إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

لا تلومونا.... فلقد أبكى حتى محجر الحجر.

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا تلومونا.... فلقد أبكى حتى محجر الحجر.

    تحتفل الشيعة أعزهم الله تعالى بنصره، بذكرى الإمام الحسين عليه السلام، في العشر الأول من المحرم من كل سنة، وفي كل يوم من أيام السنة، بل بذكرى النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام، وكل ما يتعلق بهم من مواليد ووفيات وأعياد وإنتصارات، وتبذل في ذلك الأموال الطائلة، بنفوس سخية وقلوب مؤمنة خاشعة، ملؤها الإيمان. وما قيمة الأموال عند المؤمن الموالي في سبيل سيد الإباء والعظمة سيد الشهداء سلام الله تعال عليه وتبذل الأرواح إن لزم ذلك .

    لأن الإمام الحسين عليه السلام بذل كل شيء في سبيل الله واحقاق الحق. قتل الطغاة الحاقدين المستبدين بالكلمة والسيف، ولم يجبن، ولم يهادن، وهو القائل " ألا ترون إلى الحق، لا يُعمَل به، والباطل لا يَتَنَاهى عنه" .

    ليس يوم عاشوراء عاطفة مذهبية شيعية نحو الرسول صلى الله عليه وآله، وأهل بيته عيهم السلام، أولدها الضغط على الشيعة من الأمويين والعباسيين وغيرهما، كما يزعمه الزاعمون. ولكنه تكريم للبطولة والتضحية والفداء في سبيل الله والمبدأ، وإحياء للجهاد المقدس، وإيمان بسلطان العدالة والحرية، وإعتزاز بالإباء والكرامة.

    ولم يكن هذا اليوم الخالد، يوم عاشوراء للشيعة ولا للسنة، وإنما هو لكل المضطهدين والمستضعفين والمحرومين من بني البشر، لأنه حق وصراحة، عطاء وبذل، فضيلة يريدون قتلها، عزة يرومون سحقها، قيم ومبادئ وأخلاق يقصدون إبادتها، وليس لهذه الفضائل مذهب خاص ولا دين خاص، ولا إتجاه خاص ولا وطن خاص ولا لغة خاصة. هذا هو يوم عاشوراء في مضمونه وحقيقته ومغزاه .

    إن الحسين عليه السلام هو صاحب الحق، رضي الحاقدون أم رفضوا. وهو صاحب الإمامة، التي هي المنصب الإلهي الذي يعينه الله تعالى، ولا يمكنه أن يهادن القوم، لأنهم شقوا ببغيهم طريق الضلال.

    إن هذه الذكرى وإقامتها لا للبكاء والدموع واللطم وحدها، وإن كانت عبادة من أعظم العبادات على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فهي أيضاً لأخذ الدروس، التي تجعله في مصاف القادة المدافعين عن الحق مع الذين ارادهم الحسين عليه السلام أن يكونوا معه في القول والفعل والعمل مع الرسالة، مع الإسلام الصحيح الذي لا يهادن الباطل، ولا يحارب إلا الضلال وأهله المنحرفين.

    إن الشيعة- بل كل منصف- ترى أن لولا نهضة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، لما بقي للإسلام شيء يذكر، وكل المسلمين- من غير الشيعة- المنصفين المستوعبين للتاريخ الصحيح، والمطلعين على أهداف النهضة الحسينية وجرائم الطغمة الحاكمة من الأمويين يرون ذلك.

    إنّنا نعتقد أنّ مسألة إقامة العزاء على شهداء الإسلام، وخاصّة شهداء كربلاء، هي من باب إحياء الذكرى وتخليد التضحيات التي قدّموها في سبيل بقاء الإسلام؛ ولهذا فإنّنا نقيم هذه المراسم في مقاطع مختلفة من أيام السنة، ولا سيما في أيام عاشوراء (العشرة الأولى من محرم( التي تصادف فيها شهادة الحسين بن علي (عليهما السلام( سيّد شباب أهل الجنة [ نقل حديث: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة((، صحيح الترمذي عن أبي سعيد الخدري وحذيفة 2: 306 و 307، وصحيح ابن ماجة في باب فضائل أصحاب رسول الله؛ ومستدرك الصحيحين وحلية الأولياء وتاريخ بغداد واصابة ابن حجر وكنز العمال وذخائر العقبى والكثير من المصادر الأخرى]، وابن فاطمة الزهراء (عليها السلام( ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم(؛ فنقوم بدراسة تحليلية لتاريخ حياة هؤلاء الشهداء وبطولاتهم وصولاتهم، ونتحدث عن أهدافهم. ونحيّي أرواحهم الطاهرة.

    إنّنا نعتقد أن بني أميّة غيروا الكثير من سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم( وشمّروا عن ساعد الجدّ للقضاء على القيم الإسلامية.

    فلقد ثار الحسين بن علي (عليه السلام( سنة 61هـ ضد يزيد الفاسق الغريب عن الإسلام الذي تربع - ويا للأسف - على مقعد الخلافة الإسلامية؛ ورغم أن الإمام استشهد مع أصحابه جميعاً على أرض كربلاء، وأُسر أهل بيته، إلاّ أن دمه الزكيّ بثّ روحاً جديدة في المسلمين آنذاك، وحرك فيهم روح النهضة بحيث توالت الانتفاضات ضدّ بني أمية ووجّهت ضربات حاسمة لأركان الظلم والجور والاستبداد، حتى أُطيح بهم وطوى الدهر صفحتهم السوداء،؛ والجدير ذكره أن جميع الثورات التي حدثت بعد واقعة عاشوراء ضدّ بني أميّة كانت ترفع بعض هذه الشعارات حتى في العصر العباسي المستبد. [استعان أبو مسلم الخراساني الذي اجتثّ جذور السلطة الأموية بشعار ((الرضا لآل محمد(( لخطب ودّ المسلمين (الكامل لابن الأثير 5: 372(. كما رفعت ثورة التوّابين شعار ((يا لثارت الحسين(( (الكامل لابن الأثير 4: 175(، وهو شعار رفعه المختار بن أبي عبيد الثقفي أيضاً (الكامل 4: 288(.

    ومن المعلوم أن الحسين بن علي صاحب فخّ، هو من جملة من ثاروا ضدّ بني العبّاس، وقد اختزل هدفه بجملة واحدة هي: (( وأدعوكم إلى الرضا من آل محمد(( (مقاتل الطالبين: 299؛ تاريخ الطبري 8: 194(].

    وأصبحت نهضة الإمام الحسين (عليه السلام( الدامية اليوم رمزاً عند الشيعة لمقاومة أي نوع من أنواع الاستبداد والظلم والجور، وباتت شعارات ((هيهات منا الذلّة(( و ((أن الحياة عقيدة وجهاد(( وغيرهما مما هو مُستلّ من تاريخ كربلاء الدامي تعيننا على مواجهة السلطات الظالمة، والوقوف أمامها، للخلاص من الظالمين إقتداء بسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام( وصحبه.

    وبخلاصة نقول: إن تخليد ذكرى شهداء الإسلام، ولا سيّما شهداء كربلاء يجدّد ويحيي فينا روح الحماسة والإيثار والشهادة والتضحية في سبيل العقيدة والإيمان، ويعطينا دروساً مهمّة في الشموخ والعزّ وعدم الخضوع للظلم، مما يبيّن فلسفة إحياء هذه الذكرى وتجديد مراسم العزاء كلّ عام.

    وربّما لا يعلم الكثير عمّا يجري في هذه المراسم، ويتصور أنها تتعلق بحدث تاريخي قد علاه غبار النسيان منذ مدّة طويلة، إلاّ أنّنا نعي جيداً ما تركته وما تتركه هذه الشاعر من تأثير في تاريخنا الماضي والحاضر والمستقبل.

    ولا يخفى على أحد شعائرنا التي أقامها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم( والمسلمون في صدر الإسلام على حمزة سيد الشهداء بعد غزوة أُحُد، حيث ذكرتها جميع التواريخ المشهورة، وخلاصة الرواية أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم( كان يمر قرب أحد بيوت الأنصار فسمع أصوات البكاء والنحيب، فاغرورقت عيناه بالدموع وقال: ولكن حمزة لا بواكي له، فسمع سعد بن معاذ ذلك وأسرع إلى بني عبد الأشهل وأمر نساءهم بالتوجه إلى بيت حمزة عمّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم( وإقامة العزاء له. [ الكامل لابن الأثير 2: 163؛ سيرة ابن هشام 3: 104].

    وبطبيعة الحال فإنّ إقامة العزاء لا تختص بحمزة (رضي الله عنه( فقط، وإنّما يجب أن تقام هذه المراسم لجميع الشهداء، لحفظ ما حقّقوه للأجيال اللاحقة، وبثّ دماء جديدة في عروق الأمّة، وفي محرم الحرام حيث تجتاح العالم الإسلامي موجة من الغليان، ويتشح بالسواد شيباً وشباناً رجالاً ونساءً، للمشاركة في عزاء الإمام الحسين (عليه السلام( وشهداء كربلاء؛ ويحصل تحوّل عميق في أرواح وأفكار الجميع بحيث لو طلب منهم التوجه لمحاربة أعداء الإسلام، لما توانوا لحظة واحدة ولحملوا السلاح واتجهوا إلى ميادين الجهاد للتضحية بأغلى ما يملكون، وكأنّ دماء الشهادة تجري في عروقهم، وكأنّهم يرون الإمام الحسين وصحبه يجندلون في ميادين التضحية من أجل الإسلام وفي سبيل الله.

    أما الأشعار الحماسية التي تتلى في هذه المراسم العظيمة، فهي مليئة بالمعاني الحيّة التي تدعوا إلى مقارعة الاستعمار والاستكبار وعدم الاستسلام للظلم وترجيح الموت بعزّ على الحياة بذلّ.

    إنّنا نعتقد أن هذه الشعائر تُعتبر كنزاً عظيماً يجب أن يُحفظ ليُستثمر في إحياء الإسلام والإيمان والتقوى .

    فذكرى كربلاء، تلك البقعة الشريفة التي أريقت على أرضها دماءٌ زكيةٌ، وتقطعت على تربتها أجسادٌ طاهرة علوية، لا لشيء يريدونه لأنفسهم، ولا لمنصب أو زعامة أو خلافة. بل أرادوا الحق والعدل والحرية. أرادوا أن لا يستعبد إنسان، ويُظلم مخلوق، أرادوا طاعة الله ومحو الباطل، وإقصاء الظالمين المستبدين المفسدين عن مراكزهم، مهما كلف الأمر حتى لو أبيدوا وقتلوا، وهو القائل على ما روي عنه عليه السلام " والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد ".

    والذين يلوموننا بإقامة الذكرى في عاشوراء من كل عام، والذين يعتبرونها بدعة محرمة، ما هو إلا لجهلم أو لتعصبهم أو لبغضهم لهذه الأمة المرحومة الحقة. فالحسين عليه السلام، هو الذي أعاد للإسلام نضارته وحيويته وعزته وكرامته وإباءه، أعاد ذلك بتلك الإنتفاضة التي اقتلعت جذور الظلم والجور والفساد المستشري في ذلك الوقت والمتحكم في رقاب العباد، عن طريق تلك الحفنة المظللة التي تدعي الإسلام، وتتستر به.

    فالنهضة الحسينية المباركة قد أبرزتهم وأظهرت أحقيتهم، وكانت السبب في زوالهم وزوال حكمهم الجائر وبعد كل هذا تريدونا أن لا نقيم الذكرى ولا نذكر الحسين وما جرى عليه من المحن والمصائب التي هزت الإنسانية من أعماق الأعماق، وهو ابن بنت نبيا محمد صلى الله عليه وآله، وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وابن علي بن أبي طالب إمام الموحدين، وخليفة رب العالمين .

    تريدوننا أن لا نبكي على مصائبه ومصاب تلك البراعم من الأطفال والشبان الذين قتلوا عطاشى، والنسوة التي تفرّ من كا مكان على مكان، من الظلم والجور.

    لا تلومونا.... فلقد أبكى حتى محجر الحجر.

  • #2
    احسنت اخي عماد وبارك الله فيك

    وتسلم ايدك ومجهود في هذه التغطية الرائعة

    تعليق


    • #3
      أحسنت عظم الله لك الأجر

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X