ايران و سورية .. تحالف استراتيجي لحماية انتصارات الامة
في ضوء الزيارة الرسمية لرئيس وزراء سوريا الدكتور وائل الحلقي الى الجمهورية الاسلامية ولقائه كبار المسؤولين الايرانيين، ثمة حقيقة يتعين معرفتها عند القاصي والداني، وهي ان العلاقات بين طهران ودمشق، استراتيجية ومصيرية وهي متجذرة وراسخة ولايمكن ان تتأثر او تتراجع مهما بلغت التحديات والضغوط الرامية ـــ عبثا ــ الى اضعافها وتقويضها.
فالتحالف الايراني ــ السوري طيلة السنوات الاربع والثلاثين الماضية هو نموذج فريد في العلاقات البينية اقليميا ودوليا، وقد لعب دورا كبيرا ومنقطع النظير من اجل حماية الحقوق والتطلعات الاسلامية والعربية، وحقق انتصارات عظيمة لا يعرف قدرها الا المناضلون الرساليون والخبراء الاستراتيجيون والمفكرون المنصفون، والاهم انها محفورة في قلب وعقل كل فرد من ابناء العالم الاسلامي، وفي ذاكرة جميع امم الارض.
لقد ضربت سوريا وايران اروع الامثلة في الثبات على المواقف المشروعة، والتمسك بالحقوق العادلة، والالتزام بنهج المقاومة لمقارعة المشاريع الاميركية والاوروبية والاسرائيلية، و اجهاض مآربها السلطوية والاستغلالية.
نقول ذلك بكل ايمان وثقة ووعي، لان سورية حافظ وبشار الاسد التي وقفت مع الجمهورية الاسلامية في السراء والضراء، تتعرض حالیا لأشرس مؤامرة صهيوغربية بالتواطؤ مع بعض الانظمة البترولية المتخلفة في المنطقة، نتيجة لصمودها الاسطوري ودورها المشرف في دعم قوى المقاومة والجهاد المقدس في فلسطين ولبنان، وكانت المحصلة هي الحاق الهزائم المذلة بالعدو الصهيوني المتغطرس منذ عام 1982 وحتى يومنا هذا.
ويمكن القول على وجه الاطلاق انه لولا الدعم الايراني ــ السوري المطلق للمجاهدين اللبنانيين والفلسطينيين، لما اعاد المسلمون والعرب هيبتهم وكرامتهم اللتين اضاعتهما الانظمة الرسمية الانهزامية في الشرق الاوسط، سيما الحكومات التي قيدت شعوبها وثروات بلدانها بمعاهدات الصلح والتطبيع الخیانیة مع "اسرائيل" الغاصبة.
والواقع ان الذين واكبوا وما فتئوا مسيرة الاحداث في المنطقة، يدركون الاهمية القصوى والبالغة التأثير للتحالف السوري ــ الايراني وما ترتب عليه من مكاسب مادية ومعنوية على مستوى الامة باسرها. وبالتالي فانهم يعرفون الاسباب الحقيقية التي تقف وراء الحملة الاستكبارية الشعواء على دمشق.
فقد وضعت الاستراتيجية الاميركية ــ الاوروبية مخططاتها للمنطقة فی سبعینیات القرن العشرین المنصرم ،على اساس تطويع بلدانها وشعوبها للمشروع (الغربي ــ الصهيوني)، وبما يؤدي الى انعدام أي تحد وممانعة. وقد كان الهدف الاساس لهذا المشروع هو تحويل العالم الاسلامي الى عالم خال من الغيرة والحمية والمقاومة، الا ان تلك المخططات انهارت وتحطمت على صخرة التحالف (الايراني ــ السوري) الذي جعل من "اسرائيل" اضحوكة ومسخرة، والقى بـ "اسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر" في مزبلة التاريخ.
وهكذا يتضح لنا ان (تلازم المسارین السوري ــ الايراني) على مر العقود الماضية، هو الذي عرف العالم والمجتمع الدولي بالطاقات والامكانيات والقابليات الهائلة التي تختزنها الامة الاسلامية والعربية، مثلما كشف لهم هشاشة القواعد التي استندت اليها "اسرائيل" وعربدتها وارهابها المتواصل منذ ما يزيد على (65) عاما.
وعلى العموم فان زيارة الدكتور وائل الحلقي والوفد السوري الرفيع المستوى المرافق له الى طهران، لا تعتبر حدثا طارئا ــ كما قد يصوره البعض- لان البلدين وكبار المسؤولين فيهما على تواصل دائم، وهم يتشاورون ويتبادلون وجهات النظر حتى على مستوى القضايا الداخلية في كل قطر.
كما ان الجمهورية الاسلامية الايرانية والجمهورية العربية السورية تجتمعان دوريا على مستوى اللجنة الاقتصادية العليا المشتركة بالتعاقب في دمشق وطهران وبالعكس. وقد اثمرت هذه الاجتماعات المئات من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والمشاريع لفائدة تطوير وتوسيع مجالات التعاون والتنسيق والاستثمار ودعم مقومات التنمية المستدامة في كلا البلدين.
ومع ذلك فان لقاءات الضيف السوري الكبير والوفد المرافق له مع رئيس الجمهورية الدكتور محمود احمدي نجاد وكبار المسؤولين الايرانيين فی طهران، تجتذب الانظار – هذه المرة – باعتبارها فرصة ذهبية لقراءة التطورات والمستجدات على مستوى البلدين الحليفين، وتقييم نتائج الحرب الاستكبارية المعلنة على (سوريا الدولة والشعب)، وبالتالي مقاربة الرؤى والافكار والتصورات الثنائية في سبيل الخروج باستراتيجية موحدة ومتماسكة لمقاومتها و اجهاضها حقنا للدماء الطاهرة والبريئة التي تسفك هناك بفعل التدخلات الغربیة والعنصریة والرجعية.
حميد حلمي زادة
16 - 1 - 2013