يسقط يسقط حكم المرشد..هل تتجه مصر نحو إستنساخ نظام ولاية الفقيه في ايران؟
يذكرنا المشهد السياسي في مصر اليوم بالحالة الإيرانية بعد الثورة والصراع الذي كان يدور بين القوى الثورية المعارضة والتيارات الدينية بزعامة آية الله الخميني. هناك تشابهات كثيرة واختلافات أكثر بين الحالتين. حذر بعض العرب والإيرانيين في أوقات سابقة من أن تتحول مصر ما بعد الثورة، وكذلك الأنظمة المنبثقة من ثورات الربيع العربي، إلى أنظمة لاهوتية أخرى على النسخة الإيرانية.

فقد حذرت الناشطة الحقوقية والحائزة جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي الشعب المصري وباقي الشعوب العربية من خطر أن تختطف ثوراتهم من قبل الجماعات الإسلامية السلطوية كما حدث في إيران قبل أكثر من ثلاثة عقود.
لم يكن احد في إيران يتصور يوما أن يتربع على كرسي الرئاسة رجل دين يرتدي عمامة وجلباباً اعتادوا على رؤيته وهو يخطب من فوق المنبر. وحينما أعلن آية الله الخميني من منفاه الموقت في قرية 'نوفل لو شاتو' بضواحي العاصمة الفرنسية باريس قبيل عودته إلى إيران عام 1979 أن رجال الدين لا يطمعون بالسلطة ولايريدون أن يحكموا إيران وسيعودون إلى موقعهم في المساجد والحسينيات بعد سقوط نظام الشاه صدقه كثيرون.
بعد أكثر من ثلاثة عقود على هذا التصريح حكم إيران ثلاثة رؤساء جمهورية من رجال الدين وهم علي خامنئي وهاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، ويوجد اليوم في إيران 'معممّون' في الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية يزيد عددهم عن أمثالهم في المساجد.
في عام 1981 عندما احتدم الصراع بين الجماعات الدينية المتشددة ورجال الدين من جهة ورئيس الجمهورية آنذاك أبو الحسن بني صدر والليبراليين ومجاهدي خلق وسائر القوى الثورية واليسارية من جهة أخرى، هاجم آية الله الخميني رئيس الجمهورية المنتخب وكان هذا كافيا لسلب الشرعية عنه وعزله. وقبل ثلاث سنوات حسم مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية، التي اتهمت المعارضة السلطات بتزوير نتائجها، بإعلانه 'تثبيت فوز' الرئيس الإيراني احمدي نجاد في تلك الانتخابات.
تدخل المرشد الأعلى في عمل المؤسسات وإدارة البلاد ليس جديدا. ويحدث بصورة رسمية وغير رسمية بشكل تصريح أو مجرد توجيه انتقاد كلما دعت الضرورة، كما حدث الأسبوع الماضي عندما حسم القائد الأعلى على خامنئي الصراع الحاد الذي تفجر بين احمدي نجاد وخصومه السياسيين في البرلمان وخارجه.
فحينما بلغت المواجهة بين الأطراف المتصارعة ذروتها وبينما كان النواب يحضّرون بحماس لمساءلة الرئيس احمدي نجاد أمام البرلمان بشأن سياساته الاقتصادية والأوضاع المتردية في البلاد، صرح السيد خامنئي في كلمة بان ذلك يضر بمصلحة البلاد ويصب في مصلحة الأعداء. وفجأة صمت الجميع على وقع هذه التصريحات وانتهى الأمر وكأن ما طالبوا به بالأمس لم يكن سوى فقاعات كلامية عابرة، بل واعتبروا أن تلك التصريحات كانت ضرورية ونابعة من حكمة وبصيرة القائد أنقذت البلاد من محنة وأزمة.
صوتت اليوم الهيئة التأسيسية في مصر على الدستور - الذي تقول أطراف المعارضة انه لا يضمن الحريات العامة وحقوق الأقليات والمرأة ولا يتطابق مع المعايير الدولية ومواثيق حقوق الإنسان - لطرحه لاحقا للاستفتاء الشعبي. وهناك انقسام في الشارع المصري بشأن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي أخيرا. كما أن هناك استقطاباً واصطفافاً للقوى السياسية يتمثل بالأحزاب والتيارات الدينية من جهة والقوى المدنية والليبرالية واليسارية من جهة أخرى. ويدعي كل طرف انه 'الثورة' والطرف الآخر هو 'الثورة المضادة'. بالضبط كما كان الحال في إيران ما بعد الثورة التي حسم الوضع فيها بقوة النار والحديد وعمليات البطش والقتل لصالح سلطة رجال الدين الذين كانوا يسيطرون على المؤسسات العسكرية وقوى الأمن النظامية.
من المجحف المقارنة بين ما يجري اليوم في مصر وبين ما جرى قبل عقود وما زال يجري في إيران. مع هذا من المفيد أن نتذكر أن عمليات الإقصاء الفردية والجماعية للشخصيات السياسية والقوى الثورية وأعمال القمع الدموي ومحاولة الاستحواذ على السلطة في إيران بدأت منذ اليوم الأول.
لكن يرى البعض إن لا خوف على الثورة المصرية من الانحراف باعتبار إن الأوضاع السياسية في مصر والظروف الإقليمية والدولية اليوم تختلف عن تلك التي كانت سائدة آنذاك ولن تسمح بتحول مصر إلى دولة مستبدة ثانية.
ومن المفيد أيضا أن نشير إلى أن الأزمة السياسية في إيران والتي تبرز إلى السطح بين الحين والآخر هي علاوة على كونها سياسية فهي دستورية أيضا. فالدستور الإيراني بالرغم من انه يصرح من ناحية الشكل بالفصل بين السلطات، لكنه عمليا يسمح بحدوث تداخل بينها عبر سلسلة من الشروط والبنود والضوابط التي تمنح الولي الفقيه، في هذه الحالة المرشد الأعلى خامنئي، سلطات مطلقة تمكنه من عزل وفصل بل وتنصيب من يشاء وفق مصلحة النظام التي وحده المرشد عالم بأمرها، ثانية بحسب الدستور.
ظهرت في ميدان التحرير وسط القاهرة امس لافتات تقول: 'يسقط يسقط حكم المرشد'. فهل سنشهد استنساخا ولو جزئيا للحالة الايرانية في مصر ويتحول الرئيس المصري المنتخب الى 'مرشد' جديد او مدير لـ'مرشد الاخوان' كما يتهمه خصومه ام ان ما نشهده في ساحات القاهرة والمدن الاخرى هو مخاض سياسي طبيعي لثورة لم تكتمل بعد ستولد منه دولة مدنية حديثة تكون ربما الهاما لتغيير نحو الديمقراطية في ايران؟
يذكرنا المشهد السياسي في مصر اليوم بالحالة الإيرانية بعد الثورة والصراع الذي كان يدور بين القوى الثورية المعارضة والتيارات الدينية بزعامة آية الله الخميني. هناك تشابهات كثيرة واختلافات أكثر بين الحالتين. حذر بعض العرب والإيرانيين في أوقات سابقة من أن تتحول مصر ما بعد الثورة، وكذلك الأنظمة المنبثقة من ثورات الربيع العربي، إلى أنظمة لاهوتية أخرى على النسخة الإيرانية.

فقد حذرت الناشطة الحقوقية والحائزة جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي الشعب المصري وباقي الشعوب العربية من خطر أن تختطف ثوراتهم من قبل الجماعات الإسلامية السلطوية كما حدث في إيران قبل أكثر من ثلاثة عقود.
لم يكن احد في إيران يتصور يوما أن يتربع على كرسي الرئاسة رجل دين يرتدي عمامة وجلباباً اعتادوا على رؤيته وهو يخطب من فوق المنبر. وحينما أعلن آية الله الخميني من منفاه الموقت في قرية 'نوفل لو شاتو' بضواحي العاصمة الفرنسية باريس قبيل عودته إلى إيران عام 1979 أن رجال الدين لا يطمعون بالسلطة ولايريدون أن يحكموا إيران وسيعودون إلى موقعهم في المساجد والحسينيات بعد سقوط نظام الشاه صدقه كثيرون.
بعد أكثر من ثلاثة عقود على هذا التصريح حكم إيران ثلاثة رؤساء جمهورية من رجال الدين وهم علي خامنئي وهاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، ويوجد اليوم في إيران 'معممّون' في الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية يزيد عددهم عن أمثالهم في المساجد.
في عام 1981 عندما احتدم الصراع بين الجماعات الدينية المتشددة ورجال الدين من جهة ورئيس الجمهورية آنذاك أبو الحسن بني صدر والليبراليين ومجاهدي خلق وسائر القوى الثورية واليسارية من جهة أخرى، هاجم آية الله الخميني رئيس الجمهورية المنتخب وكان هذا كافيا لسلب الشرعية عنه وعزله. وقبل ثلاث سنوات حسم مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية، التي اتهمت المعارضة السلطات بتزوير نتائجها، بإعلانه 'تثبيت فوز' الرئيس الإيراني احمدي نجاد في تلك الانتخابات.
تدخل المرشد الأعلى في عمل المؤسسات وإدارة البلاد ليس جديدا. ويحدث بصورة رسمية وغير رسمية بشكل تصريح أو مجرد توجيه انتقاد كلما دعت الضرورة، كما حدث الأسبوع الماضي عندما حسم القائد الأعلى على خامنئي الصراع الحاد الذي تفجر بين احمدي نجاد وخصومه السياسيين في البرلمان وخارجه.
فحينما بلغت المواجهة بين الأطراف المتصارعة ذروتها وبينما كان النواب يحضّرون بحماس لمساءلة الرئيس احمدي نجاد أمام البرلمان بشأن سياساته الاقتصادية والأوضاع المتردية في البلاد، صرح السيد خامنئي في كلمة بان ذلك يضر بمصلحة البلاد ويصب في مصلحة الأعداء. وفجأة صمت الجميع على وقع هذه التصريحات وانتهى الأمر وكأن ما طالبوا به بالأمس لم يكن سوى فقاعات كلامية عابرة، بل واعتبروا أن تلك التصريحات كانت ضرورية ونابعة من حكمة وبصيرة القائد أنقذت البلاد من محنة وأزمة.
صوتت اليوم الهيئة التأسيسية في مصر على الدستور - الذي تقول أطراف المعارضة انه لا يضمن الحريات العامة وحقوق الأقليات والمرأة ولا يتطابق مع المعايير الدولية ومواثيق حقوق الإنسان - لطرحه لاحقا للاستفتاء الشعبي. وهناك انقسام في الشارع المصري بشأن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري محمد مرسي أخيرا. كما أن هناك استقطاباً واصطفافاً للقوى السياسية يتمثل بالأحزاب والتيارات الدينية من جهة والقوى المدنية والليبرالية واليسارية من جهة أخرى. ويدعي كل طرف انه 'الثورة' والطرف الآخر هو 'الثورة المضادة'. بالضبط كما كان الحال في إيران ما بعد الثورة التي حسم الوضع فيها بقوة النار والحديد وعمليات البطش والقتل لصالح سلطة رجال الدين الذين كانوا يسيطرون على المؤسسات العسكرية وقوى الأمن النظامية.
من المجحف المقارنة بين ما يجري اليوم في مصر وبين ما جرى قبل عقود وما زال يجري في إيران. مع هذا من المفيد أن نتذكر أن عمليات الإقصاء الفردية والجماعية للشخصيات السياسية والقوى الثورية وأعمال القمع الدموي ومحاولة الاستحواذ على السلطة في إيران بدأت منذ اليوم الأول.
لكن يرى البعض إن لا خوف على الثورة المصرية من الانحراف باعتبار إن الأوضاع السياسية في مصر والظروف الإقليمية والدولية اليوم تختلف عن تلك التي كانت سائدة آنذاك ولن تسمح بتحول مصر إلى دولة مستبدة ثانية.
ومن المفيد أيضا أن نشير إلى أن الأزمة السياسية في إيران والتي تبرز إلى السطح بين الحين والآخر هي علاوة على كونها سياسية فهي دستورية أيضا. فالدستور الإيراني بالرغم من انه يصرح من ناحية الشكل بالفصل بين السلطات، لكنه عمليا يسمح بحدوث تداخل بينها عبر سلسلة من الشروط والبنود والضوابط التي تمنح الولي الفقيه، في هذه الحالة المرشد الأعلى خامنئي، سلطات مطلقة تمكنه من عزل وفصل بل وتنصيب من يشاء وفق مصلحة النظام التي وحده المرشد عالم بأمرها، ثانية بحسب الدستور.
ظهرت في ميدان التحرير وسط القاهرة امس لافتات تقول: 'يسقط يسقط حكم المرشد'. فهل سنشهد استنساخا ولو جزئيا للحالة الايرانية في مصر ويتحول الرئيس المصري المنتخب الى 'مرشد' جديد او مدير لـ'مرشد الاخوان' كما يتهمه خصومه ام ان ما نشهده في ساحات القاهرة والمدن الاخرى هو مخاض سياسي طبيعي لثورة لم تكتمل بعد ستولد منه دولة مدنية حديثة تكون ربما الهاما لتغيير نحو الديمقراطية في ايران؟
تعليق