بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين و على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
قال تعالى في كتابه الكريم :-
(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) مريم / 71 ,72
جاء في كتاب(علم اليقين) للفيض الكاشاني(رحمة الله تعالى عليه),ج2 ص1039 ما نصه:-
{بإسناده عن أنس بن مالك, قال: جاء جبرائيل(ع) إلى الني(ص) في ساعة ما.... إلى أن قال: لها سبعة أبواب, لكل باب منهن جزء مقسوم, فقال الني(ص) لجبرائيل: أ هي كأبوابنا هذه؟ فقال جبرائيل: لا ولكنها مفتوحة بعضها أسفل بعض, من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة, كل باب منها أشد حرا من الذي يليه سبعين ضعفا, يساق أعداء الله إليها, فإذا انتهوا إلى أبوابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال والسلاسل, فتسلك السلسلة في فيه وتخرج من دبره, وتغل يده اليسرى إلى عنقه, وتدخل يده اليمنى في فؤاده وتنزع من بين كتفيه ويشد بالسلاسل, ويقرن كل آدمي مع شيطان في سلسلة ويسحب على وجهه, وتضربه الملائكة بمقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها.
فقال النبي(ص): يا جبرائيل ومن سكان هذه الأبواب؟
فقال جبرائيل: أما الباب الأسفل ففيه المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون, واسمها الهاوية. وأما الباب الثاني ففيه المشركون واسمه الجحيم. وأما الباب الثالث ففيه الصابئون واسمه سقر. وأما الباب الرابع ففيه إبليس ومن تبعه من المجوس واسمه لظى. وأما الباب الخامس ففيه اليهود واسمه الحطمة. وأما الباب السادس ففيه النصارى واسمه السعير.
ثم أمسك جبرائيل, فقال النبي(ص): يا جبرائيل ألا تخبرني من سكان الباب السابع؟ فقال: يا رسول الله لا تسألني عنه. فقال النبي(ص): بلى يا جبرائيل أخبرني عن الباب السابع.
فقال جبرائيل: فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبوا. فخر النبي(ص) مغشيا عليه, فوضع جبرائيل رأس رسول الله في حجره حتى أفاق. فلما أفاق قال: يا جبرائيل عظمت مصيبتي واشتد حزني, أ ويدخل من أمتي النار؟ فقال جبرائيل: نعم أهل الكبائر من أمتك. ثم بكى رسول الله وبكى جبرائيل.
ودخل رسول الله(ص) منزله واحتجب عن الناس, فكان لا يخرج إلا للصلاة, يصلي ويدخل ولا يكلم أحدا, ويأخذ في الصلاة ويبكي ويتضرع إلى الله.
إلى أن تقول الرواية:-
فأقبل سلمان الفارسي(رضوان الله تعالى عليه) فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة, هل إلى مولاي رسول الله من سبيل؟ فلم يجبه أحد. فأقبل يبكي مرة ويقع مرة ويقوم أخرى, حتى أتى بيت فاطمة(ع), فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت المصطفى, وكان علي(ع) غائبا, فقال سلمان: يا بنت رسول الله, إن رسول الله قد احتجب عن الناس, فليس يخرج إلا للصلاة ولا يكلم أحدا ولا يأذن لأحد أن يدخل عليه.
فاشتملت فاطمة(ع) بعباءة, وأقبلت حتى وقفت على باب رسول الله(ص), ثم سلمت وقالت: يا رسول الله أنا فاطمة, ورسول الله ساجد يبكي, فرفع رأسه فقال: ما بال قرة عيني فاطمة حجبت عني, افتحوا لها الباب, ففتح الباب, فلما رأت النبي بكت بكاءا شديدا لما رأت من حاله مصفرا متغيرا مذاب لحم وجهه من البكاء والحزن, فقالت: يا رسول الله ما الذي نزل عليك؟ فقال النبي(ص): جاءني جبرائيل ووصف لي أبواب جهنم, وأخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي, فذاك الذي أبكاني وأحزنني.
فقالت: يا رسول الله أ ولم تسأله كيف يدخلونها؟
فقال: تسوقهم الملائكة إلى النار ولكن لا تسود وجوههم ولا تزرق عيونهم ولا يختم على أفواههم ولا يقرنون مع الشياطين ولا يوضع عليهم السلاسل والأغلال.
فقالت: يا رسول الله فكيف تسوقهم الملائكة إذا؟
فقال النبي(ص): فأما الرجال فباللحى, وأما النساء فبالذوائب والنواصي, فكم من ذي شيبة من أمتي قد قبض على شيبته يقاد إلى النار وهو ينادي واشيبتاه واضعفاه, وكم من شاب من أمتي يقبض على لحيته يقاد إلى النار وهو ينادي واشباباه, وكم من امرأة من أمتي يقبض على ناصيتها تقاد إلى النار وهي تنادي وافضيحتاه واهتك ستراه, حتى ينتهى بهم إلى مالك.
فإذا نظر إليهم مالك قال: ما هؤلاء؟ فما ورد علي من الأشقياء أعجب من هؤلاء! فتقول الملائكة: هكذا أمرنا أن نأتيك بهم على هذه الحال. فيقول لهم مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم؟ فيقولون: نحن ممن أنزل علينا القرآن, ونحن ممن نصوم شهر رمضان. فيقول لهم مالك: ما أنزل القرآن إلا على محمد(ص)! فإذا سمعوا اسمه صاحوا فقالوا: نعم نحن من أمته. فيقول لهم مالك: أ ما كان لكم في القرآن زاجر عن معصية الله؟, فإذا وقف بهم على شفير جهنم ونظروا إلى النار والزبانية قالوا: يا مالك أأذن لنا أن نبكي على أنفسنا, فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم من الدموع شيئا فيبكون دما.
فيقول مالك: ما أحسن هذا لو كان في الدنيا! فلو كان هذا البكاء في الدنيا من خشية الله تعالى ما مسكم النار في مثل هذا اليوم. فيقول مالك للزبانية: القوهم في النار, فينادون بأجمعهم(لا إله إلا الله) فترجع عنهم النار, فيقول مالك: يا نار خذيهم! فتقول النار: وكيف أخذهم وهم ينادون(لا إله إلا الله)؟ فيقول مالك: نعم بذلك أمر رب العرش.
فتأخذهم, فمنهم من تأخذه إلى قدميه, ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه, ومنهم من تأخذه إلى حقويه, ومنهم من تأخذه إلى حلقه, فإذا أهوت النار إلى وجهه قال مالك: لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا, ولا تحرقي قلوبهم فطالما عطشوا في شهر رمضان. فيبقون ما شاء الله فيها, فينادون يا أرحم الراحمين.. يا حنان يا منان, فإذا أنفذ الله تعالى حكمه, قال: يا جبرائيل ما فعل العاصون من أمة محمد؟ فيقول: إلهي أنت أعلم بهم, فيقول: انطلق فانظر ماذا حالهم.
فينطلق جبرائيل إلى مالك وهو على سرير من نار في وسط جهنم, فإذا نظر مالك إلى جبرائيل قام تعظيما له, فيقول: يا جبرائيل ما أدخلك هذا الموضع؟ فيقول جبرائيل: ما فعلت العصابة العاصية من أمة محمد(ص)؟ فيقول مالك: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم, قد أحرقت النار أجسامهم وأكلت لحومهم, وبقيت وجوههم وقلوبهم يتلألأ فيها الإيمان. فيقول جبرائيل: ارفع الطبق عنهم حتى أنظر إليهم, فيأمر مالك الخزنة فيرفعون الطبق, فإذا نظروا إلى جبرائيل وإلى حسن خلقه علموا أنه ليس من ملائكة العذاب, فيقولون من هذا العبد الذي لم نر قط أحسن وجها منه؟ فيقول مالك: هذا جبرائيل الكريم على الله تعالى الذي كان يأتي رسوا الله بالوحي, فإذا سمعوا بذكره(أي الرسول) صاحوا بأجمعهم وقالوا: يا جبرائيل أقرئ منا محمدا السلام وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينه وأخبره بسوء حالنا.
فينطلق جبرائيل حتى يقوم بين يدي الله تعالى, فيقول الله عز وجل: كيف رأيت أمة محمد؟ فيقول يا رب ما أشد حالهم وأضيق مكانهم. فيقول الله تعالى: هل سألوك شيئا؟ فيقول: نعم يا رب سألوني أن أقرأ على نبيهم السلام وأخبره بسوء حالهم. فيقول الله جل جلاله: انطلق فأخبره.
فيدخل جبرائيل على النبي وهو في خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب ولها مصراعان من ذهب فيقول: يا رسول الله جئتك من عند العصابة العصاة من أمتك يعذبون بالنار, وهم يقرئونك السلام ويقولون ما أسوأ حالنا وأضيق مكاننا. فيأتي النبي(ص) عند العرش فيخر ساجدا ويثني على الله ثناءا لم يثنه أحد مثله. فيقول الحق سبحانه وتعالى: ارفع رأسك واسأل تعطى واشفع تشفع, فيقول: يا رب الأشقياء من أمتي, قد أنفذت فيهم حكمك.
فينطلق النبي(ص), فإذا نظر مالك إلى رسول الله قام تعظيما له, فيقول النبي: يا مالك ما حال الأشقياء من أمتي؟ فيقول مالك: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم. فيقول النبي: ارفع الباب وارفع الطبق, فإذا نظر أهل النار إلى رسول الله صاحوا بأجمعهم وقالوا: يا رسول الله قد أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا.
فيخرجهم جميعا وقد صاروا فحما قد أكلتهم النار. فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى الحيوان, فيغتسلون فيه ويخرجون منه شبابا, وجوههم مثل القمر, مكتوب على جباههم جهنميون عتقاء الرحمن من النار, فيدخلون الجنة, فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار, وهو قوله تعالى(ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين)}.
اللهم اجعلنا من عتقاءك من النار بحق محمد وآله الأطياب الأطهار, صلواتك وسلامك عليهم أناء الليل وأطراف النهار
الحمد لله ربِّ العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين و على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
قال تعالى في كتابه الكريم :-
(وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) مريم / 71 ,72
جاء في كتاب(علم اليقين) للفيض الكاشاني(رحمة الله تعالى عليه),ج2 ص1039 ما نصه:-
{بإسناده عن أنس بن مالك, قال: جاء جبرائيل(ع) إلى الني(ص) في ساعة ما.... إلى أن قال: لها سبعة أبواب, لكل باب منهن جزء مقسوم, فقال الني(ص) لجبرائيل: أ هي كأبوابنا هذه؟ فقال جبرائيل: لا ولكنها مفتوحة بعضها أسفل بعض, من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة, كل باب منها أشد حرا من الذي يليه سبعين ضعفا, يساق أعداء الله إليها, فإذا انتهوا إلى أبوابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال والسلاسل, فتسلك السلسلة في فيه وتخرج من دبره, وتغل يده اليسرى إلى عنقه, وتدخل يده اليمنى في فؤاده وتنزع من بين كتفيه ويشد بالسلاسل, ويقرن كل آدمي مع شيطان في سلسلة ويسحب على وجهه, وتضربه الملائكة بمقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها.
فقال النبي(ص): يا جبرائيل ومن سكان هذه الأبواب؟
فقال جبرائيل: أما الباب الأسفل ففيه المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون, واسمها الهاوية. وأما الباب الثاني ففيه المشركون واسمه الجحيم. وأما الباب الثالث ففيه الصابئون واسمه سقر. وأما الباب الرابع ففيه إبليس ومن تبعه من المجوس واسمه لظى. وأما الباب الخامس ففيه اليهود واسمه الحطمة. وأما الباب السادس ففيه النصارى واسمه السعير.
ثم أمسك جبرائيل, فقال النبي(ص): يا جبرائيل ألا تخبرني من سكان الباب السابع؟ فقال: يا رسول الله لا تسألني عنه. فقال النبي(ص): بلى يا جبرائيل أخبرني عن الباب السابع.
فقال جبرائيل: فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا ولم يتوبوا. فخر النبي(ص) مغشيا عليه, فوضع جبرائيل رأس رسول الله في حجره حتى أفاق. فلما أفاق قال: يا جبرائيل عظمت مصيبتي واشتد حزني, أ ويدخل من أمتي النار؟ فقال جبرائيل: نعم أهل الكبائر من أمتك. ثم بكى رسول الله وبكى جبرائيل.
ودخل رسول الله(ص) منزله واحتجب عن الناس, فكان لا يخرج إلا للصلاة, يصلي ويدخل ولا يكلم أحدا, ويأخذ في الصلاة ويبكي ويتضرع إلى الله.
إلى أن تقول الرواية:-
فأقبل سلمان الفارسي(رضوان الله تعالى عليه) فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة, هل إلى مولاي رسول الله من سبيل؟ فلم يجبه أحد. فأقبل يبكي مرة ويقع مرة ويقوم أخرى, حتى أتى بيت فاطمة(ع), فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت المصطفى, وكان علي(ع) غائبا, فقال سلمان: يا بنت رسول الله, إن رسول الله قد احتجب عن الناس, فليس يخرج إلا للصلاة ولا يكلم أحدا ولا يأذن لأحد أن يدخل عليه.
فاشتملت فاطمة(ع) بعباءة, وأقبلت حتى وقفت على باب رسول الله(ص), ثم سلمت وقالت: يا رسول الله أنا فاطمة, ورسول الله ساجد يبكي, فرفع رأسه فقال: ما بال قرة عيني فاطمة حجبت عني, افتحوا لها الباب, ففتح الباب, فلما رأت النبي بكت بكاءا شديدا لما رأت من حاله مصفرا متغيرا مذاب لحم وجهه من البكاء والحزن, فقالت: يا رسول الله ما الذي نزل عليك؟ فقال النبي(ص): جاءني جبرائيل ووصف لي أبواب جهنم, وأخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي, فذاك الذي أبكاني وأحزنني.
فقالت: يا رسول الله أ ولم تسأله كيف يدخلونها؟
فقال: تسوقهم الملائكة إلى النار ولكن لا تسود وجوههم ولا تزرق عيونهم ولا يختم على أفواههم ولا يقرنون مع الشياطين ولا يوضع عليهم السلاسل والأغلال.
فقالت: يا رسول الله فكيف تسوقهم الملائكة إذا؟
فقال النبي(ص): فأما الرجال فباللحى, وأما النساء فبالذوائب والنواصي, فكم من ذي شيبة من أمتي قد قبض على شيبته يقاد إلى النار وهو ينادي واشيبتاه واضعفاه, وكم من شاب من أمتي يقبض على لحيته يقاد إلى النار وهو ينادي واشباباه, وكم من امرأة من أمتي يقبض على ناصيتها تقاد إلى النار وهي تنادي وافضيحتاه واهتك ستراه, حتى ينتهى بهم إلى مالك.
فإذا نظر إليهم مالك قال: ما هؤلاء؟ فما ورد علي من الأشقياء أعجب من هؤلاء! فتقول الملائكة: هكذا أمرنا أن نأتيك بهم على هذه الحال. فيقول لهم مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم؟ فيقولون: نحن ممن أنزل علينا القرآن, ونحن ممن نصوم شهر رمضان. فيقول لهم مالك: ما أنزل القرآن إلا على محمد(ص)! فإذا سمعوا اسمه صاحوا فقالوا: نعم نحن من أمته. فيقول لهم مالك: أ ما كان لكم في القرآن زاجر عن معصية الله؟, فإذا وقف بهم على شفير جهنم ونظروا إلى النار والزبانية قالوا: يا مالك أأذن لنا أن نبكي على أنفسنا, فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم من الدموع شيئا فيبكون دما.
فيقول مالك: ما أحسن هذا لو كان في الدنيا! فلو كان هذا البكاء في الدنيا من خشية الله تعالى ما مسكم النار في مثل هذا اليوم. فيقول مالك للزبانية: القوهم في النار, فينادون بأجمعهم(لا إله إلا الله) فترجع عنهم النار, فيقول مالك: يا نار خذيهم! فتقول النار: وكيف أخذهم وهم ينادون(لا إله إلا الله)؟ فيقول مالك: نعم بذلك أمر رب العرش.
فتأخذهم, فمنهم من تأخذه إلى قدميه, ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه, ومنهم من تأخذه إلى حقويه, ومنهم من تأخذه إلى حلقه, فإذا أهوت النار إلى وجهه قال مالك: لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا, ولا تحرقي قلوبهم فطالما عطشوا في شهر رمضان. فيبقون ما شاء الله فيها, فينادون يا أرحم الراحمين.. يا حنان يا منان, فإذا أنفذ الله تعالى حكمه, قال: يا جبرائيل ما فعل العاصون من أمة محمد؟ فيقول: إلهي أنت أعلم بهم, فيقول: انطلق فانظر ماذا حالهم.
فينطلق جبرائيل إلى مالك وهو على سرير من نار في وسط جهنم, فإذا نظر مالك إلى جبرائيل قام تعظيما له, فيقول: يا جبرائيل ما أدخلك هذا الموضع؟ فيقول جبرائيل: ما فعلت العصابة العاصية من أمة محمد(ص)؟ فيقول مالك: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم, قد أحرقت النار أجسامهم وأكلت لحومهم, وبقيت وجوههم وقلوبهم يتلألأ فيها الإيمان. فيقول جبرائيل: ارفع الطبق عنهم حتى أنظر إليهم, فيأمر مالك الخزنة فيرفعون الطبق, فإذا نظروا إلى جبرائيل وإلى حسن خلقه علموا أنه ليس من ملائكة العذاب, فيقولون من هذا العبد الذي لم نر قط أحسن وجها منه؟ فيقول مالك: هذا جبرائيل الكريم على الله تعالى الذي كان يأتي رسوا الله بالوحي, فإذا سمعوا بذكره(أي الرسول) صاحوا بأجمعهم وقالوا: يا جبرائيل أقرئ منا محمدا السلام وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينه وأخبره بسوء حالنا.
فينطلق جبرائيل حتى يقوم بين يدي الله تعالى, فيقول الله عز وجل: كيف رأيت أمة محمد؟ فيقول يا رب ما أشد حالهم وأضيق مكانهم. فيقول الله تعالى: هل سألوك شيئا؟ فيقول: نعم يا رب سألوني أن أقرأ على نبيهم السلام وأخبره بسوء حالهم. فيقول الله جل جلاله: انطلق فأخبره.
فيدخل جبرائيل على النبي وهو في خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب ولها مصراعان من ذهب فيقول: يا رسول الله جئتك من عند العصابة العصاة من أمتك يعذبون بالنار, وهم يقرئونك السلام ويقولون ما أسوأ حالنا وأضيق مكاننا. فيأتي النبي(ص) عند العرش فيخر ساجدا ويثني على الله ثناءا لم يثنه أحد مثله. فيقول الحق سبحانه وتعالى: ارفع رأسك واسأل تعطى واشفع تشفع, فيقول: يا رب الأشقياء من أمتي, قد أنفذت فيهم حكمك.
فينطلق النبي(ص), فإذا نظر مالك إلى رسول الله قام تعظيما له, فيقول النبي: يا مالك ما حال الأشقياء من أمتي؟ فيقول مالك: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم. فيقول النبي: ارفع الباب وارفع الطبق, فإذا نظر أهل النار إلى رسول الله صاحوا بأجمعهم وقالوا: يا رسول الله قد أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا.
فيخرجهم جميعا وقد صاروا فحما قد أكلتهم النار. فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى الحيوان, فيغتسلون فيه ويخرجون منه شبابا, وجوههم مثل القمر, مكتوب على جباههم جهنميون عتقاء الرحمن من النار, فيدخلون الجنة, فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار, وهو قوله تعالى(ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين)}.
اللهم اجعلنا من عتقاءك من النار بحق محمد وآله الأطياب الأطهار, صلواتك وسلامك عليهم أناء الليل وأطراف النهار
تعليق