نهج البلاغه
فى وصاياه و نصحه الى ابنه الحسن
أى بنىّ ، إنّى لمّا رأيتنى قد بلغت سنّا ، و رأيتنى أزداد و هنا، بادرت بوصيّتى إليك ، و أوردت خصالا منها قبل أنيعجل بى أجلى دون أن أفضى إليك بما فى نفسى ،
أو أن أنقص فى رأيى كما نقصت فى جسمى ،أويسبقنى إليك بعض غلبات الهوى ، أوفتن الدّنيا ، فتكون كالصّعب النّفور ، و إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية : ماألقى فيها من شىء قبلته ، فبادرتك بالأدب قبل ان يقسو قبلك و يشتغل لبّك ،لتستقبل بجدّ رأيك
الشرح فى النهج
( 1 ) و الوهن : الضعف من الكبر و كان عليه السلام جاوز الستّين ، و خصالا : مفعولا به . و بادرتها : سابقتها و سارعتها . و أفضى :أوصل .
(2 ) و ضعف الرأى فى الكبر لضعف القوى النفسانية ، و الارواح الحاملة لها و عجزها عن التصرّف فى طلب الآراء الصالحة ،
( 3 )و سبق غلبات الهوى ، لانّ الصبىّ اذا لم يؤخذ بالآداب فى حداثته و لم ترض قواه بمطاوعة عقله كان بصدد أن تميل به القوى الحيوانيّة الى مشتهياته ، و تنجذب فى قياد هواه و تصرفه عن الوجهة الحقيقية فيكون حينئذ كالصعب النفور من البهائم فى عسر تصريفه على حسب المنفعة .
تعليق