خادم الحسين وطالب شفاعته
عبد الباري الدخيل
من خلال إجابتنا على الأسئلة التالية سوف نجيب على هذا السؤال المهم جدا، هذه الأسئلة بمثابة المقدمة للموضوع ومجموعها اجابة على هذا التساؤل…
من هم الشيعة؟
لو فتشنا في كتب الأحاديث لعرفنا من هم شيعة الحسين عليه السلام.. إن أهل البيت عليهم السلام يتحدثون عن شيعتهم فيحددون مواصفاتهم العامة بحيث يصبح فاقد هذه الصفات غير معدود من شيعتهم باختلاف مستويات تخلف هذه الصفات، في درجاتها فقد يسلب أصل الصفة وقد يسلب بعض درجاتها:
ـ شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيرا
ـ شيعتي من لم يهر هرير الكلب ولم يطمع طمع الغراب
ـ شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة
ـ شيعتنا من قدم ما استحسن وأمسك ما استقبح وأظهر الجميل وسارع بالأمر الجليل، رغبة إلى رحمة الجليل، فذاك منا وإلينا ومعنا حيثما كنا.
- ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة وكثرة ذكر الله.
- شيعتنا هم الشاحبون الذابلون الناحلون، الذين إذا جنهم الليل استقبلوه بحزن. -: إنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه، واشتد جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر.
- امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها عند عدونا، وإلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها.
- إن شيعتنا من شيعنا واتبع آثارنا واقتدى بأعمالنا.
- إنما شيعتنا يعرفون بخصال شتى: بالسخاء والبذل للإخوان، وبأن يصلوا الخمسين ليلا ونهارا.
- لا تذهب بكم المذاهب، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عزوجل.
هل أهل الكوفة شيعة؟
على أي أساس يبنون اتهامهم للشيعة بقتل الإمام الحسين ؟.
انهم يقولون أن اهل الكوفة شيعة علي والحسين وهم من قتله.. فهل هذا الكلام صحيح؟.
- بالطبع لا.
- لماذا؟.
لأن: كونهم محكومين بأنّهم كانوا تحت إمرة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) لا يدل على انهم شيعة علي (ع) كما أنّه ليس كلّ من صلّى خلف علي أو قاتل في جيش علي هو شيعي بالضرورة لأنّ الامام علي (ع) يعتبر الخليفة الرابع للمسلمين فالكلّ يقبله بهذا الاعتبار لا باعتبار أنّه معصوم وأنّه الخليفة بعد رسول الله (ص) مباشرة.
مضافا الى هذا مواقفهم من الحسين (ع) ومن معه يوم عاشوراء تدل على انهم ليسوا بشيعة له من قبيل منعهم الماء عليه فيخاطبهم برير الهمداني بقوله: … وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه قد حيل بينه وبين ابن رسول الله، فقالوا: يا برير قد اكثرت الكلام فاكفف والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله. يقصد عثمان بن عفّان ) فهل هذا جواب شيعي.
صحيح ان اكثر الشيعة في الكوفة لكن لا اكثر الكوفة شيعيّة والدليل على ان الشيعة كانوا اقليّة في الكوفة هو عدّة قضايا منها ماذكرته جميع التواريخ من ان علياً لما تولّى الخلافة اراد ان يغيّر التراويح فضجّ الناس بوجهه في المسجد وقالوا: وا سنّة عمراه.
ومنها: في الفقه الاسلامي اذا قيل هذا رأي كوفي فهو رأي حنفي لا رأي جعفري.
وللمزيد من الفائدة نذكر لكم نص كلام السيد محسن الامين في كتابه اعيان الشيعة: 1/585.
«حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلى دين، وبعضهم أجلاف أشرار، وبعضهم اتبعوا رؤساءهم الذين قادهم حب الدنيا إلى قتاله، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد، أما شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً وما برحوا حتى قتلوا دونه ونصروه بكل مافي جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم وكثير منهم لم يتمكن من نصره أو لم يكن عالماً بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه وبعضهم خاطر بنفسه وخرق الحصار الذي ضربه ابن زياد على الكوفة وجاء لنصره حتى قتل معه، أما ان أحداً من شيعته ومحبيه قاتله فذلك لم يكن، وهل يعتقد أحد إن شيعته الخلص كانت لهم كثرة مفرطة ؟ كلا، فما زال أتباع الحق في كل زمان أقل قليل ويعلم ذلك بالعيان وبقوله تعالى: وقليل من عبادي الشكور ».
ثم أنهم الجيش الذي خلفه عثمان بن عفان وكانوا تربيته وتربية ابي بكر وعمر وما دخل الشيعة.. فهل انقلب الجيش العثماني الى جيش شيعي بمجرد قتل عثمان..
أم ان الناس كلهم شيعة في عهد ابي بكر وعمر وعثمان ايضا ولم يكن اجماع على امامتهم..
فمتى إذا بدأ التسنن؟؟؟؟؟؟؟.
هل الجيش الكوفي شيعة ؟.
ان الشيعة في الكوفة يمثّلون سبع سكّانها وهم (15) الف شخص كما نقل التاريخ وحدود (12) الف زجّوا في السجون وقسم منهم اعدموا وقسم منهم سفّروا الى الموصل وخراسان وقسم منهم شرّدوا وقسم منهم حيل بينهم وبين الحسين (ع) مثل بني غاضرة وقسم منهم استطاعوا ان يصلوا الى الحسين (ع).
اذن شيعة الكوفة لم تقتل الحسين (ع) وانّما أهل الكوفة قتلوا الحسين (ع) بمختلف قومياتهم ومذاهبهم.
وإن كان فيهم من كان شيعيا فبمجرد مشاركته في جيش القتلة لا يصبح شيعيا كما ذكرنا ذلك في الإجابة على السؤال الأول.. فتأمل.
نحن نجد في الطرف الآخر أن الإمام الحسين عليه السلام وهو العليم بمن يقاتله وصف الجنود الذين كانوا في المعسكر المقابل بأنهم: شيعة آل أبي سفيان. فقد ورد أن الحسين عليه السلام لما وقع صريعا وهجم القوم على مخيمه نادى : ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون.
وفي خطابه فيهم في يوم عاشوراء يحدد صفات قاتليه فيقول ( فسحقا يا عبيد الأمة، وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب، ومحرفي الكلم، وعصبة الآثام ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن، أهؤلاء تعضدون. وعنا تتخاذلون ؟ أجل والله الغدر فيكم قديم، وشجت إليه أصولكم وتأزرت عليه فروعكم، فكنتم أخبث ثمر شجا للناظر وأكلة للغاصب ).
بل إن هذا الأمر كان واضحا لكل الأطراف فهذا عبيد الله بن زياد كان يرى ان النصر قد حصل لشيعة آل أمية، وأن القتل كان من نصيب شيعة الحسين مما يعني أن القتلة كانوا من المعسكر الآخر..فإنه ( لما دخل عبيد الله القصر ودخل الناس نودى الصلاة جامعة فاجتمع الناس في المسجد الأعظم فصعد المنبر ابن زياد فقال الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبه وقتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن على وشيعته فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتى وثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي ثم الغامدي ثم أحد بنى والبة وكان من شيعة على كرم الله وجهه وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع على فلما كان يوم صفين ضرب على رأسه ضربة وأخرى على حاجبه فذهبت عينه الأخرى فكان لا يكاد يفارق المسجد الأعظم يصلى فيه إلى الليل ثم ينصرف قال فلما سمع مقالة ابن زياد قال يا ابن مرجانة إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك والذى ولاك وأبوه يا ابن مرجانة أتقتلون ابناء النبيين وتكلمون بكلام الصديقين )، وهكذا كانت الحوارات بين المجاهدين الحسينيين والمرتزقة الأمويين تشير إلى أن الطرف المقاتل والمعادي للحسين لم يكن من شيعته وإنما من شيعة غيره فقد تكلم حبيب بن مظاهر وقال لهم: أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه عليه السلام وعترته وأهل بيته صلى الله عليه وسلم وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيرا ! فقال له عزرة بن قيس: إنك لتزكى نفسك ما استطعت ! فقال له زهير( بن القين ): يا عزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإنى لك من الناصحين أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية ! فقال: يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانيا !!
قال: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم أما والله ما كتبت إليه كتابا قط ولا أرسلت إليه رسولا قط ولا وعدته نصرتي قط ولكن الطريق جمع بينى وبينه فلما رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت أن أنصره وأن أكون في حزبه وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله...
ولنا أن نتساءل عن قتلة الحسين وأصحابه، فهل كان عمربن سعد بن ابي وقاص من شيعة الحسين ؟ أو أن يزيد بن معاوية كان من شيعة الحسين عليه السلام ؟ أو أن عبيد الله بن زياد كان من شيعته ؟ وهل كان حجار بن أبجر من شيعة الحسين ؟.
إن مثل هذا الكلام عندما يصدر من كاتب أو مؤرخ فإنه يكون بمثابة اشتراك واضح في الجريمة بحيث يتهم فيها غير الجاني ويبرئ الجاني الحقيقي.
من الذي كتب للإمام الحسين (ع) ؟.
كون أهل الكوفة محكومين بأنّهم كانوا ممّن ارسلوا الى الحسين (ع) برسائل تدعوه للمجيء الى الكوفة لا يدل على أنهم شيعة الحسين (ع) لانهم كانوا يتعاملون مع الحسين (ع) باعتباره صحابي وسبط الرسول (ص) وله اهليّة الخلافة والقيادة لا باعتبار أنّه امام من الائمة الاثني عشر وأنّه معصوم وأنّه هو أحقّ بالخلافة من غيره.
كما أن الموجود من الصحابة أو من رجالات المجتمع إذا صح التعبير لا يعتمد عليهم فهذا ابن عمر سرعان ما سلّم عندما قال: (اذا بايع الناس بايعت) !، واما ابن الزبير فقد ادرك الناس انه يسعى للمنصب والتأمر، فلم تكن لديه دوافع دينية.
ان تلبية الحسين (عليه السلام) لدعوة اهل الكوفة ليس لأنهم من شيعته، بل إنها تنطوي على عدة مضامين منها:
1 ـ ان استجابته لهم هي لقطع الالسنة وقطع المعاذير، والحقيقة ان الامر اعمق من ذلك، وهذا ما سيتبين في النقاط التالية.
2 ـ ان الامام الحسين (عليه السلام) كان يعلم بمقتله، لان جده رسول الله (ص) اخبر بذلك ودفع اليه بتربة من كربلاء ـ وهذا يرويه علماء من الفريقين ـ كما انه قال (عليه السلام): (وخيّر لي مصرع انا لاقيه).
3 ـ ان أي مكان لم يكن قادر على ايواء الحسين (عليه السلام) بدليل قوله (عليه السلام): (لو كنت في جوف هامة من هوام الارض لاستخرجوني وقتلوني).
4 ـ ان الامام الحسين (عليه السلام) لم يكن ينوي اللجوء الى شيعته، ولم يخرج للدفاع عنهم بل قالها بصراحة: ( خرجت لآمر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير بسيرة جدي..)، فالحسين (عليه السلام) قصد الكوفة باعتبارها واحدة من الحواض المتمردة على الحكم الاموي ـ غالباً ـ، وباعتبار الاعراق والقوميات المختلفة فيها، وباعتبار الواجب الذي يراه (عليه السلام) ملقىً على عاتقه فقط.
وللحديث بقيه
منقووووووووووووووووووول
عبد الباري الدخيل
من خلال إجابتنا على الأسئلة التالية سوف نجيب على هذا السؤال المهم جدا، هذه الأسئلة بمثابة المقدمة للموضوع ومجموعها اجابة على هذا التساؤل…
من هم الشيعة؟
لو فتشنا في كتب الأحاديث لعرفنا من هم شيعة الحسين عليه السلام.. إن أهل البيت عليهم السلام يتحدثون عن شيعتهم فيحددون مواصفاتهم العامة بحيث يصبح فاقد هذه الصفات غير معدود من شيعتهم باختلاف مستويات تخلف هذه الصفات، في درجاتها فقد يسلب أصل الصفة وقد يسلب بعض درجاتها:
ـ شيعتنا الذين إذا خلوا ذكروا الله كثيرا
ـ شيعتي من لم يهر هرير الكلب ولم يطمع طمع الغراب
ـ شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة
ـ شيعتنا من قدم ما استحسن وأمسك ما استقبح وأظهر الجميل وسارع بالأمر الجليل، رغبة إلى رحمة الجليل، فذاك منا وإلينا ومعنا حيثما كنا.
- ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتخشع وأداء الأمانة وكثرة ذكر الله.
- شيعتنا هم الشاحبون الذابلون الناحلون، الذين إذا جنهم الليل استقبلوه بحزن. -: إنما شيعة علي من عف بطنه وفرجه، واشتد جهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر.
- امتحنوا شيعتنا عند ثلاث: عند مواقيت الصلاة كيف محافظتهم عليها، وعند أسرارهم كيف حفظهم لها عند عدونا، وإلى أموالهم كيف مواساتهم لإخوانهم فيها.
- إن شيعتنا من شيعنا واتبع آثارنا واقتدى بأعمالنا.
- إنما شيعتنا يعرفون بخصال شتى: بالسخاء والبذل للإخوان، وبأن يصلوا الخمسين ليلا ونهارا.
- لا تذهب بكم المذاهب، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عزوجل.
هل أهل الكوفة شيعة؟
على أي أساس يبنون اتهامهم للشيعة بقتل الإمام الحسين ؟.
انهم يقولون أن اهل الكوفة شيعة علي والحسين وهم من قتله.. فهل هذا الكلام صحيح؟.
- بالطبع لا.
- لماذا؟.
لأن: كونهم محكومين بأنّهم كانوا تحت إمرة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) لا يدل على انهم شيعة علي (ع) كما أنّه ليس كلّ من صلّى خلف علي أو قاتل في جيش علي هو شيعي بالضرورة لأنّ الامام علي (ع) يعتبر الخليفة الرابع للمسلمين فالكلّ يقبله بهذا الاعتبار لا باعتبار أنّه معصوم وأنّه الخليفة بعد رسول الله (ص) مباشرة.
مضافا الى هذا مواقفهم من الحسين (ع) ومن معه يوم عاشوراء تدل على انهم ليسوا بشيعة له من قبيل منعهم الماء عليه فيخاطبهم برير الهمداني بقوله: … وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه قد حيل بينه وبين ابن رسول الله، فقالوا: يا برير قد اكثرت الكلام فاكفف والله ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله. يقصد عثمان بن عفّان ) فهل هذا جواب شيعي.
صحيح ان اكثر الشيعة في الكوفة لكن لا اكثر الكوفة شيعيّة والدليل على ان الشيعة كانوا اقليّة في الكوفة هو عدّة قضايا منها ماذكرته جميع التواريخ من ان علياً لما تولّى الخلافة اراد ان يغيّر التراويح فضجّ الناس بوجهه في المسجد وقالوا: وا سنّة عمراه.
ومنها: في الفقه الاسلامي اذا قيل هذا رأي كوفي فهو رأي حنفي لا رأي جعفري.
وللمزيد من الفائدة نذكر لكم نص كلام السيد محسن الامين في كتابه اعيان الشيعة: 1/585.
«حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلى دين، وبعضهم أجلاف أشرار، وبعضهم اتبعوا رؤساءهم الذين قادهم حب الدنيا إلى قتاله، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد، أما شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً وما برحوا حتى قتلوا دونه ونصروه بكل مافي جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم وكثير منهم لم يتمكن من نصره أو لم يكن عالماً بأن الأمر سينتهي إلى ما انتهى إليه وبعضهم خاطر بنفسه وخرق الحصار الذي ضربه ابن زياد على الكوفة وجاء لنصره حتى قتل معه، أما ان أحداً من شيعته ومحبيه قاتله فذلك لم يكن، وهل يعتقد أحد إن شيعته الخلص كانت لهم كثرة مفرطة ؟ كلا، فما زال أتباع الحق في كل زمان أقل قليل ويعلم ذلك بالعيان وبقوله تعالى: وقليل من عبادي الشكور ».
ثم أنهم الجيش الذي خلفه عثمان بن عفان وكانوا تربيته وتربية ابي بكر وعمر وما دخل الشيعة.. فهل انقلب الجيش العثماني الى جيش شيعي بمجرد قتل عثمان..
أم ان الناس كلهم شيعة في عهد ابي بكر وعمر وعثمان ايضا ولم يكن اجماع على امامتهم..
فمتى إذا بدأ التسنن؟؟؟؟؟؟؟.
هل الجيش الكوفي شيعة ؟.
ان الشيعة في الكوفة يمثّلون سبع سكّانها وهم (15) الف شخص كما نقل التاريخ وحدود (12) الف زجّوا في السجون وقسم منهم اعدموا وقسم منهم سفّروا الى الموصل وخراسان وقسم منهم شرّدوا وقسم منهم حيل بينهم وبين الحسين (ع) مثل بني غاضرة وقسم منهم استطاعوا ان يصلوا الى الحسين (ع).
اذن شيعة الكوفة لم تقتل الحسين (ع) وانّما أهل الكوفة قتلوا الحسين (ع) بمختلف قومياتهم ومذاهبهم.
وإن كان فيهم من كان شيعيا فبمجرد مشاركته في جيش القتلة لا يصبح شيعيا كما ذكرنا ذلك في الإجابة على السؤال الأول.. فتأمل.
نحن نجد في الطرف الآخر أن الإمام الحسين عليه السلام وهو العليم بمن يقاتله وصف الجنود الذين كانوا في المعسكر المقابل بأنهم: شيعة آل أبي سفيان. فقد ورد أن الحسين عليه السلام لما وقع صريعا وهجم القوم على مخيمه نادى : ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون.
وفي خطابه فيهم في يوم عاشوراء يحدد صفات قاتليه فيقول ( فسحقا يا عبيد الأمة، وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب، ومحرفي الكلم، وعصبة الآثام ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن، أهؤلاء تعضدون. وعنا تتخاذلون ؟ أجل والله الغدر فيكم قديم، وشجت إليه أصولكم وتأزرت عليه فروعكم، فكنتم أخبث ثمر شجا للناظر وأكلة للغاصب ).
بل إن هذا الأمر كان واضحا لكل الأطراف فهذا عبيد الله بن زياد كان يرى ان النصر قد حصل لشيعة آل أمية، وأن القتل كان من نصيب شيعة الحسين مما يعني أن القتلة كانوا من المعسكر الآخر..فإنه ( لما دخل عبيد الله القصر ودخل الناس نودى الصلاة جامعة فاجتمع الناس في المسجد الأعظم فصعد المنبر ابن زياد فقال الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبه وقتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن على وشيعته فلم يفرغ ابن زياد من مقالته حتى وثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي ثم الغامدي ثم أحد بنى والبة وكان من شيعة على كرم الله وجهه وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل مع على فلما كان يوم صفين ضرب على رأسه ضربة وأخرى على حاجبه فذهبت عينه الأخرى فكان لا يكاد يفارق المسجد الأعظم يصلى فيه إلى الليل ثم ينصرف قال فلما سمع مقالة ابن زياد قال يا ابن مرجانة إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك والذى ولاك وأبوه يا ابن مرجانة أتقتلون ابناء النبيين وتكلمون بكلام الصديقين )، وهكذا كانت الحوارات بين المجاهدين الحسينيين والمرتزقة الأمويين تشير إلى أن الطرف المقاتل والمعادي للحسين لم يكن من شيعته وإنما من شيعة غيره فقد تكلم حبيب بن مظاهر وقال لهم: أما والله لبئس القوم عند الله غدا قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه عليه السلام وعترته وأهل بيته صلى الله عليه وسلم وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيرا ! فقال له عزرة بن قيس: إنك لتزكى نفسك ما استطعت ! فقال له زهير( بن القين ): يا عزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإنى لك من الناصحين أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية ! فقال: يا زهير ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانيا !!
قال: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم أما والله ما كتبت إليه كتابا قط ولا أرسلت إليه رسولا قط ولا وعدته نصرتي قط ولكن الطريق جمع بينى وبينه فلما رأيته ذكرت به رسول الله ومكانه منه وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت أن أنصره وأن أكون في حزبه وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظا لما ضيعتم من حق الله وحق رسوله...
ولنا أن نتساءل عن قتلة الحسين وأصحابه، فهل كان عمربن سعد بن ابي وقاص من شيعة الحسين ؟ أو أن يزيد بن معاوية كان من شيعة الحسين عليه السلام ؟ أو أن عبيد الله بن زياد كان من شيعته ؟ وهل كان حجار بن أبجر من شيعة الحسين ؟.
إن مثل هذا الكلام عندما يصدر من كاتب أو مؤرخ فإنه يكون بمثابة اشتراك واضح في الجريمة بحيث يتهم فيها غير الجاني ويبرئ الجاني الحقيقي.
من الذي كتب للإمام الحسين (ع) ؟.
كون أهل الكوفة محكومين بأنّهم كانوا ممّن ارسلوا الى الحسين (ع) برسائل تدعوه للمجيء الى الكوفة لا يدل على أنهم شيعة الحسين (ع) لانهم كانوا يتعاملون مع الحسين (ع) باعتباره صحابي وسبط الرسول (ص) وله اهليّة الخلافة والقيادة لا باعتبار أنّه امام من الائمة الاثني عشر وأنّه معصوم وأنّه هو أحقّ بالخلافة من غيره.
كما أن الموجود من الصحابة أو من رجالات المجتمع إذا صح التعبير لا يعتمد عليهم فهذا ابن عمر سرعان ما سلّم عندما قال: (اذا بايع الناس بايعت) !، واما ابن الزبير فقد ادرك الناس انه يسعى للمنصب والتأمر، فلم تكن لديه دوافع دينية.
ان تلبية الحسين (عليه السلام) لدعوة اهل الكوفة ليس لأنهم من شيعته، بل إنها تنطوي على عدة مضامين منها:
1 ـ ان استجابته لهم هي لقطع الالسنة وقطع المعاذير، والحقيقة ان الامر اعمق من ذلك، وهذا ما سيتبين في النقاط التالية.
2 ـ ان الامام الحسين (عليه السلام) كان يعلم بمقتله، لان جده رسول الله (ص) اخبر بذلك ودفع اليه بتربة من كربلاء ـ وهذا يرويه علماء من الفريقين ـ كما انه قال (عليه السلام): (وخيّر لي مصرع انا لاقيه).
3 ـ ان أي مكان لم يكن قادر على ايواء الحسين (عليه السلام) بدليل قوله (عليه السلام): (لو كنت في جوف هامة من هوام الارض لاستخرجوني وقتلوني).
4 ـ ان الامام الحسين (عليه السلام) لم يكن ينوي اللجوء الى شيعته، ولم يخرج للدفاع عنهم بل قالها بصراحة: ( خرجت لآمر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير بسيرة جدي..)، فالحسين (عليه السلام) قصد الكوفة باعتبارها واحدة من الحواض المتمردة على الحكم الاموي ـ غالباً ـ، وباعتبار الاعراق والقوميات المختلفة فيها، وباعتبار الواجب الذي يراه (عليه السلام) ملقىً على عاتقه فقط.
وللحديث بقيه
منقووووووووووووووووووول
تعليق