسين من عقب كل إمام ، كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً وعلماً هادياً…)( الكافي 1 / 203).
ومنها (صحيحة) ما رواه الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم ابن مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر(ع) قال سمعته يقول: (إن أقرب الناس إلى اللّه عز وجل وأعلمهم به وأرأفهم بالناس محمد صلى اللّه عليه وآله، والأئمة فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا، عنى بذلك حسيناً وولده فإن الحق فيهم وهم الأوصياء ومنهم الأئمة، فأينما رأيتموهم فاتبعوهم وإن أصبحتم يوماً لا ترون منهم أحداً منهم فاستغيثوا باللّه عز وجل وانظروا السنة التي كنتم عليها واتبعوها وأحبّوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج!)(كمال الدين / 328).
ويؤيدها ما رواه في كمال الدين، عن أبيه عن سعد بن عبداللّه عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبدالله بن مسكان عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال: (دخلت على النبي صلّى اللّه عليه وآله، فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم)(كمال الدين 1/ 262).
القسم الثاني
الروايات التي تنصّ على أسماء الأئمة(ع)
بدءاً من الإمام أميرالمؤمنين(ع) حتى الإمام محمد بن علي الباقر(ع)
وهي متعددة نكتفي منها بروايتين :
الصحيحة الأُولى رواها الشيخ الكليني رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس، وعلي بن محمد بن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالّله(ع) عن قوله اللّه عز وجل (أطيعُوا اللّهَ وَأطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمر منكُم)(1)، فقال: (نزلت في علي بن ابي طالب والحسن والحسين(ع)، فقلت: إن الناس يقولون فما باله لم يسمِّ عليّاً وأهل بيته في كتاب اللّه عز وجل؟ فقال: قولوا لهم: إن رسول الله نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ اللّه لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول اللّه هو الذي فسر ذلك ونزلت الزكاة ولم يسمّ لهم من كل أربعين درهماً درهم، حتى كان رسول اللّه هو الذي فسّر لهم ذلك، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعاً حتى كان رسول الله هو الذي فسّر لهم ذلك ونزلت (أطيعُوا اللّهَ وَأطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمر منكُم)(النساء / 59) ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله في علي (من كنت مولاه فعلي مولاه)، فقال ص أوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي فإني سألت اللّه أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك، وقال لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة.
فلو سكت رسول اللّه فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن اللّه أنزل في كتابه تصديقاً لنبيه (إنَّمَا يُريدُ اللّهُ ليُذهبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البَيت وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً)(الأحزاب / 33) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة فأدخلهم رسول اللّه تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهلي وثقلي. فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ قال: إنك إلى خير، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول اللّه كان علي أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ـ ولم يكن ليفعل ـ أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده… إذن لقال الحسن والحسين إن اللّه تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، وبلغ فينا رسول الله كما بلغ فيك، وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي، كان الحسن أولى بها لكبره فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك، واللّه عز وجل يقول: (وَأُولُوا الأَرحَام بَعضُهُم أولَي’ ببَعض في كتَاب اللّه)(الأنفال / 75 ،الأحزاب / 6) فيجعلها في ولده… إذن لقال الحسين أمر اللّه بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وبلغ في رسول اللّه كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب اللّه عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، ولم يكونا ليفعلاه، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية (وَأُولُوا الأَرحَام بَعضُهُم أولَي’ ببَعض في كتَاب اللّه) ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي، ثم قال: الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبداً)(الكافي 1 / 286).
وينبغي التوجه إلى نقطتين هامتين توضحهما هذه الرواية:
أولاهما : أنها تجيب على سؤال ربما طرحه البعض وهو أنه لو كانت الإمامة بتلك الأهمية فلماذا لم ينص القرآن عليها، ولمَ لم يذكر القرآن اسم أميرالمؤمنين والأئمة حتى يرتفع الشك والتردد بصورة قاطعة؟ ولا يضل الناس؟ والرواية تجيب بأنه كما نزل أصل وجوب الصلاة والزكاة والحج في القرآن، ولم يبين فيه تفاصيل الأحكام، فكذلك الحال في الإمامة حيث نزل وجوب الطاعة للأئمة وأُولي الأمر، وأوكل تعيين أسمائهم إلى النبي ص وقد قام بذلك خير قيام.
وثانيتهما : أن قضية الإمامة ونصب الإمام هي أمر إلهي لا يرتبط بقضية الوراثة، أو إرادة الإمام السابق في تعيين اللاحق، فإنه لا يستطيع ـ ولم يكن ليفعل ـ أن يغير مجراها عما هو عليه من النصب الإلهي. وفي هذه القضية كما أن أميرالمؤمنين قد نصب نصباً إلهياً، فكذلك زين العابدين علي بن الحسين والباقر محمد بن علي(ع)، من دون فرق في هذه الجهة مما يرد بذلك على دعوى المشككين بأن النص إنما هو على الثلاثة الأوائل من الأئمة.
ويؤيدها ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ابن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أُذينة عن أبان عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أميرالمؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن (يا بني أمرني رسول اللّه أن أُوصي إليك وأن أدفع إليك كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثم أقبل على ابنه الحسين فقال: وأمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك هذا. ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال: وأمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول اللّه ومني السلام)(الكافي 1 ).
===>>> يتبع
حقيقة أنزلت هذا البحث من احد المواقع فأعجبت به وأحببت أن يشاركني الأخوة في الأستفادة من هذا البحث القيم.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين و اللعنة على أعدائهم أجمعين .
سيكون منهجنا في هذه الرسالة أن نتعرض إلى ذكر بعض الروايات الصحيحة والصريحة التي تعين أسماء الأئمة(ع)، مما يقطع الطريق على من يدعي عدم وجود النص عليهم أو على بعضهم، وسيثبت هذا أن المدعي لعدم وجود النص ـ لو سلمت نيته ـ فإنه ضعيف الإطلاع جداً على أخبار أهل البيت وغير بصير بأحاديثهم(ع) وسنلتزم أن يكون النص الذي نورده صحيحاً من غير شبهة أو مناقشة، وإلا فالنصوص الأُخرى كثيرة جداً. وهذه النصوص تنقسم كما سيأتي إلى ما هو نص على العنوان مثل أبناء الحسين، وما هو نص على قسم منهم مثل النصوص الواردة الناصة عليهم إلى الإمام الباقر(ع)، وأهمية هذه أن المشككين يدعون أنه لا نص بعد الحسين، والقسم الثالث ما هو نص عليهم جملة واحدة.
ثم سنتعرض إلى ذكر النصوص الواردة بشأن إمامة كل إمام بخصوصه، ونحن وإن كنا لا نحتاج إلى ذكرها، بل كان يكفينا ويكفي من يريد الدليلَ رواية صحيحة واحدة تذكرهم جملةً من غير حاجة إلى ذكر سائر الروايات سواء كانت بالعنوان أو لكل شخص، إلا أننا نورد هذه للتأكيد، وأن النص عليهم كان حاصلاً بطرق مختلفة، وهو كاف (إنَّ في ذلكَ لَذكرَي لمَن كَانَ لَهُ قَلب أو ألقَى السَّمعَ وَهُوَ شَهيد )( ق / 37) .
هذا كله مع ما سنذكره في الخاتمة من أن الظروف التي أحاطت بأئمة أهل البيت(ع) وشيعتهم الكرام في أدوار التاريخ كانت من الصعوبة بحيث كان نقل الحديث الذي ينص على إمامة المعصومين خصوصاً الذين كانوا في فترات متأخرة، كان أمراً في غاية الخطورة.
النصوص التي تعيّن أسماء الأئمة المعصومين(ع)
يوجد في مصادرنا الحديثية العديد من الروايات التي تنص على تحديد أسماء الأئمة المعصومين(ع)، ولكن حيث أن بناءنا هو على الاختصار في هذه الرسالة، لذلك سنكتفي بذكر رواية صحيحة صريحة في كل باب (أو روايتين)، وفيها لمن أراد الدليل كفاية وغني. وهذه الروايات تنقسم بحسب المدلول إلى أقسام:
القسم الأول
ما ورد من الروايات في تحديد أن الأئمة(ع)
وهذه الروايات ـ بهذا العنوان ـ تجيب على عدة أسئلة، فهي من جهة تجيب على نقطة هي مركز التشكيك عند المشككين المدعين عدم وجود نص على الأئمة بعد الإمام الحسين(ع)، بينما هذه الروايات تعتبر نصاً على العنوان أي أولاد الحسين، وأيضاً فهي تحدد نسب الأئمة بعده وتحصرهم في هذه الذرية الطاهرة، فتنفي هذا المنصب عمن ليس من هذا البيت، فكل من ادعى الإمامة من غيرهم فادعاؤه باطل، ولو كان هاشمياً قرشياً، بل حتى لو كان من أولاد أميرالمؤمنين من غير نسل الحسين(ع) وأيضاً فهذه الروايات تدل بالدلالة الالتزامية على أنهم من قريش بل هي مفسِّرة لذلك العنوان، ولهذا فما ورد من غير طرق الشيعة كثيراً من أن الأئمة من قريش يكون مفسّراً بهذه الروايات حيث أن من كان من أبناء الحسين فهو بالضرورة قرشيّ.
فمن تلك الروايات :
(صحيحة) ما رواه الشيخ الكليني رحمه اللّه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن أبي عبداللّه الصادق(ع) من كلام يذكر فيه الأئمة… إلى أن قال (فلم يزل اللّه يختارهم لخلقه من وُلد الحسين من عقب كل إمام ، كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماماً وعلماً هادياً…)( الكافي 1 / 203).
ومنها (صحيحة) ما رواه الشيخ الصدوق رحمه اللّه عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم ابن مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد عن علي بن رئاب عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر(ع) قال سمعته يقول: (إن أقرب الناس إلى اللّه عز وجل وأعلمهم به وأرأفهم بالناس محمد صلى اللّه عليه وآله، والأئمة فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا، عنى بذلك حسيناً وولده فإن الحق فيهم وهم الأوصياء ومنهم الأئمة، فأينما رأيتموهم فاتبعوهم وإن أصبحتم يوماً لا ترون منهم أحداً منهم فاستغيثوا باللّه عز وجل وانظروا السنة التي كنتم عليها واتبعوها وأحبّوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما أسرع ما يأتيكم الفرج!)(كمال الدين / 328).
ويؤيدها ما رواه في كمال الدين، عن أبيه عن سعد بن عبداللّه عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبدالله بن مسكان عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال: (دخلت على النبي صلّى اللّه عليه وآله، فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو يقبّل عينيه ويلثم فاه ويقول: أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أبو أئمة أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم)(كمال الدين 1/ 262).
القسم الثاني
الروايات التي تنصّ على أسماء الأئمة(ع)
بدءاً من الإمام أميرالمؤمنين(ع) حتى الإمام محمد بن علي الباقر(ع)
وهي متعددة نكتفي منها بروايتين :
الصحيحة الأُولى رواها الشيخ الكليني رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس، وعلي بن محمد بن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس، عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالّله(ع) عن قوله اللّه عز وجل (أطيعُوا اللّهَ وَأطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمر منكُم)(1)، فقال: (نزلت في علي بن ابي طالب والحسن والحسين(ع)، فقلت: إن الناس يقولون فما باله لم يسمِّ عليّاً وأهل بيته في كتاب اللّه عز وجل؟ فقال: قولوا لهم: إن رسول الله نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ اللّه لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول اللّه هو الذي فسر ذلك ونزلت الزكاة ولم يسمّ لهم من كل أربعين درهماً درهم، حتى كان رسول اللّه هو الذي فسّر لهم ذلك، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعاً حتى كان رسول الله هو الذي فسّر لهم ذلك ونزلت (أطيعُوا اللّهَ وَأطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمر منكُم)(النساء / 59) ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله في علي (من كنت مولاه فعلي مولاه)، فقال ص أوصيكم بكتاب اللّه وأهل بيتي فإني سألت اللّه أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك، وقال لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة.
فلو سكت رسول اللّه فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن اللّه أنزل في كتابه تصديقاً لنبيه (إنَّمَا يُريدُ اللّهُ ليُذهبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البَيت وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً)(الأحزاب / 33) فكان علي والحسن والحسين وفاطمة فأدخلهم رسول اللّه تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهلي وثقلي. فقالت أم سلمة: ألست من أهلك؟ قال: إنك إلى خير، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول اللّه كان علي أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ـ ولم يكن ليفعل ـ أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده… إذن لقال الحسن والحسين إن اللّه تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، وبلغ فينا رسول الله كما بلغ فيك، وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي، كان الحسن أولى بها لكبره فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك، واللّه عز وجل يقول: (وَأُولُوا الأَرحَام بَعضُهُم أولَي’ ببَعض في كتَاب اللّه)(الأنفال / 75 ،الأحزاب / 6) فيجعلها في ولده… إذن لقال الحسين أمر اللّه بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وبلغ في رسول اللّه كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب اللّه عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه، ولم يكونا ليفعلاه، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآية (وَأُولُوا الأَرحَام بَعضُهُم أولَي’ ببَعض في كتَاب اللّه) ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي، ثم قال: الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبداً)(الكافي 1 / 286).
وينبغي التوجه إلى نقطتين هامتين توضحهما هذه الرواية:
أولاهما : أنها تجيب على سؤال ربما طرحه البعض وهو أنه لو كانت الإمامة بتلك الأهمية فلماذا لم ينص القرآن عليها، ولمَ لم يذكر القرآن اسم أميرالمؤمنين والأئمة حتى يرتفع الشك والتردد بصورة قاطعة؟ ولا يضل الناس؟ والرواية تجيب بأنه كما نزل أصل وجوب الصلاة والزكاة والحج في القرآن، ولم يبين فيه تفاصيل الأحكام، فكذلك الحال في الإمامة حيث نزل وجوب الطاعة للأئمة وأُولي الأمر، وأوكل تعيين أسمائهم إلى النبي ص وقد قام بذلك خير قيام.
وثانيتهما : أن قضية الإمامة ونصب الإمام هي أمر إلهي لا يرتبط بقضية الوراثة، أو إرادة الإمام السابق في تعيين اللاحق، فإنه لا يستطيع ـ ولم يكن ليفعل ـ أن يغير مجراها عما هو عليه من النصب الإلهي. وفي هذه القضية كما أن أميرالمؤمنين قد نصب نصباً إلهياً، فكذلك زين العابدين علي بن الحسين والباقر محمد بن علي(ع)، من دون فرق في هذه الجهة مما يرد بذلك على دعوى المشككين بأن النص إنما هو على الثلاثة الأوائل من الأئمة.
ويؤيدها ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد ابن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أُذينة عن أبان عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أميرالمؤمنين حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن (يا بني أمرني رسول اللّه أن أُوصي إليك وأن أدفع إليك كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثم أقبل على ابنه الحسين فقال: وأمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك هذا. ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال: وأمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول اللّه ومني السلام)(الكافي 1 ).
===>>> يتبع
تعليق