إن الدعوة إلى الحوار بين المذاهب ، التي يجهد في سبيلها بعض الطيبين من الطائفتين ، على مشروعيتها ، ومعقوليتها الظاهرة ، فإنها تعاني من تورط حاد ، في ثلاثة أخطاء ثقيلة ، ومؤسفة ، وهي :
1- التعالي على التاريخ ، وعدم مراعاة أوزان الأشياء .
2- الجهل ، أو عدم احترام الخيار العقائدي .
3- التغاضي ، أو الجهل بحجم الخلاف ، وطبيعته .
ونحن هنا ، لسنا بصدد الكلام حول إشكالات الحوار المألوفة جداً ، ولا بصدد الكلام عن شروطه ، وآدابه ، التي درج على ترديدها ، كلا الفريقين المتخاصمين ، وهي معروفة ، ولكننا بصدد الدعوة إلى تأسيس حالة من (الفهم ) المتبادل بين المذاهب المختلفة.
حالة يقصد منها أن يعرف كل مذهب من المذاهب ، المذاهب الأخرى النظيرة له .
أي أن يفهم أصحابها ، مذاهب مخالفيهم، حسب رؤاهم ، وتصوراتهم الخاصة بمذهبهم على حقيقتها ، دون زيادة ، أو نقص ، أو تحريف .
وهذه الخطوة ، سوف لن تتم بمجرد قراءة تراث هذه المذاهب المخالفة ، وتتبع مقالاتها على تعددها ، وتباينها ، وتناقضها ، إنما تتم عن طريق انخراط مرجعيات كل مذهب على حدة ، في تدشين صياغات واضحة ومحددة لمذهبه ، وذلك بترسيم ثوابته التصورية ، والعقائدية ، وما يؤسسه من رؤىً ، و قناعات ، بطريقة تؤهل مؤيدي هذا المذهب ، وأتباعه ، لتحمل كافة المسؤوليات الدينية ، والأدبية ، والأخلاقية ، التي توجبها هذه الرؤى ، و القناعات ، دون تهرب أو مؤاربة.
و هذه هي الخطوة الأولى التي لامناص منها ، إن كان في عزمنا ، ونيتنا الوصول إلى نهاية ممكنة لهذا العشق المجنون لتدمير الذات .
بيد أن ذلك غير كاف ، إنما لابد من أن يعقب هذه الخطوة الأولية ، خطوات أخرى ،التي سأذكرها هنا إشارة ، – والترتيب هنا مقصود- وهو على الشكل التالي :
1- الإفهام ، والتفهم .
2- الكف عن الظلم والعدوان
3- العذر والاستيعاب .
4- تذويب الخلافات الاعتباطية ، وتحديد المشتركات والجوامع .
5- ثم الحوار ( في الخلاف الجوهري ، والحقيقي ، والضروري كذلك ) .
وعطفاً على هذا الاهتمام ، أقول : إن المراد هو أن يتجه كل مذهب على حدة ، إلى ترسيم تصوراته ، ورؤاه الممثلة له فعلياً .
والتي يمكن اعتبارها ، بمثابة ( المدونة الرسمية ) للمذهب ،أو أنها بمنزلة الدين أو الشرعة الملزمة ، لجميع أتباع الطائفة أو سوادهم الأعظم ..
لأن كل مذهب من المذاهب – كما نعرف - ، قد مر منذ تأسيسه ، بمراحل متعددة ،وكثيرة ، في طريقه نحو التشكل والتبلور النهائي عبر التاريخ .حيث اتخذت هذه المراحل ، أشكلاً مختلفة ، ومتباينة ، من الرؤى والتصورات ، عبر كل منعطف من منعطفات الاجتهاد ، والتطوير المتوالي . فكان التعديل ، والشطب ، والتصحيح ، وفق سلسلة من المراجعات . .التي تطيح – في الأغلب- ببعض هذه الرؤى ، والتصورات ، أو تضيف إليها أخرى، أو أن تقوم بإكمال بعضها ، أو تفصله ، أو تبينه ، أو تحدده ، أو أن تخرجه في حلة جديدة ...الخ
ومجانبة هذه الخطوة ، أو عدم التعامل معها بشكل جدي ، قد أنتج حالات من انعدام الصدقية ، وضياع الثقة بين المتحاورين ، وتراكم مظاهر سوء الفهم ، وتفاقم الإحساس بالظلم والغبن وعدم الإنصاف ، مما ساهم في طفوح حالات من التلغيز والتشوش، والصمم المتبادل أثناء الحوار، بين أتباع المذهب ، ومخالفيهم .
وأبسط ما يمكن رؤيته بجلاء ، كأثر لغياب هذه الخطوة أمور ثلاثة هي :
1- الإقدام على تصيد الشوارد ، من الأقوال البائدة المنقرضة ، أو الشاذة ، عند المذهب المخالف ، ثم السعي لإلصاقها بتوا بث هذا المذهب المخالف .
2- وفي المقابل ، يتم إنكار وجود هذه الأقوال أو المقالات البائدة التي تم هجرها ، وتجاوزها ، بفعل الزمن ، أو تطور المراجعات ، أو الانخراط في سلوك المناكفة ، أو إيجاد المخارج التأويلية لهذه الأقوال ، من باب التعصب للمواقف ، أو الانحياز العاطفي للشخوص ، أو الرموز .
3- تصيد المقالات المتناقضة ، أو المرتبكة ، أو الصياغات القابلة للتأويل السلبي ، أو القراءة المتعسفة ...الخ، في تبادل محموم للأدوار – دواليك- بين المتخاصمين ، على هيئة فعل ورد فعل ، أو على هيئة توظيف ، وتوظيف مضاد ، وهكذا إلى يوم الحشر.
إذن فنحن بحاجة ، إلى تدشين لحظة ( الإفهام ، والتفهم ) ، كبديل عن هذا الحل الزائف ، الذي نطلق عليه بفخامة زائفة
الحوار بين المذاهب ) .
وفي النهاية أختم كلامي بالقول :إن من يُخْسِر الميزان ،لا يستحق أن يكون شاهداً أبداً .
.
1- التعالي على التاريخ ، وعدم مراعاة أوزان الأشياء .
2- الجهل ، أو عدم احترام الخيار العقائدي .
3- التغاضي ، أو الجهل بحجم الخلاف ، وطبيعته .
ونحن هنا ، لسنا بصدد الكلام حول إشكالات الحوار المألوفة جداً ، ولا بصدد الكلام عن شروطه ، وآدابه ، التي درج على ترديدها ، كلا الفريقين المتخاصمين ، وهي معروفة ، ولكننا بصدد الدعوة إلى تأسيس حالة من (الفهم ) المتبادل بين المذاهب المختلفة.
حالة يقصد منها أن يعرف كل مذهب من المذاهب ، المذاهب الأخرى النظيرة له .
أي أن يفهم أصحابها ، مذاهب مخالفيهم، حسب رؤاهم ، وتصوراتهم الخاصة بمذهبهم على حقيقتها ، دون زيادة ، أو نقص ، أو تحريف .
وهذه الخطوة ، سوف لن تتم بمجرد قراءة تراث هذه المذاهب المخالفة ، وتتبع مقالاتها على تعددها ، وتباينها ، وتناقضها ، إنما تتم عن طريق انخراط مرجعيات كل مذهب على حدة ، في تدشين صياغات واضحة ومحددة لمذهبه ، وذلك بترسيم ثوابته التصورية ، والعقائدية ، وما يؤسسه من رؤىً ، و قناعات ، بطريقة تؤهل مؤيدي هذا المذهب ، وأتباعه ، لتحمل كافة المسؤوليات الدينية ، والأدبية ، والأخلاقية ، التي توجبها هذه الرؤى ، و القناعات ، دون تهرب أو مؤاربة.
و هذه هي الخطوة الأولى التي لامناص منها ، إن كان في عزمنا ، ونيتنا الوصول إلى نهاية ممكنة لهذا العشق المجنون لتدمير الذات .
بيد أن ذلك غير كاف ، إنما لابد من أن يعقب هذه الخطوة الأولية ، خطوات أخرى ،التي سأذكرها هنا إشارة ، – والترتيب هنا مقصود- وهو على الشكل التالي :
1- الإفهام ، والتفهم .
2- الكف عن الظلم والعدوان
3- العذر والاستيعاب .
4- تذويب الخلافات الاعتباطية ، وتحديد المشتركات والجوامع .
5- ثم الحوار ( في الخلاف الجوهري ، والحقيقي ، والضروري كذلك ) .
وعطفاً على هذا الاهتمام ، أقول : إن المراد هو أن يتجه كل مذهب على حدة ، إلى ترسيم تصوراته ، ورؤاه الممثلة له فعلياً .
والتي يمكن اعتبارها ، بمثابة ( المدونة الرسمية ) للمذهب ،أو أنها بمنزلة الدين أو الشرعة الملزمة ، لجميع أتباع الطائفة أو سوادهم الأعظم ..
لأن كل مذهب من المذاهب – كما نعرف - ، قد مر منذ تأسيسه ، بمراحل متعددة ،وكثيرة ، في طريقه نحو التشكل والتبلور النهائي عبر التاريخ .حيث اتخذت هذه المراحل ، أشكلاً مختلفة ، ومتباينة ، من الرؤى والتصورات ، عبر كل منعطف من منعطفات الاجتهاد ، والتطوير المتوالي . فكان التعديل ، والشطب ، والتصحيح ، وفق سلسلة من المراجعات . .التي تطيح – في الأغلب- ببعض هذه الرؤى ، والتصورات ، أو تضيف إليها أخرى، أو أن تقوم بإكمال بعضها ، أو تفصله ، أو تبينه ، أو تحدده ، أو أن تخرجه في حلة جديدة ...الخ
ومجانبة هذه الخطوة ، أو عدم التعامل معها بشكل جدي ، قد أنتج حالات من انعدام الصدقية ، وضياع الثقة بين المتحاورين ، وتراكم مظاهر سوء الفهم ، وتفاقم الإحساس بالظلم والغبن وعدم الإنصاف ، مما ساهم في طفوح حالات من التلغيز والتشوش، والصمم المتبادل أثناء الحوار، بين أتباع المذهب ، ومخالفيهم .
وأبسط ما يمكن رؤيته بجلاء ، كأثر لغياب هذه الخطوة أمور ثلاثة هي :
1- الإقدام على تصيد الشوارد ، من الأقوال البائدة المنقرضة ، أو الشاذة ، عند المذهب المخالف ، ثم السعي لإلصاقها بتوا بث هذا المذهب المخالف .
2- وفي المقابل ، يتم إنكار وجود هذه الأقوال أو المقالات البائدة التي تم هجرها ، وتجاوزها ، بفعل الزمن ، أو تطور المراجعات ، أو الانخراط في سلوك المناكفة ، أو إيجاد المخارج التأويلية لهذه الأقوال ، من باب التعصب للمواقف ، أو الانحياز العاطفي للشخوص ، أو الرموز .
3- تصيد المقالات المتناقضة ، أو المرتبكة ، أو الصياغات القابلة للتأويل السلبي ، أو القراءة المتعسفة ...الخ، في تبادل محموم للأدوار – دواليك- بين المتخاصمين ، على هيئة فعل ورد فعل ، أو على هيئة توظيف ، وتوظيف مضاد ، وهكذا إلى يوم الحشر.
إذن فنحن بحاجة ، إلى تدشين لحظة ( الإفهام ، والتفهم ) ، كبديل عن هذا الحل الزائف ، الذي نطلق عليه بفخامة زائفة

وفي النهاية أختم كلامي بالقول :إن من يُخْسِر الميزان ،لا يستحق أن يكون شاهداً أبداً .
.
تعليق