قد درجت المنتديات المذهبية (السنية والشيعية) على أن تتبني في مواقعها ومنتدياتها ،ركناً خاصاً لحوار المخالفين أو مساجلاتهم، وهي إذ تفعل ذلك قد تعي أو لا تعي بأنها قد سلمت ضمناً بعشر نقاط كاملة:
الأولى: بأنه ثمة طرف أو أطراف،يخالفونك الرأي.
الثانية:بأن لهذا الطرف الحق، في الحوار والمساجلة.عما يره حقاً وصواباً وعدلاً،بغض النظر عن كونه كذلك بالفعل أم لا؟
الثالثة:بأننا مستعدون لأن نفسح له المجال،للتعبير عن رؤاه الخاصة،وتجييش كافة ما يستطيعه من أدلة وبراهين وبينات لأجل نصرة ما يؤمن به. بغض النظر عن رأينا الخاص في صحتها أو فسادها.
الرابعة: بأنه لا يشكل-عندنا- على شروط النقاش ،أن يخطى محاورنا في طريقة عرضه لموضوعه،أو في توظيف الأدلة،أو البراهين ،أو في توجيهها بشكل ما.. مادام لم يتجاوز في خطابه أو في طريقة عرضه لموضوعه،حدود الأدب و اللياقة المعتادة في مثل هذا المقام.
الخامسة:بأننا تسلم بحق الطرف المحاور في تحديد موقفه من الحجج والبينات التي نطرحها عليه،باعتباره طرفاً في هذا الحوار،لا مجرد تابع أو تلميذ.
السادسة: إننا لا تتوقع منه-عادة- أن ينصفنا بالطريقة التي نحب، أو أن ينساق وراء توقعاتنا الخاصة لنتائج الحوار أو اتجاهاته المرسومة..بحكم ضرورات الاختلاف،ناهيك عن ما تفرضه طبيعة التموضعات القائمة، من أمور معقدة ومتشابكة، تصب-حتماً- في ذات الاتجاه.
السابعة: إننا لا نتوقع منه-عادة- أن يوافقنا أو يسايرنا في رؤانا وتصوراتنا أو حتى في عواطفك حيال أنفسنا،أو حيال بعض الرموز أو الأفكار والوقائع..
الثامنة: إننا لا نشترط-في هذا الحوار- حصانة أي فكرة أو رؤية أو رمز، بغض النظر عن طبيعة هذه الفكرة أو الرؤية أو الرمز، أو ثقلها العاطفي أو المنهجي.
التاسعة: إننا لسنا معنيين-في هذا المقام- بطبيعة النوايا والمشاعر المضمرة،أو الأجندة الخاصة،التي تحرك المحاورين-في الطرف المقابل- أو بعضهم..ما داموا قد التزموا بشروط الحوار العامة المعلنة،وشكلياته المفترضة.
العاشرة:إننا نسلم بعد إمكانية التطابق في طريقة فهم الحجج،أو التماثل في طرق العرض،أو التشابه في ترتيب الأولويات،أو التزامن في اقتناص مكامن القوة أو الدلالة في البراهين والبينات..الخ،وهذا يفرض علينا استيعاب التعدد في أساليب العرض،وطرائق قراءة الأدلة،أو الاختلاف في سلم الأولويات...الخ
وهذا كله،مع ما يتسم به من تسامح وانفتاح،فإنه لا يعني-بأي حال- السماح للمتحاورين بالتعامل مع هذا الفضاء الحواري،كميدان مفتوح لممارسة شتى صنوف العبث،والفجاجة أو الإسفاف.. أو التعدي على المقامات المرموقة-عند أصحابها- من الناحية الأدبية،أو المعنوية، إلا بقدر ما تقتضيه طبيعة الحوار والبحث والعرض العلمي.
وقبل ذلك فنحن نعلم جميعاً:
بأننا نتاج هذا الإرث الصراعي المقيت،وأبناء شرعيين-بحق- لهذه الثقافة التاريخية البائسة، التي تعودت على التعاطي مع قضايا الخلاف الفكري أو المذهبي،وكأنها قضية صراع كياني بكل المقاييس.. لا قضية اختيار شخصي وحسب.
وبالتالي فإنه من المتوقع أن تكون معظم النقاشات أو الحوارات بين المختلفين،غير مبرئة من هذه لوثة العدوانية البدائية، التي تؤسسها وترعاها مثل هذا النوع من الثقافات المتخلفة..في ثقافتنا العربية الإسلامية،الممتدة عبر التاريخ ..والتي ما زالت تمارس سطوتها على وعينا بكامل الفاعلية والاقتدار.
وبعد...، علينا أن نتذكر-على الأقل- الحقيقة البدهية التالية:
إن تمتعنا بحق إبداء وجهة نظرنا الخاصة حول موضوع ما حسب مبلغنا من العلم، لا يعني-قط- بأننا قد أصبحنا مراجعاً معتبرة تمثل مذاهبها،أو شيوخاً منتدبين للدفاع عن اختيارات هذا المذهب أو ذاك...إنما نحن مجرد هواة أو طلبة علم أو قل طلاب حقيقة على أقصى تقدير.
وبالتالي فلست أرى من داع،لشعور أحدنا بالخجل أو الانحصار أو الغضب، في حال قصوره عن مساماة ما كان يريده من إظهار حجة مذهبه وإبانتها.
كما لا دعي-أبداً- لكل ما نشهده من ردود فعل تتسم بالحدة والعنف بين المتحاورين في كثير من الأحيان،ما دمنا قد عرفنا بأن تلبسنا بمثل هذا القصور أو العجز أو الجهل أو العي عن إظهار الحجة، لا يعني قصور أو عجز المذهب الذي ننتمي إليه بالضرورة.
لأنه من شأن مثل هذا (الربط الخاطئ)،أن يضعنا على حافة التورط في سلسلة متوالية من ردود الفعل السلبية الشائنة،التي لا تنسجم ولا تتناسب مع الحرص والدماثة والجدية والنزاهة المفترضة في طالب العلم،عوضاً عن طالب الحقيقة.
الأولى: بأنه ثمة طرف أو أطراف،يخالفونك الرأي.
الثانية:بأن لهذا الطرف الحق، في الحوار والمساجلة.عما يره حقاً وصواباً وعدلاً،بغض النظر عن كونه كذلك بالفعل أم لا؟
الثالثة:بأننا مستعدون لأن نفسح له المجال،للتعبير عن رؤاه الخاصة،وتجييش كافة ما يستطيعه من أدلة وبراهين وبينات لأجل نصرة ما يؤمن به. بغض النظر عن رأينا الخاص في صحتها أو فسادها.
الرابعة: بأنه لا يشكل-عندنا- على شروط النقاش ،أن يخطى محاورنا في طريقة عرضه لموضوعه،أو في توظيف الأدلة،أو البراهين ،أو في توجيهها بشكل ما.. مادام لم يتجاوز في خطابه أو في طريقة عرضه لموضوعه،حدود الأدب و اللياقة المعتادة في مثل هذا المقام.
الخامسة:بأننا تسلم بحق الطرف المحاور في تحديد موقفه من الحجج والبينات التي نطرحها عليه،باعتباره طرفاً في هذا الحوار،لا مجرد تابع أو تلميذ.
السادسة: إننا لا تتوقع منه-عادة- أن ينصفنا بالطريقة التي نحب، أو أن ينساق وراء توقعاتنا الخاصة لنتائج الحوار أو اتجاهاته المرسومة..بحكم ضرورات الاختلاف،ناهيك عن ما تفرضه طبيعة التموضعات القائمة، من أمور معقدة ومتشابكة، تصب-حتماً- في ذات الاتجاه.
السابعة: إننا لا نتوقع منه-عادة- أن يوافقنا أو يسايرنا في رؤانا وتصوراتنا أو حتى في عواطفك حيال أنفسنا،أو حيال بعض الرموز أو الأفكار والوقائع..
الثامنة: إننا لا نشترط-في هذا الحوار- حصانة أي فكرة أو رؤية أو رمز، بغض النظر عن طبيعة هذه الفكرة أو الرؤية أو الرمز، أو ثقلها العاطفي أو المنهجي.
التاسعة: إننا لسنا معنيين-في هذا المقام- بطبيعة النوايا والمشاعر المضمرة،أو الأجندة الخاصة،التي تحرك المحاورين-في الطرف المقابل- أو بعضهم..ما داموا قد التزموا بشروط الحوار العامة المعلنة،وشكلياته المفترضة.
العاشرة:إننا نسلم بعد إمكانية التطابق في طريقة فهم الحجج،أو التماثل في طرق العرض،أو التشابه في ترتيب الأولويات،أو التزامن في اقتناص مكامن القوة أو الدلالة في البراهين والبينات..الخ،وهذا يفرض علينا استيعاب التعدد في أساليب العرض،وطرائق قراءة الأدلة،أو الاختلاف في سلم الأولويات...الخ
وهذا كله،مع ما يتسم به من تسامح وانفتاح،فإنه لا يعني-بأي حال- السماح للمتحاورين بالتعامل مع هذا الفضاء الحواري،كميدان مفتوح لممارسة شتى صنوف العبث،والفجاجة أو الإسفاف.. أو التعدي على المقامات المرموقة-عند أصحابها- من الناحية الأدبية،أو المعنوية، إلا بقدر ما تقتضيه طبيعة الحوار والبحث والعرض العلمي.
وقبل ذلك فنحن نعلم جميعاً:
بأننا نتاج هذا الإرث الصراعي المقيت،وأبناء شرعيين-بحق- لهذه الثقافة التاريخية البائسة، التي تعودت على التعاطي مع قضايا الخلاف الفكري أو المذهبي،وكأنها قضية صراع كياني بكل المقاييس.. لا قضية اختيار شخصي وحسب.
وبالتالي فإنه من المتوقع أن تكون معظم النقاشات أو الحوارات بين المختلفين،غير مبرئة من هذه لوثة العدوانية البدائية، التي تؤسسها وترعاها مثل هذا النوع من الثقافات المتخلفة..في ثقافتنا العربية الإسلامية،الممتدة عبر التاريخ ..والتي ما زالت تمارس سطوتها على وعينا بكامل الفاعلية والاقتدار.
وبعد...، علينا أن نتذكر-على الأقل- الحقيقة البدهية التالية:
إن تمتعنا بحق إبداء وجهة نظرنا الخاصة حول موضوع ما حسب مبلغنا من العلم، لا يعني-قط- بأننا قد أصبحنا مراجعاً معتبرة تمثل مذاهبها،أو شيوخاً منتدبين للدفاع عن اختيارات هذا المذهب أو ذاك...إنما نحن مجرد هواة أو طلبة علم أو قل طلاب حقيقة على أقصى تقدير.
وبالتالي فلست أرى من داع،لشعور أحدنا بالخجل أو الانحصار أو الغضب، في حال قصوره عن مساماة ما كان يريده من إظهار حجة مذهبه وإبانتها.
كما لا دعي-أبداً- لكل ما نشهده من ردود فعل تتسم بالحدة والعنف بين المتحاورين في كثير من الأحيان،ما دمنا قد عرفنا بأن تلبسنا بمثل هذا القصور أو العجز أو الجهل أو العي عن إظهار الحجة، لا يعني قصور أو عجز المذهب الذي ننتمي إليه بالضرورة.
لأنه من شأن مثل هذا (الربط الخاطئ)،أن يضعنا على حافة التورط في سلسلة متوالية من ردود الفعل السلبية الشائنة،التي لا تنسجم ولا تتناسب مع الحرص والدماثة والجدية والنزاهة المفترضة في طالب العلم،عوضاً عن طالب الحقيقة.