رصاص غير مسؤول
مرة أخرى تثبت الأحداث الرياضية انها في قلوب وأذهان الجماهير بقوة، وان لها تأثيراً يفوق تأثير أي أحداث أخرى، وان ما يجري داخل المشهد الرياضي يمتد مداه الى مديات ومساحات واسعة في جميع محافظات ومدن وقرى وقصبات العراق إضافة الى الجالية العراقية في الخارج وهذا ما رأيناه خلال أحداث بطولة كأس الخليج العربي بكرة القدم المقامة حالياً في البحرين ومجموع المباريات التي خاضها العراق خلالها والتي تركت شواهد على مجمل حركة الشارع العراقي ودوائر ومؤسسات الدولة وعمل الأسواق التجارية وغيرها.
المباريات أثبتت نقاطاً جوهرية غاية في الأهمية منها التفاعل الجماهيري معها ومع كل ما يمس السمعة العراقية وفي جميع المحافل المحلية والدولية واستغلال جميع الفرص التي تمكّن العراق من استعادة بريقه وموقعه الريادي بين دول العالم، وتأثير الرياضة على حركة الشارع وانسيابيته وحتى الساحة السياسية التي تأثرت هي الأخرى بها انسجاماً مع متطلبات وتطلعات الجماهير وهذا ما يحصل في جميع دول العالم وليس في العراق فقط.
هذا التأثير الرياضي الكبير على مجمل الأحداث والوقائع السياسية توضح بشكل فاعل نهاية الأسبوع الماضي بعد ضمان تأهل الفريق العراقي الى المرحلة الثانية من البطولة، حيث هبت الجماهير العراقية في بعض شوارع العاصمة بغداد والمدن الأخرى، وانطلقت بمسيرات عفوية واحتفالات شعبية وهي تصفق وترقص فرحة ومسرورة بالإنجاز الكروي- السياسي- الجماهيري، لكن مشاهد الأفراح لم تدم طويلا نتيجة الرمي العشوائي بوساطة الأسلحة الخفيفة والتي أدت الى تساقط عشرات الضحايا الذين بددت أفراحهم رصاصات طائشة غير مسؤولة اضطرتهم لإكمال مراسم الفرح في مستشفيات الكرخ والكاظمية والكندي وغيرها !.
الفرحة والسرور والتمتع بهما هي حقوق مشروعة لكل مواطن كذلك وسائل التعبير عنهما بمختلف الطرائق والوسائل ولكن شريطة عدم تعارض أحقية ممارسة هذه الأفراح مع المصلحة العامة وتعريض حياة المواطنين الآخرين للأذى لأنهم بالتأكيد أهم من كل البطولات الرياضية، كما ان تحقيق الانتصارات والانجازات يحدث في جميع دول العالم وهي تحتفل بها بأشكال متنوعة حسب ثقافاتها وتقاليدها ولكن دون خدش جلد أي مواطن أو الإضرار به وقتل فرحته !.
علي جاسم
تعليق