تويت
الفنّ التّشكيلي اللبناني المقاوم
إبداع في فلك الحرّيّة
بقلم: حسين أحمد سليم
الفنّ التّشكيلي هو مختبرالفعل الذي يعكس مستوى الخصوبة في فضاءات الخيال الإنسانيّ, وبنفس الوقت هو حركةفعل فنّيّ تحرّريّ وثوريّ, يحمل الإنسان المبدع على صهوات الإنطلاق نحو الهدفالأسمى المنشود, والعروج به في فضاءات البعد الآخر من عوالم الفنّ التّشكيلي,ولوجاً فكريّا أثيريّا نحو سماوات لامتناهيات, ليتراءى له ما لا يتراءى لغيره,ليُجسّد رؤاه دندنة على أطراف شعيرات الرّيش, وموسقة لأطياف الألوان, فوق قماشات تتوقلإحتضان المشهديّات الرّافلة بالخلق, والتي تحاكي حركة فعل الأزاميل والمطارق وهيتتناغم مع الصّخور والحجارة, لتجسيد المنحوتات الجماليّة والتي لا ينقصها سوىالنّطق...
هنا يأتي دور الفنّانالتّشكيلي المقاوم في أرض المقاومة, حيث يقوم بخلق وإبداع نتاج فنّيّ تشكيليّمقاوم, بالرّيشة واللون والقماشة واللوحة والمشهديّة, إلى جانب منحوتة مقاومةصُنعت بالإزميل المقاوم والمطرقة المقاومة بتناغم مع الحجارة المقاومة والصّخورالمقاومة...
الجنوب اللبناني عانى القهروالعذاب من جرّاء الإعتداءات الإسرائيليّة والإجتياحات لأرضه, وذلك في فتراتزمنيّة مضت وما زالت لها ذيولها والإنعكاسات على قراه وبلداته ومدنه وشعبه, سيّماوالعدوّ ما زال يحتل أرض فلسطين العربيّة, ويتربّص بنا وبأرضنا وترابنا عند الحدودالجنوبيّة لهذا الوطن... هذا الجنوب اللبناني بمحنته المؤلمة, وضع الفنّانين التّشكيلييناللبنانيين والجنوبيين منهم على وجه الخصوص, وبالتّالي الفنّانين التّشكيليينالعرب والأجانب, وضعهم أمام مسؤوليّاتهم وتكاليفهم ومهامّهم الأساسيّة والجوهريّةفي مساراتهم الفنّيّة التّشكيليّة والفكريّة والثّقافيّة والحضاريّة... بحيث هممطالبون بحركات التّفاعل الجدّي على أكثر من صعيد فنّي ووجداني, مساهمة منهم فيتخليد فعل المقاومة في جزء من نتاجهم الفنّي التّشكيلي, مساندة للسّواعد المقاومةفوق تراب الجنوب, وبالتّالي مناصرة للبنادق التي كان لها الدّور الأبرز في عمليةدحر هذا العدوّ, وإسقاط مقولته الواهية وتحطيم هيبته التي كان يعتقد أنّها لم ولنولا تتحطّم...
فنّانون تشكيليّون لبنانيّونوجنوبيّون وعرب وأجانب, تفاعلو بصريّا وفكريّا ووجدانيّا مع الجنوب اللبنانيالمقاوم, وحرّروا مخيّلاتهم وأيديهم وأناملهم وريشهم وألوانهم وقماشاتهم وأزاميلهمومطارقهم ومناشيرهم ومثاقبهم وحجارتهم, وصاغوا فنّا تشكيليّا مقاوما بمشهديّاتهم ولوحاتهم ومنحوتاتهم, في تجاربلعلاقات فنّيّة تشكيليّة تتماهى فوق تراب وأرض الجنوب المقاوم, وفي أكثر من مكانفي بعض المدن والبلدات والقرى الجنوبيّة... بحيث كان الحضور الذّاتي الفاعلوالمتحرّر للفنّانين التّشكيليين اللبنانيين والعرب والأجانب, وأبدعوا ما أبدعوامن جماليات فنّيّة تشكيليّة, تحوّلت إلى تعابير خاصّة تعكس مدى عمق العلاقةالمباشرة مع التّحرير والتّحرّر...
الفنّ التّشكيلي المقاومتماهى على أرض الواقع بكوكبة من الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين والعربوالأجانب, حضروا بأنفسهم إلى أرض الجنوب المقاوم, وعاشوا بحضورهم الوجداني والفكريوالفنّي التّشكيلي رسما ونحتا, عاشوا رمزيّة تجربة المقاومة ورمزيّة تجربةالإعتقال, وتنفسّوا هواء أرض الجنوب اللبناني المقاوم, وتنفسّوا أيضا هواءالمعتقلات التي فرضها الإحتلال العسكري للعدوّ الإسرائيلي, ولامسوا بشكل محسوسوواقعي, تجربة إعتقال الحرّيات وتجربة أسر الأجسام, وتجربة القهر والألم والمعاناةالتي قهرت النّفوس التي لا تُقهر...
مُلتقيات وسمبوزيومات ومعارضوإحتفالات ومهرجانات للفنّ التّشكيلي المقاوم, توزّعت على أكثر من مكان فوق تربةالجنوب المقاوم والصّامد, تربة الشّواطيء والسّهول والجبال وشوارع المدن والبلداتوالقرى, المضمّخة بدماء الشّهداء السّعداء, حيث تحمل ذاكرة هذه الأشياء والمواقعوالنّواحي, وقع خطى أولئك الشّهداء الأبرار وهمس أنفاسهم ودبيب أجسامهم... وهو ماينعكس فعاليّة في وجدان الفنّان التّشكيلي الذي حجّ أرض الجنوب الصّامد المقاوم,وراح يستنبط ممّا يتناهى لوجدانه وخيالاته من حركة التّحرير والتّحرّر, وكأنّهيعيش حيثيات ومراحل ثورة التّحرير, متحسّسا أحداثها ومستشعرا لحظاتها الحاسمة,متفاعلا مع ما يتناهى لخيالاته من ذبذبات تخترق كينونته, لتستقرّ في وعيه وتتحوّلإلى شحنات إنفعاليّة فنّيّة تشكيليّة, تُجسّد عواطفه الجيّاشة بنبلها في إبداعاتفنّيّة تشكيليّة متنوّعة رسما ونحتا, تعكس تجربة التّحرير من نواحي متعدّدة فيلوحات ومشهديّات متنوّعة...
منظّمات ومؤسّسات ونقاباتوجمعيات فكريّة وثقافيّة وحضاريّة وفنّيّة كثيرة, ومنها: مؤسّسة جبل, مؤسّسةالحريري, المجلس الثّقافي للبنان الجنوبي, جمعيّة إبداع وغيرها... جميعها ساهمت فيعمليّات الإهتمام بثورة التّحرير للجنوب اللبناني, وأقامت وأحيت العديد منالملتقيات والتّجمّعات والمعارض الفنّيّة التّشكيليّة, بحيث توزّعت نشاطاتها فيالمدن والبلدات والقرى, صيدا, صور, النبطيّة, الخيام, قانا...
الفنّانون التّشكيليّوناللبنانيون والجنوبيّون والعرب والأجانب, الذين ساهموا وشاركوا في الخلق والإبداعللجنوب والتّحرير كثر, إضافة لطلبة معاهد الفنون في الجامعات اللبنانيّة, نذكرمنهم على سبيل المثال لا الحصر:
جيوفاني فرنكو من إيطاليا,إدوين فوتيه من هولندا, ميري أبراهامسن من النّروج, أيمن غرايبه من الأردن, هيلداحياري من الأردن, سهيل بقاعين من الأردن, عبد الله نواوي من السّعوديّة, نبيل نجديمن السّعوديّة, طه الصّبّان من السّعوديّة, عبد الجبّار أليحيا من السّعوديّة,طلال معلا, علي سليمان من لبنان, علي السّرميني من سوريّا, ممدوح قشلان من سوريّة,مجيد جمّول من سوريّا, أحمد الأحمد من سوريّا, عبد المنان شمّا من سوريا, عبدالسّلام عيد من مصر, محمّد عبلة من مصر, عبّاس الكاظم من العراق, هيمت محمّد عليمن العراق, عمران القيسي من العراق مقيم في لبنان, حكيم العاقل من اليمن, يوسفأحمد من قطر, جعفر دشتي من الكويت, ثريّا البقصمي من الكويت, حسين عبيد من مسقط,إلهام الفرجاني من ليبيا, عبد الرّحيم سالم من الإمارات العربيّة المتّحدة, بلقيسفخرو من البحرين, محمّد الحسن علي عثمان من السّودان, عبد الوهاب الدّرديري منالسّودان, محمّد العامري من الأردن...
ومن لبنان نذكر بعض الذين شاركواعلى سبيل المثال لا الحصر أيضا ومنهم:
فريد منصور, فطام مراد,محمّد كامل لطفي, نزيهة كنيعو, أكرم قانصوه, شربل فارس, فارس غصّوب, مصطفى عبيد,عماد عيسى, هند الصّوفي عسّاف, شوقي شوكيني, محمّد الشّاعر, سليمان سليمان, مفيدزيتوني, ندى طرابلسي دبليز, محمّد خالد, كريم الحاج, مليكة الحرّ, مرام حرب, فؤادجوهر, فاطمة الحاج, عدنان المصري, يوسف عون, عزّت مزهر, جميل ملاعب, وجيه نحلة,محمّد عزيزة, يوسف غزّاوي, أنج الخليل, سمير أبي راشد, فيروز شمعون, ليلى الزّينطاهر, فضل زيادة, غولين دربوغوصيان, وآخرون...