





العقيلة أنموذج المرأة الرسالية:

فهذه الحوراء عليها السلام، التي خرجت من بين النورين الفاطمي والعلوي لتكرس دور المرأة في المجتمع، فأعطت لنسائنا رسالة في الحجاب حتى ان جار البيت العلوي لم يسمع لها صوتاً، ولم ير لها شخصاً، وأعطت درساً في حسن التبعل وفي الأمومة ومثالاً للأخت الفاضلة، فضلاً عن دورها في تثبيت دعائم الإسلام، فما كان من زينب عليها السلام، إلا أنها تصدت لهذه المهمة الكبيرة بدافع الإيمان ونصرة الدين والمذهب، فالإمام الحسين عليه السلام كان يمثل لها إماماً مفترض الطاعة، وإن نصرته هي نصرة للحق ولله، ولولا تلك الواقعة التي انتهت باراقة دماء الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه ووجود الإمام زين العابدين عليه السلام، ودور العقيلة في إيضاح اهداف رسالة واقعة الطف لما كان للدين من اسم في وقتنا الحالي.
فكانت واقعة كربلاء والإعلام الزينبي ممهداً لدور الأئمة الذين جاءوا فيما بعد.
مصاعب الرساليين
من ابرز الضغوط التي تواجه الرسالة والرسالي هو خط الطاغوت وخط الدعايات المضادة وتشويه الحقائق وخط المجتمع الراكد، وهذا ما واجهه الإمام الحسين عليه السلام والذي امتد الى ما بعد المعركة واستشهاده.
1

2 - المجتمع الراكد.. كلما كان المجتمع أكثر ركوداً، كلما كان أكثر حاجة الى من يحركه، ولأنه راكد فهو يشبه الصخرة الصماء التي تتكسر عليها الأمواج في البداية ومع تكرار الامواج تتحطم الصخرة. وهكذا يتحرك المجتمع الراكد مع استمرار امواج الثورة، وهذا ما لمسناه عند ثورة الإمام الحسين عليه السلام فلم يرجع المجتمع بعد مقتله الى رشده لولا إكمال المسيرة الثورية من خلال الإمام السجاد وعمته العقيلة زينب عليهما السلام بتلك الخطب اللاهبة والعصماء التي قلبتهم رأساً على عقب فمهدت كل تلكم الثورات التي شهدتها البلاد الاسلامية في تلك الفترة، فبدأت الثورات من الأنفس ثم خرجت الى الميدان انتقاماً من الطغاة والظالمين، فكانت البداية بثورة التوابين وبعدها ثورة المختار، وغيرها من الثورات فكانت الصرخة الزينبية نداء لتعبئة الجماهير.
3

هنا جاء دور العقيلة زينب عليها السلام في تصحيح المفاهيم عن طريق الثورة الإعلامية التي أعلنتها والتي قادت الى كشف زيف يزيد والحق الذي كان مع الحسين واصحابه.

هنالك صفات حسينية تحلّت بها العقيلة زينب الكبرى عليها السلام للإبقاء على جذوة النهضة الحسينية متّقدة على مر الاجيال:
أولاً: الإرادة

وقد عكست السيدة العقيلة سلام الله عليها في دورها الإعلامي هذه الحقيقة في العقيدة الراسخة والإيمان المتكامل حينما قالت: (اللهم تقبّل منّا هذا القربان)، وحينما سألها ابن زياد: (كيف رأيتِ صنع الله بأخيك؟) قالت: (ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء رجال كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم). أي إننا جئنا هنا ونعرف ماذا نصنع وما سيحل بنا، أردناها وسعينا اليها بكل ارتياح مع توقع جميع هذه النتائج ونحن نطلب من الله القبول. واذا تطلبت المعركة مزيداً من هذه الضحايا فنحن مستعدون أن نقدم، فأي مشهد أنبل من هذا؟
ثانياً: اظهار العز والكرامة



هذه الصفة يجب ان ترافق الانسان الرسالي على طول الخط، وهو ما شهدناه في واقعة الطف، حيث أظهر الامام الحسين عليه السلام المعركة بمظهر العز والكرامة، وجسدها بقوله: (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد) وقال: (هيهات منا الذلة) فصرخات الحسين عليه السلام انعكست في الحال في شخصية اخته العقيلة زينب عليها السلام.
ثالثاً: كشف الحقائق

من هنا فقد سطّرت عقيلة بني هاشم أروع ملامح الإيمان والبطولة والإباء في مواقف رسمت على صفحات الحضارة الانسانية لوحة زاهية الألوان، وأضحت الملامح لكل انسان يريد بيقين أن يختار طريقه في الحياة.






