دماء الشهيد تتكلم بالظلامة وتنطق بالنصر
دم الشهيد لن يجف، وقد يغيب الضحايا بشخوصهم ولكن ارواحهم ترفرف في فضاءات بلدانهم فتحرك مشاعر الغضب في نفوس الثائرين فينطلقون ابطالا في الميادين ليسقطوا اعتى الانظمة، فكيف بصغارها؟ الشاب اليافع حسين الجزيري مات واقفا، برصاص الغدر الخليفي، والتحق بقافلة شهداء الحرية والكرامة. دشن الشهيد بدمه العام الثالث للثورة المظفرة التي سالت دماء الشهيد علي عبد الهادي مشيمع في يومها الاول قبل عامين. تلاقت دماء الشهداء فاصبحت نهرا فياضا بالعطاء، تثمر اشجار الحرية على جوانبه، ويشق طريقه في الصحراء القاحلة ليحيلها خمائل غناء تزهر بالورود وتعطر سماء اوال بروائحها الزكية. لو كان الحاكم عاقلا لما وجد نفسه محاصرا بتلك الدماء التي تتحول يوما بعد آخر الى طوفان يجرف انظمة السوء والظلم بلا رحمة "يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم".
عامان من العذاب الخليفي شهدا سقوط اكثر من 120 شهيدا كل منهم يهتف بحياة الشعب ويحمد الله على شرف الشهادة الذي لا يناله الا من يصطفيهم الله من بين عباده الصالحين ويرفعه، بعد استشهاده، الى اعلى عليين. ثورة مظفرة وشعب يقظ وجماهير انطلقت وأبت التوقف الا بعد سقوط نظام الظلم والغدر الخليفي ودحر الاحتلال السعودي الغاشم. كان الطاغية يعتقد ان استخدام سلاح الموت سيردع المواطنين عن الخروج متظاهرين في الشوارع والساحات، وغاب عنه ان تلك الدماء الزاكية تتمرد على الموت، وتتشبث بالحياة وان دفنت اجسادها في الثرى. ما اكثر الانجازات التي تحققت في الفترة الماضية، وما اقرب نهاية العهد الاسود، وما أقرب النصر المحتوم الذي كتبه الله لعباده الصالحين المجاهدين الصابرين.
لقد اثبت حضور الشعب في الميادين في الرابع عشر من فبراير احياء لذكرى ثورته ان منطقا آخر يحكم مواقف الشهداء والاحرار، مختلفا عن مواقف الآخرين الذين لا يتحركون الا وفق حسابات الربح والخساة ومعايير خاصة لقياس نتائج الحراك والتضحيات. فلم يبق احد من المواطنين الاحرارالا نزر يسير. جاؤوا من كل حدب وصوب وقدموا شهادة للتاريخ بان دماء الشهيد عنوان النصر ومن اهم مستلزمات حياة الشعوب. قمع الطاغية كل من رأة محتجا في الشوارع والساحات العامة، مستخدما ابشع وسائل القتل والتنكيل. بدأ قتله بدوار اللؤلؤة ثم زحف الى بقية المناطق وهويمارس العقاب الجماعي بدون خوف او وجل. يواصل عدوانه بلا توقف، وهو يعلم ان الشارع يحتاج الى تسخين بشكل دائم، خصوصا مع وجد اعلام الثورة المضادة مهيمنا باموال النفط وضمائر من يظهر استعدادا للتخلي عن ضميره. وما بين منطلق الثورة قبل عامين وتجديدها مؤخرا عامان من السنين يفصلهما وضع مأساوي ناجم عن قتل المزيد من البشر. لكن هذين العامين كانا كفيلين بكشف حقيقة الطغيان الخليفي واضعاف الدعم الدولي المتوفر له. لقد كانت حقبة كالحة خصوصا بعد اجتياح اراضي البحرين من قبل عدو غاشم لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة. كان الاجتياح عدوانيا ووحشيا. فما ان وطأت الارجل السعودية ارض البحرين حتى بدأ قتل الابرياء وتدمير المساجد ومحاصرة القرى الآمنة. كان الاحتلال السعودي من اهم عوامل سياسة الانتقام الجماعي من الشعب البحراني، وهي سياسة متواصلة حتى اليوم.
ويمكن القول ان الاحتلال السعودي كان، من جهة اخرى، من اهم تصعيد الخطاب الشعبي والمطالبة باسقاط الحكم الخليفي. فقد اوضحت جريمة احتلال البلاد ان الخليفيين لا يمكن ائتمانهم على الوطن وسيادته. فما ان اصبح حكمهم مهددا حتى سلموا سيادة البلاد لقوة أجنبية غاشمة، الامر الذي اقنع الشعب الثائر ان الرهان على حكم العصابة الحاكمة خاسر وان البلاد ستضيع ان بقيت تحت حكمهم. جاء الاحتلال العسكري السعودي بعد ان اخضع الطاغية حمد بن عيسى آل خليفة الشعب الى حرب تقترب من الإبادة، بتجنيس الاجانب وحرمان المواطنين من الجنسية وتجويعهم عبر سياسة الطرد من العمل. هذه السياسة كانت اهم مرتكزات حكم الطاغية وحفنته المجرمة. وفي الايام الاخيرة نشرت صحيفتان غربيتان، وول ستريت جورنال الامريكية والاندبندنت البريطانية، مقالين حول تصاعد دور الخوالد في عهد الطاغية. فمنذ ان استولى على الحكم بعد وفاة والده في 1999 عين خالد بن احمد وزيرا لديوانه برغم سوء صيته وطائفيته التي كشفها بوضوح في قصيدته التي بثها في 1996 والتي هدد فيها البحرانيين بالذبح او التهجير. كما عين اخاه خليفة بن احمد وزيرا للدفاع، وهو المسؤول عن انزال الجيش لقمع المتظاهرين السلميين، ويعتبر الاثنان من "صقور" آل خليفة. ويبدو ان الطاغية أتاح لهم المجال لاستعادة شيء من النفوذ بسبب خلافه مع عمه من جهة، وبسبب رغبته في عرض موقف خليفي متماسك، وضمن محاولاته اعادة صياغة تاريخ الحكم الخليفي الذي تخللته الصراعات بين الافخاذ الخليفية التي وصلت الى القتل والسجن والتشريد.
شعب البحرين اليوم يقف على مفترق طرق بين ان يكون او لا يكون. فان بقي الخليفيون حكاما فلن يكون الشعب لانهم سيواصلون سياسات الابادة والقتل والعقاب الجماعي والسجن على الهوية. ورحيلهم سيدفع الوطن خطوات عديدة الى التطور والتقدم. هذا الصراع الجديد – القديم سيتكرر كثيرا، وسيحاصر الشعب ان لم يسقط الحكم الخليفي. واذا كان السعوديون والبريطانيون يعتقدون بقدرتهم انقاذ الحكم الخليفي بعد ان رفضه المواطنون، فما ابعدهم عن الواقع. هذا الحكم اصبح ساقطا وان استمرت ايام حكمه فترة اطول. وستشهد البلاد في الذكرى الثانية للاحتلال حراكا شعبيا متنوعا وستخاطب العالم لانقاذ البحرين من الاحتلال السعودي – الوهابي، قبل ان يفوت الاوان. انه صراع ارادات في بعض جوانبه، وصراع على الهوية من جهة اخرى، وصراع مصالح من جهة ثالثة. وقد يمتد هذا الصراع فترة اطول، ولكنه غير مرشح للاستمرار طويلا، بعد ان اثبت الخليفيون عدم قدرتهم على تطبيق المعايير الدولية في الحكم والخصام، وغير مستعدين للتعهد بمنح الشعب دورا اكبر في ادارة شؤونه، وتقليص دور الخليفيين في ادارة شؤون الشعب. الثورة متواصلة ومعها ارادة الشعب الفولاذية، وسيكون النصر حليفهما، والاندحار من نصيب الاحتلال والاستبداد بعون الله تعالى.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، و اجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا، يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 فبراير 2013
حركة احرار البحرين الاسلامية
22 فبراير 2013