معضلة وفاة الزهراء عليها السلام تبطل مذاهب كاملة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان وفاة سيدتنا سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام معضلة بكل جوانبها تحتم علينا ابطال مذاهب كاملة لو تأملنا فيها بعقل ودين.
وفاتها المفاجئة السريعة وشهادة اهلها بانها شهيدة مقتولة، وعدم قبول السلطة - التي هي اساس المذاهب المخالفة للشيعة – التحقيق في وفاتها؟
وفاتها بعد صراع كبير فيه اعتراض مهم على شرعية الحكام؟ وقيامهم بتكذيبها.
عدم اعلام احد من رجال السلطة بوفاتها وحضور مرضها الاخير وغسلها.
اخفاء تشييعها ودفنها سرا ليلا.
اخفاء قبرها وحفر قبور كثيرة تلك الليلة؟
مما يثير تساؤلا عن علم المعصوم بان دين هؤلاء هو نبش القبور والتمثيل بالميت المعادي لهم، وقد ظهر صدق ذلك بعد ايام من جرائم ما يسمى حروب الردة والتمثيل بالمسلمين ورفع رؤسهم المقطوعة على الرماح.
فإجراء ما بعد الوفاة يساند غرابة سرعة وفاة شابة في مقتبل العمر والقوة، وهذا يثبت أن القضية تنطوي على جريمة قطعية، وهذه الجريمة تبطل ديانة وتمذهب مبني على قبول الجريمة واتباع مرتكب الجريمة.
فحدث وفاة الزهراء بهذا الشكل الكيفية ينادي بصوت صارخ، بان هناك من خالف القرآن وخالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علنا بظلم ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام المنصوص على وجوب مودتها فكيف بقتلها؟
ان كل المذاهب المنبثقة من موالاة الخلفاء مبنية على قبول قتل الزهراء عليها السلام، وان وفاة الزهراء عليها السلام تفضح هذا الانتماء، لانه انتماء لمن خالف رسول الله فورا وعلنا في اهم قضية صريحة صحيحة لا يمكن نكرانها.
تعللت هذه المذاهب بان الواجب هو محبة الزهراء عليها السلام لا طاعتها، ولكننا لا نتكلم الان عن طاعتها الواجب قطعا، انما نتكلم عن مودتها وحبنا المؤدي الى قتلها. فاين مودتها بتكذيبها وطردها وضربها وقتلها ووصيتها عدم حضور جنازتها واخفاء قبرها.
قالوا: ان قتلها دعوة غير مبرهنة فهي قد توفيت في بيتها.
نقول: طيب، لماذا امرت بعدم حضور جنازتها والصلاة عليها وتشيعها واخفاء قبرها.
قالوا: لم يثبت لنا انها اوصت بذلك.
نقول: طيب لماذا لم يحضروا.
قالوا: لعلهم انشغلوا او لم يخبروا.
نقول: لماذا انشغلوا عمن وجب مودتها في القرآن وفي السنة الصحيحة؟ ولماذا لم يخبرهم اهل بيت النبي مع ان نساء النبي كانت بناتهم؟ فاذن هو اخفاء متعمد حتى من داخل البيت النبوي المرتبط بالغاصبين، فإن بيت علي عليه السلام ملاصق لبيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف خفي على عائشة وحفصة وغيرهن وهن يفصل بينهن وبين بيت علي نصف متر؟
ولو سلمنا جدلا بكل الاعذار، ولكن لماذا اخفى علي قبرها؟
قال وهابية العصر الحديث: ان قبرها معروف كذبا وزورا، فنقول: بان القدماء لم يعرفوا ذلك أبداً وانتم تعرفون يا عميان؟ فإذا كان الشيعة لا يعرفون قبرها مع انهم يعتنون بقبور المعصومين اشد الاعتناء، وانتم اعداء القبور تعرفون قبرها؟ هل رايتموه في المنام يا دجالة؟
المهم ان الخاتمة المعجزة لاثبات الجريمة هو اخفاء قبرها، فقد طبعت هذه الجريمة بطابع اليقين من وقوع الجريمة بهذا الفعل العجيب الذي لا يرد على ذهن احد الا اذا كان امامه التاريخ والعقائد والفساد الديني الذي يمتد على مر التاريخ المستقبلي، ولا يكون هذا الا من معصوم يعرف المستقبل وانحرافات من الدين.
ولا يوجد جواب لهذه الحركة اطلاقا وكل اكاذيبهم التي يتخلصون فيها انما هي اكاذيب مكشوفة، وقد عجزوا عن تفسير ظاهرة دفنها ليلا بدون اخبارهم واخفاء قبرها.
وكان وفاة الزهراء هو اعلان القطيعة بين عقيدتين. عقيدة اتباع الرسول وطاعته، وعقيدة الخروج عليه والحرية في الاخذ منه بالمقدار المقبول وترك ما لا يقبلون. وهو الفرق بين الاسلام الحقيقي والاسلام المزيف. بين الايمان والطاعة وفق مبادئ الاسلام وبين المخالفة للاسلام بلا ضوابط وادعاء الديانة.
فان ما قالوه: من ان علينا سالمهم بعد وفاة الزهراء عليها السلام كذب في كذب، والروايات تحمل اضدادها ونقائصها من داخلها. فالذي حدث هو انسحاب الامام علي عن حياة الظلم والجور معلنا القطيعة. ولكنه فقيه الاسلام فلم يكن من شانه اعلان العصيان والانقلاب العسكري الذي هو ابسط الأمور لمثله من الابطال المحاربين، بينما اختار الامام الصعب الشديد بتحمل الظلم حتى لا يقال انه خرج على الخليفة المتحكم حتى لو كان على باطل، بينما ربائب الثلاثة وابنائهم خرجوا على الامام الشرعي بالسيف حتى قتلوا الامام علي عليه السلام في محرابه بواسطة عميل خسيس عندهم اسمه عبد الرحمن ابن ملجم المرادي.
ان كل مذهب مبني على موالاة قتلة الزهراء عليها السلام لا يجد حلا لمشكلة وفاة الزهراء عليها السلام الا ان يتخلى عن مذهبه الباطل؛ لأن وفاة فاطمة عليها السلام معضلة حقيقية حيث ان موالاة من خالف القرآن وآذى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم باطل بلا شك الا اذا خرج عن الاسلام وقبل فكرة جواز مخالفة الله ورسوله.
فالقضية واضحة وضوح الشمس ان كل اخفاء الجرائم والمخالفات لا يمكنها ان تخفي جريمة قتل وظلم فاطمة عليها السلام التي هي مقياس الايمان والاسلام؛ لان طاعتها طاعة الله ورضاها رضا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن قام باذاها ومخالفتها فقد خالف الله وعاداه لأنه اغضبه بظلم فاطمة عليها السلام. فكيف يبنى مذهب على هذا المنوال المخالف لله علنا؟
حبذا لو ان تابعا للمذاهب المخالفة لأهل البيت عليهم السلام بيّن كيفية التوافق بين صحة مذهبه وبين اعتماده على من قتل وظلم الزهراء عليها السلام، آخذا بنظر الاعتبار دفنها ليلا واخفاء قبرها الشريف. ونحن نعلم مسبقا انه سوف لن يستطيع البيان والجواب اطلاقا، وكل الاكاذيب والتبريرات البادرة سوف تكشف فورا.
الحقيقة ان عوام اهل السنة لا يعرفون مطلقا قصة فاطمة الزهراء عليها السلام وظلمها.
أروي لكم هذه القصة المهمة:
حدثني صديق مؤمن صدوق ثقة مطلق، بانه في هولندا اتصلت به فتاة مغربية تسأله عن الفرق بين المذاهب منتقدة الشيعة، ودار بينهم حوار طويل حتى اعلنت تشيعها، ثم سافرت الى اهلها وعادت فاخبرت صديقي انها حين ذهبت الى اهلها في قرية مغربية اخبرتهم بانها تشيعت فحدثت بلبلة بين النساء حولها، فقالت لهم بانني ناقشت الشيعة منتقدة لهم وحين واجهت قضية الزهراء عليها السلام تفكرت واحببت ان اطلع عليها فاطلعت عليها فذهلت لمصيبة ابنة رسولنا الكريم المفترضة الطاعة والمحبة، فتبين لي اننا نتبع من ظلم الزهراء عليها السلام وكذّبها وآذاها واعتدى عليها واهانها وكل الدلائل تشير الى قتلها اغتيالا بالتعذيب في جسدها الشريف وكسر ضلعها. واخذتْ تقص قصة الزهراء مما جمعته من كتب اهل السنة دون الشيعة ، فبكت النساء وتعجبن من مذهبهن الذي يتبع الضالين القتلة الكارهين لفاطمة عليها السلام المعذبين لها بالسياط الى درجة تمزيق لحمها وكسر ضلعها ووفاتها متأثرة بجراحها. ولم ياذنوا بعدواتها مع انهم فعلوا ذلك، ومن ثم فقد جازتهم الزهراء في الدنيا بحرمانهم من حضور جنازتها ومعرفة قبرها، وهذا هو الحرمان المبين، ثم انتقل الامر الى الرجال فحدثت بلبلة ايضا وتنجاوا بينهم واحضروا ما نقلته لهم من كتب اهل السنة فتبين انهم غافلون جدا عن هذه المسألة فاعلن الرجال والنساء تشيعهم من جراء البحث في قضية وفاة الزهراء وقضية تكذيب الزهراء من قبل رؤساء مذهبنا وهي الصادقة المصدقة المنفي عنها الرجس والذي منه الكذب.
اقول: هذه القصة الحقيقية تعبّر عن حال الانسان العادي المغرر به والغافل عن الحقائق التي اخفيت عليه من قبل اهل العلم المجرمين.
فلو علم بسطاء اهل السنة لقضية وفاة الزهراء عليها السلام وربطها بما قبلها بالقهقرا لبطلت كل مذاهبهم التي تعتمد على ظلم فاطمة عليها السلام وابعادها ، فهذه مذاهب جذرها هو الباطل واساسها هو الخروج عن طاعة الله و رسوله، ولا يمكن ان تقوم لها حجة مطلقا حين يكشف عن وفاة فاطمة عليها السلام.
الكلام عن العلاقة بين الحق والباطل المكشوفان بوفاة فاطمة عليها السلام يحتاج الى تفكير المثقفين، وزيادة دعم هذه القضية المعيارية لان الله جعله معيارا بطلبه وجوب المودة والمحبة.
ان البحث عن وفاة فاطمة عليها السلام يستدعي البحث عن مقام فاطمة ابتداء من تكوّنها من ثمار الجنة الى ولادتها العجيبة الى كونها جزء من دين المسلم فحبها واجب والصلاة عليها في الصلاة واجبة وطاعتها واجبة ورضاها واجب، فهل يعرف بين الناس عبدٌ لله له هذه الواجبات من الله وليس من البشر؟ ولسنا نطلب معرفة قدرها في عالم النور وما نزل منه. فهذا تكليف بما لا يطاق على عامة المثقفين.
ان من يعرف مقام سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ولو بالمنظور السني وفق النصوص عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (وليس وفق رأي النواصب)، ويطّلع على معضلة وفاة فاطمة عليها السلام، فانه لا محالة يقف في مفترق طرق اما ان يتّبع فاطمة وخطها أو يتّبع قتلها وظالميها. فهو بالخيار بين الجنة والنار، بين الحق والباطل، وبين الصواب والخطأ.
نسأل الله ان يهدينا بنور فاطمة ويدلنا على عظيم مقامها. ونتعرف على ظلامتها بشكل يقوم عقائدنا ويبني ديننا وشرعنا بما يرضي الله.
العلامة المنار، منتديات هجر
تعليق