هل من ناصر ؟
نداء استغاثة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بعد استشهاد جميع أصحابه وأهل بيته وأبنائه. إذ لما أغار العدى على خيام عياله وسمع صراخهم، نادى الحسين بهذا النداء لعلّه يثير في نفوس القوم الحمية، أو يثنيهم عن مهاجمة حرمه.
ما انفك نداء هل من ناصر؟ يدوي إلى الآن وعلى مدى الأيام في أسماع التاريخ، ويثير الضمائر الحية عند الأحرار دعوة الصمود ومقاومة الظلم ومناصرة دين الله ونصرة ولي الله، وكل من يسمع استنصار حجة الله ولا يلبّيه فهو من أهل النار.
التقى الإمام الحسين في طريقه إلى الكوفة بشخصين فدعاهما إلى نصرته لكنهما تذرّعا بأن عليهما ديناً وانهما كبيرا في السن من أجل أن لا يصحباه، فقال لهما: "فانطلقا فلا تسمعا لي واعية ولا تريا لي سواداً، فإنه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا فلم يجبنا ولم يغثنا كان حقاً على الله عز وجل أن يكبّه على منخريه في النار"(موسوعة كلمات الإمام الحسين:369 نقلاً عن ثواب الأعمال).
اشتهرت هذه الجملة بصورة "هل من ناصر ينصرني؟"،وهي في المصادر التاريخية لم تكن على هذه الشاكلة على وجه الدقة، بل تختلف قليلاً، أو وردت بصورة أخرى من قبيل: "هل من ذابّ عن حرم رسول الله؟ هل من موحّد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟ أما من طالب حق ينصرنا؟"(حياة الإمام الحسين 274:3)، "هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله؟"(بحار الأنوار 46:45)، "أما من مغيث يغيثنا لوجه الله؟". "هل من ناصر ينصر ذريّة الأطهار؟"(ذريعة النجاة:129)، أو غيرها من العبارات الأخرى.
الوداع
كلمات تلفظ عند السفر ومفارقة الأحباب. وفي واقعة الطف جاء الوداع في مواضع عديدة. فبعد موت معاوية رأى الإمام إصرار والي المدينة على أخذ البيعة منه ليزيد. فعزم على الخروج من المدينة وذهب أولاً لزيارة قبر النبي وتوديعه والخروج إلى مكة. وكان وداعاً أثار مشاعره وعواطفه، وهناك أخفق برأسه فرأى جدّه في المنام، وذهب أيضاً لوداع قبر أُمّه وأخيه(حياة الإمام الحسين 259:2و261).
الوداع الآخر كان في يوم الطف على أرض كربلاء. فأهل البيت حينما كانوا يودّعون الإمام والمخيم للمرة الأخيرة، كانوا أيضاً يسلمّون السلام الأخير.
أما وداع سيّد الشهداء فقد حصل في عدّة مواقف. في يوم عاشوراء، أولها حينما جاء إلى الخيام وطلب ثوباً سملاً من أخته زينب ليرتديه. وفي هذا الوداع اعتنق علي الأصغر الذي أصيب في الأثناء بسهمٍ في رقبته. والوداع الآخر كان لولده الإمام السجاد وقد حصل في الخيمة. كما أنه ودّع ابنته سكينة وكان وداعاً صعباً ومريراً.
و في الوداع الأخير جاء أهل بيته وجراحاته تشخب دماً، وقال: "استعدوا للبلاء واعلموا أن الله تعالى حاميكم وحافظكم. . ."(مقتل الأمام الحسين للمقرّم:337). ولمّا أراد النزول إلى القتال للمرة الخيرة، خاطب عياله قائلاً: "يا سكينة يا فاطمة يا زينب يا أم كلثوم، عليكنَّ مِنّي السلام. . ."(معالي السبطين 25:2) وكان هذا بمثابة الوداع الأخير. ولما أيقن أهل بيته أنهم لن يرونه بعد هذا بكوا بعولة مشجية وهتاف يفطر الصخر الأصم وزفرات متصاعدة في أفئدة حرّى، وفي هذا الوداع أيضاً جاءته زينب عليها السلام وقبّلته في صدره ونحره، وطلبت منه سكينة أن يجلسها في حجره و . . .إلخ. و "مرثية الوداع" تعد من أكثر المراثي لوعة ومرارة.
وهنا أيضاً ودّع ابنه علي الأكبر. وحينما كان الأصحاب يبرزون للقتال كانوا يودعونه واحداً تلو الآخر، وكان وداعهم مشفوعاً بالسلام وإذن البروز للميدان .
واقعة الحرّة
لما شمل الناس جورُ يزيد وعماله وعمهم ظلمه وما ظهر من فسقه: من قتله ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأنصاره، وما أظهر من شرب الخمور، وسيرته الظالمة التي عرفها القاصي والداني، أخرج أهل المدينة عامله عليهم وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان وسائر بني أمية. ونمى فعل أهل المدينة ببني أمية وعامل يزيد إلى يزيد، فسير إليهم بالجيوش من أهل الشام عليهم مسلم بن عقبة الفهري(مروج الذهب 69:3)، ولما انتهى الجيش إلى الموضع المعروف بالحرّة هجم على المدينة وبالغ في قتل أهلها ونهبها واستباحها ثلاثة أيام حتى سمي بـ "مسرف بن عقبة"، فلاذ الناس بقبر الرسول لكن جيش الشام ما راعى لقبر الرسول حرمته ودخلوه بخيلهم وقتلوا الناس فيه.
و قد قتل في هذه الواقعة خلق عظيم من الناس، وقتل فيها أيضاً عبدالله بن جعفر، وواقعة الحرة هذه حدثت في 28 ذي الحجة عام 63 ومات يزيد بعدها بشهرين ونصف(منتهى الآمال 35:2).
تسمى هذه الثورة أيضاً بواقعة الحرة أو حرّة واقم أو ثورة المدينة وتعد من جملة إفرازات واقعة عاشوراء، ونتيجة لما قام به أهل البيت من فضح لحقيقة يزيد والأمويين وإقامتهم المآتم على استشهاد الحسين، ومواقف العقيلة زينب.
الحرّة هي الأرض ذات حجارة سوداء نخرة كأنها أحرقت بالنار، وتنتشر في عدة أماكن منها قرب المدينة، ولكل واحدة من هذه الحجرات اسمها الخاص. ولا زالت بعضها موجودة قرب المدينة(دائرة المعارف الإسلامية 363:7).
مجزرة الأربعين الداميّة
في العراق وخاصة في المناسبات الخاصّة يسير المعزّون باستشهاد الإمام الحسين على شكل قوافل ومجاميع صغيرة وكبيرة نحو كربلاء سيراً على الأقدام. وهذه المسيرة المقدّسة التي غالباً ما تقام بمشاركة علماء الدين ولا سيّما من جهة النجف صوب كربلاء قد تعرّضت عدّة مرّات للمنع أو القمع من قبل النظام البعثي في العراق. وحدثت إحدى هذه المسيرات في عام 1397 للهجرة حين أعدّت الجماهير المعزّية منهجاً واسعاً لاستثماره إعلامياً وسياسيّاً ضد طاغوت العراق، إلاّ أن الحكومة اتّبعت أسلوب العنف ضد المشاركين في المسيرة على طول الطريق، وأمطرتهم بالرصاص من الأرض ومن الجو.
وقد وقعت أمثال هذه الحوادث في الأعوام 1390 و1395 و 1396 هـ، في أيّام العاشر من محرّم وفي أيّام الربعين. إلاّ إنّ الانتفاضة الواسعة التي وقعت في عام 1397 هـ لم يسبق لها مثيل من قبل، وقد شهدت النجف في ذلك العام حشداً جماهيرياً هائلاً انطلق من جوار مرقد أمير المؤمنين عليه السلام ووصل بعد أربعة أيّام من المسير إلى كربلاء، وقد عبّرت تلك المواكب بالشعارات والخطب طوال الطريق عن معارضتها للحكومة البعثية.
كان الهتاف المتواصل لتلك الجماهير هو شعار "أبد والله ما ننسى حسينا" إلاّ أنّ القوات الحكومية وضعت مختلف العراقيل لمنع وصول الزوّار إلى كربلاء وحصلت صدامات عنيفة وقع على أثرها عدد من الشهداء، وحين وصول الجماهير إلى كربلاء وقعت حوادث أكثر عنفاً، وقتل جماعة، وألقي القبض على آخرين. ودخلت الانتفاضة الشيعية في أربعين ذلك العام في سجل التاريخ. وصارت نقطة مضيئة ومصدر إلهام لمزيد من الحماس في السنوات اللاحقة("انتفاضة صفر الإسلامية" بقلم رعد الموسوي؛ يتحدّث فيه المؤلف الذي شهد وقائع الحادثة بنفسه عن الكثير من تفاصيلها").
محاصرة الإمام الحسين عليه السلام
كان الحسين عليه السلام يرمي إلى الوصول إلى الكوفة وقيادة أنصاره فيها والقيام ضد الأمويين. وكان ابن زياد (والي الكوفة) يعلم أن الحسين إذا وطأت قدمه الكوفة فسوف يفلت زمام الأمور من يده وهذا ما جعله يحرص على عدم وصول الأمام إليها؛ فسير ابتداءً جيشاً عداده ألف رجل بقيادة الحر ببن يزيد للوقوف بوجه الحسين. وبعد مداولات ظل جيش الحر يساير قافلة الإمام حتّى وصلا إلى أرض نينوى. ثم وصل رسول من الكوفة ومعه كتاب من لبن زياد يقول فيه:
"أما بعد فجعجع بالحسين . . ." . أي أن لا يكون لديه طريق للعودة ولا للتقدم، وأن تلجئه إلى أرض وعرة وتضيّق عليه وقد أمرت هذا الرسول أن يبقى معك ليوافيني بكيفية تنفيذك لهذا الأمر.
بعد وصول هذا الكتاب أرغم الإمام على النزول في ذلك الموضع يوم الخميس الثاني من محرّم من الكوفة عام 61هـ ، وفي اليوم التالي وصل عمر بن سعد على رأس أربعة آلاف فارس من الكوفة(للكامل لابن الأثير 555:2) ، وبعد هذا الحصار أغلقوا جميع الطرق لمنع التحاق الناس بمعسكر الحسين.
أما الذين انضموا إلى معسكر الإمام من أهل الكوفة فقد ساروا إليه تحت جنح الظلام أو سلكوا إليه سبلاً غير معروفة.
نداء استغاثة الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بعد استشهاد جميع أصحابه وأهل بيته وأبنائه. إذ لما أغار العدى على خيام عياله وسمع صراخهم، نادى الحسين بهذا النداء لعلّه يثير في نفوس القوم الحمية، أو يثنيهم عن مهاجمة حرمه.
ما انفك نداء هل من ناصر؟ يدوي إلى الآن وعلى مدى الأيام في أسماع التاريخ، ويثير الضمائر الحية عند الأحرار دعوة الصمود ومقاومة الظلم ومناصرة دين الله ونصرة ولي الله، وكل من يسمع استنصار حجة الله ولا يلبّيه فهو من أهل النار.
التقى الإمام الحسين في طريقه إلى الكوفة بشخصين فدعاهما إلى نصرته لكنهما تذرّعا بأن عليهما ديناً وانهما كبيرا في السن من أجل أن لا يصحباه، فقال لهما: "فانطلقا فلا تسمعا لي واعية ولا تريا لي سواداً، فإنه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا فلم يجبنا ولم يغثنا كان حقاً على الله عز وجل أن يكبّه على منخريه في النار"(موسوعة كلمات الإمام الحسين:369 نقلاً عن ثواب الأعمال).
اشتهرت هذه الجملة بصورة "هل من ناصر ينصرني؟"،وهي في المصادر التاريخية لم تكن على هذه الشاكلة على وجه الدقة، بل تختلف قليلاً، أو وردت بصورة أخرى من قبيل: "هل من ذابّ عن حرم رسول الله؟ هل من موحّد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟ أما من طالب حق ينصرنا؟"(حياة الإمام الحسين 274:3)، "هل من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله؟"(بحار الأنوار 46:45)، "أما من مغيث يغيثنا لوجه الله؟". "هل من ناصر ينصر ذريّة الأطهار؟"(ذريعة النجاة:129)، أو غيرها من العبارات الأخرى.
الوداع
كلمات تلفظ عند السفر ومفارقة الأحباب. وفي واقعة الطف جاء الوداع في مواضع عديدة. فبعد موت معاوية رأى الإمام إصرار والي المدينة على أخذ البيعة منه ليزيد. فعزم على الخروج من المدينة وذهب أولاً لزيارة قبر النبي وتوديعه والخروج إلى مكة. وكان وداعاً أثار مشاعره وعواطفه، وهناك أخفق برأسه فرأى جدّه في المنام، وذهب أيضاً لوداع قبر أُمّه وأخيه(حياة الإمام الحسين 259:2و261).
الوداع الآخر كان في يوم الطف على أرض كربلاء. فأهل البيت حينما كانوا يودّعون الإمام والمخيم للمرة الأخيرة، كانوا أيضاً يسلمّون السلام الأخير.
أما وداع سيّد الشهداء فقد حصل في عدّة مواقف. في يوم عاشوراء، أولها حينما جاء إلى الخيام وطلب ثوباً سملاً من أخته زينب ليرتديه. وفي هذا الوداع اعتنق علي الأصغر الذي أصيب في الأثناء بسهمٍ في رقبته. والوداع الآخر كان لولده الإمام السجاد وقد حصل في الخيمة. كما أنه ودّع ابنته سكينة وكان وداعاً صعباً ومريراً.
و في الوداع الأخير جاء أهل بيته وجراحاته تشخب دماً، وقال: "استعدوا للبلاء واعلموا أن الله تعالى حاميكم وحافظكم. . ."(مقتل الأمام الحسين للمقرّم:337). ولمّا أراد النزول إلى القتال للمرة الخيرة، خاطب عياله قائلاً: "يا سكينة يا فاطمة يا زينب يا أم كلثوم، عليكنَّ مِنّي السلام. . ."(معالي السبطين 25:2) وكان هذا بمثابة الوداع الأخير. ولما أيقن أهل بيته أنهم لن يرونه بعد هذا بكوا بعولة مشجية وهتاف يفطر الصخر الأصم وزفرات متصاعدة في أفئدة حرّى، وفي هذا الوداع أيضاً جاءته زينب عليها السلام وقبّلته في صدره ونحره، وطلبت منه سكينة أن يجلسها في حجره و . . .إلخ. و "مرثية الوداع" تعد من أكثر المراثي لوعة ومرارة.
وهنا أيضاً ودّع ابنه علي الأكبر. وحينما كان الأصحاب يبرزون للقتال كانوا يودعونه واحداً تلو الآخر، وكان وداعهم مشفوعاً بالسلام وإذن البروز للميدان .
واقعة الحرّة
لما شمل الناس جورُ يزيد وعماله وعمهم ظلمه وما ظهر من فسقه: من قتله ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وأنصاره، وما أظهر من شرب الخمور، وسيرته الظالمة التي عرفها القاصي والداني، أخرج أهل المدينة عامله عليهم وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان وسائر بني أمية. ونمى فعل أهل المدينة ببني أمية وعامل يزيد إلى يزيد، فسير إليهم بالجيوش من أهل الشام عليهم مسلم بن عقبة الفهري(مروج الذهب 69:3)، ولما انتهى الجيش إلى الموضع المعروف بالحرّة هجم على المدينة وبالغ في قتل أهلها ونهبها واستباحها ثلاثة أيام حتى سمي بـ "مسرف بن عقبة"، فلاذ الناس بقبر الرسول لكن جيش الشام ما راعى لقبر الرسول حرمته ودخلوه بخيلهم وقتلوا الناس فيه.
و قد قتل في هذه الواقعة خلق عظيم من الناس، وقتل فيها أيضاً عبدالله بن جعفر، وواقعة الحرة هذه حدثت في 28 ذي الحجة عام 63 ومات يزيد بعدها بشهرين ونصف(منتهى الآمال 35:2).
تسمى هذه الثورة أيضاً بواقعة الحرة أو حرّة واقم أو ثورة المدينة وتعد من جملة إفرازات واقعة عاشوراء، ونتيجة لما قام به أهل البيت من فضح لحقيقة يزيد والأمويين وإقامتهم المآتم على استشهاد الحسين، ومواقف العقيلة زينب.
الحرّة هي الأرض ذات حجارة سوداء نخرة كأنها أحرقت بالنار، وتنتشر في عدة أماكن منها قرب المدينة، ولكل واحدة من هذه الحجرات اسمها الخاص. ولا زالت بعضها موجودة قرب المدينة(دائرة المعارف الإسلامية 363:7).
مجزرة الأربعين الداميّة
في العراق وخاصة في المناسبات الخاصّة يسير المعزّون باستشهاد الإمام الحسين على شكل قوافل ومجاميع صغيرة وكبيرة نحو كربلاء سيراً على الأقدام. وهذه المسيرة المقدّسة التي غالباً ما تقام بمشاركة علماء الدين ولا سيّما من جهة النجف صوب كربلاء قد تعرّضت عدّة مرّات للمنع أو القمع من قبل النظام البعثي في العراق. وحدثت إحدى هذه المسيرات في عام 1397 للهجرة حين أعدّت الجماهير المعزّية منهجاً واسعاً لاستثماره إعلامياً وسياسيّاً ضد طاغوت العراق، إلاّ أن الحكومة اتّبعت أسلوب العنف ضد المشاركين في المسيرة على طول الطريق، وأمطرتهم بالرصاص من الأرض ومن الجو.
وقد وقعت أمثال هذه الحوادث في الأعوام 1390 و1395 و 1396 هـ، في أيّام العاشر من محرّم وفي أيّام الربعين. إلاّ إنّ الانتفاضة الواسعة التي وقعت في عام 1397 هـ لم يسبق لها مثيل من قبل، وقد شهدت النجف في ذلك العام حشداً جماهيرياً هائلاً انطلق من جوار مرقد أمير المؤمنين عليه السلام ووصل بعد أربعة أيّام من المسير إلى كربلاء، وقد عبّرت تلك المواكب بالشعارات والخطب طوال الطريق عن معارضتها للحكومة البعثية.
كان الهتاف المتواصل لتلك الجماهير هو شعار "أبد والله ما ننسى حسينا" إلاّ أنّ القوات الحكومية وضعت مختلف العراقيل لمنع وصول الزوّار إلى كربلاء وحصلت صدامات عنيفة وقع على أثرها عدد من الشهداء، وحين وصول الجماهير إلى كربلاء وقعت حوادث أكثر عنفاً، وقتل جماعة، وألقي القبض على آخرين. ودخلت الانتفاضة الشيعية في أربعين ذلك العام في سجل التاريخ. وصارت نقطة مضيئة ومصدر إلهام لمزيد من الحماس في السنوات اللاحقة("انتفاضة صفر الإسلامية" بقلم رعد الموسوي؛ يتحدّث فيه المؤلف الذي شهد وقائع الحادثة بنفسه عن الكثير من تفاصيلها").
محاصرة الإمام الحسين عليه السلام
كان الحسين عليه السلام يرمي إلى الوصول إلى الكوفة وقيادة أنصاره فيها والقيام ضد الأمويين. وكان ابن زياد (والي الكوفة) يعلم أن الحسين إذا وطأت قدمه الكوفة فسوف يفلت زمام الأمور من يده وهذا ما جعله يحرص على عدم وصول الأمام إليها؛ فسير ابتداءً جيشاً عداده ألف رجل بقيادة الحر ببن يزيد للوقوف بوجه الحسين. وبعد مداولات ظل جيش الحر يساير قافلة الإمام حتّى وصلا إلى أرض نينوى. ثم وصل رسول من الكوفة ومعه كتاب من لبن زياد يقول فيه:
"أما بعد فجعجع بالحسين . . ." . أي أن لا يكون لديه طريق للعودة ولا للتقدم، وأن تلجئه إلى أرض وعرة وتضيّق عليه وقد أمرت هذا الرسول أن يبقى معك ليوافيني بكيفية تنفيذك لهذا الأمر.
بعد وصول هذا الكتاب أرغم الإمام على النزول في ذلك الموضع يوم الخميس الثاني من محرّم من الكوفة عام 61هـ ، وفي اليوم التالي وصل عمر بن سعد على رأس أربعة آلاف فارس من الكوفة(للكامل لابن الأثير 555:2) ، وبعد هذا الحصار أغلقوا جميع الطرق لمنع التحاق الناس بمعسكر الحسين.
أما الذين انضموا إلى معسكر الإمام من أهل الكوفة فقد ساروا إليه تحت جنح الظلام أو سلكوا إليه سبلاً غير معروفة.
تعليق