تويت
غسان هيتو .. الإخواني الأميركي!
مواطن أميركي منذ أكثر من عشر سنوات، مسلم متديّن تحت عباءة «الإخوان المسلمين»، صورة معتدلة تحظى بقبول الخائفين من هيمنة الإسلاميين على محاور «الثورة السورية». هذا ما بدا عليه غسان هيتو المنتخب رئيساً للحكومة الانتقالية المعارضة.
الصورة الأخيرة عن اعتداله، لم ينتظر هيتو طويلاً حتى يخلعها. في أول خطاب له، أكد على موقف حكومته الحازم، في تمايز واضح عن نهج رئيس الائتلاف معاذ الخطيب. نسف هيتو أي إمكانية للحوار مع النظام، مقدماً حكومته بأنها مسؤولة عن «بسط نواة الدولة السورية الجديدة».
وفي هذا السياق، تتيح قراءة في الأصوات التي حصل عليها هيتو للفوز (35 من أصل 49 صوتوا و21 امتنعوا) ومصادرها، صورة عن الموقع الذي قد يقف فيه، وموقف الجهات الراعية للحكومة والأخرى المتحفظة عليها.
وبرغم تقديمه كـ«رجل توافق» يحظى باحترام الإسلاميين وقبول الليبراليين، لم يحصل هيتو على إجماع أعضاء الائتلاف. وبعد مشاورات استمرت لـ14 ساعة، غادر عديدون قاعة الاجتماع لدى بدء التصويت، فيما قال البعض إن سبب رفضهم لهيتو هو أنه «مفروض من جماعة الإخوان المسلمين».
وفي السياق، يعلّق عضو الائتلاف كمال اللبواني بالقول: «لا نريد أن يتكرّر في سوريا ما حصل في مصر. لقد حوّلوا الثورة عن مسارها».
كما انسحب بعض أعضاء «الائتلاف» البارزين ومنهم الزعيم القبلي أحمد جربا ووليد البني لأن «هيتو خيار الإخوان المسلمين في سوريا»، حسب ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز».
وكان هيتو، غير المعروف في صفوف أغلبية السوريين، ناشطاً منذ اندلاع الأزمة السورية في أميركا بين المجالين الإنساني والسياسي. كما تولى، منذ العام 2011، منصب نائب رئيس «تحالف سوريا الحرة» في الولايات المتحدة الذي شارك في تأسيسه، ويهدف التحالف إلى «دعم تطلعات الشعب السوري إلى تحقيق الحرية والعدالة والحريات المدنية واحترام القانون». كما يعرف عن نفسه.
كما شارك في تأسيس «هيئة شام الإغاثية» في الولايات المتحدة في العام 2011 وتولى منصب نائب الرئيس فيها. وتعمل الهيئة على «دعم الشعب السوري ورفع المعاناة عنه وتأمين الحاجات الأساسية له»، حسب ما جاء في الإعلان عنها.
وهيتو، المولود في دمشق العام 1964، تركها مطلع الثمانينيات، وأمضى قسماً كبيراً من حياته في الولايات المتحدة حيث حصل على إجازتين في الرياضيات والمعلوماتية من جامعة بورديو في إنديانا العام 1989، وعلى ماجستير في إدارة الأعمال العام 1994.
وإن كان سروال الجينز واللكنة الأميركية يضفيان على هيتو مظهراً منفتحاً، إلا أن خطابه واتجاهه دينيان متشدّدان بامتياز.
تذكّر «نيويورك تايمز»، في السياق، بما قاله هيتو في مؤتمر أقيم العام الماضي في الولايات المتحدة «الأمل… يأتي من الله. إخوتنا وأخواتنا في داخل سوريا أدركوا ذلك منذ زمن». وأضاف: «إن الله يحبنا ويُعنى بنا، سيقدم لنا العون، سيهتم بالشعب السوري. سيقدم له الغذاء ويدافع عنه. وحده هو يمكنه القيام بذلك، لكن نحن لا بد لنا من التحرك اليوم».
كما أن هيتو عضو مؤسس في جمعية الدعم القانوني للجالية العربية والمسلمة التي تأسست في الولايات المتحدة العام 2001، وتهدف إلى مكافحة التمييز ضد العرب والمسلمين.
بعد انضمامه إلى «الثورة»، عمل هيتو على تأسيس وإدارة «وحدة تنسيق الدعم الإغاثي والإنساني» في «الائتلاف»، وهي تعمل عبر الحدود السورية – التركية. وقد استفاد في ذلك من شبكة العلاقات الديبلوماسية الواسعة التي يملكها في أميركا والخليج للحصول على الدعم المالي. هذه الشبكة سيعتمد عليها كذلك لتأمين مبلغ الـ500 مليون دولار المطلوب شهرياً للقيام بمهام الحكومة الانتقالية.
في ذلك، من المرجّح أن يعتمد هيتو على دعم الأمين العام للائتلاف مصطفى صباغ، وهو رجل أعمال له صلات قوية في الخليج، فضلاً عن انتمائه للجماعة.
إلتزام هيتو يبدو أنه انتقل بدوره إلى عائلته فهو متزوج من مُدرّسة أميركية ووالد لأربعة أبناء أحدهم عبيدة، لاعب كرة قدم أميركي سابق، كان أكد لـ«نيويورك تايمز» العام الماضي تسلله إلى سوريا «لمساعدة الثوار» في المجال الإعلامي، وصوّر مقاطع فيديو تجسد معاناتهم.
كما نقلت الصحيفة أنه كتب رسالة إلى والديه قبل سفره جاء فيها: «صنعتما مني ما أنا عليه اليوم. يجب أن أذهب لأقوم بما علي القيام به». وقال هيتو إنه لم يعد لديه خيار إلا الانخراط في «الثورة» بعد ما قام به إبنه.
وفيما حظي هيتو بالترحيب على قاعدة انه كردي وهذا يعني «احترام الأقليات» أو انه «يمتلك خبرة فنيّة في الإدارة»، غطت المخاوف على ما تمت تسميته «أموراً شكلية» لتركز على خطر حرف مسار الحكومة واحتكامها لإرادة إسلامية خليجية تركية… لتصل إلى حدّ التخويف بقدرتها على شرذمة البلاد.
سيريان تلغراف | وكالات
تعليق