إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

كتاب ""مخازي عثمان الخميس"" منقوول

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب ""مخازي عثمان الخميس"" منقوول

    مخازي عثمان الخميس





    مناقشة تاريخية مع الشيخ عثمان الخميس في كتابه

    " حقبة من التاريخ "





    حول واقعــــــة الطــــــف







    تأليف

    عبد الرضـــا الصالـــــح





    ( 1 )











    حقوق الطبع محفوظة

    الطبعة الأول

    1423 هـ - 2002 م .





    ( 2 )



    بسم الله الرحمن الرحيم



    قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُنِيرٍ ( 8 ) ثَانِيَ عَطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ( 9 ) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ( 10 ) ) .

    سورة الحج ، آية : 8 و 9 و 10 .





    وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينًا ، حسين سبط من الأسباط ) .



    رواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن .

    الجامع الصحيح : ج 5 ص 617 .



    ( 3 )

    ( 4 )



    الإهـــداء



    إلى مولاي سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي عليه السلام ...

    إلى صاحب العصر والزمان الحجة المنتظر المهدي عليه السلام ...

    إلى بطلة كربلاء العقيلة زينب ابنة علي عليهما السلام ...

    إلى مفجر ثورة المسلمين إمام الأمة الراحل رضوان الله عليه ...

    إلى العبد الصالح القائد وولي أمر المسلمين دام ظله العالي ...

    إلى محرر جنوب الأحرار الأمين العام المجاهد حفظه الله ...

    إلى أبطال المقاومة الذين سحقوا الصهاينة في الجنوب الثائر ...

    إلى زوجتي التي وقفت معي في جميع مراحل إعداد هذا الكتاب ...

    إلى ولدي وقرة عيني ( صادق ) ، إلى من لا يجف دمعي عليه ، إلى من أتعبني فراقه وأوحشني غيابه ، إلى من طواه الزمان قبل الأوان ، نم قرير العيــــــــــــــــن ...



    إليكم جميعا أيها الأحبة ، أهدي هذا الجهد المتواضع ، راجيا من الله تعالى القبول ، ومن النبي وآله عليهم الصلاة والسلام الشفاعة .



    ( 5 )

    ( 6 )



    بسم الله الرحمن الرحيم





    المقدمة







    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين ، حبيب قلوب الصادقين ، العبد المؤيَّد ، والرسول المسدَّد ، المصطفى الأمجد ، أبي القاسم محمد ، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ، وبعد :



    فلا يشك أحد في أن الثورة التاريخية المقدسة التي فجرها سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين عليه السلام في كربلاء ، شكلت منعطفًا هامًّا ، وغيرت مجرى تاريخ البشرية ومساره ، فكانت – ومازالت – عطاءاتها ممتدة إلى يومنا هذا ، وستستمر إلى يوم ظهور إمامنا صاحب العصر أرواحنا فداه .



    ومن المعلوم أن هناك بونًا شاسعًا بين أن يبرز لنا التاريخ شخصية معيّنة أو حدث ما ، وبين أن تقوم الشخصية ذاتها بصنع التاريخ .



    وهذا ماحصل بالفعل في حادثة عاشوراء ، تلك الحادثة التي أصبحت رسالة لكل المسلمين والمستضعفين والمظلومين في الأرض ، حيث قام



    ( 7 )

    الإمام الحسين عليه السلام بصنع التاريخ عندما روى شجرة الإسلام اليابسة وأحياها بدمه الزكي ، ليبقى في نفوس المخلصين وفي ذكريات التاريخ أبد الآبدين .



    وقد تفاعل المؤمنون مع هذه الواقعة الأليمة – التي هزت مشاعر الدنيا بأسرها - ، وتعاطفوا معها ، وحزنوا لما جرى فيها ، ورأوا أن خروج الإمام الحسين عليه السلام كان واجبا وضروريا ضد طاغوت زمانه يزيد بن معاوية ، وأن جهاده عليه السلام كان لأسمى المقاصد وأنبل الغايات .



    ولهذا أقيمت المآتم الحسينية على مداد الزمان ، وتجدّدت الذكرى المأساوية في كل عام ، وعلى مدار الأيام ، حزنا على مصاب سيد الشهداء عليه السلام وآله وأصحابه النجباء ، ومن أجل أن تذكر فيها شتى صور التفاني والتضحيات في طريق الله والامتثال لأوامره سبحانه ، ولبيان مفاهيم الإسلام ، والعقائد والأخلاق والأحكام .



    ولكن – ومع ذلك كله – فقد واجهت الثورة الحسينية بعض الاعتراضات ، فوجهت إليها الإتهامات ، وأثيرت حولها الشبهات ، من قبل فئة شاذة وجاهلة من النواصب ، أعلنت العداء والبغض لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وصرحت بالولاء لأعدائهم دون حياء ولا خجل .



    ومن هذه الشـــــرذمة المرفوضـــــــــــــة ، الشيخ عثمان الخميس ، الذي أوضح في كتابه " حقيبة من التاريخ " جهله في معرفة التاريخ ، وكشف بأنه لا



    ( 8 )

    يفقه شيئا من التاريخ الصحيح ، ولا يعرف ماهو موجود في طيات كتب السير ، ولا يفهم فلسفة حركة الإمام الحسين عليه السلام ، ولا يدرك الأبعاد والغايات السامية لهذه الحركة .



    لقد تناول الشيخ عثمان الخميس في كتابه أربعة موضوعات رئيسية هي : كيفية قراءة التاريخ ، الأحداث التي وقعت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى واقعة الطف ، عدالة الصحابة ، وقضية الإمامة والخلافة .



    وادعى أنه اعتمد على ( الأسانيد الصحيحة بقدر المستطاع مع التنبيه على القصص المزورة والأباطيل ) ( 1 ) .





    هذا الكتاب ...





    أما هذا الكتاب الذي بين يديك ، فهو بمثابة رد على الإفتراءات التي جاء بها الشيخ الخميس في كتابه " حقبة من التاريخ " حول واقعة الطف ، حيث ذكرنا الشبهات والإعتراضات والإشكالات التي أوردها حول هذه الحادثة ، وناقشناها من الناحية التاريخية ، معتمدين على أقوال أكابر علماء أهل السنة وما سجلوه في كتبهم المعتبرة من روايات وأحاديث صحيحة عندهم .



    ___________________________

    ( 1 ) أنظر عثمان الخميس : حقبة من التاريخ – ص د .



    ( 9 )

    ويتلخص كلام الشيخ عثمان الخميس حول واقعة الطف في ادعاءاته التالية :

    ( 1 ) عدم ثبوت فسق يزيد بن معاوية .

    ( 2 ) منع الصحابة خروج الحسين عليه السلام ومعارضتهم ونهيهم له .

    ( 3 ) خضوع الحسين عليه السلام لرأي أبناء مسلم بن عقيل لا لرأيه .

    ( 4 ) طلب الحسين عليه السلام أن يضع يده في يد يزيد .

    ( 5 ) عدم ذكر الشيعة لأبي بكر وعثمان ابني الإمام علي عليه السلام وأبي بكر بن الإمام الحسن عليه السلام في الكتب والأشرطة .

    ( 6 ) كذب الكرامات التي يروى وقوعها يوم مقتل الحسين عليه السلام .

    ( 7 ) ترتب الفساد على خروج الحسين عليه السلام وعدم وجود مصلحة دينية ولا دنيوية في خروجه .

    ( 8 ) حرمة اللطم والنوح وما شابه عند ذكر كقتل الحسين عليه السلام .

    ( 9 ) أن يزيداً ليس له يد في قتل الحسين عليه السلام ولم يسب النساء .

    ( 10 ) عدم إرسال رأس الحسين عليه السلام إلى يزيد بالشام .

    ( 11 ) أن يزيداً من المغفور لهم لأنه عزا مدينة قيصر .



    منهجنا في هذا الكتاب



    عندما رجعنا إلى مقدمة كتاب " حقبة من التاريخ " للشيخ عثمان



    ( 10 )

  • #2
    الخميس ، وجدناه يقول : ( ينبغي لكل إنسان إذا أراد أن يقرأ كتابا من الكتب أن يقرأ مقدمة الكتاب حتى يعرف منهج المؤلف ) ( 1 ) .



    وهنا نود أن نشير إلى أننا في هذا الكتاب – وفي نقلنا للأحداث والوقائع التاريخية والروايات والأحاديث النبوية – حرصنا على أن تجتمع في أدلتنا ثلاثة أمــــور :



    1 – أن تكون هذه الوقائع والأحاديث موجودة في كتب أهل السنة .



    2 – أن يكون مؤلف الكتاب أو ناقل الحديث أو الخبر معتقدا بصحة ماقاله وأورده .



    3 – أن يكون من العلماء المعتمد عليهم والموثوق بهم عند أهل السنة .



    فعلى سبيل المثال ، يجد القاريء أننا استشهدنا بمجموعة من المصادر ، مثل : كتاب " المسند " لأحمد بن حنبل ، وكتاب " المعجم الكبير " للطبراني ، وكتاب " المستدرك على الصحيحين " للحاكم النيسابوري ، وكتاب " مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " للهيثمي ، وكتاب " الكامل في التاريخ " لإبن الأثير ، وكتاب " وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان " لإبن خلكان ، وكتاب " تاريخ الأمم والملوك " للطبري ، وكتاب " شذرات الذهب في أخبار من ذهب " لإبن العماد الحنبلي ، وكتاب " البداية والنهاية " لإبن كثير ، وكتاب " تاريخ الخلفاء " للسيوطي ، وغير هذه



    ________________________

    ( 1 ) نفس المصدر : ص 7 – الحاشية .



    ( 11 )

    المصنفات التي اعتمدنا عليها في هذا الكتاب .



    وبالرجوع إلى مناهج مؤلفي هذه الكتب – كما طلب عثمان الخميس – رأينا أكثرهم يعتقدون ويقرون بصحة ماقالوه في مصنفاتهم ونقلوه من مؤلفاتهم ، ولا بأس أن نذكر بعض الأمثلة على ذلك :



    " الكامل في التاريخ " لإن الأثير

    يرى ابن الأثير أنه جمــــع في كتابه أتم روايات الطبري وغيـــــــره مـــــن مؤلفي التواريخ والكتب ، الذين يعلـــــم صدقهم فيما نقلوه وصحة مادونوه ( 1 ) .



    " وفيات الأعيان " لابن خلكان

    قال ابن خلكان – عن الأخبار التي جمعها - : ( فإني بذلت الجهد في التقاطه من مظان الصحة ، ولم أتساهل في نقله ممن لا يوثق به ، بل تحريت فيه حسبما وصلت القدرة إليه ) ( 2 ) .



    " المستدرك على الصحيحين " للحاكم

    قال الحاكم النيسابوري في مقدمة كتابه : ( سألني جماعة من أعيان



    ___________________________

    ( 1 ) انظر بن الأثير : الكامل في التاريخ – ج 1 ص 7 .

    ( 2 ) ابن خلكان : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان – ج 1 ص 21 .



    ( 12 )

    أهل العلم بهذه المدينة وغيرها ، أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن اسماعيل – أي البخاري – ومسلم بن الحجاج بمثلها .. وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات ، قد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما ، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام .. ) ( 1 ) .



    فهذا تصريح منه بأن الأحاديث – التي ذكرها في كتابه – رواها الثقات ، وأن أسانيد أحاديثه احتج بمثلها البخاري ومسلم .



    " مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " للهيثمي

    وهو كتاب جامع يحتوي على الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة ، ولكننا – كما سيرى القاريء – لم نستدل ولم نستشهد إلا بالأحاديث والوقائع التي أقر الهيثمي بصحة أسانيدها وبوثاقة رواتها .



    " المسند " لأحمد بن حنبل

    قال الهيثمي : ( مسند أحمد أصح صحيحا من غيره ) ( 2 ) .

    وعن أبي موسى المديني ، أن أحمد بن حنبل سُئل ( عن حديث ،



    ____________________________

    ( 1 ) الحاكم النيسابوري : المستدرك على الصحيحين – ج 1 ص 2 و 3 .

    ( 2 ) السيوطي : تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي – ج 1 ص 139 .



    ( 13 )

    فقال : انظروه فإن كان في المسند وإلا فليس بحجة ) ( 1 ) .



    وقال السيوطي – في معرض دفاعه عن مسند أحمد - : ( ألَّف شيخ الإسلام – يعني ابن حجر العسقلاني – كتابا .. سماه " القول المسدد في الذب عن المسند " قال في خطبته : فقد ذكرت في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة ، وهي في مسند أحمد ، ذبًّا عن هذا التصنيف العظيم الذي تلقته الأمــــــــة بالقبول والتكريم ، وجعله إمامهم حجة يرجـــــــع إليــــــــه ويعوّل عنــــــــد الاختلاف عليه .. ) ( 2 ) .



    ومع ذلك ، فإننا لم نورد سوى الأحاديث التي صححها الهيثمي في كتابه " مجمع الزوائد " .



    " البداية والنهاية " لابن كثير

    يرى ابن كثير أن لم يذكر في كتابه ما شهد له الشرع بالبطلان مما لا تجوز حكايته إلا على سبيل الإنكار ( 3 ) .



    ونحن لم ننقل من كتابه إلا الأحداث النتعلقة بمقتل الحسين عليه السلام ،



    _____________________________

    ( 1 ) نفس المصدر : ج 1 ص 138 .

    ( 2 ) نفس المصدر : ج 1 ص 138 .

    ( 3 ) انظر ابن كثير : البداية والنهاية – ج 1 ص 28 – 29 .



    ( 14 )

    والتي عبر عنها ابن كثير نفسه بقوله : ( وهذه صفة مصرعه – أي مصرع الحسين عليه السلام – مأخوذة من كلام أئمة هذا الشأن ، لا كما يزعمه أهل التشيع من الكذب الصريح والبهتان ) ( 1 ) .



    فهذا اعتراف منه بأن الأحداث التي نقلها عن واقعة الطف مأخوذة من أئمة هذا الشأن وليس الشيعة .



    هذه بعض الأمثلة على آراء علماء أهل السنة في كتبهم التي صنفوها ، والتي اعتمدنا عليها في هذا الكتاب ، ذكرناها على سبيل الإجمال والاختصار .



    وقد اكتفينا في كتابنا هذا بنقض الشبهات والاعتراضات التي أثارها الشيخ عثمان الخميس حول واقعة الطف فقط ، وذلك لأهمية هذا الموضوع ، وكثرة الإشكالات والحديث عنه من قبل المغرضين ، خصوصا في الآونة الأخيرة .



    ونسأل الله عزوجل أن يوفقنا في الأيام القليلة القادمة لمناقشة المسائل والقضايا الأخرى التي تطرق إليها الشيخ عثمان الخميس في كتابه " حقبة من التاريخ " مثل : قضية الإمامة والخلافة ، وعدالة الصحابة ، وكيفية قراءة التاريخ ، وغير ذلك من المواضيع التي تناولها في كتابه ، حيث سنجعل كل واحد منها في حلقة مستقلة ، ليسهل على القاريء الكريم الإحاطة



    _____________________________

    ( 1 ) نفس المصدر : ج 8 ص 137 .



    ( 15 )

    بالموضوع من جميع جوانبه وسائر نوحيه .



    وقبل أن نميط اللثام عن وجه الحقيقة للأنام ، لابد من بيان أمرين مهمين لا غنى للقاريء عنهما :



    الأمر الأول : الإهتمام الإلهي العظيم بقضية الحسين عليه السلام ، وانتقام الله عزوجل له ، وإخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن قتله ، وبكاؤه لمقتله .



    الأمر الثاني : العلل والأسباب التي دفعت الحسين عليه السلام للنهوض بالثورة ، والنتائج المترتبة على هذا النهوض ، والأبعاد التاريخية له ، وأهم أهدافه .



    فبالله تعالى نستعين ، وعليه نتوكل .



    ( 16 )



    الإهتمام الإلهي العظيم بقضية الحسين عليه السلام وانتقام

    الله عزوجل له وإخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن

    قتله وبكاؤه لمقتله





    تواترت الروايات من طرق أهل السنة ، بإخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن مقتل الحسين عليه السلام ، وبكائه عدة مرات لمقتله ، ورؤيته لتربته .



    فقد روى أحمد بن حنبل في مسنده ( عن عبدالله بن نجى عن أبيه ، أنه سار مع علي رضي الله عنه – وكان صاحب مطهرته - ، فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين ، فنادى علي : اصبر أبا عبدالله اصبر أبا عبدالله بشط الفرات ، قلت : وما ذاك ؟ قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم وإذا عيناه تذرفان ، قلت : يانبي الله أغضبك أحد ، ما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : بل قام من عندي جبريل عليه السلام ، قيل : فحدثني أن الحسين يُقتل بشط الفرات ، قال : فقال : هل لك إلى أن أشمك من تربته ؟ قلت : نعم ، قال : فمد يده ، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا ) ( 1 ) .



    __________________________

    ( 1 ) أحمد بن حنبل : المسند – ج 1 ص 137 .



    ( 17 )

    قال الهيثمي : ( رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني ، ورجاله ثقات ، ولم ينفرد نجى بهذا ) ( 1 ) .



    وعن أم المؤمنين عائشة ( أن الحسين بن علي دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ألا أعجبك ، لقد دخل عليّ ملك آنفا ما دخل عليّ قط ، فقال : إن ابني هذا مقتول ، وقال : إن شئت أريتك تربة يُقتل فيها ، فتناول الملك بيده ، فأرني تربة حمراء ) ( 2 ) .



    وروى الطبراني عن عبدالله بن عباس قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار أشعث أغبر ، بيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يارسول الله ما هذا ؟ فقال : دم الحسين وأصحابه ، لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، فوجد قد قتل يومئذ ) ( 3 ) .



    قال الهيثمي معلقا عليه : ( رواه أحمد والطبراني ، ورجال أحمد رجال الصحيح ) ( 4 ) .



    وعن أم سلمة قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا



    __________________________

    ( 1 ) الهيثمي : مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - ج 9 ص 190 .

    ( 2 ) الطبراني : المعجم الكبير – ج 3 ص 107 .

    ( 3 ) نفس المصدر : ج 3 ص 110 .

    ( 4 ) الهيثمي : كجكع الزوائد ومنبع الفوائد – ج 9 ص 192 .



    ( 18 )

    ذات يوم في بيتي ، فقال : لا يدخل عليّ أحد ، فانتظرت ، فدخل الحسين رضي الله عنه ، فسمعت نشيج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي ، فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي صلى الله عليه وسلم يمسح جبينه وهو يبكي ، فقلت : والله ما علمت حين دخل ، فقال : إن جبريل عليه السلام كان معنا في البيت ، فقال : تحبه ؟ قلت : أما من الدنيا فنعم ، قال : إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء ، فتناول جبريل عليه السلام من تربتها ، فأراها النبي صلى الله عليه وسلم .. ) ( 1 ) .



    وعلق عليه الهيثمي قائلا : ( رواه الطبراني بأسانيد ، ورجال أحدها ثقات ) ( 2 ) .



    وهناك العديد من الأحاديث الصحيحة تعتبر قتل الحسين عليه السلام جريمة أعظم من قتل النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام ، وتوضح هذه الأحاديث أن هناك اهتماما بالغا من قبل الله عزوجل بهذه الجريمة ، وأن الله تعالى سينتقم لمقتل الحسين عليه السلام .



    روى الحاكم في مستدركه – بعدة طرق – عن عبدالله بن عباس قال : ( أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم : إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين الفا ، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين



    __________________________

    ( 1 ) الطبراني : المعجم الكبير – ج 3 ص 109 .

    ( 2 ) الهيثمي : مجمع الزوائد ومنبع الفوائد – ج 9 ص 192 .



    ( 19 )

    ألفا ) ( 1 ) . قال الحاكم النيسابوري : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ( 2 ) ، وأقر الذهبي بصحته في التلخيص وقــــال : ( على شرط مسلم ) ( 3 ) .



    أقول : هذه نماذج لبعض الأحاديث المعتبرة والمروية في مصادر هل السنة ، كلها تشير إلى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر بمقتل الحسين عليه السلام ، وبكى لمقتله ، كما تدل دلالة واضحة على الاعتناء الإلهي بهذه الجريمة ، وانتقام الله تبارك وتعالى لها .



    كما أن مما أطبق عليه المؤرخون هو أن الحسين عليه السلام كان يعلم بأنه سوف يقتل ، فقد روى ابن الأثير أن الحسين عليه السلام كان يقول : ( والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي .. ) ( 4 ) .



    وعن عمرة بنت عبدالرحمن قالت : ( أشهد لسمعت عائشة تقول إنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يُقتل الحسين بأرض بابل " ، فلما قرأ – أي الحسين عليه الس

    تعليق


    • #3
      الخميس ، وجدناه يقول : ( ينبغي لكل إنسان إذا أراد أن يقرأ كتابا من الكتب أن يقرأ مقدمة الكتاب حتى يعرف منهج المؤلف ) ( 1 ) .



      وهنا نود أن نشير إلى أننا في هذا الكتاب – وفي نقلنا للأحداث والوقائع التاريخية والروايات والأحاديث النبوية – حرصنا على أن تجتمع في أدلتنا ثلاثة أمــــور :



      1 – أن تكون هذه الوقائع والأحاديث موجودة في كتب أهل السنة .



      2 – أن يكون مؤلف الكتاب أو ناقل الحديث أو الخبر معتقدا بصحة ماقاله وأورده .



      3 – أن يكون من العلماء المعتمد عليهم والموثوق بهم عند أهل السنة .



      فعلى سبيل المثال ، يجد القاريء أننا استشهدنا بمجموعة من المصادر ، مثل : كتاب " المسند " لأحمد بن حنبل ، وكتاب " المعجم الكبير " للطبراني ، وكتاب " المستدرك على الصحيحين " للحاكم النيسابوري ، وكتاب " مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " للهيثمي ، وكتاب " الكامل في التاريخ " لإبن الأثير ، وكتاب " وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان " لإبن خلكان ، وكتاب " تاريخ الأمم والملوك " للطبري ، وكتاب " شذرات الذهب في أخبار من ذهب " لإبن العماد الحنبلي ، وكتاب " البداية والنهاية " لإبن كثير ، وكتاب " تاريخ الخلفاء " للسيوطي ، وغير هذه



      ________________________

      ( 1 ) نفس المصدر : ص 7 – الحاشية .



      ( 11 )

      المصنفات التي اعتمدنا عليها في هذا الكتاب .



      وبالرجوع إلى مناهج مؤلفي هذه الكتب – كما طلب عثمان الخميس – رأينا أكثرهم يعتقدون ويقرون بصحة ماقالوه في مصنفاتهم ونقلوه من مؤلفاتهم ، ولا بأس أن نذكر بعض الأمثلة على ذلك :



      " الكامل في التاريخ " لإن الأثير

      يرى ابن الأثير أنه جمــــع في كتابه أتم روايات الطبري وغيـــــــره مـــــن مؤلفي التواريخ والكتب ، الذين يعلـــــم صدقهم فيما نقلوه وصحة مادونوه ( 1 ) .



      " وفيات الأعيان " لابن خلكان

      قال ابن خلكان – عن الأخبار التي جمعها - : ( فإني بذلت الجهد في التقاطه من مظان الصحة ، ولم أتساهل في نقله ممن لا يوثق به ، بل تحريت فيه حسبما وصلت القدرة إليه ) ( 2 ) .



      " المستدرك على الصحيحين " للحاكم

      قال الحاكم النيسابوري في مقدمة كتابه : ( سألني جماعة من أعيان



      ___________________________

      ( 1 ) انظر بن الأثير : الكامل في التاريخ – ج 1 ص 7 .

      ( 2 ) ابن خلكان : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان – ج 1 ص 21 .



      ( 12 )

      أهل العلم بهذه المدينة وغيرها ، أن أجمع كتابا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد بن اسماعيل – أي البخاري – ومسلم بن الحجاج بمثلها .. وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات ، قد احتج بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما ، وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام .. ) ( 1 ) .



      فهذا تصريح منه بأن الأحاديث – التي ذكرها في كتابه – رواها الثقات ، وأن أسانيد أحاديثه احتج بمثلها البخاري ومسلم .



      " مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " للهيثمي

      وهو كتاب جامع يحتوي على الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة ، ولكننا – كما سيرى القاريء – لم نستدل ولم نستشهد إلا بالأحاديث والوقائع التي أقر الهيثمي بصحة أسانيدها وبوثاقة رواتها .



      " المسند " لأحمد بن حنبل

      قال الهيثمي : ( مسند أحمد أصح صحيحا من غيره ) ( 2 ) .

      وعن أبي موسى المديني ، أن أحمد بن حنبل سُئل ( عن حديث ،



      ____________________________

      ( 1 ) الحاكم النيسابوري : المستدرك على الصحيحين – ج 1 ص 2 و 3 .

      ( 2 ) السيوطي : تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي – ج 1 ص 139 .



      ( 13 )

      فقال : انظروه فإن كان في المسند وإلا فليس بحجة ) ( 1 ) .



      وقال السيوطي – في معرض دفاعه عن مسند أحمد - : ( ألَّف شيخ الإسلام – يعني ابن حجر العسقلاني – كتابا .. سماه " القول المسدد في الذب عن المسند " قال في خطبته : فقد ذكرت في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة ، وهي في مسند أحمد ، ذبًّا عن هذا التصنيف العظيم الذي تلقته الأمــــــــة بالقبول والتكريم ، وجعله إمامهم حجة يرجـــــــع إليــــــــه ويعوّل عنــــــــد الاختلاف عليه .. ) ( 2 ) .



      ومع ذلك ، فإننا لم نورد سوى الأحاديث التي صححها الهيثمي في كتابه " مجمع الزوائد " .



      " البداية والنهاية " لابن كثير

      يرى ابن كثير أن لم يذكر في كتابه ما شهد له الشرع بالبطلان مما لا تجوز حكايته إلا على سبيل الإنكار ( 3 ) .



      ونحن لم ننقل من كتابه إلا الأحداث النتعلقة بمقتل الحسين عليه السلام ،



      _____________________________

      ( 1 ) نفس المصدر : ج 1 ص 138 .

      ( 2 ) نفس المصدر : ج 1 ص 138 .

      ( 3 ) انظر ابن كثير : البداية والنهاية – ج 1 ص 28 – 29 .



      ( 14 )

      والتي عبر عنها ابن كثير نفسه بقوله : ( وهذه صفة مصرعه – أي مصرع الحسين عليه السلام – مأخوذة من كلام أئمة هذا الشأن ، لا كما يزعمه أهل التشيع من الكذب الصريح والبهتان ) ( 1 ) .



      فهذا اعتراف منه بأن الأحداث التي نقلها عن واقعة الطف مأخوذة من أئمة هذا الشأن وليس الشيعة .



      هذه بعض الأمثلة على آراء علماء أهل السنة في كتبهم التي صنفوها ، والتي اعتمدنا عليها في هذا الكتاب ، ذكرناها على سبيل الإجمال والاختصار .



      وقد اكتفينا في كتابنا هذا بنقض الشبهات والاعتراضات التي أثارها الشيخ عثمان الخميس حول واقعة الطف فقط ، وذلك لأهمية هذا الموضوع ، وكثرة الإشكالات والحديث عنه من قبل المغرضين ، خصوصا في الآونة الأخيرة .



      ونسأل الله عزوجل أن يوفقنا في الأيام القليلة القادمة لمناقشة المسائل والقضايا الأخرى التي تطرق إليها الشيخ عثمان الخميس في كتابه " حقبة من التاريخ " مثل : قضية الإمامة والخلافة ، وعدالة الصحابة ، وكيفية قراءة التاريخ ، وغير ذلك من المواضيع التي تناولها في كتابه ، حيث سنجعل كل واحد منها في حلقة مستقلة ، ليسهل على القاريء الكريم الإحاطة



      _____________________________

      ( 1 ) نفس المصدر : ج 8 ص 137 .



      ( 15 )

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

      يعمل...
      X