سلخ لواء الاسكندرون... (1)
إعداد: مضر جلال خيربك

إعداد: مضر جلال خيربك
لواء الاسكندرون أرض سورية ضُمَّت لأراضي العدو التركي عام 1939، إلا أن سوريا لم تعترف بذلك ولا تزال تعتبره جزء من أراضيها وتظهره على خرائطها.تبلغ مساحته 4800 كيلو متر مربع، ويطل على خليج السويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط شمالي غرب سوريا، ويسكنه حوالي مليون نسمة.يشكو سكان الإقليم العرب من القمع الثقافي واللغوي والعرقي الذي تمارسه تركيا النازية عليهم والتمييز ضد العرب لصالح العرق التركي في كل المجالات.
وهو آخر ما استولى عليه من الأراضي السورية اللص مصطفى كمال أتاتورك زعيم عصابة الصهاينة الأتراك، والذي استولى قبله على عدد كبير من الألوية العربية التابعة لولاية حلب: لواء مرعش، لواء عينتاب، لواء كلس، إضافة لألوية أضنة ومرسين العربية والتي كانت ضمن الأراضي السورية وفق معاهدة (سيفر) عام 1920.
أهم مدنه أنطاكية والاسكندرونة وجبل موسى والريحانية وأرسوز، وهو ذو طبيعة جبلية، وأكبر جباله: جبال الأمانوس، جبل الأقرع، موسى، والنفاخ، يقع بينها سهل العمق، وفيه نهر العاصي الذي يصب في خليج السويدية، ونهري الأسود وعفرين يصبان في بحيرات سهل العمق.
في عام 1915 احتوت مراسلات الشريف حسين مع مكماهون إشارات واضحة بتبعية المناطق الواقعة جنوب جبال طوروس إلى الدولة العربية الموعودة، ومع بدء الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان تبع اللواء ولاية حلب، وكان في اتفاقية سايكس بيكو داخل المنطقة الزرقاء التابعة للانتداب الفرنسي، أي أن المعاهدة اعتبرته سورياً، وهذا يدل على كون المنطقة جزء لا يتجزأ من الأرض السورية، وفي معاهدة سيفر عام 1920 اعترفت الدولة العثمانية المنهارة بعروبة منطقتي الاسكندرون وكيليكية (أضنة ومرسين) وارتباطهما بالبلاد العربية.
كان اللواء جزء من سوريا التي قامت عقب نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعد توحيد الدويلات السورية التي شكلها الانتداب الفرنسي، ضُمَّ لواء الاسكندرون إلى السلطة السورية المركزية، لكن في عام 1937 أصدرت عصبة الأمم قراراً بفصله عن سوريا وعُين فيه حاكم فرنسي، وفي عام 1938 دخلت القوات التركية بشكل مفاجئ إلى مدن اللواء واحتلتها، وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية وفق مؤامرة حيكت بينهما، أخذت بموجبها فرنسا ضمان دخول تركيا للحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
قضية اللواء:
كانت في الدولة العثمانية مناطق إدارية تابعة لولاية حلب، وبعد خروج العثمانيين من سوريا، بقي سنجق الاسكندرونة تابعاً لها، إلى أن فُصل عنها وأصبح مستقلاً إدارياً، وعُرِّبت كلمة (سنجق) إلى كلمة لواء وأصبح يُعرف (سنجق الاسكندرونة) بـ (لواء الاسكندرونة)، وبقيت هذه التسمية مستعملة إلى صدور قانون التنظيمات الإدارية رقم (5 ل.ر) تاريخ 10 كانون الثاني 1936، فأصبح لواء الاسكندرونة محافظة كبقية المحافظات السورية، إلا أن كلمة سنجق أو لواء بقيت ضمن الاستعمال، لأن قضية السنجق أثيرت في السنة نفسها بين فرنسا وتركيا.
9 أيلول عام 1936
خرجت بجميع المدن السورية مظاهرات وإضرابات ضد فرنسا دامت أربعين يوماً، طالب فيها الشعب بالاستقلال وإنهاء الانتداب على سوريا، فأذعنت فرنسا لهذه المطالب وعقدت مع سوريا في 9 أيلول عام 1936 معاهدة تضمن لها الحرية والاستقلال والدخول في عصبة الأمم.
المعاهدة نصت في المادة (3) على نقل جميع الحقوق والواجبات الناجمة عن المعاهدات والاتفاقيات وجميع الاتفاقيات الدولية التي عقدتها الحكومة الفرنسية فيما يخص سوريا أو باسمها، إلى الحكومة السورية بعد انتهاء الانتداب عنها، وهذه المادة تضمن لأتراك اللواء بنفس الوقت، حق استعمال لغتهم في التعليم وإدارات الدولة، وإنماء ثقافتهم القومية، على النحو الذي نصت عليه المادة (7) من اتفاقية أنقرة.
لكن تركيا رفضت إبقاء لواء الاسكندرون ضمن الدولة السورية، واعتبرت النص الوارد في المعاهدة السورية الفرنسية غير كاف لضمان حقوق الأتراك فيه، وطلبت تحويل هذه المنطقة لدولة مستقلة شأن دولتي سوريا ولبنان، وإنشاء اتحاد فيدرالي بين الدول الثلاث.
فرفضت فرنسا هذا الطلب، استناداً إلى صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الأراضي المنتدبة عليها، دون موافقة عصبة الأمم، وتركت لتركيا حق رفع القضية لعصبة الأمم المعنية بالنظر حول تقرير مصير اللواء بعد استقلال سوريا.
8 كانون الأول عام 1936
أرسلت الحكومة التركية للسكرتير العام لعصبة الأمم مذكرة تطلب فيها تسجيل الخلاف بين فرنسا وتركيا بشأن مصير لواء الاسكندرونة بعد استقلال سوريا، لبحثه بجلستها القادمة، استناداً للمادة (11) من ميثاق العصبة، التي تقضي بوجوب اتخاذ المساعي الودية في جميع الظروف التي من شأنها أن تؤثر في العلاقات الدولية.
10كانون الأول 1936
نظر المجلس في الخلاف التركي- الفرنسي حول لواء الاسكندرونة بعد استقلال سوريا، وعرضت تركيا اقتراحها بإنشاء دولة مستقلة فيه، وإنشاء اتحاد فيدرالي، وقد صرح وزير خارجيتها ضمن الجلسة بأن لا أطماع سياسية تركية ببسط سيادتها على لواء الاسكندرون، وأنها أثارت قضيته لحماية حقوق أبناء جنسها والمحافظة على حياتهم وحرياتهم.
15 كانون الأول عام 1936
رد رئيس الوفد الفرنسي على طلب تركيا، متطرقاً لمستقبل أتراك اللواء بعد عقد المعاهدة السورية الفرنسية، مؤكداً أن مواد المعاهدة لا تؤثر بوضع لواء الاسكندرونة، ولا بحقوق السكان الأتراك لوجود ضماناته باتفاقية أنقرة لعام 1921 التي أقرتها المعاهدة السورية –الفرنسية.
كانت الحكومة التركية قد ادعت في المذكرة التي قدمتها لمجلس الأمم المتحدة، أن الأتراك في اللواء مضطهدون من قبل السلطة المحلية، وطلبت سحب القوات الفرنسية منه، وقد كذَّب مندوب فرنسا هذا الادعاء، واقترح مقرر المجلس (ساندلر) إرسال مراقبين دوليين لهناك لمراقبة الحالة فيه، الأمر الذي عارضه المندوب التركي، لكن المجلس وافق عليه بعد أن استنكف المندوب التركي عن التصويت.
19 كانون الأول 1936
عَيَّن رئيس المجلس ثلاثة مراقبين: هولندي، نرويجي، سويسري، وطلب إليهم السفر فوراً إلى اللواء للإطلاع على الحالة القائمة فيه.
28 كانون الأول 1936
وصلت اللجنة إلى أنطاكية وطافت بمختلف المناطق والنواحي، وتعرفت على فئات السكان، واجتمعت مع وجهاء الطوائف، وزعماء الهيئات السياسية والدينية واستمعت لمطالبهم، وعبَّرت كل فئة عن أمانيها ورغباتها.
12 كانون الثاني 1937
قام عرب أنطاكية والقرى المجاورة بمسيرة شعبية أمام اللجنة الدولية، مشى فيها أكثر من أربعين ألف من العرب والأرمن، حملوا فيها الأعلام السورية، واليافطات التي تعبر عن أمانيهم ومطالبهم، بالمحافظة على ارتباط اللواء بالوطن السوري.
13 كانون الثاني 1937
زارت اللجنة مدينة الريحانية، فقام فيها العرب بمظاهرة، شارك فيها أكثر من عشرين ألفاً من عرب سهل العمق، وكانوا يحملون الأعلام السورية ويهتفون لسوريا والعروبة.
وكذلك استُقبلت اللجنة في مدينة الاسكندرونة وبلدة السويدية وفي جميع القرى العربية، التي زارتها بمظاهرات عبَّر فيها المواطنون العرب عن تمسكهم بعروبتهم وبوطنهم الأم: سوريا.
يتبع
إعداد: مضر جلال خيربك

إعداد: مضر جلال خيربك
لواء الاسكندرون أرض سورية ضُمَّت لأراضي العدو التركي عام 1939، إلا أن سوريا لم تعترف بذلك ولا تزال تعتبره جزء من أراضيها وتظهره على خرائطها.تبلغ مساحته 4800 كيلو متر مربع، ويطل على خليج السويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط شمالي غرب سوريا، ويسكنه حوالي مليون نسمة.يشكو سكان الإقليم العرب من القمع الثقافي واللغوي والعرقي الذي تمارسه تركيا النازية عليهم والتمييز ضد العرب لصالح العرق التركي في كل المجالات.
وهو آخر ما استولى عليه من الأراضي السورية اللص مصطفى كمال أتاتورك زعيم عصابة الصهاينة الأتراك، والذي استولى قبله على عدد كبير من الألوية العربية التابعة لولاية حلب: لواء مرعش، لواء عينتاب، لواء كلس، إضافة لألوية أضنة ومرسين العربية والتي كانت ضمن الأراضي السورية وفق معاهدة (سيفر) عام 1920.
أهم مدنه أنطاكية والاسكندرونة وجبل موسى والريحانية وأرسوز، وهو ذو طبيعة جبلية، وأكبر جباله: جبال الأمانوس، جبل الأقرع، موسى، والنفاخ، يقع بينها سهل العمق، وفيه نهر العاصي الذي يصب في خليج السويدية، ونهري الأسود وعفرين يصبان في بحيرات سهل العمق.
في عام 1915 احتوت مراسلات الشريف حسين مع مكماهون إشارات واضحة بتبعية المناطق الواقعة جنوب جبال طوروس إلى الدولة العربية الموعودة، ومع بدء الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان تبع اللواء ولاية حلب، وكان في اتفاقية سايكس بيكو داخل المنطقة الزرقاء التابعة للانتداب الفرنسي، أي أن المعاهدة اعتبرته سورياً، وهذا يدل على كون المنطقة جزء لا يتجزأ من الأرض السورية، وفي معاهدة سيفر عام 1920 اعترفت الدولة العثمانية المنهارة بعروبة منطقتي الاسكندرون وكيليكية (أضنة ومرسين) وارتباطهما بالبلاد العربية.
كان اللواء جزء من سوريا التي قامت عقب نهاية الحرب العالمية الأولى، وبعد توحيد الدويلات السورية التي شكلها الانتداب الفرنسي، ضُمَّ لواء الاسكندرون إلى السلطة السورية المركزية، لكن في عام 1937 أصدرت عصبة الأمم قراراً بفصله عن سوريا وعُين فيه حاكم فرنسي، وفي عام 1938 دخلت القوات التركية بشكل مفاجئ إلى مدن اللواء واحتلتها، وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية وفق مؤامرة حيكت بينهما، أخذت بموجبها فرنسا ضمان دخول تركيا للحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
قضية اللواء:
كانت في الدولة العثمانية مناطق إدارية تابعة لولاية حلب، وبعد خروج العثمانيين من سوريا، بقي سنجق الاسكندرونة تابعاً لها، إلى أن فُصل عنها وأصبح مستقلاً إدارياً، وعُرِّبت كلمة (سنجق) إلى كلمة لواء وأصبح يُعرف (سنجق الاسكندرونة) بـ (لواء الاسكندرونة)، وبقيت هذه التسمية مستعملة إلى صدور قانون التنظيمات الإدارية رقم (5 ل.ر) تاريخ 10 كانون الثاني 1936، فأصبح لواء الاسكندرونة محافظة كبقية المحافظات السورية، إلا أن كلمة سنجق أو لواء بقيت ضمن الاستعمال، لأن قضية السنجق أثيرت في السنة نفسها بين فرنسا وتركيا.
9 أيلول عام 1936
خرجت بجميع المدن السورية مظاهرات وإضرابات ضد فرنسا دامت أربعين يوماً، طالب فيها الشعب بالاستقلال وإنهاء الانتداب على سوريا، فأذعنت فرنسا لهذه المطالب وعقدت مع سوريا في 9 أيلول عام 1936 معاهدة تضمن لها الحرية والاستقلال والدخول في عصبة الأمم.
المعاهدة نصت في المادة (3) على نقل جميع الحقوق والواجبات الناجمة عن المعاهدات والاتفاقيات وجميع الاتفاقيات الدولية التي عقدتها الحكومة الفرنسية فيما يخص سوريا أو باسمها، إلى الحكومة السورية بعد انتهاء الانتداب عنها، وهذه المادة تضمن لأتراك اللواء بنفس الوقت، حق استعمال لغتهم في التعليم وإدارات الدولة، وإنماء ثقافتهم القومية، على النحو الذي نصت عليه المادة (7) من اتفاقية أنقرة.
لكن تركيا رفضت إبقاء لواء الاسكندرون ضمن الدولة السورية، واعتبرت النص الوارد في المعاهدة السورية الفرنسية غير كاف لضمان حقوق الأتراك فيه، وطلبت تحويل هذه المنطقة لدولة مستقلة شأن دولتي سوريا ولبنان، وإنشاء اتحاد فيدرالي بين الدول الثلاث.
فرفضت فرنسا هذا الطلب، استناداً إلى صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الأراضي المنتدبة عليها، دون موافقة عصبة الأمم، وتركت لتركيا حق رفع القضية لعصبة الأمم المعنية بالنظر حول تقرير مصير اللواء بعد استقلال سوريا.
8 كانون الأول عام 1936
أرسلت الحكومة التركية للسكرتير العام لعصبة الأمم مذكرة تطلب فيها تسجيل الخلاف بين فرنسا وتركيا بشأن مصير لواء الاسكندرونة بعد استقلال سوريا، لبحثه بجلستها القادمة، استناداً للمادة (11) من ميثاق العصبة، التي تقضي بوجوب اتخاذ المساعي الودية في جميع الظروف التي من شأنها أن تؤثر في العلاقات الدولية.
10كانون الأول 1936
نظر المجلس في الخلاف التركي- الفرنسي حول لواء الاسكندرونة بعد استقلال سوريا، وعرضت تركيا اقتراحها بإنشاء دولة مستقلة فيه، وإنشاء اتحاد فيدرالي، وقد صرح وزير خارجيتها ضمن الجلسة بأن لا أطماع سياسية تركية ببسط سيادتها على لواء الاسكندرون، وأنها أثارت قضيته لحماية حقوق أبناء جنسها والمحافظة على حياتهم وحرياتهم.
15 كانون الأول عام 1936
رد رئيس الوفد الفرنسي على طلب تركيا، متطرقاً لمستقبل أتراك اللواء بعد عقد المعاهدة السورية الفرنسية، مؤكداً أن مواد المعاهدة لا تؤثر بوضع لواء الاسكندرونة، ولا بحقوق السكان الأتراك لوجود ضماناته باتفاقية أنقرة لعام 1921 التي أقرتها المعاهدة السورية –الفرنسية.
كانت الحكومة التركية قد ادعت في المذكرة التي قدمتها لمجلس الأمم المتحدة، أن الأتراك في اللواء مضطهدون من قبل السلطة المحلية، وطلبت سحب القوات الفرنسية منه، وقد كذَّب مندوب فرنسا هذا الادعاء، واقترح مقرر المجلس (ساندلر) إرسال مراقبين دوليين لهناك لمراقبة الحالة فيه، الأمر الذي عارضه المندوب التركي، لكن المجلس وافق عليه بعد أن استنكف المندوب التركي عن التصويت.
19 كانون الأول 1936
عَيَّن رئيس المجلس ثلاثة مراقبين: هولندي، نرويجي، سويسري، وطلب إليهم السفر فوراً إلى اللواء للإطلاع على الحالة القائمة فيه.
28 كانون الأول 1936
وصلت اللجنة إلى أنطاكية وطافت بمختلف المناطق والنواحي، وتعرفت على فئات السكان، واجتمعت مع وجهاء الطوائف، وزعماء الهيئات السياسية والدينية واستمعت لمطالبهم، وعبَّرت كل فئة عن أمانيها ورغباتها.
12 كانون الثاني 1937
قام عرب أنطاكية والقرى المجاورة بمسيرة شعبية أمام اللجنة الدولية، مشى فيها أكثر من أربعين ألف من العرب والأرمن، حملوا فيها الأعلام السورية، واليافطات التي تعبر عن أمانيهم ومطالبهم، بالمحافظة على ارتباط اللواء بالوطن السوري.
13 كانون الثاني 1937
زارت اللجنة مدينة الريحانية، فقام فيها العرب بمظاهرة، شارك فيها أكثر من عشرين ألفاً من عرب سهل العمق، وكانوا يحملون الأعلام السورية ويهتفون لسوريا والعروبة.
وكذلك استُقبلت اللجنة في مدينة الاسكندرونة وبلدة السويدية وفي جميع القرى العربية، التي زارتها بمظاهرات عبَّر فيها المواطنون العرب عن تمسكهم بعروبتهم وبوطنهم الأم: سوريا.
يتبع