هل تزوجت خديجة بأحد قبل النبي (صلى الله عليه وآله)؟!
لقد كانت خديجة (سلام الله عليها) من خيرة نساء قريش شرفاً، وأكثرهنّ مالاً، وأحسنهنّ جمالاً وكانت تدعى في الجاهلية بـ(الطاهرة) ويقال لها: (سيدة قريش) وكل قومها كان حريصاًعلى الاقتران بها لو يَقْدِر عليه. وقد خطبها عظماء قريش،وبذلوا لها الأموال. وممن خطبها عقبه بن أبي المعيط، والصلت بن أبي يهاب، وأبو جهل، وأبو سفيان، فرفضتهم جميعاً، واختارت النبي (صلى الله عليه وآله)، لما عرفته فيه من كرم الأخلاق وشرف النفس والسجاياالكريمة العالية. ونكاد نقطع - بسبب تضافر النصوص - بأنها هي التيقد أبدت أولاً رغبتها في الاقتران به (صلى الله عليه وآله).
والسؤال الذي يثار هنا هو هل أنخديجة قد تزوجت بأحد قبل النبي محمد (صلى الله عليه وآله)؟
فقسم من الباحثين يأخذون ما قدقيل كَمُسَلَمه والتي ترى: بأن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لم يتزوج بكراً غير عائشة، وأما خديجة، فيقولون: إنها قد تزوجت قبله (صلى الله عليه وآله) برجلين، ولها منهما بعض الأولاد. وهما عتيقبن عائذ بن عبد الله المخزومي، وأبو هاله التميمي.
ولكن قسم كبير من الباحثين والمحقيقين المعروفين يرون غير هذا بعد أن اعتمدوا التقصي الدقيق للحقائق التاريخية،فيقول العلامة الكبير المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه الموسوم: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) الجزء الثاني 122 ما يلي:
(أما نحن فنقول: إننا نشك في دعواهم تلك، ونحتمل جداً أنيكون كثير مما يقال في هذا الموضوع قد صنعته يد السياسة. ولانريد أن نسهب في الكلام عن اختلافهم في اسم أبي هالة، هل هوالنباش بن زرارة أو عكسه، أو هند، أو مالك، وهل هو صحابي أولاً وهل تزوجته قبل عتيق. أو تزوجت عتيقاً قبله، ولا في كون هند الذي ولدته خديجة هو ابن هذاالزوج أو ذاك فإن كان ابن عتيق فهو أنثى: (كما ورد في كتابالأوائل لأبي هلال العسكري الجزء الأول الصفحة 159 وقال: إنهنداً هذه قد تزوجت من صيفي بن عائذ فولدت محمد بن صيفي)،وإلا فإن هند ذَكرْ. وأنه هل قتل مع علي في حرب الجمل، أو مات بالطاعون بالبصرة.
إذن كثيرة هي الاختلاف اتوالتخرصات بهذا الشأن بل وكثيرة جداً وإذا أردت عزيزي القارئ أن تَطَلّع عليها فما عليك إلا أن تراجع المصادر التالية: وتقارن بينها: الإصابة ج 3ص -612، ونسب قريش لمصعب الزبيري ص22، والسيرة الحلبية: ج 1ص 140، وقاموس الرجال: ج 10 ص 431، ونقل عن البلاذري وأسدالغابة: ج 5 ص 12-13 و71 وغير ذلك كثير.
ولأجل أن نُبرز لك الحقيقةالتاريخية الجلية بسهولة ودون خوضك في كل المصادر أعلاه وغيرها سنعرض المسألة عليك وفق التحليل الدقيق للعلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العامليحيث يورد ما يلي:
أولاً: قال ابن شهر آشوب: (وروىأحمد البلاذري، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما، والمرتضى في الشافي، وأبو جعفر في التلخيص:
أن النبي (صلى الله عليه وآله) تزوج بها، وكانت عذراء.
يؤكد ذلك ما ذكر في كتابيالأنوار والبدع: أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة(1).
وثانياً: قال أبو القاسم الكوفي

فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكونخديجة، يتزوجها إعرابي من تميم، وتمتنع من سادات قريش، وأشرافها على ما وصفناه؟! ألا يعلم ذوو التميز والنظر: أنه من أبين المحال، وافظع المقال؟!)(2).
وأما الرد على ذلك بأنه لا يمكن أنتبقى امرأة شريفة وجميلة هذه المدة الطويلة بلا زواج.
فليس على ما يرام، لأن ذلك لا يبرررفضها لعظماء قريش وقبولها بإعرابي من بني تميم.
وأما كيف يتركها أبوها أو وليهابلا تزويج.
فقد قلنا: أن أباها قد قتلفي حرب الفجار، وأما وليها، فلم يكن له سلطة الأب ليجبرها على الزواج ممن أراد.
وبقاء المرأة الشريفةوالجميلة مدة بلا زواج ليس بعزيز. إذا كانت تصبر إلى أن تجد الرجل الفاضل الكامل، الذي كان يعزوجوده في تلك الفترة.
وثالثاً: كيف لم يعيرها زعماءقريش الذين خطبوها فردتهم، بزواجها من إعرابي بوّال على عقبيه؟!
يتبع...........
تعليق