دماء الجزيريين عبدت طريق الحرية، والاستبداد والاحتلال الى زوال
قليلة هي الحالات التي تستخدم جثث الموتى كاوراق للتفاوض او الضغط على المعارضين، وان كان تسليم جثث ضحايا الحروب قد يتأخر الى ما بعد انتهاء الصراعات. وفي الصراع السياسي بين الشعوب والانظمة الاستبدادية يسقط الضحايا ولكنهم سرعان ما يدفنون بدوافع انسانية واسلامية. فالاسلام يحث على التعجيل بدفن الميت ليستقر في مثواه الأبدي. ولكن العصابة الحاكمة في البحرين لم تلتزم بهذه المعايير والقيم، بل اصبحت تساوم على جثث الموتى للحصول على التنازلات التي تسعى لتحقيقها. وطول العامين الاخيرين تكررت هذه السياسة لاسباب عديدة.
اولها: ان الخليفيين يخشون من الشهداء اكثر من الاحياء، فموتهم مناسبة لشد عزائم الجماهير لمواجهة السلطة الغاشمة بسبب ما ينجم عنها من غضب واحتقان.
ثانيها: محاولة اخفاء آثار جرائم التعذيب او اثبات القتل العمد في اجساد الذين استشهدوا نتيجة اطلاق النار من مسافات قصيرة.
ثالثا: اصرار الخليفيين على اضعاف الحماس الشعبي للمشاركة في مراسم الدفن، بتكرار التأجيل على امل ان يتراجع الحماس للمشاركة.
رابعها: كما حدث في حالة الشهيد الاخير، محمود عيسى الجزيري، يسعى الخليفيون لاجبار العائلة على قبول شهادة وفاة مزيفة تذكر اسبابا اخرى للوفاة غير القتل العمد على ايدي سفاحيها، والقبول بدفن الشهيد في منطقة اخرى غير المنطقة التي يعيش فيها.
الذاكرة ما تزال تحتفظ بما فعلته العصابة الخليفية بالشهيد يوسف الموالي، وكيف عذبته بالصعق الكهربائي حتى الموت، ثم رمت جثته في البحر في محاولة فاشلة للادعاء بانه مات غرقا. وسرعان ما ظهرت الحقيقة بعد ان فحص الاطباء الاتراك جسده الطاهر وأكدوا قتل الشهيد بالكهرباء. حاول العدو الخليفي اجبار عائلته على استلام شهادة وفاة مزيفة، ولكنها رفضت ذلك، فبقيت جثة الشهيد معتقلة لدى السفاحين الخليفيين اسبوعين. وفعلت الامر نفسه مع الشهيد صلاح عباس الذي استشهد بعد ان قتل بالشوزن وسحل جسده بوحشية غير مسبوقة. العدو هو العدو، والاساليب نفسها لا تتغير. ولذلك جاء القرار الشعبي بالتخلص من الحكم الخليفي بشكل نهائي الى الابد، لان بقاءه يعني استمرار المعاناة والموت البطيء لشعب يصر على الحرية. وفي الاسابيع الاخيرة اصبح الحكم الخليفي اكثر شراسة ووحشية، بعد ان ايقن ان ثورة الشعب هذه المرة لن تخمد، وان قدرته على التضليل والتشويش والخداع قد استنفذت تماما. ومن اسباب عناد الخليفيين المجرمين اعتقادهم الخاطيء ان الحل يكمن في ارتكاب المزيد من القتل والسجن والتعذيب. بيد ان الحقائق تؤكد ان تلك السياسة تؤدي الى نتائج عكسية. فكلما قتل شابا او طفلا اصبح اهله اكثر صمودا واصرارا على اسقاط الحكم الخليفي الذي يعتبرونه مسؤولا عن معاناتهم وشقائهم. وفي الوقت الذي يعتقل الرموز البطلة والمئات من الاحرار تتجدد دماء الثورة والاصرار على المطالب على ايدي أهل الشهداء، خصوصا أباءهم وأمهاتهم. هؤلاء اصبحوا الصخرة التي يتكسر عليها كبرياء الطغاة وداعميهم. فبعد ان فقد هؤلاء اعز من يملكون تضاءلت قيمة الحياة امامهم، واستصغروا الخليفيين واستسخفوا اساليبهم في القهر والقمع والاذلال. وعنندما تنبري الجمعيات السياسية لولوج باب الحوار الضيق مع الخليفيين، ترتفع اصوات هؤلاء مصرة على الحل الكامل للقضية وذلك باسقاط الحكم الخليفي الى الابد. لقد اصبح آباء الشهداء وأمهاتهم ظاهرة غير مسبوقة، لم يحسب الديكتاتور وعصابته لهم حسابا، فما ان يقتلوا بحرانيا حتى تتوسع دائرة المطالبين باسقاط النظام. انها دائرة من التحدي والتحدي المضاد تتوسع باضطراد حتى يسقط الحكم الخليفي البغيض في مزبلة التاريخ.
وبعد ان انتهى الشعب من احياء الذكرى الثانية لثورته، بدأ استعداداته لمواجهة الاحتلال السعودي في ذكراه الثانية. انها ذكرى أليمة لا يمكن محوها من ذاكرة الوطن والمواطن، فهي تمثل ابشع اشكال السقوط الاخلاقي والديني والقيمي. وتمثل كذلك نقطة اللارجعة في ثورة شعب البحرين. فعندما اخترقت المدرعات السعودية الحدود بين البلدين في 14 مارس 2011، اي بعد شهر واحد من انطلاق الثورة المباركة شعر الثوار بانهم المنتصرون وان الخليفيين قد هزموا وسلموا سيادة البلاد للمحتل السعودي. وزاد من ايمانهم بالنصر واجرام التحالف الشيطاني بين آل خليفة وآل سعود ما اقترفته قواتهم من جرائم يندى لها جبين الانسانية. فقد مهد الاحتلال السعودي لفرض الاحكام العرفية التي حدثت خلالها جرائم هدم اكثر من اربعين مسجدا، وقتل المواطنين ابتداء بشهداء الدوار مرورا بالشهيد احمد فرحان وصولا الى بقية الشهداء اللاحقين حتى اليوم. في ظل الاحتلال السعودي حدث الاعتداء على الاطباء والرياضيين والمعلمين وسائقي التاكسي والنساء. وفي ظل العدوان السعودي تم طرد اكثر من 5000 مواطن من وظائفهم ضمن سياسة تجويع وابادة ليس لها مثيل في اي من البلدان التي شهدت ثورات مشابهة. السعوديون شاركوا في الجرائم التي مورست ضد شعب البحرين، ولا يستطيع احد تبرئة ساحتهم ابدا. شعب البحرين اليوم يستعد لمناسبة ذلك الاحتلال الغاشم، وقد استعاد عافيته ونزع عن اعدائه الاغطية التي غطوا بها جرائهمهم، واظهرهم للعالم مجرمين بلا منافس، ووحوشا بلا نظير. الشعب يقف اليوم ممشوق القامة، مرفوع الهامة، شديد الشكيمة، ثابت العزيمة، يستهدف اعداء الله والشعب والانسانية، ليدحرهم ويرد كيدهم في نحرهم، ويحرر بلاده من ادرانهم ودنسهم "انهم رجس ومأواهم جهنم، وساءت مصيرا". في هذه المناسبة سيبدأ العد العكسي للعدوان المشترك الخليفي – السعودي لاسباب عديدة:
اولها: ان شعب البحرين قد تعلم من دروس الماضي واصبح اكثر اصرارا على تحرير بلده من دنس الاحتلال مهما كان الثمن، ولن يسكت على الجرائم التي مارسها المحتلون الخليفيون والسعوديون.
ثانيها: ان العالم بدأ يدرك تدريجيا خطر الكيل بمكيالين وادرك ان الاحتلال السعودي لا يختلف عن احتلال صدام حسين الكويت وبالتالي فالعالم مطالب بموقف حاسم ضد المحتل السعودي.
ثالثها: ان العدوان لا يدوم، والاحتلال لا يبقى الى الابد ما دام هناك شعب يقظ وامة راغبة في التحرر. ولذلك سيواصل شعب البحرين البطل ثورته المباركة، خصوصا بعد استمرار سقوط الشهداء وآخرهم محمود عيسى الجزيري الذي عطر تراب الوطن بدمائه الزكية وارتفعت روحه الى الله راضية مرضية تشكو اليه ظلم الظالمين وجرائم المحتلين. ستتواصل الثورة ومعها النضال ضد الاحتلال والاستبداد، بانتظار الوعد الالهي المحتوم بانتصار دماء المستضعفين المظلومين على سيوف الطغاة المعتدين.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
1 مارس 2013
حركة احرار البحرين الاسلامية
1 مارس 2013