سلسلة: أنا الحسين بن علي
الحلقة الرابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
السؤال الرابع:
لماذا لم يعمل الحسين (عليه السلام) بالتقيّة؟
لاشك أن التقية من أهم الأمور الإسلامية التي تحفظ الإسلام وبيضته من الكفار والمنافقين والمسلمين والدلائل كثيرة التي تشير إلى هذا المعنى من القرآن والسنة النبوية, فمثلاً جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: (الا أن تتقوا منهم تقاة) (سورة آل عمران آية28) و ورد في السنة النبوية الشريفة (كما ورد في الكافي عن المعصوم (عليه السلام) ج2 ص222 حديث12): (التقية ديني ودين آبائي) قوله (عليه السلام): (ولا دين لمن لا تقية له) (أصول الكافي ج2 ص225 حديث2). وقوله (عليه السلام): (التقية درع المؤمن الحصين) وغير ذلك. أما الإجماع فهو واضح لمن إستعرض فتاوى العلماء في هذا المجال, بل الحكم يعتبر من ضروريات المذهب الجعفري (بقواعد الفقهية لبجنوردي ج5 ص44, اوائل المقالات للمفيد ص173).
إذن فالتقية واجبة وهذا ما نجده في تاريخ المعصومين جميعا بعد الحسين (عليه السلام). فالسؤال هو لماذا لم يعمل الحسين (عليه السلام) وهو خامس أصحاب الكساء والإمام المعصوم عن كل خطاء دنب بالتقية التي هي واجبه شرعا؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتطرق لعدة مراحل ونقاط مهم وهي:
1- يقول الله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) (سورة آل عمران آية28).
وقوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) (سورة النحل آية106).
في تلك الآيتين يعتبر حكم التقية إستثناءً من حرام وهو موالاة الكافرين في الآية الأولى والآية الثانية, والإستثناء من مورد الحظر والحرمة لا يدل على أكثر من الجواز, وذلك كما قال الفقهاء في قوله تعالى: (وإذ أحللتهم فاصطادوا) (سورة المائدة آية2) فإن حكم الصيد فيه إستثناء من جانب حرمته في حال الإحرام مع إحتمال إستمراره بعده, فيكون دالاًّ على مجرد الجواز.
أي أنه التقية تدل على الجواز في موردها ولكن لا تدل على الإلزام في كل وقت وزمن إلاّ إذا كان فيها هدف إجتماعي عام مهم, كالمحافظة على بيضة الإسلام. أما في مورد كربلاء وما حدث مع الحسين (عليه السلام) فالأمر على ذلك تماماً, فنهضة الحسين (عليه السلام) لم تكن إلاّ للحفاظ على الإسلام وإرجاعه إلى الشارع بعد ما حاولت اليد الأموية الكافرة محوه من الوجود.
2- إن الحسين (عليه السلام) عمل بالتقية وقتاً طويلاً من حياته وترك العمل بها عندما وصل الأمر إلى مبايعة الكافر الفاسق الفاجر يزيد بن معاوية, وهذا يعمله كل الأئمة (عليهم السلام) إذا كانوا في موقع الحسين (عليه السلام).
3- إن الحسين (عليه السلام) على علماً طبيعياً والهامياً بأن يزيد وآل أمية (لعنهم الله) لن يتركوه حتى لو بايع لهم وخضع لهم واستسلم لهم (والعياذ بالله), ومن يعلم علما يقينيا بأن الموت سيكون مصيره يرتفع عنه حكم التقية.
4- وهو الأهم بأن الحسين (عليه السلام) كان قد إستقطعه الله تعالى والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذه المهمة المصيرية التي كان لابد ان تتم وهي حفظ هذه الأمة وهذا الدين الحنيف من الزوال, فكما أن الإنسان العادي يستقطع شيئا من معاشه وراتبه الشهري لأجل ليلة سوداء قد يمر بها, فالله تعالى قد إستقطع الحسين (عليه السلام) لهذه المهمة الصعبة وهو جل وعلى عالم الغيب والشهادة, يعلم بأن هذه الأمة ستصل إلى أسفل السافلين حتى يحكمها نكرة كيزيد وآل أمية (عليهم لعنة الله).
ولنعم من قال: لم أدري أين رجال المسلمين مضوا
حتى صار يزيد بينهم ملكا
ولكن الأمم تنهض دائماً بأحرارها وثوارها وأبطالها فالأمم لا تضام أبداً وهي تنجب الشجعان الأحرار وعلى رأسهم مثال وقدوة الثوار أبي عبدالله الحسين بن علي (عليهما السلام), ألذي إستطاعت ثورته أن ينتصر بها الدم على السيف ويقطع دابر الكافرين ويحفظ دين جده.
ولهذه الأسباب وغيرها (الذي لا يسعنا ذكر المزيد) لم يلتزم الحسين (عليه السلام) سيد الشهداء بحكم التقية.
السلام عليك يا أباعبدالله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار
الحلقة الرابعة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
السؤال الرابع:
لماذا لم يعمل الحسين (عليه السلام) بالتقيّة؟
لاشك أن التقية من أهم الأمور الإسلامية التي تحفظ الإسلام وبيضته من الكفار والمنافقين والمسلمين والدلائل كثيرة التي تشير إلى هذا المعنى من القرآن والسنة النبوية, فمثلاً جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: (الا أن تتقوا منهم تقاة) (سورة آل عمران آية28) و ورد في السنة النبوية الشريفة (كما ورد في الكافي عن المعصوم (عليه السلام) ج2 ص222 حديث12): (التقية ديني ودين آبائي) قوله (عليه السلام): (ولا دين لمن لا تقية له) (أصول الكافي ج2 ص225 حديث2). وقوله (عليه السلام): (التقية درع المؤمن الحصين) وغير ذلك. أما الإجماع فهو واضح لمن إستعرض فتاوى العلماء في هذا المجال, بل الحكم يعتبر من ضروريات المذهب الجعفري (بقواعد الفقهية لبجنوردي ج5 ص44, اوائل المقالات للمفيد ص173).
إذن فالتقية واجبة وهذا ما نجده في تاريخ المعصومين جميعا بعد الحسين (عليه السلام). فالسؤال هو لماذا لم يعمل الحسين (عليه السلام) وهو خامس أصحاب الكساء والإمام المعصوم عن كل خطاء دنب بالتقية التي هي واجبه شرعا؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتطرق لعدة مراحل ونقاط مهم وهي:
1- يقول الله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) (سورة آل عمران آية28).
وقوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) (سورة النحل آية106).
في تلك الآيتين يعتبر حكم التقية إستثناءً من حرام وهو موالاة الكافرين في الآية الأولى والآية الثانية, والإستثناء من مورد الحظر والحرمة لا يدل على أكثر من الجواز, وذلك كما قال الفقهاء في قوله تعالى: (وإذ أحللتهم فاصطادوا) (سورة المائدة آية2) فإن حكم الصيد فيه إستثناء من جانب حرمته في حال الإحرام مع إحتمال إستمراره بعده, فيكون دالاًّ على مجرد الجواز.
أي أنه التقية تدل على الجواز في موردها ولكن لا تدل على الإلزام في كل وقت وزمن إلاّ إذا كان فيها هدف إجتماعي عام مهم, كالمحافظة على بيضة الإسلام. أما في مورد كربلاء وما حدث مع الحسين (عليه السلام) فالأمر على ذلك تماماً, فنهضة الحسين (عليه السلام) لم تكن إلاّ للحفاظ على الإسلام وإرجاعه إلى الشارع بعد ما حاولت اليد الأموية الكافرة محوه من الوجود.
2- إن الحسين (عليه السلام) عمل بالتقية وقتاً طويلاً من حياته وترك العمل بها عندما وصل الأمر إلى مبايعة الكافر الفاسق الفاجر يزيد بن معاوية, وهذا يعمله كل الأئمة (عليهم السلام) إذا كانوا في موقع الحسين (عليه السلام).
3- إن الحسين (عليه السلام) على علماً طبيعياً والهامياً بأن يزيد وآل أمية (لعنهم الله) لن يتركوه حتى لو بايع لهم وخضع لهم واستسلم لهم (والعياذ بالله), ومن يعلم علما يقينيا بأن الموت سيكون مصيره يرتفع عنه حكم التقية.
4- وهو الأهم بأن الحسين (عليه السلام) كان قد إستقطعه الله تعالى والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذه المهمة المصيرية التي كان لابد ان تتم وهي حفظ هذه الأمة وهذا الدين الحنيف من الزوال, فكما أن الإنسان العادي يستقطع شيئا من معاشه وراتبه الشهري لأجل ليلة سوداء قد يمر بها, فالله تعالى قد إستقطع الحسين (عليه السلام) لهذه المهمة الصعبة وهو جل وعلى عالم الغيب والشهادة, يعلم بأن هذه الأمة ستصل إلى أسفل السافلين حتى يحكمها نكرة كيزيد وآل أمية (عليهم لعنة الله).
ولنعم من قال: لم أدري أين رجال المسلمين مضوا
حتى صار يزيد بينهم ملكا
ولكن الأمم تنهض دائماً بأحرارها وثوارها وأبطالها فالأمم لا تضام أبداً وهي تنجب الشجعان الأحرار وعلى رأسهم مثال وقدوة الثوار أبي عبدالله الحسين بن علي (عليهما السلام), ألذي إستطاعت ثورته أن ينتصر بها الدم على السيف ويقطع دابر الكافرين ويحفظ دين جده.
ولهذه الأسباب وغيرها (الذي لا يسعنا ذكر المزيد) لم يلتزم الحسين (عليه السلام) سيد الشهداء بحكم التقية.
السلام عليك يا أباعبدالله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار